وأفضل الدعاء يومعرفة، وأفضل ما قال صلى الله عليه وسلم والنبيون قبله:«لا إلهإلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».
يوم عرفة، يوم الحج الأكبر، هو أعظم مجامع الدنيا، فهناك تُسكب العبرات،وتُقال العثرات، وتُرتجى الطلبات، وتُكفّر السيئات.تالله إنه لمشهد عظيم يجل عن الصفة، وموقف كريم طوبى لمن وقفه، فيه توضع الأثقال، وترفع الأعمال.فينبغي للمسلم استغلال هذه اللحظات، بالاجتهاد في العبادات، والحرص علىالطاعات، والإكثار من الدعاء والذكر والتلبية والاستغفار والتضرع وقراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهذه وظيفة هذا اليوم، فالحج عرفة.
وليحذر الحاج كل الحذر من التقصير في هذا اليومالعظيم، فما هو إلا أوقات قصيرة، وساعات يسيرة، إن وفق للعمل الصالح فيها أفلح كلالفلاح، وفاز كل الفوز، فكم لله في هذا اليوم من عتقاء.ومن أعتق من النارفأي خير لم يحصل له بذلك، وأي شر لم يندفع عنه؟ فيا حسرة الغافلين عن ربهم ماذاحرموا من خيره وفضله، إن فاتهم هذا اليوم فلم يمكنهم تداركه.وليكثر المسلممن ذكر الله تعالى لينال السبق، سبق المفردون{وَالذَّاكِرِينَاللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ}[الأحزاب}
((سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))، فإنهن خير مما طلعت عليه الشمس، وإنهن ينفضن الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها، وهن غراس الجنة، يغرس لك بكل كلمة منهن شجرة في الجنة، وهن منجيات ومقدمات، وهن الباقيات الصالحات.وليحذر من الحرام في طعامه وشرابه ولباسه ومركوبه وغير ذلك، وليحذر من المخاصمة والمشاتمة والمنافرة والكلام القبيح،«أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت فيوسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه».
ويحذر من احتقار من يراه مقصراً في شيء، أو رث الهيئة، فرب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره، وليحترز من انتهار السائل ونحوه.ويجتهد في الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل، ويكثر من الذكر قائماً وقاعداً،ويكرره بخشوع وحضور قلب، ويهتم به، ويستفرغ الوسع فيه، ويواظب عليه، فلا يزال لسانه رطباً من ذكر الله تعالى، فما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله، فذكر الله تعالىخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخيرلكم من إنفاق الذهب والورقوخير لكم من أن يلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم.وليكثر من كلمة:((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد،وهو على كل شيء قدير)).
فإنها الكلمة الطيبة، والقول الثابت والكلمةالباقية، والعروة الوثقى، وكلمة التقوى، وأفضل الأعمال، وأفضل ما قاله النبيون،وأفضل الذكر.
وليحرص الحاج على التضرع لله تعالى، والتذلل والخشوع، والضعف والخضوع، والافتقار والانكسار، وتفريغ الباطن والظاهر من كل مذموم، ورؤية عيوب نفسه وجهلها وظلمها وعداونها، ومشاهدة فضل ربه وإحسانه، ورحمته وجوده، وبره وغناه وحمده.وليكن في هذا الموقف حاضر الخشية، غزير الدمعة، فرقا من ربه جل وعلا،مخبتاً إليه سبحانه، متواضعاً له، خاضعاً لجنابه، منكسراً بين يديه، يرجو رحمته ومغفرته، ويخاف عذابه ومقته ويحاسب نفسه، ويجدد توبة نصوحاً، وليخلص التوبة من جميعا لمخالفات مع البكاء على سالف الزلات، خائفاً من ربه جل وعلا، مشفقاً وجلا باكياًنادماً مستحياً منه تعالى، ناكس الرأس بين يديه، منكسر القلب له.يدخل علىربه جل جلاله من باب الافتقار الصرف، والإفلاس المحض، دخول من قد كسر الفقروالمسكنة قلبه حتى وصلت تلك الكسرة إلى سويدائه فانصدع، وشملته الكسرة من كل جهاته،وشهد ضرورته إلى ربه عز وجل، وكمال فاقته وفقره إليه، وأن في كل ذرة من ذراتها لظاهرة والباطنة فاقة تامة، وضرورة كاملة إلى به تبارك وتعالى.
