انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 1 من 2 12 الأخيرالأخير
عرض النتائج 1 الى 10 من 12

الموضوع: ¤؛°`°؛¤ تنبيهات على أحكام تختص بالمؤمنات ¤؛°`°؛¤

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الموقع
    ياحبذا الجنة واقترابها ~ طيبة وبارد شرابها
    الردود
    1,848
    الجنس
    امرأة

    ¤؛°`°؛¤ تنبيهات على أحكام تختص بالمؤمنات ¤؛°`°؛¤


    هذا كتاب تنبيهات على أحكام تختص بالمؤمنات
    لفضيلة الشيخ:
    صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان -حفظه الله ورعاه-
    يتحدث عن كل مايهم المرأه المسلمة في حياتها الدينيه والزوجيه واحكام الزينة الى غير ذلك
    والكتاب مقسم على عدة فصول وكل ما أتيحت لي فرصة أنقل لكم فصلا آخر حتى ينتهي الكتاب..
    وأرجو تثبيته لأهميته لكل مسلمة

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الموقع
    ياحبذا الجنة واقترابها ~ طيبة وبارد شرابها
    الردود
    1,848
    الجنس
    امرأة
    واترككم مع الكتاب
    ****************


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله الذي قدّر فهدى، وخلق الزوجين الذكر والأنثى، من نطفة إذا تمنى‏.‏ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله عُرِجَ به إلى السماء فرأى من آيات ربه الكبرى‏.‏ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي المناقب والنهى، وسلم تسليمًا كثيرًا مُؤبَّدًا‏.‏
    أما بعد‏:‏ فلما كانت المرأة المسلمة لها مكانتها في الإسلام، وقد أنيط بها كثير من المهام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخصّ النساء بتوجيهات‏.‏ وأوصى بهن في خطبته في عرفات‏.‏ مما يدل على وجوب العناية بهن في كل زمان، ولا سيما في هذا الزمان الذي غزيت فيه المرأة المسلمة بصفة خاصة لسلبها كرامتها، وإنزالها من مكانتها، فكان لا بد من توعيتها بالخطر ووصف طريق النجاة لها‏.‏ وهذا الكتاب أرجو أن يكون علامة على هذا الطريق بما تضمنه من ذكر بعض الأحكام الخاصة بها، وهو إسهام ضئيل‏.‏ لكنه جهد المقل وأرجو أن ينفع الله به على قدره، وهو خطوة أولى في هذا السبيل يرجى أن تتلوها خطوات أعم وأشمل، إلى ما هو أحسن وأكمل‏.‏ وما قدمته في هذه العجالة يتكون من الفصول التالية‏:‏
    1- الفصل الأول‏:‏ أحكام عامة‏.‏
    2- الفصل الثاني‏:‏ في بيان أحكام تختص بالتزيين الجسمي للمرأة‏.‏
    3- الفصل الثالث‏:‏ أحكام تختص بالحيض والاستحاضة والنفاس‏.‏
    4- الفصل الرابع‏:‏ أحكام تختص باللباس والحجاب‏.‏
    5- الفصل الخامس‏:‏ في بيان أحكام تختص بالمرأة في صلاتها‏.‏
    6- الفصل السادس‏:‏ أحكام تختص بالمرأة في باب أحكام الجنائز‏.‏
    7- الفصل السابع‏:‏ أحكام تختص بالمرأة في باب الصيام‏.‏
    8- الفصل الثامن‏:‏ أحكام تختص بالمرأة في الحج والعمرة‏.‏
    9- الفصل التاسع‏:‏ أحكام تختص بالزوجية وبإنهائها‏.‏



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الموقع
    ياحبذا الجنة واقترابها ~ طيبة وبارد شرابها
    الردود
    1,848
    الجنس
    امرأة
    الفصل الأول أحكام عامة

    1/مكانة المرأة قبل الإسلام

    ويراد بما قبل الإسلام، عصر الجاهلية التي كان يعيشها العرب بصفة خاصة ويعيشها أهل الأرض بصفة عامة‏.‏ حيث كان الناس في فترة من الرسل ودروس من السبل‏.‏ وقد نظر الله إليهم - كما جاء في الحديث - فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب‏.‏
    وكانت المرأة في هذا الوقت في الأغلب الأعم تعيش فترة عصيبة - خصوصًا في المجتمع العربي -، حيث كانوا يكرهون ولادتها؛ فمنهم من كان يدفنها وهي حية حتى تموت تحت التراب‏.‏ ومنهم من يتركها تبقى في حياة الذل والمهانة‏.‏ كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ‏}‏(1).‏
    وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ‏}‏(2) ‏‏.‏
    والموءودة هي البنت تدفن حية حتى تموت تحت التراب‏.‏ وإذا سلمت من الوأد وعاشت، فإنها تعيش عيشة المهانة فليس لها حظ من ميراث قريبها مهما كثرت أمواله ومهما عانت من الفقر والحاجة، لأنهم يخصون بالميراث الرجال دون النساء، بل إنها كانت تُورَث عن زوجها الميت كما يورَث ماله‏.‏ وكان الجمع الكثير من النساء يعشن تحت زوج واحد حيث كانوا لا يتقيدون بعدد محدد من الزوجات غير عابئين بما ينالهن من جراء ذلك من المضايقات والإحراجات والظلم.‏



    2/ مكانة المرأة في الإسلام

    فلمّا جاء الإسلام رفع هذه المظالم عن المرأة وأعاد لها اعتبارها في الإنسانية‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى‏}‏(3) ‏‏.‏
    فذكر سبحانه أنها شريكة الرجل في مبدأ الإنسانية‏.‏ كما هي شريكة الرجل في الثواب والعقاب على العمل‏.‏ ‏{‏مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ‏}‏(4) ‏‏.‏
    وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ‏}‏(5) ‏‏.‏
    وحرم سبحانه اعتبار المرأة من جملة موروثات الزوج الميت‏.‏ فقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاءَ كَرْهًا‏}‏(6) ‏‏.‏
    فضمن لها استقلال شخصيتها وجعلها وارثة لا موروثة وجعل للمرأة حقًّا في الميراث من مال قريبها، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا‏}‏(7) ‏‏.‏
    وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ‏}(‏ 8)‏‏‏.‏
    إلى آخر ما جاء في توريث المرأة أُمًّا وبنتًا وأختًا وزوجة‏.‏
    وفي مجال الزوجية قصر الله الزوج على أربع حدًّا أعلى بشرط القيام بالعدل المستطاع بين الزوجات ‏[‏قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً‏}‏‏]‏‏.‏ وأوجب معاشرتهن بالمعروف فقال سبحانه‏:‏ ‏{‏وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏(9).‏
    وجعل الصداق حقًّا لها وأمر بإعطائها إياه كاملاً إلا ما سمحت به عن طيب نفس؛ فقال‏:‏ ‏{‏وَآتُواْ النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا‏}‏(10) ‏‏‏.‏
    وجعلها الله راعية آمرة ناهية في بيت زوجها، أميرة على أولادها‏.‏ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها‏).‏ وأوجب على الزوج نفقتها وكسوتها بالمعروف‏.‏



    3/ما يريده أعداء الإسلام وأفراخهم اليوم من سلب المرأة كرامتها وانتزاع حقوقها

    إن أعداء الإسلام بل أعداء الإنسانية اليوم من الكفار والمنافقين والذين في قلوبهم مرض، غاظهم ما نالته المرأة المسلمة من كرامة وعزة وصيانة في الإسلام، لأن أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين يريدون أن تكون المرأة أداة تدمير وحُبالة يصطادون بها ضعاف الإيمان وأصحاب الغرائز الجانحة بعد أن يُشبعوا منها شهواتهم المسعورة‏.‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا‏}‏(11).‏
    والذين في قلوبهم مرض من المسلمين يريدون من المرأة، أن تكون سلعة رخيصة في معرض أصحاب الشهوات والنزغات الشيطانية؛ سلعة مكشوفة أمام أعينهم يتمتعون بجمال منظرها، أو يتوصلون منها إلى ما هو أقبح من ذلك‏.‏ ولذلك
    حرصوا على أن تخرج من بيتها لتشارك الرجال في أعمالهم جنبًا إلى جنب، أو لتخدم الرجال ممرضة في المستشفى، أو مضيفة في الطائرة أو دارسة أو مدرسة في فصول الدراسة المختلطة‏.‏ أو ممثلة في المسرح أو مغنية أو مذيعة في وسائل الإعلام المختلفة، سافرة فاتنة بصوتها وصورتها‏.‏ واتخذت المجلات الخليعة من صور الفتيات الفاتنات العاريات وسيلة لترويج مجلاتهم وتسويقها‏.‏ واتخذ بعض التجار وبعض المصانع من هذه الصور أيضًا وسيلة لترويج بضائعهم حيث وضعوا هذه الصور على معروضاتهم ومنتجاتهم وبسب هذه الإجراءات الخاطئة، تخلت المرأة عن وظيفتها الحقيقية في البيت مما اضطر أزواجهن إلى جلب الخادمات الأجنبيات لتربية أولادهم وتنظيم شؤون بيوتهم مما سبب كثيرًا من الفتن وجلب عظيمًا من الشرور‏.‏
    إننا لا نمانع من عمل المرأة خارج بيتها إذا كان بالضوابط الآتية‏:‏
    1 ـ أن تحتاج إلى هذا العمل أو يحتاج المجتمع إليه، بحيث لا يوجد من يقوم به من الرجال، وهو يتناسب مع خلقتها وفطرتها‏.‏
    2 ـ أن يكون ذلك بعد قيامها بعمل البيت الذي هو عملها الأساسي‏.‏
    3 ـ أن يكون هذا العمل في محيط النساء كتعليم النساء وتطبيب أو تمريض النساء ويكون منعزلاً عن الرجال‏.‏
    4 ـ كذلك لا مانع بل يجب على المرأة أن تتعلم أمور دينها ولا مانع أن تعلم غيرها من أمور دينها ما تحتاج إليه ويكون التعليم في محيط النساء؛ ولا بأس أن تحضر الدروس في المسجد ونحوه وتكون متسترة ومنعزلة عن الرجال، على ضوء ما كانت النساء في صدر الإسلام يعملن ويتعلمن ويعلمن ويحضرن إلى المساجد‏.


