قلنا لأحد العلماءالنبلاء الأولياء: عظنا موعظة للقلوب موقظة، فإن قلوبنا بالذنوب مريضة وأجنحتنابالخطايا مهيضة، فنحن قد أدمنا الذنوب وعصينا علام الغيوب، حتى قسمت مناالقلوب.
فقال: واحرٌ قلباه، واكرباه، يا ربان، يا ابن آدم تذنب ولستبنادم، الأنبياء يبكون، والصالحون يشكون، تتابع المعاصي وتستهين بالجبار، يغذيكويعيشك، ويقعدك ويمشيك ثم تنهض على عصيان أمره، مع علو قدره، وعظيم قهره، ويلك هذاالملك كسر ظهور الأكاسرة وقصر بالموت آمال القياصرة وأرغم بالجبروت أنوف الجبابرة،الروح الأمين، وجل مسكين، من خوف القوي المتين، ومحمد يتهجد ويتعبد، وهو الذي دعاكل موحد، ومع هذا يتوعد ويهدد، من ركن لكل كافر وملحد.
أين عقلك يا مغرور،هل نسيت يوم العبور، وساعة المرور، كل طائر من خوفه يخر صريعاً، وكل كاسر يئن منخشيته وجيعاً...
أبو بكرانتفض من خوفه كالعصفور،وصار صدره بالنشيج يفور...
وسقطالفاروقمن الخشيةعلى الرمال، حتى حمل على أكتاف الرجال...
وبقيذوالنورينمن منظر القبر يبكي يومين...
وهذاعلي بنأبي طالبدموعه من التذكير سواكب...
كانعمر بنعبدالعزيزيرتعد ولصدره أزيز ويقول: يا قوم، اذكروا صباح ذلك اليوم...
ويلك والله لو أن القرآن نزل على صخر لتفجر، ولو هبط على حجر لتكسر، وتقرؤه وأنت لاه تتكفر في المنصب والجاه، كأن الليالي لا تطويك والكلام لا يعنيك،تدفن الآباء والأجداد وتفقد الآخرة والأولاد، وأنت لازلت في إصرار وعناد، سبحانالله تغتر بالشباب وتزين الثياب، وتنسى يوم يهال عليك التراب:
أبداً تصر على الذنوبولا تعي *** وتكثر العصيان منك وتدعيأبــداً ولا تبكـــــي كأنـك خالـــد*** وأراك بيـن مودع ومشيـعلا تغفل ذكره، ولا تنس شكره، ولا تأمن مكره،هو الذي عفر بالطين أنف فرعون اللعين، وفرق جنوده أجمعين، مساكن من عصاه قاع قرقر،بعد ما أرسل عليهم الريح الصرصر، إذا غضب دمر المنازل على أهلها، وسوى جبالهابسهلها، شاب رأسك وما خف بأسك، ومازال في المعاصي فأسك، ما لك ما تردك الآيات، ولاتزجرك العظات ولا تتذكر الأموات، مصر مستكبر تركب كل أمر منكر.
سمع ابن وهبآية {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} [غافر: 47] فسقط مغشياً عليه في الدار، ثممات في آخر النهار...
سمع عمر بعض السور فطرح درته وانقعر، فبقي مريضاً شهروصارت دموعه نهر...
قرأ سفيان سورة الزلزلة فسمع له ولولة، كأنها أصابتمقتله...
بعد الصقور تسقط من السماء...
وأن من الحجارة لما يشقق فيخرج منهالماء...
وأغمي من الخشية على كثير من العلماء.
كأنك ما سمعت بطور سينا *** ويــــوم صــــار من طـــــولٍتخرُّ له الجبابر وهي تبكي *** ســــــــــنــــــيـــــنـــــــــــــاعراة نحـن فيــــه فيـا لهـولٍ*** ويحصي فيه ربي ما نسيناويحك خف ربك وراجع قلبك، واذكر ذنبك، موسى خرمن الخوف مغشياً عليه مصعوقاً... ويوشع صار قلبه من الوجل مشقوقاً...
ويعضهمأصبح وجهه من الدموع محروقاً...
كيف تصبح وتمسي والرسل كل يقول نفسي نفسي،أعجبتك الدور والقصور يا مغرور، ونسيت القبور، ويوم النشور، يوم يحصل ما فيالصدور.
والذي نفسي بيده ما تساوي الدنيا فتيلة، ولا تعادل في القبر فزع أولليلة، تطرح فيه وليس لك حيلة، استفق مالك، وراجع أعمالك، وزن أقوالك.
وخطكالشيب، وما تركت العيب، تشاهد المصارع، وتسمع القوارع، وتنهال عليك الفواجع، تنسىالرب، يا ميت القلب، الصحابة من الخوف مرضى، وطلحة ينادي: اللهم خذ من دمي حتىترض...
ما شاءالله ما تحضر صلاة الفجر، ولا تطمع في الأجر، وجعفر تقطعت بالسيوفأوصاله، وارتفع بالفرح تهليله وابتهاله.
على شفرات السيف مزقتمهجتي *** لترضى وإن ترضى علي كفانيفلو كتبت منّــــا الدمــــــاءرسالــــــةً *** لخطَّــت بحـب الله كل جنانيويلك أنت مهموم بالقرشوالفرش والكرش وسعد يهتز لموته العرش...
تهاب الوضوء إذا برد الماء، وحنظلة غُسلقتيلاً في السماء...
تعصي حي على الفلاح ومصعب بن عمير قدم صدره للرماح...
ما تهنز فيك ذرة، والموت يناديك في كل يوم مائة مرة، والله لو أن في الخشبقلوب لصاحت، ولو أن للحجارة أرواح لناحت، يحن المنبر للرسول الأزهر، والنبي الأطهر،وأنت ما تحن ولا تئن، ولا يضج بكاؤك ولا يرن.
لو مت لعذرناك، وفي قبركزرناك
ولكنك حي تأكل وتشربوتلهو وتلعب
وتغنيوتطرب
قالتعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَوَأَنتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 59-61]
بتصرف منكتابات فضيلة الشيخ. عائض القرني
الروابط المفضلة