أخواتي الكريمات أحببت أن اسطر لكن قصة نادرة وعجيبة للعالم الجليل سعيد النورسي
والملقب ببديع الزمان .....مقتطفات عجيبة من حياته وأقولا غاية في الروعة والعمق عجز أبرز مثقفي
عصرنا أن يعطوها حقها ....أتركنن معه ..
الاسم واللقب: بديع الزمان سعيد..
اسم الوالد: ميرزا.1
اسم الوالدة: نورية.2
تأريخ الولادة: سنة 1293 3
مسقط الرأس: قرية نورس التابعة لناحية إسپاريت المرتبطة بقضاء خيزان من أعمال ولاية بتليس.
الملة: مسلم
الشكل: طويل القامة، عسلي العيون، حنطي اللون.
1 وكان والده "الصوفي ميرزا" ورعاً يُضرب به المثل، لم يذق حراماً، ولم يطعم أولاده من غير الحلال. حتى إنه إذا ما عاد بمواشيه من المرعى شد أفواهها لئلا تأكل من مزارع الآخرين.(ش/ 54). وقد توفي في العشرينات ودفن في مقبرة قرية "نورس"وشاهد قبره مكتوب عليه "مرزه".
2 عندما سئلت والدته: ما طريقتك في تربيـة أولادك حتى حازوا هذا الذكاء النادر؟ أجابت: لم أفارق صلاة التهجد طوال حياتي الاّ الأيام المعذورة شرعاً. ولم أرضع أولادي الاّ على طهر ووضوء.
في مستهل دراستي العلمية درستُ عند أخي عبدالله ما يقارب السنتين في ناحية اسپاريت. ثم انضممت إلى حلقة تدريس الشيخ محمد الجلالي فأكملت الدروس المقررة كلها، وذلك في قصبة بايزيد التابعة لولاية أرضروم. ثم بدأت بتدريس شتى العلوم في مدينة وان طوال خمس عشرة سنة.
وعندما أعلنت الحرب الحاضرة - العالمية الأولى - اشتركت فيها بصفة قائد المتطوعين. ووقعتُ اسيراً بيد الروس في بتليس ثم هربت من الأسر وعدت إلى استانبول. واصبحت عضواً في دار الحكمة الإسلامية منذ تأسيسها.
فقدتُ إجازتي العلمية التي أخذتها من الشيخ محمد الجلالي في أثناء الأسر.
لي سبعة عشر مؤلفاً باللغة العربية، هي: إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز، تعليقات، قزل إيجاز، الخطبة الشامية.
وبقية المؤلفات باللغة التركية وهي: نقطة، شعاعات، سنوحات، مناظرات، محاكمات، طلوعات، لمعات، رموز، اشارات، خطوات ستة، ايكي مكتب شهادتنامه سي [المحكمة العسكرية العرفية] حقيقت چكردكلري [نوى الحقائق].
أتكلم باللغة التركية والكردية كما أقرأ وأكتب باللغة العربية والفارسية
أسرته:
إنني لم أشاهد والدتي الرؤوفة منذ التاسعة من عمري، فلم أحظ بتبادل الحوار اللطيف معها فى جلساتها. فبتّ محروماً من تلك المحبة الرفيعة.
ولم أتمكن من مشاهدة أخواتي الثلاث2 منذ الخامسة عشر من عمري، حيث ذهبن مع والدتي إلى عالم البرزخ. فبتّ محروماً من كثير من ألطاف الرحمة و الاحترام التي تنثر فى الجلسات الأخوية الطيبة اللذيذة في الدنيا.
ولم أشاهد ايضاً أخويّ من ثلاثة اخوة3 - منذ خمسين سنة - رحمهم الله - فبتّ محروماً من السرور المنبثق من الاخوة الودودة والشفقة العطوفة في مجالسة أولئك الأعزاء المتقين العلماء.
مخايل النبوغ في عهد الصبا:
لقد حدّثتُ خيالي في عهد صباي..:
أي الأمرين تفضّل؟ قضاء عمر سعيد يدوم ألف ألف سنة مع سلطنة الدنيا وأبهتها على أن ينتهي ذلك إلى العدم، أم وجوداً باقياً مع حياة اعتيادية شاقة؟ فرأيته يرغب في الثانية ويضجر من الأولى، قائلاً: إنني لا أريد العدم بل البقاء ولو كان في جهنم!2
وحينما كنت صبياً خسف القمر، فسألت والدتي: ما هذا الذي حدث للقمر؟.