    ************************************************

    الفصل الثاني في بيان أحكام تختص بالتزيين الجسمي للمرأة


    1 ـ يطلب منها أن تفعل من خصال الفطرة
    ما يختص بها ويليق بها من قص الأظافر وتعاهدها لأن تقليم الأظافر سنَّة بإجماع أهل العلم لأنه من خصال الفطرة الواردة في الحديث ولما في إزالتها من النظافة والحسن‏.‏ وما في بقائها طويلة من التشويه والتشبه بالسباع وتراكم الأوساخ تحتها ومنع وصول ماء الوضوء إلى ما تحتها‏.‏ وبعض المسلمات قد ابتلين بتطويل الأظافر تقليدًا للكافرات وجهلاً بالسّنَّة‏.‏ ويسن للمرأة إزالة شعر الإبطين والعانة عملاً بالحديث الوارد في ذلك ولما فيه من التجمل‏.‏ والأحسن أن يكون ذلك كل أسبوع أو لا يترك أكثر من أربعين يومًا‏.‏


    2/ ما يطلب منها وما تمنع منه في شعر رأسها وشعر حاجبيها وحكم الخضاب وصبغ الشعر

    (‏ أ ‏)‏ يطلب من المسلمة توفير شعر رأسها
    ويحرم عليها حلقه إلا من ضرورة‏.‏ قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية رحمه الله‏:‏ وأما شعر رؤوس النساء فلا يجوز حلقه لما رواه النسائي في سننه بسنده عن علي رضي الله عنه‏.‏ ورواه البزار بسنده في مسنده عن عثمان رضي الله عنه‏.‏ ورواه ابن جرير بسنده عن عكرمة رضي الله عنه قالوا‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها‏.‏ والنهي إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يقتضي التحريم ما لم يرد له معارض‏.‏ قال ملاّ علي قاري في المرقاة شرح المشكاة‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏أن تحلق المرأة رأسها‏)‏، وذلك لأن الذوائب للنساء كاللحى للرجال في الهيئة والجمال انتهى(12).‏ وأما قص المرأة شعر رأسها فإن كان لحاجة غير الزينة كأن تعجز عن مؤنته أو يطول كثيرًا ويشق عليها فلا بأس بقصه بقدر الحاجة‏.‏ كما كان بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يفعلنه بعد وفاته لتركهن التزين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم استغنائهن عن تطويل الشعر‏.‏
    وأما إن كان قصد المرأة من قص شعرها هو التشبه بالكافرات والفاسقات أو التشبه بالرجال فهذا محرم بلا شك للنهي عن التشبه بالكفار عمومًا وعن تشبه المرأة بالرجال - وإن كان القصد منه التزين فالذي يظهر لي أنه لا يجوز‏.‏ قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان‏:‏(13)‏.‏
    ثم أجاب عن حديث‏:‏ أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة‏.‏ بأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصرن رؤوسهن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لأنهن كن يتجملن في حياته ومن أجمل زينتهن شعورهن‏.‏ أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلهن حكم خاص بهن لا تشاركهن فيه امرأة واحدة من نساء جميع أهل الأرض وهو انقطاع أملهن انقطاعًا كلّيًّا من التزويج ويأسهن منه اليأس الذي لا يمكن أن يخالطه طمع‏.‏ فهن كالمعتدات المحبوسات بسببه صلى الله عليه وسلم إلى الموت قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا‏}‏(14) ‏‏.‏
    واليأس من الرجال بالكلية قد يكون سببًا للترخيص في الإخلال بأشياء من الزينة لا تحل لغير ذلك السبب‏)‏‏.‏ انتهى(15) ‏‏.‏
    فعلى المرأة أن تحتفظ بشعر رأسها وتعتني به وتجعله ضفائر، ولا يجوز لها جمعه فوق الرأس أو من ناحية القفا‏.‏ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى(16) ‏‏:‏ كما يقصد بعض البغايا أن تضفر شعرها ضفيرًا واحدًا مسدولاً بين الكتفين‏.‏ وقال الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية‏:‏ وأما ما يفعله بعض النساء المسلمين في هذا الزمن من فرق شعر الرأس من جانب وجمعه من ناحية القفا أو جعله فوق الرأس كما تفعله نساء الإفرنج، فهذا لا يجوز لما فيه من التشبه بنساء الكفار‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏صنفان من أهل النار لم أرهما - قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس‏.‏ ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات‏.‏ رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)‏(17) ‏‏.‏
    وقد فسر بعض العلماء قولهك ‏(‏مائلات مميلات‏)‏ بأنهن يتمشطن المشطة الميلا، وهي مشطة البغايا؛ ويمشطن غيرهن تلك المشطة؛ وهذه مشطة نساء الإفرنج ومن يحذو حذوهن من نساء المسلمين(18).‏
    وكما تمنع المرأة المسلمة من حلق شعر رأسها أو قصّه من غير حاجة، فإنها تمنع من وصله والزيادة عليه بشعر آخر‏.‏ لما في الصحيحين‏:‏ ‏(‏لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة)‏‏.‏ والواصلة هي التي تصل شعرها بشعر غيرها، والمستوصلة هي التي يعمل بها ذلك، لما في ذلك من التزوير، ومن الوصل المحرم لبس الباروكة المعروفة في هذا الزمان‏.‏ روى البخاري ومسلم وغيرهما‏:‏ أن معاوية رضي الله عنه خطب لما قدم المدينة وأخرج كبة من شعر، أو قصة من شعر فقال‏:‏ ما بال نسائكم يجعلن في رؤوسهن مثل هذا‏.‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏ما من امرأة تجعل في رأسها شعرًا من شعر غيرها إلا كان زورًا)‏‏.‏ والباروكة شر صناعي يشبه شعر الرأس وفي لبسها تزوير‏.

    ‏(ب‏)‏ ويحرم على المرأة المسلمة إزالة شعر الحاجبين
    أو إزالة بعضه بأي وسيلة من الحلق أو القص أو استعمال المادة المزيلة له أو لبعضه‏.‏ لأن هذا هو النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعلته، فقد لعن صلى الله عليه وسلم النامصة والمتنمصة، والنامصة هي التي تزيل شعر حاجبيها أو بعضه للزينة في زعمها، والمتنمصة التي يفعل بها ذلك‏.‏ وهذا من تغيير خلق الله الذي تعهد الشيطان أن يأمر به بني آدم حيث قال كما حكاه الله عنه‏:‏ ‏{‏وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ‏}‏(19) ‏‏‏.‏
    في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال‏:‏ (‏لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل‏)‏‏.‏ ثم قال‏:‏ ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل‏؟‏‏!‏ يعني قوله‏:‏ ‏{‏وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا‏}‏(20).‏
    ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره(21) ‏ ‏:‏ وقد ابتلي بهذه الآفة الخطيرة التي هي كبيرة من كبائر الذنوب كثير من النساء اليوم حتى أصبح النَّمْص كأنه من الضروريات اليومية‏.‏ ولا يجوز لها أن تطيع زوجها إذا أمرها بذلك لأنه معصية‏

    (‏ج‏)‏ ويحرم على المرأة المسلمة تفليج أسنانها
    للحسن بأن تبردها بالمبرد حتى تحدث بينها فرجًا يسيرة رغبة في التحسين‏.‏ أما إذا كانت الأسنان فيها تشويه وتحتاج إلى عملية تعديل لإزالة هذا التشويه‏.‏ أو فيها تسوس واحتاجت إلى إصلاحها من أجل إزالة ذلك فلا بأس، لأن هذا من باب العلاج وإزالة التشويه ويكون على يد طبيبة مختصة‏.


    (‏د‏)‏ ويحرم على المرأة عمل الوشم في جسمها
    - لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواشمة والمستوشمة - والواشمة هي التي تغرز اليد أو الوجه بالإبر ثم تحشو ذلك المكان بالكحل أو المداد‏.‏ والمستوشمة هي التي تطلب أن يفعل بها ذلك‏.‏ وهذا عمل محرم وكبيرة من كبائر الذنوب‏.‏ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعلته أو فُعِل بها‏.‏ واللعن لا يكون إلا على كبيرة من الكبائر‏.



    (‏هـ‏)‏ حكم الخضاب للنساء وصبغ الشعر الخضاب‏:‏ قال الإمام النووي في المجموع(22) :‏ أما خضاب اليدين والرجلين بالحناء فمستحب للمتزوجة من النساء للأحاديث المشهورة فيه‏.‏ انتهى‏.‏ يشير إلى ما رواه أبو داود‏:‏ أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها عن خضاب الحناء فقالت‏:‏ لا بأس به، ولكني أكرهه، فإن حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره ريحه‏.‏ ورواه النسائي‏:‏ وعنها رضي الله عنها قالت‏:‏ أومأت امرأة من وراء ستر بيدها كتاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده وقال‏:‏ ‏(‏ما أدري أيد رجل أم يد امرأة‏)؟‏‏!‏ قالت‏:‏ بلد يد امرأة‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏لو كنت امرأة لغيرت أظفارك‏)‏ - يعني بالحناء‏.‏(23).‏
    لكن لا تصبغ أظفارها بما يتجمد عليها ويمنع الطهارة(24).‏
    2 ـ وأما صبغ المرأة شعر رأسها‏:‏ فإن كان شيبًا فإنها تصبغه بغير السواد لعموم نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصبغ بالسواد‏.‏ قال الإمام النووي في رياض الصالحين(25) ‏، باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بالسواد‏.‏ وقال في المجموع(26) ‏‏:‏ ولا فرق في المنع من الخضاب بالسواد بين الرجل والمرأة، هذا مذهبنا‏.‏ انتهى‏.‏ وأما صبغ المرأة لشعر رأسها الأسود ليتحول إلى لون آخر فالذي أرى أن هذا لا يجوز لأنه لا داعي إليه لأن السواد بالنسبة للشعر جمال وليس تشويهًا يحتاج إلى تغيير، ولأن في ذلك تشبهًا بالكافرات‏.‏
    ويباح للمرأة أن تتحلى من الذهب والفضة بما جرت به العادة وهذا بإجماع العلماء‏.‏ لكن لا يجوز لها أن تظهر حليها للرجال غير المحارم بل تستره خصوصًا عند الخروج من البيت والتعرض لنظر الرجال إليها لأن ذلك فتنة‏.‏ وقد نهيت أن يسمع الرجال صوت حليها الذي في رجليها تحت الثياب ‏[‏قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}‏(27) ‏‏، فكيف بالحلي الظاهر‏.


