انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 4 من 4

الموضوع: روح الأسباب المادية في حياة المسلمين ... هو صدق الالتجاء إلى الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر

    روح الأسباب المادية في حياة المسلمين ... هو صدق الالتجاء إلى الله

    روح الأسباب المادية في حياة المسلمين
    هو صدق الالتجاء إلى الله



    الدكتور: محمد سعيد رمضان البوطي



    الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله. خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد, فيا عباد الله:

    تنتاب المسلم في أيام العيد مشاعر متناقضة يحار فيما بينها؛ ينظر فيجد داره مغموسة بالفرحة، عامرة بالسرور، أمْنُه مُسْتَتِب، طمأنينته تسود الدار، وينظر إلى وجوه الصغار والكبار فيرى الفرحة تغمرها ,ويرى بسمة السرور تعلو الوجوه .ثم يلتفت إلى خارج داره ينظر بعيداً أو قريباً منه فيجد خلاف ذلك ؛يجد الأمن غائباً,وينظر ويبحث عن الطمأنينة فيراها غير موجودة , ويزداد تأملاً فيرى الجراحات التي لا تنتهي والدماء التي لا تجف والظلم الذي لا يتوقف عند حد. ينظر إلى الأطفال فيجدهم يعانون من الشرود، يعانون من اليُتْم، يعانون من السَّغَب والجوع. ويعود بهذه المشاعر المتناقضة المتمازجة لا يدري كيف يتحكم بنفسه أمام هذه المشاعر. ولربما ساقته إلى لون من الاعتراض على الله، ولربما ساقته في أحسن الأحوال إلى الوقوف أمام إشكالات لا يجد حلاً لها. هذه هي الحالة التي تنتاب المسلمين في هذه العصور عندما يمر مثل هذا اليوم، عندما يتجلى الله عز وجل على عباده في مثل هذه الأيام تجليات رحمة، تجليات لطف وإكرام.
    فكيف السبيل للتخلص من هذه المشاعر المتناقضة؟
    وكيف السبيل إلى أن لا تتحكم بنا هذه المشاعر وتزُجّنا في حالة من الانتقاد، في حالة من الإشكال نجد أنفسنا سجناء في داخله؟.

    ينبغي أن نعلم يا عباد الله: أن الله سبحانه وتعالى حكيم ورحيم دائماً في سائر التقلبات وفي سائر الأحوال؛ ما من أمر من هذه الأمور التي نراها في مجتمعاتنا البعيدة والقريبة إلا ولها أسباب وجذور، وما من مشهد من هذه المشاهد التي تدمي القلوب والتي تزاحم فرحة العيد في مثل هذه الأيام إلا وهو يعود إلى نتيجة سنة من سنن الله سبحانه وتعالى في عباده. ربنا سبحانه وتعالى وضعنا أمام السبل التي تنجينا من الكوارث والتي تحررنا من الظلم والتي تسمو بنا إلى صعيد العزة والأمن والطمأنينة فهل سلكنا هذه السبل؟ كلكم يعلم الجواب عن هذا السؤال يا عباد الله. أمرنا الله عز وجل أن ننتصر لدينه ووعدنا إن نحن استجبنا لهذا الأمر أن ينتصر لنا، أن ينصرنا على كل من يتربص بنا الدوائر، فهل انتصرنا لدينه؟. والله عز وجل غني لا يحتاج إلى من ينصره أو ينصر دينه ولكنها العبودية التي ينبغي أن نستعلن بها وينبغي أن نصطبغ بها. هذا هو السر في الأوامر التي يخاطبنا الله سبحانه وتعالى بها أو النواهي التي يحذرنا الله عز وجل منها. ولقد اقتضت سُنَّة الله سبحانه وتعالى أن يأخذنا بشيء من المخاوف وأمرنا في مثل هذه الحال أن نُهْرَعَ إلى الله وقال: {ففروا إلى الله}. حدثنا الله عز وجل عن مصائب وذكر أنه شاء أن يبتلينا بها. تلك سُنَّة من سُنَن الله سبحانه وتعالى ”ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات“ ,ثم إن الله عز وجل وضعنا أمام الدواء الناجع. من أبرز هذا الدواء الناجع؛الالتجاء إلى الله، الدعاء عند الكرب،الفرار من الكرب إلى الله بالدعاء والتضرع والتذلل والانكسار, فهل فعلنا ذلك؟
    وأنا عندما أقول:هل فعلنا ذلك لا أعني بضمير الجماعة هذا الجمع المجتمع في هذا المسجد وأمثاله, وإنما أعني بضمير الجمع سائر المسلمين الذين يعانون من هذه المصائب والذين تطوف بهم من قريب أو بعيد هذه الرزايا. هل التجأنا إلى الله سبحانه وتعالى؟
    دلَّنا الخالق الأجلُّ سبحانه وتعالى على المشكلات التي سنراها في الطريق عن يميننا وشمالنا ووضعنا أمام السبل التي تخلِّصنا من هذه المصائب التي قد تحْتَوِشنا أو تطوف بنا ونبَّهنا إلى أنَّ الخلاص منها بعد الأخذ بالأسباب ومع الأخذ بالأسباب إنما يكمن في الرجوع إلى الله، في التضرع على أعتاب الله سبحانه وتعالى. فهل أخذنا أنفسنا بالدواء الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى به؟