وأنه إنتخلى عنه طرفة عين هلك، وخسر خسارة لا تجبر، إلا أن يعود الله تعالى عليه ويتداركه برحمته.فإنه إذا فرغ القلب وطهر، وطهرت الجوارح، واجتمعت الهمم وتساعدت القلوب، وقوي الرجاء، وعظم الجمع، كان جديراً بالقبول، فإن تلك أسباب نصبها الله مقتضية لحصول الخير، ونزول الرحمة، وليجتهد أن يقطر من عينه قطرات فإنها دليل الإجابة، وعلامة السعادة، كما أن خلافه علامة الشقاوة، فإن لم يقدر على البكاءفليتباك بالتضرع والدعاء قال تعالى:{وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32].قال أبي بن كعب رضي الله عنه: "عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما من عبد على السبيل والسنة ذكر الله فاقشعر جلده من مخافة الله إلاتحاتت عنه خطاياه، كما يتحات الورق اليابس عن الشجرة".وما من عبد علىالسبيل والسنة ذكرالله خالياً ففاضت عيناه من خشية الله إلا لم تمسه النار أبداً.وإن اقتصاداً في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة.
ويلح في الدعاء، لأنه يوم ترجى فيه الإجابة، ويدعو ربه تضرعاً وخفية، فالدعاء الخفي أعظم في الأدب والتعظيم للرب الكريم، وأبلغ في الإخلاص، وفي التضرع والخشوع، ويجتهد فيالذكر والدعاء هذه العشية، فإنه ما رؤي إبليس في يوم هو فيه أصغر ولا أحقر و لاأغيظ ولا أدحر من عشية عرفة، لما يرى من تنزيل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوبالعظام إلا ما رؤي في يوم بدر.فينبغي للمسلم أن يرى الله من نفسه خيراً،وأن يهين عدوه الشيطان ويحزنه بكثرة الذكر والدعاء، وملازمة التوبة والاستغفار منجميع الذنوب والخطايا.ثم ليحسن الظن بالله تعالى، وليقوى رجاء القبول والمغفرة، فإن الله عز وجل أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، وأغنىالعالمين، عفو يحب العفو، غفور رحيم.وينبغي للإنسان إذا لحقه ملل أو سآمة،أن ينوع في العبادة، وينتقل من حالة إلى حالة، فتارة يقرأ القرآن، وتارة يهلل،وتارة يكبر، وتارة يسبح، وتارة يحمد، وتارة يستغفر، وتارة يدعو، أو يشتغل مع إخوانه بمدارسة القرآن، أو بمذاكرة علم، أو في أحاديث تتعلق بالرحمة، والرجاء، والعبث والنشور والآخرة، حتى يلين ويرق قلبه.وله أن يستريح بنوم أو نحوه، وربمايكون ذلك مطلوباً إذا كان وسيلة للنشاط، والإنسان طبيب نفسه في هذا المكان، لكنينبغي أن يغتنم آخر النهار بالدعاء، ويتفرغ له تفرغاً كاملاً.قال عطاء بن أبي مسلم الخرساني:"إن استطعت أن تخلو بنفسك عشية عرفة فأفعل".اللّهم تقبل منّا إنّك أنت السميع العليم، وتب عليناإنّك أنت التواب الرحيم .
اللهم نسألك يا غفور يا رحمن يارحيم
أن تفتح لأدعيتنا ابواب الاجابه
يا من اذا سأله المضطر اجاب
يا من يقول للشيء كن فيكون
اللهم لا تردنا خائبين
منقول
الروابط المفضلة