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
    ‏(1)النحل‏:‏ 58، 59‏ ‏‏
    (2) ‏ ‏التكوير‏:‏ 8، 9‏
    (3) ‏ ‏الحجرات‏:‏ 13‏
    (4) ‏ ‏النحل‏:‏ 97‏
    (5) ‏ ‏الأحزاب‏:‏ 73‏
    (6) ‏ ‏النساء‏:‏ 19‏
    (7) ‏ ‏النساء‏:‏ 7‏
    (8) ‏النساء‏:‏ 11‏
    (9) ‏ ‏النساء‏:‏ 19‏ ‏‏
    (10) ‏النساء‏:‏ 4‏
    (11) ‏ ‏النساء‏:‏ 27‏
    (12) مجموع فتاوى الشيخ محمد إبراهيم‏ ‏ ‏(‏2/49‏)
    (13) ‏‏إن العرف الذي صار جاريًا في كثير من البلاد بقطع المرأة شعر رأسها إلى قرب أصوله سنَّة إفرنجية مخالفة لما كان عليه نساء المسلمين ونساء العرب قبل الإسلام‏.‏ فهو من جملة الانحرافات التي عمت البلوى بها في الدين والخلق والسم
    (14) ‏ ‏الأحزاب‏:‏ 53‏
    (15) ‏أضواء البيان‏ ‏ ‏(‏5/598-601‏)‏، ولا يجوز لها أن تطيع زوجها إذا أمرها بذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
    (16) ‏‏22/145
    (17) ‏ ‏رواه مسلم‏
    (18) ‏مجموع فتاوى الشيخ‏ ‏ ‏(‏2/47‏)‏ ، وانظر ‏ ‏الإيضاح والتبيين‏ ‏للشيخ حمود التويجري ‏(‏ص85‏)
    (19) ‏النساء‏:‏ 119‏
    (20) ‏ ‏الحشر‏:‏ 7‏ ‏‏
    (21) ‏2/359 طبعة دار الأندلس
    (22) ‏1/324
    (23) ‏ ‏أخرجه أبو داود والنسائي‏ ‏‏
    (24) كالصبغة المسماة بالمناكير
    (25) ص626
    (26) 1/324
    (27) ‏النور‏:‏ 31‏



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الموقع
    ياحبذا الجنة واقترابها ~ طيبة وبارد شرابها
    الردود
    1,848
    الجنس
    امرأة
    الفصل الثالث أحكام تختص بالحيض والاستحاضة والنفاس


    1 ـ الحيض وأحكامه

    الحيض في اللغة هو السيلان‏.‏ والحيض شرعًا‏:‏ دم يخرج من قعر رحم المرأة في أوقات معلومة من غير مرض ولا إصابة‏.‏ وإنما هو شيء جبل الله عليه بنات آدم‏.‏ خلقه الله في الرحم لتغذية الولد في الرحم وقت الحمل ثم يتحول لبنًا بعد ولادته‏.‏ فإذا لم تكن المرأة حاملاً ولا مرضعًا بقي هذا الدم لا مصرف له فيخرج في أوقات معلومة‏.‏ تعرف بالعادة أو الدورة الشهرية‏.


    2-السن الذي تحيض فيه المرأة


    غالبًا - أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين على خمسين سنة - قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ‏}‏(1) ‏‏.‏
    فاللائي يئسن هن من بلغن خمسين سنة‏.‏ واللائي لم يحضن هن الصغار دون التسع‏.



    أحكام الحائض


    1- يحرم في حال الحيض وطؤها في الفرج لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏}‏(2) ‏‏‏.‏
    ويستمر هذا التحريم إلى أن ينقطع عنها خروج دم الحيض وتغتسل منه لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ‏}‏(3) ‏.‏
    ويباح لزوج الحائض أن يستمتع منها بما دون الجماع في الفرج لقوله صلى الله عليه وسلم (‏اصنعوا كل شيء إلا النكاح‏)‏ (4)‏‏‏.‏
    2 ـ تترك الحائض الصوم والصلاة في مدة حيضها ويحرم عليها فعلهما ولا يصحان منها لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم‏)‏(5) ‏‏.‏
    فإذا طهرت الحائض فإنها تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة لقول عائشة رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة‏)‏61) ‏‏.‏
    والفرق، والله أعلم، أن الصلاة تتكرر فلم يجب قضاؤها للحرج والمشقة في ذلك بخلاف الصيام‏.‏
    3 ـ يحرم على الحائض مس المصحف من غير حائل لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ‏}(7)‏ ‏‏.‏
    ولما في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم‏:‏ ‏(‏لا يمس المصحف إلا طاهر‏)‏(8)‏‏‏.‏
    وهو يشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول‏.‏ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ مذهب الأئمة الأربعة أنه لا يمس المصحف إلا طاهر‏.‏ وأما قراءة الحائض للقرآن من غير مس المصحف فهي محل خلاف بين أهل العلم والأحوط أنها لا تقرأ القرآن إلا عند الضرورة كما إذا خشيت نسيانه، والله أعلم‏.‏
    4 ـ يحرم على الحائض الطواف بالبيت لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت‏:‏ ‏(‏افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري‏)‏(9) ‏‏.‏
    5 ـ يحرم على الحائض اللبث في المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إني لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب‏)( ‏‏.(10)
    وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن المسجد لا يحل لحائض ولا جنب‏)(11).‏
    ويجوز لها المرور مع المسجد من غير لبث لحديث عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏ناوليني الخمرة من المسجد‏).‏ فقلت‏:‏ إني حائض فقال‏:‏ (‏إن حيضتك ليست بيدك‏).‏(12)
    ولا بأس أن تأتي الحائض بالأذكار الشرعية من التهليل والتكبير والتسبيح والأدعية وأن تأتي بالأوراد الشرعية المشروعة في الصباح والمساء وعند النوم والاستيقاظ‏.‏ ولا بأس أن تقرأ في كتب العلم كالتفسير والحديث والفقه‏.‏

    فائدة في حكم الصفرة والكدرة
    الصفرة شيء كالصديد يعلوه صفرة‏.‏ والكدرة شيء كلون الماء الوسخ الكدر‏.‏ فإذا خرج من المرأة كدرة أو صفرة في وقت عادتها فإنها تعتبرهما حيضًا يأخذان أحكامه السابقة، وإن خرجا من المرأة في غير وقت العادة فإنها لا تعتبرها شيئًا وتعتبر نفسها طاهرًا لقول أم عطية رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئًا‏)‏ (13)هذا له حكم الرفع عند أهل الحديث لأنه يعتبر تقريرًا من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ومفهومه أن الكدرة والصفرة قبل الطهر حيض تأخذان أحكامه‏.‏



    فائدة أخرى

    ما الذي تعرف به المرأة نهاية حيضها‏؟‏

    تعرف ذلك بانقطاع الدم وذلك بأحد العلامتين‏:‏
    العلامة الأولى‏:‏ نزول القَصة البيضاء وهي بفتح القاف‏:‏ ماء أبيض يتبع الحيض يشبه ماء الجص وقد تكون بغير لون البياض، فقد يختلف لونها باختلاف أحوال النساء‏.‏
    العلامة الثانية‏:‏ الجفوف وهو أن تدخل خرقة أو قطنة في فرجها ثم تخرجها جافة ليس عليها شيء لا من الدم ولا من الكدرة أو الصفرة‏.


    4ـ ما يلزم الحائض عند نهاية حيضها

    يلزم الحائض عند نهاية حيضها أن تغتسل‏.‏ وذلك بأن تستعمل الماء بنية الطهارة في جميع بدنها‏.‏ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي‏)‏(14)
    وصفته‏:‏ أن تنوي رفع الحديث أو الطهارة للصلاة ونحوها ثم تقول‏:‏ بسم الله ثم تفيض الماء على جميع جسمها(15)تروي أصول شعر رأسها ولا يلزمها نقضه إن كان مضفورًا وإنما ترويه بالماء‏.‏ وإن استعملت السدر أو المواد المنظفة مع الماء فحسن‏.‏ ويستحب أخذ قطنة فيها مسك أو غيره من الطيب تجعلها في فرجها بعد الاغتسال‏.‏ لأمره صلى الله عليه وسلم أسماء بذلك‏.‏(16)
    تنبيه مهم‏:‏
    إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس لزمها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم‏.‏ ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر لزمها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه الليلة، لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العذر‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى(17):‏ ولهذا كان جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد إذا طهرت الحائض في آخر النهار صلت الظهر والعصر جميعًا‏.‏ وإذا طهرت في آخر الليل صلت المغرب والعشاء جميعًا‏.‏ كما نقل ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة وابن عباس، لأن الوقت مشترك بين الصلاتين في حال العذر فإذا طهرت في آخر النهار فوقت الظهر باق فتصليها قبل العصر وإذا طهرت في آخر الليل فوقت المغرب باق في حال العذر فتصليها قبل العشاء‏.‏ انتهى‏.‏
    وأما إذا دخل عليها وقت صلاة ثم حاضت أو نفست قبل أن تصلي فالقول الراجح أنه لا يلزمها قضاء تلك الصلاة التي أدركت أول وقتها ثم حاضت أو نفست قبل أن تصليها‏.‏ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى(18)‏ في هذه المسألة‏:‏
    والأظهر في الدليل مذهب أبي حنيفة ومالك أنها لا يلزمها شيء لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد‏.‏ ولا أمر هنا يلزمها بالقضاء‏.‏ ولأنها أخرت تأخيرًا جائزًا فهي غير مفرطة‏.‏ وأما النائم أو الناسي وإن كان غير مفرط أيضًا فإن ما يفعله ليس قضاء بل ذلك وقت الصلاة في حقه حين يستيقظ ويذكر‏.‏ انتهى‏.



