بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
سورة الكهف الايه109
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي
نَفِدَ الشَّيْء إِذَا تَمَّ وَفَرَغَ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ .
وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا
أَيْ زِيَادَة عَلَى الْبَحْر عَدَدًا أَوْ وَزْنًا . وَفِي مُصْحَف أُبَيّ " مِدَادًا " وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا مُجَاهِد وَابْن مُحَيْصِن وَحُمَيْد . وَانْتَصَبَ " مَدَدًا " عَلَى التَّمْيِيز أَوْ الْحَال . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : قَالَتْ الْيَهُود لَمَّا قَالَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْم إِلَّا قَلِيلًا " [ الْإِسْرَاء : 85 ] قَالُوا : وَكَيْفَ وَقَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاة , وَمَنْ أُوتِيَ التَّوْرَاة فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ؟ فَنَزَلَتْ " قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْر مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْر " الْآيَة . وَقِيلَ : قَالَتْ الْيَهُود إِنَّك أُوتِيت الْحِكْمَة , وَمَنْ أُوتِيَ الْحِكْمَة فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا , ثُمَّ زَعَمْت أَنَّك لَا عِلْم لَك بِالرُّوحِ ؟ ! فَقَالَ اللَّه تَعَالَى قُلْ وَإِنْ أُوتِيت الْقُرْآن وَأُوتِيتُمْ التَّوْرَاة فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَلِمَات اللَّه تَعَالَى قَلِيلَة , قَالَ اِبْن عَبَّاس : " كَلِمَات رَبِّي " أَيْ مَوَاعِظ رَبِّي . وَقِيلَ : عَنَى بِالْكَلِمَاتِ الْكَلَام الْقَدِيم الَّذِي لَا غَايَة لَهُ وَلَا مُنْتَهَى , وَهُوَ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَيَجُوز أَنْ يُعَبَّر عَنْهُ بِلَفْظِ الْجَمْع لِمَا فِيهِ مِنْ فَوَائِد الْكَلِمَات , وَلِأَنَّهُ يَنُوب مَنَابهَا , فَجَازَتْ الْعِبَادَة عَنْهَا بِصِيغَةِ الْجَمْع تَفْخِيمًا ; وَقَالَ الْأَعْشَى : وَوَجْه نَقِيّ اللَّوْن صَافٍ يَزِينهُ مَعَ الْجِيد لَبَّات لَهَا وَمَعَاصِم فَعَبَّرَ بِاللَّبَّاتِ عَنْ اللَّبَّة . وَفِي التَّنْزِيل " نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ " [ فُصِّلَتْ : 31 ] و " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْر " [ الْحِجْر : 9 ] " وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيت " [ الْحِجْر : 23 ] وَكَذَلِكَ " إِنَّ إِبْرَاهِيم كَانَ أُمَّة " [ النَّحْل : 120 ] لِأَنَّهُ نَابَ مَنَاب أُمَّة . وَقِيلَ : أَيْ مَا نَفِدَتْ الْعِبَارَات وَالدَّلَالَات الَّتِي تَدُلّ عَلَى مَفْهُومَات مَعَانِي كَلَامه سُبْحَانه وَتَعَالَى . وَقَالَ السُّدِّيّ : أَيْ إِنْ كَانَ الْبَحْر مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْر قَبْل أَنْ تَنْفَد صِفَات الْجَنَّة الَّتِي هِيَ دَار الثَّوَاب . وَقَالَ عِكْرِمَة : لَنَفِدَ الْبَحْر قَبْل أَنْ يَنْفَد ثَوَاب مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . وَنَظِير هَذِهِ الْآيَة : " وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يَمُدّهُ مِنْ بَعْده سَبْعَة أَبْحُر مَا نَفِدَتْ كَلِمَات اللَّه " [ لُقْمَان : 27 ] . وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ " قَبْل أَنْ يَنْفَد " بِالْيَاءِ لِتَقَدُّمِ الْفِعْل .
الروابط المفضلة