العقيدة ... الأساس . علم التوحيد
الفصل العاشر
مجمل آيات وبينات رسالة محمد
صلى الله عليه وسلم
الشيخ: عبد المجيد الزنداني
آيات رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم :
س: ما هي الآيات (البينات، المعجزات) التي أيد الله بها رسوله؟ محمداً صلى الله عليه وآله وسلم؟
ج: الآيات (البينات، المعجزات) كثيرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومنها:

1ـ البشارات في الكتب السابقة:
لقد بشرت الكتب السابقة المنزلة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يخلق وأخبرت بصفاته وصفات بلاده ، وقومه ، وزمانه .قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ﴾ [الأعراف : 157] .
ولقد كان الأحبار والقسس من اليهود والنصارى ، يبشرون بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يبعثه الله ، قال تعالى محاجاً للعرب المشركين الذين سمعوا هذه البشارات من قبل من اليهود والنصارى:﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَأَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء : 196 ، 197] .
فلما بعث الله سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم آمنت طائفة منهم وكفرت طائفة ، فأما من آمن فكان دافعهم الأكبر أن وجدوا العلامات والبشارات في كتبهم السابقة قد انطبقت عليه صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [القصص:52] .
(ولا يزال إسلام النصارى واليهود مستمراً إلى اليوم وخاصة بين العلماء المنصفين) .

2 ـ المعجزة القرآنية :
لقد أرسل الله سبحانه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بكتاب من عنده فيه معجزات وآيات بينات، وعلامات إلهية كثيرة جداً لتكون بمقام الختم الإلهي المصدق لرسالته صلى الله عليه وآله وسلم وهذه الآيات (البينات، المعجزات) القرآنية على أوجه كثيرة:
* فالقرآن آية بينة معجزة في فصاحة لفظه ، وأسلوبه ، وتركيبه ، وقد تحدى القرآن الإنسان والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن .
قال تعالى:﴿قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء:88] .
* والقرآن آية فيما اشتمل عليه من أخبار غيبية حدثت في الماضي السحيق وكانت تدور في نفوس الناس وقت رسالته، وأخبار غيبته أخبر عنها ستكون في المستقبل فتحقق منها الكثير ، ولا تزال تتحقق كلما تقدم الزمان.قال تعالى:﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [هود : 49] .
* والقرآن آية بينة معجزة في تأثيره على النفوس فتشعر حين تقرؤه بتأثير كبير في نفسك وتشعر أن الذي يحدثك هو الله سبحانه ، قال تعالى في وصفه لكتابه:﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [الزمر:23] .
* ويزداد التأثير بكتاب الله بزيادة التدبر والتفكير في آياته.
* والقرآن معجز بما احتوى من هدى وأحكام أخرجت خير أمة أخرجت للناس.قال تعالى:﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران : 110] .
* ومن المستحيل أن يأتي أمي من الصحراء لا يقرأ ولا يكتب بأنظمة وأحكام وهدى يخرج للناس خير أمة ، ويحكم كل البلدان على اختلاف درجات حضارتها ورقيها.
* والقرآن معجزة فيما احتوى من علوم وحقائق كلما تقدم الزمان كشف عن دقة وصدق ما قرره القرآن الكريم.قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فصلت : 53] .
* والقرآن معجز لكونه جاء بهذه العظمة في شتى الميادين على لسان أمي لا يقرأ ولا يكتب .
قال تعالى يصف رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أمام أعدائه وأتباعه:﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت : 48] .

3 ـ تأييد الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم :
لم يؤمن برسول الله أول الأمر إلا قليل فآذاهم المشركون وعذبوهم ليفتنوهم في دينهم، وحاربوهم فكان الله يؤيد رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وينصره على أعدائه بإرسال الملائكة على الكافرين مما كان الكفار يشاهدونه فيقول المنصفون منهم: ما أرسل هذا إلا الله .
ولقد أيد الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بإخراج الماء من بين أصابعه حتى شرب القوم جميعاً ، أو بتكثير الطعام القليل حتى كفى كثيراً من المسلمين ، أو بشفاء من يدعو له ، أو بتكليمه للشجر وشهادتها له بالنبوة ؛ وغير ذلك من المواقف المدهشة المعجزة .

4 ـ إجابة الله لدعائه صلى الله عليه وآله وسلم :
فما دعا الله في شيء إلا أجاب الله دعاءه وحققه .
فلما أظهر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآيات والبينات تحول الكفار من عداواتهم وكفرهم إلى الإسلام والإيمان الصادق والجهاد بأموالهم وأنفسهم في سبيل إعلاء كلمة الله .
قال تعالى:﴿وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ﴾[البقرة : 99] .


الخلاصة

* أيد الله رسوله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ببينات ، وآيات معجزات حتى لا يكذبه الناس .
* أخبرت الكتب بمجيء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعلامات زمانه ، وبلاده ، وأحواله مع قومه؛ فجاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم فانطبقت عليه تلك العلامات فآمن المنصفون من أهل الكتب بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم واتبعوه كسلمان الفارسي وعبدالله بن سلام ـ رضي الله عنهما ـ .
* أنزل الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كتاباً معجزاً في فصاحة لفظه وأسلوبه ، وفيما احتوى عليه من علوم غيبية ، وفي قوة تأثيره ، وفيما تضمن من حقائق كونية أثبت التقدم العلمي في أسرار الكون صدق ما قرره القرآن ، وفي نزوله بهدي أخرج خير أمة عرفتها البشرية، وبكونه نزل على أمي لم يقرأ ولم يكتب .
* أيد الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ضد أعدائه وأعز رسوله بما أيده به من الخوارق والمعجزات الكثيرة.
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مجاباً في دعوته لربه ، فما دعا إلا وأجاب الله دعاءه r.