    لعلنا حاولنا أن نأخذ بالأسباب الظاهرة ولكننا لم نتوِّج هذه الأسباب بروحها. الأسباب المادية ينبغي أن يأخذ المسلمون أنفسهم بها ولكنها بمثابة الجسد؛ لا يمكن للجسد أن يفعل شيئاً أو أن يحقق أي جدوى إلا إذا سَرَت الروح في الجسد. وروح الأسباب المادية في حياة المسلمين إنما هو صدق الالتجاء إلى الله، الدعاء والتبتل على باب الله عز وجل ,وقد ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: (الدعاء هو العبادة) أي: هو أُسُّ العبادة. كان المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما يجد المصائب تدنو إليه وإلى المسلمين يأخذ نفسه بالأسباب المادية التي أمره الله عز وجل بها لكنه مع ذلك وبعد ذلك يُهْرَعُ إلى باب الله عز وجل يستنجده يدعوه يتبتَّل. في غزوة بدر جمَّع من الأسباب كل ما يستطيع ولكنه لم يكتف بذلك، أمضى الليل كله وهو يتضرع إلى الله سبحانه وتعالى يدعوه، يستنـزل النصر من سمائه. في غزوة الأحزاب أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه والمسلمون معه بالأسباب كلها، حفروا الخندق، قاموا بما وراء ذلك من الأسباب المادية ولكنه صلى الله عليه وسلم أقبل بعد ذلك في الليل يتضرع ويدعو وينكسر على باب الله عز وجل ذلاً وضراعة وافتقاراً. في كل المواقف؛ يوم فتح مكة هيأ الأسباب كلها ولكنه أخذ يلتجأ إلى الله سبحانه وتعالى أن يحقق له النصر الذي يطمح إليه ويستنـزل النصر من عند الله عز وجل أن يكون نصر مرحمة وسِلْم لا نصر ملحمة وقتال. وهكذا فإن الله سبحانه وتعالى استجاب نعم: ”إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين“. وكان أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم من بعده يسيرون على هذا النهج تماماً. فهل نفَّذنا أوامر الله عز وجل عندما قال: ”ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين“؟ هل نفذنا أوامر الله عز وجل القائل: ”وقال ربكم ادعوني أستجب لكم“؟هل استغثنا بالله كما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يستغيث؟
    الجواب كلكم يعلمه. في أحسن الأحوال نعتمد على الوسائل المادية، ولعلنا نؤلِّهُ الوسائل المادية والوسائل المنظورة التي نجدها أمامنا, ولكن ينبغي أن نعلم أنها لا تفعل شيئاً وإنما هو تنفيذ لأوامر الله سبحانه وتعالى. أما الرجوع إلى الله، أما بسط الكفين تضرعاً على باب الله عز وجل فهذا شيء غائب وهو شيء مطوي عن حياة أكثر المسلمين الذين شاء الله عز وجل أن تكون بيدهم قيادة الأمور. الدعاء- يا عباد الله- هو روح كل الأنشطة التي يقوم بها المسلمون من أجل رد غوائل المصائب والاعتداءات عليهم على اختلافها أياً كانت. والمسلمون اليوم غائبون عن هذا الدواء.

