العقيدة ... الأساس . علم التوحيد
الفصل الثامن
سكن وأمن

الشيخ: عبد المجيد الزنداني
بيوتنا :
س : ما معنى قوله تعالى :﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾[النحل: 80] .
ج : معنى ذلك ـ والله أعلم ـ أن بيوتنا محل راحة ، وهدوء وسكن نأوي إليها عند التعب ، ونحتمي بها من حر الصيف ، وبرد الشتاء ، وهجمات الوحوش ، وهبوب الرياح ، وهطول الأمطار . فتكون البيوت سكناً لنا ولأهلينا أطفالاً ونساء؛ فبرحمة الله وتقديره وجدنا فيها مأوى ومقراً نسكن فيه ونهداً، ونحتمي فيه من كثير من الأخطار.
ولو شاء الله ما جعل لنا في بيوتنا سكناً . فهو القادر على إرسال الزلازل التي تجعلنا نفر من تلك البيوت، أو العواصف التي تجعلنا نهرع إلى الجبال، أو يرسل البرق أو الفيضانات أو يجعل الأرض رخوة تغوص البيوت فيها بمن فيها. لكن الله سبحانه وتعالى جعل لنا من بيوتنا سكناً .
ولقد يسر لنا أدوات البناء وإمكانيات التعمير:
* فمنحنا عقولاً مفكرة ترسم وتخطط وتهندس ، وأعطانا أبصاراً ترى ، وآذاناً تسمع وتتعلم الخبرات والتجارب ، ووهب لنا أيادي تعمل ، وأقداماً تسير ، ومنحنا علماً ذلل لنا به الصعاب .
* ويسر لنا مواد البناء وذللها لنا؛ فهذه الأحجار نقطعها من الجبال والجبال خاضعة، نأخذ منها ما شئنا ، ونقطع منها ما نريد، دون أن تقاومنا أو تمتنع علينا ، وتلك الأخشاب نقطعها وننجرها وهي خاضعة مستسلمة لفعلنا.
* وكذلك التراب والطين والحديد والأسمنت كلها قد سخرت لنا واستسلمت بأمر ربها لتصرفنا.
* جعل ربنا الأرض قراراً ولمساكننا فلا تغوص بنا ولا تتزلزل من تحت أقدامنا ، ولا يقذف دوران الأرض بنا وبمنازلنا بعيداً في الفضاء الخارجي، فقد زود الله الأرض بجاذبية تمنع دوران الأرض من طردنا إلى الفضاء .
*قال الله تعالى:(الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات * ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين)


أثاث وفراش:
س: وهل هناك نعم أخرى تدخل في نطاق مساكننا؟

ج : نعم .. إن البيوت بغير فراش وأثاث ناقصة .
ولا يكتمل السكن فيها إلا بوجود أثاث وفراش. وقد تولى الله سبحانه خلق مواد الفراش ، فأنبت القطن في الحقول ، وأنبت الشعر على جلود الأنعام ومنه نصنع البطانيات والسجاجيد والأغطية والخيام والمعاطف وجميع الملابس الصوفية المختلفة الأنواع. لنحتمي بها من البرد.
أما في المناطق الصحراوية حيث لا تتوفر الأحجار والأخشاب فإن جلود الأنعام وأصوافها تتحول إلى خيام وفراش وأثاث وملابس، وكذلك حال الجنود والرحالين، الذين لا يستقرون بأبنية.
قال تعالى:﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾[النحل:80] .
وبهذا الفراش المتوفر والأرض الممهدة والمساكن الآمنة ذات الإنسان ما أنعم الله عليه من أسكن وأمن .


هل تشاهد؟

* الحكمة الظاهرة في تهيئة الأرض لتكون لنا دار سكن وأمن لا دار خراب ودمار . وتلك الحكمة تشهد أنها من صنع الحكيم الرحيم.
* الإمكانيات العظيمة: الفكرية والعملية التي منحنا خالقنا إياها فعمرنا الأرض، وشيدنا البنيان ، وسكنا ناطحات السحاب نحن بني الإنسان وتلك تشهد أنها من خلق الوهاب الرحمن الرحيم.
* التسخير الذي استسلم لنا بموجبه ما على الأرض من مخلوقات وذلك يشهد أنه من صنع الملك المتصرف، الذي استخلف بني آدم على هذه الأرض ومكنهم منها.
* التدبير الحكيم في معادلة الجاذبية الأرضية لقوة الطرد الناشئة من دوران الأرض.
* مما جعل الأرض قراراً لما عليها ، فيشهد ذلك التدبير الحكيم أنه من صنع مريد حكيم خبير قدير.
* توفير مواد الفراش والأثاث مما تزرعه الأرض، وما ينبت على جلود الأنعام حتى يتم الإنسان راحته وأثاثه ومتاعه يشهد أنه من صنع الكريم الودود .

مناقشة

* فمن هو الحكيم رب تلك الحكمة؟
* ومن هو الوهاب مانح تلك الإمكانيات البشرية؟
ومن هو الملك المتصرف في هذه الأرض الذي قضى على ما فيها من جبال وأشجار وأحجار وغيرها من المخلوقات أن تخضع لتصرف الإنسان؟
ومن هو المدبر الحكيم الذي وازن قوة الطرد الناشئة عن دوران الأرض مع قوة الجاذبية؟
ومن هو الكريم الودود الذي خلق للإنسان مواد الأثاث والفراش ومكنه من صنعه؟
* أهو وثن لا يعقل ولا يتحرك؟!
* أم أنها الطبيعة التي لا تدبر أمراً ، ولا تملك لنفسها مشيئة أو إرادة؟
* أم أنه عدم لا وجود له؟!
* أم أن تلك الحكمة ، والموهبة ، والتصرف ، والتدبير الحكيم والكرم تشهد كلها أنها من صنع الخالق الموجود ، الحكيم ، الوهاب ، المالك ، المتصرف، المدبر ، الكريم الودود ، هو الله سبحانه وتعالى.