    5 ـ الاستحاضة وأحكامها


    الاستحاضة سيلان الدم في غير وقته على سبيل النزيف من عرق يسمى العاذل‏.‏ والمستحاضة أمرها مشكل لاشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة.‏ فإذا كان الدم ينزل منها باستمرار أو غالب الوقت فما الذي تعتبره منه حيضًا وما الذي تعتبره استحاضة لا تترك من أجله الصوم والصلاة‏.‏ فإن المستحاضة يعتبر لها أحكام الطاهرات‏.‏ وبناء على ذلك فإن المستحاضة لها ثلاث حالات‏:‏
    الحالة الأولى‏:‏ أن تكون لها عادة معروفة لديها قبل إصابتها بالاستحاضة بأن كانت قبل الاستحاضة تحيض خمسة أيام أو ثمانية أيام مثلاً في أول الشهر أو وسطه‏.‏ فتعرف عددها ووقتها‏.‏ فهذه تجلس قدر عادتها وتدع الصلاة والصيام وتعتبر لها أحكام الحيض فإذا انتهت عادتها اغتسلت وصلت واعتبرت الدم الباقي دم استحاضة لقوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة‏:‏ ‏(‏امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي‏)(19)‏
    ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش‏ :‏ ‏( ‏إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة‏)(20)
    الحالة الثانية‏:‏ إذا لم يكن لها عادة معروفة لكن دمها متميز بعضه يحمل صفة الحيض‏.‏ بأن يكون أسود أو ثخينًا أو له رائحة‏.‏ وبقيته لا تحمل صفة الحيض بأن يكون أحمر ليس له رائحة ولا ثخينًا‏.‏ ففي هذه الحالة تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض حيضًا، فتجلس وتدع الصلاة والصيام، وتعتبر ما عداه استحاضة تغتسل عند نهاية الدم الذي يحمل صفة الحيض‏.‏ وتصلي وتصوم وتعتبر طاهرًا‏.‏ لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش‏:‏ ‏(‏إذا كان دم الحيض فإنه أسودُ يُعرفُ، فأمسكي عن الصلاة‏.‏ فإذا كان الآخر فتوضأي وصلي. (21)
    ففيه أن المستحاضة تعتبر صفة الدم فتميز بها بين الحيض وغيره‏.‏
    الحالة الثالثة‏:‏ إذا لم يكن لها عادة تعرفها ولا صفة تميز بها الحيض من غيره، فإنها تجلس غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر‏.‏ لأن هذه عادة غالب النساء‏.‏ لقوله صلى الله عليه وسلم يحمنة بنت جحش‏:‏ ‏(‏إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي، فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي كما تحيض النساء‏)‏(22)
    والحاصل مما سبق‏:‏ أن المعتادة ترد إلى عادتها‏.‏ والمميزة ترد إلى العمل بالتمييز‏.‏ والفاقدة لهما تحيض ستًّا أو سبعًا‏.‏ وفي هذا جمع بين السنن الثلاث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ والعلامات التي قيل بها ست‏:‏ إما العادة فإن العادة أقوى العلامات‏.‏ لأن الأصل مقام الحيض دون غيره‏.‏ وإما التمييز لأن الدم الأسود والثخين المنتن أولى أن يكون حيضًا من الأحمر‏.‏ وإما اعتبار غالب عادة النساء لأن الأصل إلحاق الفرد بالأعم الأغلب‏.‏ فهذه العلامات الثلاث تدل عليها السنَّة والاعتبار‏.‏ ثم ذكر بقية العلامات التي قيل بها‏.‏ وقال في النهاية‏:‏ وأصوب الأقوال اعتبار العلامات التي جاءت بها السنَّة وإلغاء ما سوى ذلك‏.‏ انتهى‏.‏



    6 ـ ما يلزم المستحاضة في حالة الحكم بطهارتها


    1 ـ يجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها المعتبرة حسبما سبق بيانه‏.‏
    2 ـ تغسل فرجها لإزالة ما عليه من الخارج عند كل صلاة وتجعل في المخرج قطنًا ونحوه يمنع الخارج وتشدّ عليه ما يمسكه عن السقوط ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة لقوله صلى الله عليه وسلم في المستحاضة‏:‏ ‏(‏تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة‏)(23)
    وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أنعت لك الكرسف تحشين به المكان‏).‏ والكرسف‏:‏ القطن‏.‏ ويمكن استعمال الحفائظ الطبية الموجودة الآن‏.‏
    7 ـ


    النفاس وأحكامه

    النفاس هو الدم الذي ينزل من الرحم للولادة وبعدها‏.‏ وهو بقية الدم المحتبس وقت الحمل في الرحم فإذا ولدت خرج هذا الدم شيئًا فشيئًا‏.‏ وما تراه قبل الولادة من خروج الدم مع أمارة الولادة فهو نفاس، وقيده الفقهاء بيومين أو ثلاثة قبل الولادة‏.‏ والغالب أن بدايته تكون مع الولادة، والمعتبر ولادة ما تبيّن فيه خلق إنسان‏.‏ وأقلّ مدّة يتبيّن فيها خلق الإنسان واحد وثمانون يومًا وأغلبها ثلاثة أشهر‏.‏ فإذا سقط منها شيء قبل هذه المدة وحصل معه دم فإنها لا تلتفت إليه ولا تدع الصلاة والصيام من أجله لأنه دم فساد ونزيف فيكون حكمها حكم المستحاضة‏.‏ وأكثر مدة النفاس في الغالب أربعون يومًا ابتداء من الولادة أو قبلها بيومين أو ثلاثة كما سبق‏.‏ لحديث أم سلمة رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا(24)
    وأجمع على ذلك أهل العلم كما حكاه الترمذي وغيره‏.‏ ومتى طهرت قبل الأربعين بأن انقطع عنها خروج الدم فإنها تغتسل وتصلي فلا حد لأقله لأنه لم يرد تحديده، وإذا تمت الأربعون ولم ينقطع عنها خروج الدم فإن صادف عادة حيضها فهو حيض‏.‏ وإن لم يصادف عادة الحيض واستمر ولم ينقطع فهو استحاضة لا تترك من أجله العبادة بعد الأربعين‏.‏ وإن زاد عن الربعين ولم يستمر ولم يصادف عادة فمحل خلاف‏.‏



    8 ـ الأحكام المتعلقة بالنفاس


    أحكام النفاس كأحكام الحيض فيما يلي‏:‏
    1 ـ يحرم وطء النفساء كما يحرم وطء الحائض ويباح الاستمتاع الذي دون الوطء‏.‏
    2 ـ يحرم على النفساء أن تصوم أو تصلي أو تطوف بالبيت كالحائض‏.‏
    3 ـ يحرم على النفساء مسّ المصحف وقراءة القرآن ما لم تخش نسيانه كالحائض‏.‏
    4 ـ يجب على النفساء قضاء الصوم الواجب الذي تركته في النفاس كالحائض‏.‏
    5 ـ يجب على النفساء أن تغتسل عند نهاية النفاس كما يجب ذلك على الحائض والأدلة على ذلك‏.‏
    1 ـ عن أم سلمة رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا‏)‏(25)
    قال المجد ابن تيمية رحمه الله في المنتقى(26) قلت‏:‏ ومعنى الحديث كانت تؤمر أن تجلس إلى الأربعين‏.‏ لئلا يكون الخبر كذبًا، إذ لا يمكن أن تتفق عادة نساء عصر في نفاس أو حيض‏.‏ انتهى‏.‏
    2 ـ عن أم سلمة رضي الله عنها قالت‏:‏ كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس‏.‏(27).‏
    فائدة‏:‏ إذا انقطع الدم عن النفساء قبل الأربعين واغتسلت وصلَّت وصامت ثم عاد عليها الدم قبل الأربعين، فالصحيح أنه يعتبر نفاسًا تجلسه وما صامته في وقت الطهر المتخلل فهو صحيح لا تقضيه‏.‏ انظر مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم(28) وفتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز الذي طبعته مجلة الدعوة(29)وحاشية ابن قاسم على شرح الزاد(30)والدماء الطبيعية للنساء(31)والفتاوى السعدية(32)
    فائدة أخرى‏:‏ قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله‏:‏ فظهر مما تقدم أن دم النفاس سببه الولادة وأن دم الاستحاضة دم عارض لمرض ونحوه‏.‏ وأن دم الحيض هو الدم الأصلي، والله أعلم‏.‏(33‏)
    فائدة‏:‏ تناول الحبوب‏:‏ لا بأس أن تتناول المرأة ما يمنع عنها نزول الحيض إذا كان ذلك لا يضر بصحتها فإذا تناولته وامتنع الحيض عنها فإنها تصوم وتصلي وتطوف ويصح ذلك منها، كغيرها من الطاهرات‏.



    9 ـ حكم الإجهاض

    أيتها المسلمة إنك مؤتمنة شرعًا على ما خلق الله في رحمك من الحمل فلا تكتميه قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ‏}‏(34)
    ولا تحتالي على إسقاطه والتخلص منه بأي وسيلة، فإن الله سبحانه رخص لك بالإفطار في رمضان إذا كان الصوم يشق عليك في حالة الحمل أو كان الصوم يضر بحملك‏.‏ وإن ما شاع في هذا العصر من عمليات الإجهاض عمل محرّم‏.‏ وإذا كان الحمل قد نفخت فيه الروح ومات بسبب الإجهاض، فإن ذلك يعتبر قتلاً للنفس التي حرم الله قتلها بغير حق ورتب على ذلك أحكام المسؤولية الجنائية من حيث وجوب الدية على تفصيل في مقدارها‏.‏ ومن حيث وجوب الكفارة عند بعض الأئمة وهي عتق رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين‏.‏ وقد سمى بعض العلماء هذا العمل بالموءودة الصغرى‏.‏ قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في مجموع فتاويه(35) مالسعي إلا لإسقاط الحمل فلا يجوز ذلك ما لم يتحقق موته فإن تحقق ذلك جاز‏.‏ انتهى‏.‏
    وفي قرار مجلس هيئة كبار العلماء رقم 140 وتاريخ 20/6/1407هـ ما يلي‏:‏
    1 ـ لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جدًّا‏.‏
    2 ـ إذا كان الحمل في الطور الأول وهي مدة الأربعين وكان في إسقاطه مصلحة شرعية، أو دفع ضرر جاز إسقاطه‏.‏ أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو خوفًا من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز‏.‏
    3 ـ لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أمه بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره جاز إسقاطه بعد استنفاد كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار‏.‏
    4 ـ بعد الطور الثالث وبعد إكمال أربعة أشهر للحمل لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها وذلك بعد استنفاد كافة الوسائل لإنقاذ حياته‏.‏ وإنما رُخص في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعًا لأعظم الضررين وجلبًا لعظمى المصلحتين‏.‏
    والمجلس إذ يقرر ما سبق يوصي بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر‏.‏ والله الموفق وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم‏.‏ انتهى‏.‏
    وجاء في رسالة الدماء الطبيعية للنساء لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين‏:‏ أنه إذا قصد من إسقاطه إتلافه فهذا إن كان بعد نفخ الروح فيه فهو حرام بلا ريب لأنه قتل نفس بغير حق‏.‏ وقتل النفس المحرمة حرام بالكتاب والسنَّة والإجماع‏.‏(36)
    وقال الإمام ابن الجوزي في كتاب أحكام النساء(37)‏ لما كان موضوع النكاح لطلب الولد‏.‏ وليس من كل الماء يكون الولد فإذا تكوَّن فقد حصل المقصود‏.‏ فتعمد إسقاطه مخالفة لمراد الحكمة‏.‏ إلا أنه إن كان ذلك في أول الحمل فقبل نفخ الروح فيه إثم كبير لأنه مترق إلى الكمال وسارٍ إلى التمام إلا أنه أقل إثمًا من الذي نفخ فيه الروح‏.‏ فإذا تعمدت إسقاط ما فيه الروح كان كقتل مؤمن‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ‏}‏(38)انتهى.
    فاتقي الله أيتها المسلمة ولا تقدمي على هذه الجريمة لأي غرض من الأغراض ولا تنخدعي بالدعايات المضللة والتقاليد الباطلة التي لا تستند إلى عقل أو دين‏.


