مائدة عامرة في رمضان موضوعها القرآن، والمعلِّم جبريل عليه السلام، والمتلقي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم يعلم أمته كيف تكون العبادة والتربية في رمضان، وهما معًا الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة: (يقول الصيام أي رَبِّ منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفِّعْني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفِّعني فيه، فيشفعان). أحمد والنسائي والحاكم.
والمسلم المقبل في رمضان.. على الصيام والقيام.. وقراءة القرآن.. والكف عن كل شائبة أو عصيان، يتفرد دون غيره فيُدخله ربه الجنة من باب الريان إكرامًا له وحسن مقام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن للجنة بابًا يقال له باب الريان، يقال يوم القيامة: أين الصائمون؟ فإذا دخل آخرهم أغلق ذلك الباب". الشيخان.
والداعية الصادق الذي آمن بربه وتمسَّك بدعوته ودعا الآخرين لها، وجاهد نفسه وشيطانه، سيجد في رمضان الفرصة سانحة لتغيير ما في نفسه نحو الأسمى والأعلى.. وهذا التغيير سينتقل تلقائيًّا إلى المجتمع الذي سيتغير بدوره (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم).
والصوم يوقظ التقوى في القلوب، والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية ولو تلك الصغائر التي تهجس في البال.
والصوم يحكم سلوك المتعبد ويربي ضميره.. وهو مجال تقرير الإرادة، ومجال اتصال العبد بربه.
الداعية الصادق يعلم أن الحضارات القائمة في العالم اليوم.. إنما هي حضارات مادية، المعدة والشهوة هما القطب الذي تدور حوله الحياة، وكما حدث لحضارات انهارت فإن حضارات اليوم سائرة إلى نفس المصير..
والإسلام وحده هو الذي يقيم الموازين القسط في الحياة، فيوازن المادة بالروح والعقل بالعاطفة، والمسلم العامل الصائم هو الذي يعيد للنفس ما فقدته من حياة، ويحتفظ لها باعتدالها بعيدًا عن مغريات الشهوة ومفاسد التخمة.. ويسلكها سبيلاً قويمًا نحو البناء والعطاء.. فهل يستشعر المسلم مسؤوليته هذه في إنقاذ الإنسانية؟
الروابط المفضلة