لمِـثـلِ هـذا يـذوبُ القـَلـب
الحمدُ لله حمداً كثيراً طيّباً مُبارَكا فيه، كما ينبغي لِجلالِ وجهِهِ الكريم وعظيمِ سلطانِه، الحمد لله رافعِ السماءِ بغيرِ عَمَد، وناصرِ الأنبياءِ بغيرِ عَضُد. وأشهد أنّ لا إلهَ إلا الله، وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُهُ ورسولُه، وصفيُّهُ من خلقِهِ وخليلُه، شهادةً أتّكِئُ عليها يومَ يُنصَبُ الميزان, وأحتمي بها يوم تَزْفُرُ النِّيران، وأَلُوذ بها يوم لا يُسْأَلُ عن ذنبِهِ إنسٌ ولا جانّ.
أيها الأخوات :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ عَلَى الْقَبْرِ، فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ وَيَقُولَ: يا ليتني كُنْتُ مَكَانَ صَاحبِ هذَا الْقَبْرِ. وَلَيْسَ بِهِ الدَّينُ. ِإلاَّ الْبَلاَء).
نعم أيها الأخوات ، إنّ البلاءَ قد وصلَ بنا ما وصل، حتّى إنّ المرءَ إِنِ استرجعَ شيئاً منه تمنّى أنْ تبتلِعَهُ الأرضُ خيراً له من هذه الحياة، وفضلُ باطنِ الأرضِ على ظاهرِها.
وإنِّي مُذَكِّرُتكُمْ بحوادِثَ من مئاتٍ، بل قُلْ من ملايينِ الحوادث ، فإنّ الذكرى تنفعُ المؤمنين:
فتاةٌ مسلمةٌ من البوسنةِ والهرسِكْ إبّانَ حربِ البوسنَة، التي تواصَلَتْ من عام ألفٍ وتِسعِ مئةٍ واثنينِ وتسعينَ إلى عامِ ألفٍ وتسعِ مئةٍ وخَمْسَةٍ وتسعين، تلكَ الحربُ التي شهدتْ أعنفَ وأحقرَ أنواعِ الإبادةِ الجماعية، وأعنفَ مَذْبَحَةٍ شَهِدَتْها أوروبّا منذُ الحربِ العالميةِ الثانية، تُرْسِلُ هذه الفتاةُ المسلمةُ برسالَةٍ إلى أحدِ المجلاّتِ الإسلاميةِ تقولُ فيها : " أنا فتاةٌ مسلمةٌ ومثلي خمسونَ ألفَ فتاةٍ اغْتُصِبْنَ مِراراً وتِكْرارا، حتى إنّ مِنْهُنَّ مَنْ آثرَتِ الانتحارَ على الحياةِ بعد ما جرى لها ، أقولُ لكم أيها المسلمون، يا مَنْ تُسَمُّونَ أنفُسَكُمْ إخوتِيْ ماذا سَتُجِيبُونَ اللهَ حينَ يسأَلُكُمْ عنْ مَنِ ادَّعَيْتُمْ أنَّهُنَّ أخَواتٌ لكم، فهل أنتم إخوَتُنا فِعْلا؟!! "
فتاةٌ مسلمةٌ ومثلُها الآلاف، ترسِلُ لنا رسالةً تقولُ لنا: ماذا ستقولون أمامَ اللهِ حينَ يسأَلُكُمْ عنهُنّ، واللهُ تعالى يقول :" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ "، ورسولُ اللهِ يقول :"المسلمُ أخو المسلمِ لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ ولا يَحْقِرُه " فأيُّ خُذْلانٍ لأَخَواتِنا اللّاتِيْ اغْتُصِبْن مثلُ خُذْلانِهِنّ ؟
الدَّمُ يهونُ أمامَ الشّرفِ والعِرْض، والرأيُ الذي عليه الفقهاءُ أنَّ العِرْضَ يُقَدّمُ على النفس ، فأيُّ حاجةٍ لنا بِنُفُوسِنا وقَدِ انْتُهِكَتْ أعراضُنا ؟ هل يَرَى أحدٌ له معنىً لِوُجُودِهِ وقد دُنِّسَ عِرْضُهُ وانْتُهِك ؟ أَوَلَيْسَتْ هؤلاءِ المسلماتُ أَخَواتٍ لنا، لَهُنَّ ما للأختِ من الرَّحِم، من النُّصْرَةِ والانتصارِ لها ؟
وهذا مشهدٌ لَمْ تَشْهَدْهُ المسلماتُ الألْبانِيّاتُ فَحَسْبْ، بل شهدَتْهُ مسلماتُ العراقِ والشيشان، ووصَّى به شارونُ جنودَهُ في عامَ ألفٍ وتسعِ مئةٍ وسِتّةٍ وخمسين، حيثُ قال: يجب أنْ أُشجِّعَ الجنودَ على اغتصابِ الفَتَياتِ الفِلَسْطينيّاتِ لأنَّهُنَّ سبايا لنا !