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) ‏ ‏الطلاق‏:‏ 4‏
    (2) ‏البقرة‏:‏ 222‏
    (3) ‏ ‏البقرة‏:‏ 222‏ ‏
    (4) ‏رواه مسلم‏
    (5) ‏ ‏متفق عليه‏
    (6) ‏ ‏متفق عليه‏
    (7) ‏ ‏الواقعة‏:‏ 79‏
    (8) ‏رواه النسائي وغيره‏
    (9) ‏ ‏متفق عليه‏
    (10) ‏ ‏رواه أبو داود‏
    (11) ‏رواه ابن ماجه‏
    (12) قال في المنتقى‏:‏ رواه الجماعة إلا البخاري ‏(‏1/140‏)‏‏
    (13) ‏رواه أبو داود‏.‏ ورواه البخاري دون لفظ‏:‏ ‏(‏بعد الطهر‏)
    (14) ‏رواه البخاري‏
    (15) بعدما تستنجي وتنظف فرجها وتتوضأ
    (16) رواه مسلم
    (17) ‏22/434
    (18) ‏23/335
    (19) ‏ ‏رواه مسلم‏
    (20) متفق عليه
    (21) ‏ ‏رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم‏ ‏
    (22) ‏ ‏رواه الخمسة، وصححه الترمذي‏
    (23) ‏ ‏رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال‏:‏ حديث حسن‏
    (24) ‏ ‏رواه الترمذي وغيره‏
    (25) ‏ ‏رواه الخمسة إلا النسائي‏
    (26) ‏1/184
    (27) ‏رواه أبو داود‏
    (28) ‏‏2/102‏ ، لكنه قال‏:‏ وتقضي الصوم دون الصلاة‏.‏ وهي كلمة مجملة لم يبيّن الصوم الذي تقضيه‏.‏ هل هو ما صامته أيام الطهر المتخلل أو ما تركته بعد عود الدم عليها ولعل هذا هو المقصود
    (29) ‏1/44
    (30) ‏1/405
    (31) للشيخ محمد بن صالح العثيمين ، ص55، 56
    (32) ص137
    (33) انظر كتاب إرشاد أولي البصائر والألباب ‏(‏ص24‏)
    (34) ‏ ‏البقرة‏:‏ 228‏
    (35) ‏‏11/151
    (36) انظر ‏(‏ص60‏)‏ من الرسالة المذكورة
    (37) ص108، 109
    (38) ‏ ‏التكوير‏:‏ 8، 9‏

    ‏ ‏



    :



    غيابي بسبب انشغالي بالدراسة
    لازلت أحبكمــ

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الموقع
    ياحبذا الجنة واقترابها ~ طيبة وبارد شرابها
    الردود
    1,848
    الجنس
    امرأة
    الفصل الرابع أحكام تختص باللباس والحجاب

    (‏أ‏)‏ صفة اللباس الشرعي للمسلمة

    1 ـ يجب أن يكون لباس المرأة المسلمة ضافيًا يستر جميع جسمها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها‏.‏ ولا تكشف لمحارمها إلا ما جرت العادة بكشفه من وجهها وكفيها وقدميها‏.‏
    2 ـ أن يكون ساترًا لما وراءه فلا يكون شفافًا يرى من ورائه لون بشرتها‏.‏
    3 ـ أن لا يكون ضيقًا يبيّن حجم أعضائها‏.‏ ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏صنفان من أهل النار لم أرهما‏:‏ نساءٌ كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن مثل أسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها عباد الله)‏‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى(1) ‏‏:‏ وقد فسر قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كاسيات عاريات‏)‏ بأن تكتسي ما لا يسترها‏.‏ فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية‏.‏ مثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك‏.‏ وإنما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه كثيفًا وسعًا‏.‏ انتهى‏.‏
    4 ـ أن لا تتشبه بالرجال في لباسها‏.‏ فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات بالرجال‏.‏ ولعن المترجلات من النساء‏.‏ وتشبهها بالرجل في لباسه أن تلبس ما يختص به نوعًا وصفة في عرف كل مجتمع بحسبه‏.‏ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى(2):‏ فالفارق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء‏.‏ وهو ما يناسب ما يؤمر به الرجال وما تؤمر به النساء‏.‏ فالنساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور‏.‏ ولهذا لم يشرع للمرأة رفع الصوت في الأذان ولا التلبية ولا الصعود إلى الصفا والمروة ولا التجرد في الإحرام كما يتجرد الرجل‏.‏ فإن الرجل مأمور بكشف رأسه وأن لا يلبس الثياب المعتادة وهي التي تصنع على قدر أعضائه فلا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس ولا الخف‏.‏ إلى أن قال‏:‏ وأما المرأة فإنها لم تنه عن شيء من اللباس لأنها مأمورة بالاستتار والاحتجاب فلا يشرع لها ضد ذلك لكن منعت أن تنتقب وأن تلبس القفازين لأن ذلك لباس مصنوع على قدر العضو ولا حاجة بها إليه‏.‏ ثم ذكر أنها تغطي وجهها بغيرهما عن الرجال‏.‏ إلى أن قال في النهاية‏:‏ وإذا تبيّن أنه لا بد من أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يتميز به الرجال عن النساء وأن يكون لباس النساء فيه من الاستتار والاحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر (3)‏ أصل هذا الباب وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة‏.‏ إلى أن قال‏:‏ فإذا اجتمع في اللباس قلة الستر والمشابهة نهي عنه من الوجهين، والله أعلم‏.‏ انتهى‏.‏
    5 ـ أن لا يكون فيه زينة تلفت الأنظار عند خروجها من المنزل لئلا تكون من المتبرجات بالزينة‏.‏



    (‏ب‏)‏ الحجاب

    الحجاب معناه أن تستر المرأة جميع بدنها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ‏}‏(4).‏
    وقال تعال‏:‏ ‏{‏وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ‏}‏(5) ‏‏.‏
    المراد بالحجاب ما يستر المرأة من جدار أو باب أو لباس‏.‏ ولفظ الآية وإن كان واردًا في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإن حكمه عام لجميع المؤمنات‏.‏ لأنه علل ذلك بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ‏}‏(6) ‏‏.‏
    وهذه علة عامة‏.‏ فعموم علته دليل على عموم حكمه‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ‏}‏(7) ‏‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى(8) ‏‏:‏ والجلباب هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء وتسميه العامة الإزار‏.‏ وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها‏.‏ وقد حكى أبو عبيدة وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها ومن جنسه النقاب‏.‏ انتهى‏.‏


    ومن أدلة السنَّة النبوية على وجوب تغطية المرأة وجهها من غر محارمها حديث عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ ‏(‏كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حازوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه‏)‏(9) ‏‏.‏
    وأدلة وجوب ستر وجه المرأة عن غير محارمها من الكتاب والسنَّة كثيرة؛ وإني أحيلك أيتها الأخت المسلمة في ذلك على رسالة الحجاب واللباس في الصلاة لشيخ الإسلام ابن تيمية، ورسالة الحجاب للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ورسالة الصارم المشهور على المفتونين بالسفور للشيخ حمود بن عبد الله التويجري، ورسالة الحجاب للشيخ محمد بن صالح العثيمين‏.‏ فقد تضمنت هذه الرسائل ما يكفي‏.‏
    واعلمي أيها الأخت المسلمة أن الذين أباحوا لك كشف الوجه من العلماء مع كون قولهم مرجوحًا قيدوه بالأمن من الفتنة‏.‏ والفتنة غير مأمونة خصوصًا في هذا الزمان الذي قلّ فيه الوازع الديني في الرجال والنساء؛ وقلّ الحياء وكثر فيه دعاة الفتنة وتفننت النساء بوضع أنواع الزينة على وجوههن مما يدعو إلى الفتنة‏.‏ فاحذري من ذلك أيتها الأخت المسلمة، والزمي الحجاب الواقي من الفتنة بإذن الله‏.‏ ولا أحد من علماء المسلمين المعتبرين قديمًا وحديثًا يبيح لهؤلاء المفتونات ما وقعن فيه اليوم‏.‏ ومن النساء المسلمات من يستعملن النفاق في الحجاب، فإذا كن في مجتمع يلتزم الحجاب احتجبن وإذا كن في مجتمع لا يلتزم بالحجاب لم يحتجبن‏.‏ ومنهن من تحتجب إذا كانت في مكان عام وإذا دخلت محلاً تجاريًّا أو مستشفى أو كانت تكلم أحد صاغة الحلي أو أحد خياطي الملابس النسائية كشف وجهها وذراعيها كأنها عند زوجها أو أحد محارمها‏.‏ فاتقين الله يا من تفعلن ذلك‏.‏ ولقد شاهدنا بعض النساء القادمات في الطائرات من الخارج لا يتحجبن إلا عند هبوط الطائرة في أحد مطارات هذه البلاد‏.‏ وكأن الحجاب صار من العادات لا من المشروعات الدينية‏.‏



    أيتها المسلمة‏:‏ إن الحجاب يصونك ويحفظك من النظرات المسمومة الصادرة من مرضى القلوب وكلاب البشر‏.‏ ويقطع عنك الأطماع المسعورة فالزميه‏.‏ وتمسكي به ولا تلتفتي للدعايات المغرضة التي تحارب الحجاب أو تقلل من شأنه، فإنها تريد لك الشر كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا‏}‏(10) ‏‏‏.


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

    ) 1) ‏22/146
    (2) ‏22/148،149-155
    (3) جواب إذ السابقة
    (4) ‏ ‏النور‏:‏ 31‏ ‏‏
    (5) ‏ ‏الأحزاب‏:‏ 53‏
    (6) ‏الأحزاب‏:‏ 53‏
    (7) ‏الأحزاب‏:‏ 59‏
    (8) ‏22/110، 111
    (9) ‏ ‏رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه‏
    (10) ‏النساء‏:‏ 27‏



    :



    غيابي بسبب انشغالي بالدراسة
    لازلت أحبكمــ

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الموقع
    ياحبذا الجنة واقترابها ~ طيبة وبارد شرابها
    الردود
    1,848
    الجنس
    امرأة
    الفصل الخامس في بيان أحكام تختص بالمرأة في صلاتها

    حافظي أيتها المسلمة على صلاتك بأدائها في أوقاتها مستوفية لشروطها وأركانها وواجباتها‏.‏ يقول الله تعالى لأمهات المؤمنين‏:‏ ‏{‏وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ‏}‏(1) ‏‏.‏
    وهذا أمر للمسلمات عمومًا‏.‏ فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام وهي عمود الإسلام وتركها كفر يخرج من الملة‏.‏ فلا دين ولا إسلام لمن لا صلاة له من الرجال والنساء‏.‏ وتأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر شرعي إضاعة لها‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا، إِلا مَن تَابَ‏.‏‏.‏‏.‏‏}(2)‏ ‏‏‏.‏
    وقد ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره عن جمع من أئمة المفسرين أن معنى إضاعة الصلاة إضاعة مواقيتها بأن تصلى بعدما يخرج وقتها؛ وفُسِّر الغي الذي يلقونه بأنه الخسار وفُسِّر بأنه واد في جهنم‏.