    بل أكاد أقول شيئاً آخر: أما المحجوبون عن الله فسبب ابتعادهم عن هذا الدواء حجابهم عن الله سبحانه وتعالى وربما أضيف إلى ذلك في كثير من الأحيان الفسوق والانحراف عن أوامر الله عز وجل, ولكن حتى كثير من المسلمين يستهينون اليوم بهذا الدواء الذي هو روح العلاجات كلها، كثيرون هم المسلمون الذين يستخِفُّون بالدعاء، لا بل كثيرون هم المسلمون الذين يحاربون الدعاء ويرونه بدعة ينبغي أن يتحرر الإنسان منه.
    إذا انتهى الإنسان من صلاته وانفتل عنها وبسط كفيه يسأل الله عز وجل القبول ويستنـزل النصر لإخوانه المسلمين جاء من يقول: إن الدعاء بعد الصلاة بدعة.
    وإذا رفع هذا الإنسان كفيه ضارعاً إلى الله, قال: إن بسط الكفين بالدعاء بدعة. فإذا كان التائهون عن الله مُعْرِضين عن هذا الدواء الناجع, وكان جمع كبير من المسلمين يحاربون هذا الدعاء لأنهم ينعتونه بالبدعة.
    فماذا تتصور أن يكون حال المسلمين؟.
    رسول صلى الله عليه وسلم يُسْأَل فيما يرويه الترمذي- والحديث حسن صحيح-أيُّ الدعاء أسمع؟ يقول عليه الصلاة والسلام: (الدعاء في جوف الليل الآخرة والدعاء دبر الصلاة) أي: بعد الصلاة. قال قائل من هؤلاء الذين يحذِّرون من الدعاء: إنما المراد, في دبر الصلاة, أي: في آخر الصلاة قبل التسليم، مَنْ الذي يقول هذا إلا المستهزئون بدين الله عز وجل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها وقد سألته خادماً يُعِينها على أمر الدار فقال عليه الصلاة والسلام: (أوَ أدُلّك على خير من ذلك؟. تسبحين الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين وتحمدينه ثلاثاً وثلاثين وتكبرينه ثلاثاً وثلاثين).
    لعل هؤلاء الذين يحاربون الدعاء بعد الصلاة يقولون: معنى ذلك أن عليه قبل التسليم أن يسبح الله ثلاثاً وثلاثين ويحمده ثلاثاً وثلاثين ويكبره ثلاثاً وثلاثين ثم يسلم. من الذي يقول هذا؟.
    يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن ربكم حييٌّ كريم يستحي من عباده إذا بسطوا أكفهم إليه- إذا بسطوا أكفهم إليه -أن يرُدَّها خائبة).
    ويقول هؤلاء: إن ارتفاع الكف بالدعاء بدعة. كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا دعا رفع كفيه حتى يُرَى بياض إبطيه، فعل ذلك يوم بدر وفعل ذلك عند الاستسقاء وكان صلى الله عليه وسلم يُهْرَعُ إلى الله عز وجل بالدعاء دائماً، كان ذلك غذاءه وكان ذلك سبيل تعبيره عن مشاعر العبودية لله، كان ذلك سبيل تعبيره عن مشاعر المهابة من الله والحب لله سبحانه وتعالى. أما اليوم فنجد من يحارب السنة باسم محاربة البدعة بل نجد من يغرس في مجتمعاتنا البدعة باسم محاربة البدعة. الدعاء بدعة! الدعاء بعد الصلاة بدعة! التضرع والتذلل إلى الله باليدين المبسوطتين إلى سماء الله بدعة!. هذا هو المصير أيها الإخوة إن أردنا أن نتخلص من المشاعر المتناقضة-هي ليست متناقضة- تلك سنة الله سبحانه وتعالى في عباده، رحمته موجودة وغامرة، وعقابه أيضاً العاجل والآجل موجود أيضاً، ومن تعرَّض لرحمة الله أكرمه الله عز وجل بها,ومن تعرَّض للعقاب لم يكن بعيداً عن أن يعاقبه الله سبحانه وتعالى. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا رجوعاً إليه وأن يتوِّج أعمالنا وأنشطتنا المختلفة وسياساتنا الراشدة بصدق الالتجاء إلى الله عز وجل دائماً وعلى كل المستويات والأصعدة وبالنسبة لسائر الناس والطبقات.



    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم

  2. #2
    العجورية's صورة
    العجورية غير متواجد بالعلم نرتقي-درة النافذة الإجتماعية لشهر مارس
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    فلسطينيه في الاردن
    الردود
    6,773
    الجنس
    امرأة
    التكريم
    (أوسمة)
    شكرا لك رسائل النور
    اللهم ثبت في الخير وطأتنا
    واجعلنا هادين مهديين نعفو عن الناس
    اللهم وسع لنا في الدينوالدنيا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر
    شكرا على المرور

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر
    شكرا جزيلا بارك الله فيكم
    وجزاكم الله خير
    ووفقكم الله في الدنيا والاخرة
    دمتم برعاية الله
    وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

مواضيع مشابهه

  1. ضرورة الالتجاء الى الله فى الشدائد
    بواسطة shorian في روضة السعداء
    الردود: 2
    اخر موضوع: 20-05-2008, 07:51 PM
  2. الاستقلاالية المادية للزوجين
    بواسطة دانة جدة في نافذة إجتماعية
    الردود: 27
    اخر موضوع: 23-05-2005, 03:08 PM
  3. سبحان الله مسبب الأسباب........
    بواسطة الفتاةالطويله في روضة السعداء
    الردود: 8
    اخر موضوع: 07-01-2005, 01:06 AM
  4. الأسباب الموجبه لحب الله .........
    بواسطة روفيده في روضة السعداء
    الردود: 5
    اخر موضوع: 20-08-2002, 09:16 PM
  5. حياة فارس المسلمين
    بواسطة كلمات في الملتقى الحواري
    الردود: 4
    اخر موضوع: 26-10-2001, 11:28 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