قالت: ابتلعته الحية!.
قلت: ولكنه يتبين!
قالت: إن الحيات في السماء شفافة كالزجاج تشف عما في بطنها.
كنت أتذكر هذه الحادثة كثيراً و أسائل نفسي: كيف تدور خرافة بعيدة عن الحقيقة إلى هذه الدرجة على لسان والدتي الحصيفة الجادة في كلامها؟.
ولكن حينما طالعت علم الفلك رأيت أن الذين يقولون كما تقول والدتي، قد تلقوا التشبيه حقيقةً واقعيةً؛ لأن الفلكييـن شبهوا القوسين الناشئين من تداخل دائرة الشمس، وهي منطقة البـروج ومدار درجاتها، مع دائرة القمر وهي ميل القمر ومدار منازله، شبهوهما تشبيهاً لطيفاً بحيتين ضخمتين، وسموهما تنينين،
ومع ذلك كنت احمل حالة روحية تتسم بالفخر و الاعتـزاز، يوم كنت في العاشـرة من عمري، بل حتى أحياناً بصورة حب للمدح والثناء. فكنت أتقلد طور بطل عظيم ورائد كبير وصاحب عمل عظيم خلاف رغبتي. فكنت أقول لنفسي:
ما هذا الظهور والاختيال ولاسيما في الشجاعة، وأنت لا تساوي شروى نقير؟ فكنت حائراً وجاهلاً بالجواب.
ولكن منذ شهرين، أجيبت تلك الحيرة، بأن رسائل النور كانت تُشعر بنفسها بحس مسبَق. أما أنت فلست الاّ بذرة صغيرة لا تساوي شيئاً ولكن لإحساسك قبل الوقوع تعدّ تلك العناقيد الفردوسية رسائل النور كأنها ملكك، فتزهو وتتباهى.
أما قريتنا نورس فان أهلها و طلابي القدامي يعرفون: ان أهالينا كانوا يحبون
المدح والثناء عليهم كثيراً لإظهارهم أنهم السابقون في الشجاعة والإقدام. فيرغبون تقلّد طور البطولة وكأنهم قد فتحوا مملكة كبيرة.
فكنت اعجب من نفسي ومن طورها هذا. والآن عرفت السر بإخطار حقيقي:
ان أولئك النورسيين، يتباهون لأن قريتهم نورس ستكسب فخراً عظيماً بنور رسائل النور. حتى ان الذين لم يسـمعوا باسم الولاية والناحية سيعرفون تلك القرية باهتمام بالغ. فهؤلاء النورسيون يظهرون شكرانهم - بحس مسبق - لتلك النعمة الإلهية على صورة زهو وتباهٍ.
نعم انه عندما كان جميع كردستان يتخذ وضع المفتخر المختال بغزارة الطلاب والأئمة والعلماء المتخرجين بهمة وجهود الشيخ عبدالرحمن تاغي1 الشهير والملقب بـ سيدا2 في ناحيتنا إسپاريت التابعة لقضاء خيزان كنت اشعر بينهم ايضاً ضمن تلك المناظرات العالية والهمة العالية والدائرة الواسعة العلمية والصوفية، كأن أولئك العلماء سيفتحون الأرض كلها. فكنت استمع - وأنا لم أتجاوز العاشرة من عمري - مناقب العلماء القدامى المشهورين و الأولياء العظام و السـادة الأقطاب، ويرد إلى قلبي: ان هؤلاء الطلاب العلماء سيفتحون آفاقاً عظيمة في العلم والدين. إذ لو تفوق أحدهم بشئ من الذكاء فالاهتمام يوجّـه إليه، وان ظهر أحدهم في مسألة لدى مناظرة علمية يفتخر ويزهو كثيراً. فكنت أتحير من هذا، إذ كانت عندي تلك المشاعر ايضاً. حتى كان بين شيوخ الطرق الصوفية وضمن دائرتهم في ناحيتنا وقضائنا وولايتنا مسابقة تثير الحيرة لم اقف عليها في مدن أخرى إلى هذا الحد.3 فإن شئت فاذهب بخيالك إلى مجلس سيدا قدّس سره في قرية نورشين.. وما أظهرت من المدنية الإسلامية بصحبته القدسية، تَرَ فيها ملوكاً في زي الفقراء وملائكة في زي الأنـاسي. ثم اذهب إلى باريس وادخل في لجنة الأعاظم تَرَ فيها عقارب، تلبسوا بلباس الأناسي، وعفاريت تصوروا بصور الآدميين.
الروابط المفضلة