    وللمرأة أحكام في الصلاة تختص بها عن الرجال وإيضاحها كما يلي‏:

    1ـ ليس على المرأة أذان ولا إقامة‏.‏ لأن الأذان شُرِعَ له رفع الصوت والمرأة لا يجوز لها رفع صوتها ولا يصحَّان منها‏.‏ قال في المغني(3):‏ لا نعلم فيه خلافًا‏.‏
    2 ـ كل المرأة عورة في الصلاة إلا وجهها وفي كفيها وقدميها خلاف‏.‏ وذلك كله حيث لا يراها رجل غير محرم لها فإن كان يراها رجل غير محرم لها وجب عليها سترها كما يجب عليها سترها خارج الصلاة عن الرجال‏.‏ فلا بد في صلاتها من تغطية رأسها ورقبتها ومن تغطية بقية بدنها حتى ظهور قدميها‏.‏ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا يقبل الله صلاة حائض - يعني من بلغت الحيض - إلا بخمار‏)‏(4) ‏‏.‏
    والخمار ما يغطي الرأس والعنق‏.‏ وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها‏)‏(5) ‏‏‏.‏
    دلّ الحديثان على أنه لا بد في صلاتها من تغطية رأسها ورقبتها كما أفاده حديث عائشة ومن تغطية بقية بدنها حتى ظهور قدميها كما أفاده حيث أم سلمة‏.‏ ويباح كشف وجهها حيث لا يراها أجنبي لإجماع أهل العلم على ذلك‏.‏ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى(6) ‏‏:‏ فإن المرأة لو صلت وحدها كانت مأمورة بالاختمار وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها‏.‏ فأخذ الزينة في الصلاة حقٌّ لله فليس لأحد أن يطوف بالبيت عريانًا ولو كان وحده بالليل ولا يصلي عريانًا ولو كان وحده‏.‏ إلى أن قال‏:‏ فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر لا طردًا ولا عكسًا‏.‏ انتهى‏.‏
    قال في المغني(7) ‏‏:‏ وأما سائر بدن المرأة الحرة فيجب ستره في الصلاة وإن انكشف منه شيء لم تصح صلاتها إلا أن يكون يسيرًا‏.‏ وبهذا قال مالك والأوزاعي والشافعي‏.‏
    3 ـ ذكر في المغني (8) ‏‏:‏ أن المرأة تجمع نفسها في الركوع والسجود بدلاً من التجافي وتجلس متربعة أو تسدل رجليها وتجعلهما في جانب يمينها بدلاً من التورك والافتراش لأنه أستر لها‏.‏ وقال النووي في المجموع(9):‏ قال الشافعي رحمه الله في المختصر‏:‏ ولا فرق بين الرجال والنساء في عمل الصلاة إلا أن المرأة يستحب لها أن تضم بعضها على بعض وأن تلصق بطنها بفخذيه في السجود كأستر ما تكون وأُحِبَّ ذلك لها في الركوع وفي جميع الصلاة‏.‏ انتهى‏.‏
    4 ـ صلاة النساء جماعة بإمامة إحداهن فيها خلاف بين العلماء بين مانع ومجيز والأكثر على أنه لا مانع من ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها (10)‏‏.‏
    وبعضهم يرى استحباب ذلك لهذا الحديث‏.‏ وبعضهم يرى انه غير مستحب، وبعضهم يرى أنه مكروه، وبعضهم يرى جوازه في النفل دون الفرض‏.‏ ولعل الراجح استحبابه‏.‏ ولمزيد الفائدة في هذه المسألة يراجع المغني(11) والمجموع للنووي(12) ‏‏.‏ وتجهر المرأة بالقراءة إذا لم يسمعها رجال غير محارم‏.‏
    5 ـ يباح للنساء الخروج من البيوت للصلاة مع الرجال في المساجد وصلاتهن في بيوتهن خير لهن‏.‏ فقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏لا تمنعوا إماء الله مساجد الله‏)، وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد وبيوتهن خير لهن)‏(13) ‏‏.‏
    فبقاؤهن في البيوت وصلاتهن فيها أفضل لهن من أجل التستر‏.


    وإذا خرجت إلى المسجد للصلاة فلا بد من مراعاة الآداب التالية‏:‏
    1 ـ تكون مستترة بالثياب والحجاب الكامل‏.‏ قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏كان النساء يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يُعرفن من الغلس‏)‏(14)‏‏.‏
    2 ـ أن تخرج غير متطيبة لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تَفِلات‏)(15) ‏‏.‏
    ومعنى ‏(‏تفلات‏)‏ أي غير متطيبات‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أيُّما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة‏) (16)‏
    وروى مسلم من حديث زينب امرأة ابن مسعود‏:‏ ‏(‏إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا‏)‏‏.‏
    قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار(17)‏‏:‏ فيه دليل على أن خروج النساء إلى المساجد إنما يجوز إذا لم يصحب ذلك ما فيه فتنة وما هو من تحريك الفتنة نحو البخور‏.‏ وقال‏:‏ وقد حصل من الأحاديث أن الإذن للنساء من الرجال إلى المساجد إذا لم يكن في خروجهن ما يدعو على الفتنة من طيب أو حلي أو أي زينة‏.‏ انتهى‏.‏
    3 ـ أن لا تخرج متزينة بالثياب والحلي‏.‏ قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى من النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها‏)‏(18).‏
    قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار(19)‏:‏ على قول عائشة‏:‏ ‏(‏لو رأى ما رأينا‏)‏ يعني من حسن الملابس والطيب والزينة والتبرج‏.‏ وإنما كان النساء يخرجن في المُرُط والأكسية والشملات الغلاظ‏.‏ وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتاب أحكام النساء(20):‏ ينبغي للمرأة أن تحذر من الخروج مهما أمكنها إن سلمت في نفسها لم يسلم الناس منها‏.‏ فإذا اضطرت إلى الخروج خرجت بإذن زوجها في هيئة رثة وجعلت طريقها في المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق، واحترزت من سماع صوتها ومشت في جانب الطريق لا في وسطه‏.‏ انتهى‏.‏
    4 ـ إن كانت المرأة واحدة صفت وحدها خلف الرجال لحديث أنس رضي الله عنه حين صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏قمت أنا واليتيم وراءه وقامت العجوز من ورائنا‏)‏(21)‏‏.‏
    وعنه‏:‏ ‏(‏صليت أنا واليتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي خلفنا - أم سليم -‏)‏(22)‏‏.‏
    وإن كان الحضور من النساء أكثر من واحدة فإنهن يقمن صفًّا أو صفوفًا خلف الرجال لأنه صلى الله عليه وسلم كان يجعل الرجال قدَّام الغلمان والغلمان خلفهم والنساء خلف الغلمان(23).‏
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏خير صفوف الرجال أولها وشرّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها‏)(24)‏‏.‏
    ففي الحديثين دليل على أن النساء يكنّ صفوفًا خلف الرجال ولا يصلين متفرقات إذا صلين خلف الرجال سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة تراويح‏.‏
    5 ـ إذا سها الإمام في الصلاة فإن المرأة تنبهه بالتصفيق ببطن كفها على الأخرى لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا نابكم شيء في صلاتكم فلتسبح الرجال ولتصفق النساء‏).‏
    وهذا إذن إباحة لهن في التصفيق في الصلاة عند نائبة تنوب ومنها سهو الإمام‏.‏ وذلك لأن صوت المرأة فيه فتنة للرجال فأُمرت بالتصفيق ولا تتكلم‏.‏
    6 ـ إذا سلم الإمام بادرت النساء بالخروج من المسجد وبقي الرجال جالسين لئلا يدركوا من انصرف منهن لما روت أم سلمة قالت‏:‏ ‏(‏إن النساء كن إذا سلمن من المكتوبة قمن، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله‏.‏ فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال‏)‏‏.‏
    قال الزهري‏:‏ فنرى ذلك والله أعلم أن ذلك لكي ينفذ من ينصرف من النساء‏.‏ ‏(25)‏
    قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار(26) ‏:‏ الحديث فيه أنه يستحب للإمام مراعاة أحوال المأمومين والاحتياط في اجتناب ما قد يفضي إلى المحظور واجتناب مواقع التُّهمِ وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلاً عن البيوت‏.‏ انتهى‏.



    قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع(27) ‏‏:


    ويخالف النساء الرجال في صلاة الجماعة في أشياء‏:

    أحدها‏:‏ لا تتأكد في حقهن كتأكدها في الرجال‏.‏
    الثاني‏:‏ تقف إمامَتهُنَّ وسطهن‏.‏
    الثالث‏:‏ تقف واحدتهن خلف الرجل لا بجنبه بخلاف الرجل‏.‏
    الرابع‏:‏ إذا صلين صفوفًا مع الرجال فآخر صفوفهن أفضل من أولها‏.‏
    انتهى‏.‏
    ومما سبق يُعلم تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء‏.