اللهُ أكبرُ يا بُسْنِيَّةً غُصِبَتْ وَصَوَّرَ الْغَصْبَ تِلْفازٌ وَإِعْلانُ
تَرْنِين لِلتُّرْكِ قَدْ دالَتْ خِلافَـتُهُمْ وقادَةُ القومِ ماسُونٌ وعِلْمانُ
سِتُّونَ أَلْفاً مِن الأَعْراضِ قَدْ نُهِكَتْ لَمْ يَهْوِ قَصْرٌ ولَمْ تَهْتَزَّ أَرْكانُ
لِمِثْلِ هذا يَذُوبُ القلبُ مِنْ كَمَدٍ إِنْ كانَ فِيْ الْقَلْبِ إِسْلامٌ وَإِيمانُ
فَبِاللهِ عليكن، أَلاْ يتمنّى المرءُ الموتَ على هذه الحياةِ الذّليلة ، مَع كَراهِيَةِ تَمَنِّي الموت .
وبثَّتْ قناةُ الجزيرةِ بَرْنامَجاً عن العراق، وكان مِمّا بَثّتْهُ امْرَأَةً مسلمةً مُسِنَّةً مُحجَّبَةً تبكي وترجُفُ وتُقبِّلُ يَدَ كافِرٍ أمْرِيكيٍّ مِنْ قُوّاتِ المارينز، لِتَتَوَسَّلَهُ أنْ لا يعتَقِل زوجَها المريض . كافِرٌ أَسْوَدُ من قواتِ المارينز، أبناءِ الزِّنا، تُقبِّلُ يدَهُ امْرَأَةٌ مسلمَةٌ لتتوسَّلَهُ.
أَوّاهُ يا أمّةَ الإسلام.
امرأَةٌ حِذاؤُها أشرَفُ مِنْ رأسِ سيِّدِ ذلكِ الكافرِ بوشْ تُقَبِّلُ يَدَه .
أَوّاهُ يا أمّةَ الإسلام. أَيَرَىْ أَحَدُكُمْ له حاجةً في الحياةِ بعد هذا المشهد، الذي يقفُ منه شعرُ الرأسِ وتَقْشعِرُّ منه الأبدان ! مشهدٌ لَرُبَّما يكفي لإِدْخالِنا جهنَّمََ ولا أُبالِغ، فَلَئِنْ كانَتِ امرأَةٌ قد دخلَتِ النّارَ في هِرَّة، أَفَتَحْسَبُونَ أنَّ هذه المرأةَ أهونُ عند اللهِ من الهرّة .أيها الأخوات:
ليس الأمرُ يتجَسَّدُ في مِثالٍ أو مِثالَيْنِ أو عَشَرَةٍ أو مِئَةٍ حتّى ، ولكنّهُ يتَّضحُ لكلِّ مَنْ ألقى السمعَ وهُوَ شهيد . فانْظُروا حولَكُم وارجِعُوا بذاكِرَتِكُمْ لِتَرَوُا الواقِعَ وَتعيشُوه .