    7-خروج النساء إلى صلاة العيد‏.‏ عن أم عطية رضي الله عنها قالت‏:‏ ‏(‏أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيّض وذوات الخدور‏.‏ فأما الحيّض فيعتزلن الصلاة‏.‏
    وفي لفظ‏:‏ المصلى‏.‏ ويشهدن الخير ودعوة المسلمين‏)‏ (28)‏‏.‏
    قال الشوكاني‏:‏ والحديث وما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرق بين البكر والثيِّب والشابة والعجوز والحائض وغيرهما ما لم تكن معتدة أو كان خروجها فتنة أو كان لها عذر‏.‏ انتهى‏.‏ انظر(29).‏
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع(30) ‏فقد أخبر المؤمنات أن صلاتهن في البيوت أفضل لهن من شهود الجمعة والجماعة إلا العيد فإنه أمرهن بالخروج فيه - ولعله والله أعلم - لأسباب‏:‏
    أحدها‏:‏ أنه في السنة مرتين فقُبِل بخلاف الجمعة والجماعة‏.‏
    الثاني‏:‏ أنه ليس له بدل خلاف الجمعة والجماعة فإن صلاتها في بيتها الظهر هو جمعتها‏.‏
    الثالث‏:‏ أنه خروج إلى الصحراء لذكر الله فهو شبيه بالحج من بعض الوجوه ولهذا كان العيد الأكبر في موسم الحج موافقة للحجيج‏.‏ انتهى‏.‏
    وقيد الشافعية خروج النساء لصلاة العيد بغير ذوات الهيئات‏.‏ قال الإمام النووي في المجموع(31) ‏‏:‏ قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله يستحب للنساء غير ذوات الهيئات حضور صلاة العيد‏.‏ وأما ذوات الهيئات فيكره حضورهن‏.‏ إلى أن قال‏:‏ وإذا خرجن استُحب خروجهن في ثياب بذلة ولا يلبسنَ ما يشهرهن ويُستحب أن يتنظفن بالماء‏.‏ ويُكره لهن الطيب‏.‏ هذا كله حكم العجائز اللواتي لا يُشتَهين ونحوهن‏.‏ وأما الشابة وذات الجمال ومن تُشتهى فيُكرهُ لهن الحضور لما في ذلك من خوف الفتنة عليهن وبهن‏.‏ فإن قيل‏:‏ هذا مخالف حديث أم عطية المذكور‏.‏ قلنا‏:‏ ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ ‏(‏لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل‏)‏ ولأن الفتن وأسباب الشر في هذه الأعصار كثيرة بخلاف العصر الأول والله اعلم‏.‏ انتهى‏.‏
    قلت‏:‏ وفي عصرنا أشد وقال الإمام ابن الجوزي في كتاب أحكام النساء(32) ‏‏:‏ قلت قد بينا أن خروج النساء مباح‏.‏ لكن إذا خيفت الفتنة بهن أو منهن، فالامتناع من الخروج أفضل لأن نساء الصدر الأول كنَّ على غير ما نشأ نساء هذا الزمان عليه وكذلك الرجال‏.‏ انتهى‏.‏ يعني كانوا على ورع عظيم‏.‏ ومن هذه النقولات تعلمين أيتها الأخت المسلمة أن خروجك لصلاة العيد مسموح به شرعًا بشرط الالتزام والاحتشام وقصد التقرب إلى الله ومشاركة المسلمين في دعواتهم وإظهار شعار الإسلام‏.‏ ليس المراد منه عرض الزينة والتعرض للفتنة فتنبهي لذلك‏.



    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــ
    (1) ‏ ‏الأحزاب‏:‏ 33‏
    (2) ‏مريم‏:‏ 59، 60‏
    (3) ‏2/68
    (4) ‏ ‏رواه الخمسة‏
    (5) ‏أخرجه أبو داود وصحح الأئمة وقفه‏
    (6) ‏22/113، 114
    (7) ‏2/328
    (8) ‏2/258
    (9) ‏‏3/455
    (10) ‏ ‏رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة‏
    (11) ‏‏2/202
    (12) ‏‏4/84، 85
    (13) ‏ ‏رواه أحمد وأبو داود‏
    (14)‏ ‏متفق عليه‏
    (15) ‏ ‏رواه أحمد وأبو داود‏
    (16) ‏ ‏رواه مسلم وأبو داود والنسائي‏
    (17) ‏3/140، 141
    (18) ‏ ‏متفق عليه‏
    (19) نفس المرجع السابق
    (20) ص39 ص39
    (21) ‏ ‏رواه الجماعة إلا ابن ماجه‏
    (22) ‏ ‏رواه البخاري‏
    (23) ‏ ‏رواه أحمد‏ ‏‏
    (24) ‏ ‏رواه الجماعة إلا البخاري‏
    (25) ‏رواه البخاري‏ ‏‏.‏ انظر الشرح الكبير على المقنع ‏1/442.
    (26) ‏2/326
    (27) ‏3/455
    (28) ‏ ‏رواه الجماعة‏
    (29) ‏‏3/306
    (30) ‏‏6/458، 459
    (31) ‏‏5/13
    (32) ص38[/color]



    :



    غيابي بسبب انشغالي بالدراسة
    لازلت أحبكمــ

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الموقع
    ياحبذا الجنة واقترابها ~ طيبة وبارد شرابها
    الردود
    1,848
    الجنس
    امرأة
    الفصل السادس أحكام تختص بالمرأة في باب أحكام الجنائز


    كتب الله الموت على كل نفس، واختص هو سبحانه وتعالى بالبقاء قال تعالى‏:‏ ‏{‏كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ‏}‏(1) ‏‏.‏
    واختص جنائز بني آدم بأحكام يجب على الأحياء تنفيذها‏.‏ ونحن نذكر في هذا الفصل ما يختص بالنساء منها‏:



    1ـ يجب أن يتولى تغسيل المرأة الميتة النساء
    ولا يجوز للرجال أن يغسلوها إلا الزوج فإن له أن يغسل زوجته‏.‏ ويتولى تغسيل الرجل الميت الرجال ولا يجوز للنساء تغسيله إلا الزوجة فإن لها أن تغسل زوجها‏.‏ لأن عليًّا رضي الله عنه غسل زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها‏.‏ وأسماء بنت عميس رضي الله عنها غسلت زوجها أبا بكر الصديق رضي الله عنه‏.‏
    2 ـ يستحب تكفين المرأة في خمسة أثواب بيض
    إزار تؤزر به‏.‏ وخمار على رأسها‏.‏ وقميص تُلبَسُه‏.‏ ولفافتين تلف بهما فوق ذلك‏.‏ لما روت ليلى الثقفية قالت‏:‏ ‏(‏كنت فيمن غسَّل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها وكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحِقَى ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر‏)‏ (2)‏‏.‏
    والحِقَى‏:‏ هو الإزار‏.‏ قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار‏:‏ والحديث يدل على أن المشروع في كفن المرأة أن يكون إزارًا ودرعًا وخمارًا وملحفة ودَرْجًا‏.‏ انتهى نيل الأوطار(3)‏‏.‏
    3 ـ ما يصنع بشعر رأس المرأة الميتة
    يجعل ثلاثة ضفائر وتلقى خلفها لحديث أم عطية في صفة غسل بنت النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناه خلفها‏)‏ ‏(4)‏‏.‏
    4 ـ حكم اتباع النساء للجنائز
    عن أم عطية رضي الله عنها قالت‏:‏ ‏(‏نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا‏)‏ ‏(5).‏
    النهي ظاهره التحريم‏.‏ وقولها‏:‏ ‏(‏ولم يعزم علينا‏)‏ قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى(6) ‏‏:‏ قد يكون مرادها لم يؤكد النهي وهذا لا ينفي التحريم‏.‏ وقد تكون هي ظنت أنه ليس بنهي تحريم‏.‏ والحجة في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا في ظن غيره‏.‏
    5 ـ تحريم زيارة القبور على النساء
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور‏.‏(7).‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ ومعلوم أن المرأة إذا فتح لها هذا الباب أخرجها إلى الجزع والندب والنياحة لما فيها من الضعف وكثرة الجزع وقلة الصبر‏.‏ وأيضًا فإن ذلك سبب لتأذي الميت ببكائها ولافتتان الرجال بصوتها وصورتها كما جاء في حديث آخر‏:‏ ‏(‏فإنكن تفتن الحي وتؤذين الميت‏)‏ وإذا كانت زيارة النساء للقبور مظنة وسببًا للأمور المحرمة في حقهن وحق الرجال‏.‏ والحكمة هنا غير مضبوطة‏.‏ فإنه لا يمكن أن يحد المقدار الذي لا يفضي إلى ذلك ولا التمييز بين نوع ونوع‏.‏ ومن أصول الشريعة أن الحكمة إذا كانت خفية أو غير منتشرة عُلِّقَ الحكم بمظنتها‏.‏ فيحرم هذا الباب سدًّا للذريعة‏.‏ كما حرّم النظر إلى الزينة الباطنة لما في ذلك من الفتنة‏.‏ وكما حرم الخلوة بالأجنبية وغير ذلك من النظر‏.‏ ولي في ذلك - أي زيارتها للقبور - من المصلحة إلا دعاؤها للميت وذلك ممكن في بيتها‏.‏ انتهى من مجموعة الفتاوى(8).‏
    6 ـ تحريم النياحة
    وهي‏:‏ رفع الصوت بالندب وشق الثوب ولطم الخد ونتف الشعر وتسويد الوجه وخمشه جزعًا على الميت والدعاء بالويل وغير ذلك مما يدل على الجزع من قضاء الله وقدره وعدم الصبر، وذلك حرام وكبيرة لما في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ (‏ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية‏) وفيهما أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة‏.‏
    والصالقة‏:‏ هي التي ترفع صوتها عن المصيبة‏.‏ والحالقة‏:‏ التي تحلق شعرها عند المصيبة‏.‏ والشاقة‏:‏ التي تشق ثيابها عند المصيبة‏.‏
    وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة‏.‏ أي التي تقصد سماع النياحة وتعجبها‏.‏ فيجب عليك أيتها الأخت المسلمة تجنب هذا العمل المحرم عند المصيبة وعليك بالصبر والاحتساب حتى تكون المصيبة في حقك تكفيرًا لسيئاتك وزيادةً في حسناتك‏.‏
    قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ‏}‏ ‏(9).‏
    نعم يجوز البكاء الذي ليس معه نياحة ولا أفعال محرمة ولا تسخط من قضاء الله وقدره‏.‏ لأن البكاء فيه رحمة للميت ورقة للقلب وأيضًا هو مما لا يُستطاع ردّه‏.‏ فكان مباحًا وقد يكون مستحبًّا‏.‏ والله المستعان‏.


    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــ

    (1) ‏ ‏الرحمن‏:‏ 26، 27‏
    (2) ‏ ‏رواه أحمد وأبو داود‏
    (3) ‏4/42
    (4) ‏متفق عليه‏
    (5) ‏متفق عليه‏
    (6) ‏24/355
    (7) ‏ ‏رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه‏ ‏‏
    (8) ‏24/355، 356
    (9) ‏البقرة‏:‏ 155-157‏ ‏‏


    :



    غيابي بسبب انشغالي بالدراسة
    لازلت أحبكمــ

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الموقع
    ياحبذا الجنة واقترابها ~ طيبة وبارد شرابها
    الردود
    1,848
    الجنس
    امرأة
    الفصل السابع أحكام تختص بالمرأة في باب الصيام

    صوم شهر رمضان واجب على كل مسلم ومسلمة وهو أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ‏}‏(1) ‏.‏
    ومعنى كُتب‏:‏ فُرِضَ‏.‏ فإذا بلغت الفتاة سن التكليف بظهور إحدى أمارات البلوغ عليها ومنها الحيض فإنه يبدأ وجوب الصوم في حقها‏.‏ وقد تحيض وهي في سن التاسعة، وقد تجهل بعض الفتيات أنه يجب عليها الصيام حينذاك فلا تصوم ظنًّا منها أنها صغيرة‏.‏ ولا يأمرها أهلها بالصيام وهذا تفريط عظيم بترك ركن من أركان الإسلام، ومن حصل منها ذلك وجب عليها قضاء الصوم الذي تركته من حين بداية الحيض بها ولو مضى على ذلك فترة طويلة لأنه باق في ذمتها(2).‏