عِبادَ الله :
ماذا بقي لنا بعدَ كُلِّ هذا ، لم يُبْقُوا لنا شيئاً إلاّ سَلَبُوه، وانْتَهَكُوا أعراضَنا وسَبَوْا نساءَنا وقَتَلُوا أطفالَنا وَأذَلُّوا شيوخَنا واغتصَبُوا أرضَنا ، فِلسْطينُ قد طُوِّبَتْ لِيهُودَ مِن قِبَلِ حكامِ المسلمين، وبَقِيَ التفاوضُ على مَعْبَرِ رفحٍ والجدارِ الفاصل، والعراقُ وأفغانستانُ مسْتَعْمَرَتانِ أمْرِيكِيّتان، والشيشانُ والقُوقازُ بيد الْمُلْحِدِين الرُّوس، وكَشْمِيرُ بيد الهِندُوسِ عَبَدةِ البقر، وشَمالُ إفريقيا تتنازعُ عليها فرنسا وأمريكا وقُلْ مثلَ ذلكَ في بقيةِ بلادِ المسلمينَ التي يحكُمُها الكافرُ ما بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا، بعد أنْ نَصَّبُوا علينا عُمَلاءَ يُحَرِّكُونَهُم عن بُعْد .
أَفَبَعْدَ كُلِّ هذا وذاك، أَيَرَى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ حاجةً في مِثلِ هذه الحياة ؟
أفلا تَتُوقُونَ إلى يومٍ تَحْيَوْنَ فيه أَعِزّاءَ تُصانُ فيه أعراضُكُمْ وتُحفَظُ فيه دِماؤُكُمْ، وتفتَخِرُونَ بدينكُمْ ونَسبِكُم ، ألا تتوقونَ إلى يومٍ تقولونَ فيه، نحنُ ونحن، في موطِنٍ تُغِيظُونَ فيه الكفارَ كموطِنِ سيِّدِنا رِبعيِّ بنِ عامرٍ مع رُسْتُمِ الْمَلِك ؟
أَفَلا تتوقونَ ليومٍ تُجَيَّشُ فيه جيوشُ الخلافةِ وتُعَدُّ العُدَّةُ لنصرةِ امرأةٍ مسلمةٍ مَسَّها عِلْجٌ كافر، كيومِ المعتصمِ حين سَيَّرَ الجيوشَ وفَتَحَ عَمُّورْيَةَ وقتَلَ ذلك العلجَ الذي مسَّ شعرَ فتاةٍ مسلمة ؟
أفَلا تتوقون إلى يومٍ يُخاطِبُ فيه خليفَتُكُمْ بوشْ ويقولُ له: مِن أميرِ المؤمنين إلى بوشْ كلبِ الأمريكان، الجوابُ ما تَرَى لا ما تَسْمَع . كيومِ خاطَبَ فيه هارونُ الرشيدُ نِكْفورَ بِكَلْبِ الرُّوم .
نَعَمْ عبادَ الله.. الطريقُ للعِزَّةِ واضحٌ لا غَبَشَ فيه وهو عيْنُهُ الطريقُ إلى الجنة ، فسارِعُوا إلى مرضاةِ اللهِ واعمَلُوا لإقامةِ دولةِ الْعِزّ, دولةِ خلافةِ المسلمينَ التي تثأرُ لِدِماءِ أطفالِكُمْ وذُلِّ شيوخِكُم واغتصابِ نسائِكُمْ وسَرِقَةِ أموالِكُمْ، وحينَها وفقَطْ حينَها سوفَ تَجِدُونَ لِوُجُودِكُمْ معنىً وللحياةِ طَعْم .
اللهم إنّي قد بلَّغْت, اللهم فأشهد...
الروابط المفضلة