    من يجب عليه رمضان‏:‏
    إذا دخل شهر رمضان وجب على كل مسلم ومسلمة بالغين صحيحين مقيمين صيامه، ومن كان منهما مريضًا أو مسافرًا في أثناء الشهر فإنه يفطر ويقضى عدد ما أفطره من أيام أخر‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏ ‏(3)‏‏.‏
    كما أن من أدركه الشهر وهو كبير هرم لا يستطيع الصيام، أو مريض مرضًا مزمنًا لا يرجى ارتفاعه عنه في وقت من الأوقات من رجل أو امرأة، فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من قوت البلد‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ‏}‏ (4)‏‏‏.‏
    قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما‏:‏ هي للكبير الذي لا يرجى برؤه ‏(5)‏‏.‏
    والمريض الذي لا يرجى برؤ مرضه في حكم الكبير ولا قضاء عليهما لعدم إمكانه ومعنى (6) يتجشمونه‏.‏


    وتختص المرأة بأعذار تبيح لها الإفطار في رمضان على أن تقضي ما أفطرته بسبب تلك الأعذار من أيام أخر، وهذه الأعذار هي‏:‏



    1 ـ الحيض والنفاس يحرم على المرأة الصوم أثناءهما ويجب عليها القضاء من أيام أخر‏.‏ لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ ‏(‏كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة‏)‏ وذلك لما سألتها امرأة فقالت‏:‏ ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة‏.‏ بينت رضي الله عنها أن هذا من الأمور التوقيفية التي يتبع فيها النص‏.‏
    حكمة ذلك‏:‏ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوي(7) ‏‏:‏ والدم الذي يخرج بالحيض فيه خروج الدم‏.‏ والحائض يمكنها أن تصوم في غير أوقات الدم الذي يخرج بالحيض فيه دمها‏.‏ فكان صومها في تلك الحال صومًا معتدلاً لا يخرج فيه الدم الذي يقوي البدن الذي هو مادته‏.‏ وصومها في الحيض يوجب أن يخرج فيه دمها الذي هو مادتها ويجب نقصان بدنها وضعفها وخروج صومها عن الاعتدال فأمرت أن تصوم في غير أوقات الحيض‏.‏ انتهى‏.‏
    2 ـ الحمل والإرضاع اللذان يحصل بالصيام فيهما ضرر على المرأة أو على طفلها أو عليهما معًا، فإنها تفطر في حال حملها وإرضاعها‏.‏ ثم إن كان الضرر الذي أفطرت من أجله يحصل على الطفل فقط دونها فإنها تقضي ما أفطرته وتطعم كل يوم مسكينًا‏.‏وإن كان الضرر عليها فإنه يكفي منها القضاء‏.‏ وذلك لدخول الحامل والمرضع في عموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ‏}‏ ‏(8).‏
    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره(9):‏ ومما يلتحق بهذا المعنى الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما‏.‏ انتهى‏.‏ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ إن كانت الحامل تخاف على جنينها فإنها تفطر وتقضي عن كل يوم يومًا وتطعم عن كل يوم مسكينًا رطلاً من خبز‏.‏ انتهى(10).



    تنبيهات‏:‏ 1 ـ

    المستحاضة‏:وهي التي يأتيها دم لا يصلح أن يكون حيضًا - كما سبق - يجب عليها الصيام ولا يجوز لها الإفطار من أجل الاستحاضة‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لمَّا ذكر إفطار الحائض قال‏:‏ بخلاف الاستحاضة فإن الاستحاضة تعم أوقات الزمان وليس لها وقت تؤمر فيه بالصوم‏.‏ وكان ذلك لا يمكن الاحتراز منه كذرع القيء وخروج الدم بالجراح والدمامل والاحتلام ونحو ذلك مما ليس له وقت محدد يمكن الاحتراز منه فلم يجعل هذا منافيًا للصوم كدم الحيض‏.‏ انتهى(11)‏‏.‏



    2 ـ يجب على الحائض وعلى الحامل والمرضع إذا أفطرتا قضاء ما أفطرنه فيما بين رمضان الذي أفطرن منه ورمضان القادم والمبادرة أفضل وإذا لم يبق على رمضان القادم إلا قدر الأيام التي أفطرنها فإنه يجب عليهن صيام القضاء حتى لا يدخل عليهن رمضان الجديد وعليهن صيام من رمضان الذي قبله‏.‏ فإن لم يفعلن ودخل عليهن رمضان وعليهن صيام من رمضان الذي قبله وليس لهن عذر في تأخيره وجب عليهن مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم‏.‏ وإن كان لعذر فليس عليهن إلا القضاء‏.‏ وكذلك من كان عليها قضاء بسبب الإفطار لمرض أو سفر حكمها كحكم من أفطرت لحيض على التفصيل السابق‏.‏
    3 ـ لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعًا إذا كان زوجها حاضرًا إلا بإذنه لما روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه‏) وفي بعض الروايات عند أحمد وأبي داود‏:‏ ‏(‏إلا رمضان‏)‏‏.‏
    أما إذا سمح لها زوجها بالصيام تطوعًا أو لم يكن حاضرًا عندها أو لم يكن لها زوج فإنها يستحب لها أن تصوم تطوعًا‏.‏ خصوصًا الأيام التي يستحب صيامها كيوم الاثنين ويوم الخميس وثلاثة أيام من كل شهر وستة أيام من شوال وعشر ذي الحجة ويوم عرفة ويوم عاشوراء مع يوم قبله أو يوم بعده‏.‏ إلا أنه لا ينبغي لها أن تصوم تطوعًا وعليها قضاء من رمضان حتى تصوم القضاء‏.‏ والله أعلم‏.‏
    4 ـ إذا طهرت الحائض في أثناء النهار من رمضان فإنها تمسك بقية يومها وتقضيه مع الأيام التي أفطرتها بالحيض‏.‏ وإمساكها بقية اليوم الذي طهرت فيه يجب عليها احترامًا للوقت‏.‏







    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ــــــــــــــــــ

    (1) ‏البقرة‏:‏ 183‏ ‏‏
    (2) ويجب عليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم نصف ساع من الطعام
    (3) ‏البقرة‏:‏ 185‏
    (4) ‏البقرة‏:‏ 184‏
    (5) ‏رواه البخاري‏
    (6) ‏يطيقونه
    (7) ‏‏25/251
    (8) ‏البقرة‏:‏ 184‏
    (9) ‏‏1/379
    (10) ‏25/318
    (11) ‏25/251



    :



    غيابي بسبب انشغالي بالدراسة
    لازلت أحبكمــ

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الموقع
    ياحبذا الجنة واقترابها ~ طيبة وبارد شرابها
    الردود
    1,848
    الجنس
    امرأة
    الفصل الثامن أحكام تختص بالمرأة في الحج والعمرة

    الحج إلى بيت الله الحرام كل عام واجب كفائي على أمة الإسلام، ويجب على كل مسلم توفرت فيه شروط وجوب الحج، أن يحج مرة في العمر وما زاد عن ذلك فهو تطوع - والحج أحد أركان الإسلام - وهو نصيب المرأة المسلمة من الجهاد لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت‏:‏ ‏(‏يا رسول الله هل على النساء جهاد‏؟‏ قال‏:‏ نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة‏) (1)‏.‏
    وللبخاري عنها أنها قالت‏:‏ يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل‏.‏ أفلا نجاهد‏؟‏ قال‏:‏ لكن أفضل الجهاد حج مبرور‏.‏


    وفي الحج أحكام تختص المرأة، منها‏:


    1 ـ المَحْرَمُ‏:‏ الحج له شروط عامة للرجل والمرأة، وهي الإسلام والعقل والحرية والبلوغ والاستطاعة المالية‏.‏ وتختص المرأة باشتراط وجود المحرم الذي يسافر معها للحج وهو زوجها أو من تَحْرمُ عليه تحريمًا مؤبدًا بنسب كأبيها وابنها وأخيها أو بسبب مباح كأخيها من الرضاع أو زوج أمها أو ابن زوجها‏.‏
    والدليل على ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، يقول‏:‏ ‏(‏لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم‏.‏ ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم‏.‏ فقام رجل فقال‏:‏ يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجّة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا‏.‏ قال فانْطلِقْ فَحُجَّ مع امرأتك‏)‏ (2)‏‏.‏
    وعن ابن عمر رضي الله عنه الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله‏:‏ ‏(‏لا تسافر المرأة ثلاثة إلا معها ذو محرم‏)‏ (3)‏‏.‏
    والأحاديث في هذا كثيرة تنهى عن سفر المرأة للحج وغيره بدون محرم لأن المرأة ضعيفة يعتريها ما يعتريها من العوارض والمصاعب في السفر التي لا يقوم بمواجهتها إلا الرجال، ثم هي مطمع للفساق، فلا بد من محرم يصونها ويحميها من أذاهم‏.‏
    ويشترط في المحرم الذي تصحبه المرأة في حجها العقل والبلوغ والإسلام‏.‏ لأن الكافر لا يؤمن عليها‏.‏ فإن أيست من وجود المحرم لزمها أن تستنيب من يحج عنها‏.‏
    2 ـ وإذا كان الحج نفلاً اشتراط إذن زوجها لها بالحج لأنه يفوت به حقه عليها‏.‏ قال في المغني (4)‏‏:‏ فأما حج التطوع فله منعها منه‏.‏ قال ابن المنذر‏:‏ أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها من الخروج إلى الحج التطوع‏.‏ وذلك لأن حق الزوج واجب فليس لها تفويته بما ليس بواجب كاليد مع عبده‏.‏ انتهى‏.‏
    3 ـ يصح أن تنوب المرأة عن الرجل في الحج والعمرة‏.‏ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى(5):‏ يجوز للمرأة أن تحج عن امرأة أخرى باتفاق العلماء سواء كانت بنتها أو غير بنتها‏.‏ وكذلك يجوز أن تحج المرأة عن الرجل عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء‏.‏ كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة الخثعمية أن تحج عن أبيها لما قالت‏:‏ يا رسول الله إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي وهو شيخ كبير فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحج عن أبيها‏.‏ مع أن إحرام الرجل أكمل من إحرامها‏.‏ انتهى‏.‏
    4 ـ إذا اعترى المرأة وهي في طريقها إلى الحج حيض أو نفاس فإنها تمضي في طريقها‏.‏ فإن أصابها ذلك عند الإحرام فإنها تحرم كغيرها من النساء الطاهرات‏.‏ لأن عقد الإحرام لا تشترط له الطهارة‏.‏ قال المغني(6):‏ وجملة ذلك أن الاغتسال مشروع للنساء عند الإحرام كما يشرع للرجال لأنه نسك وهو في حق الحائض والنفساء آكد لورود الخبر فيهما‏.‏ قال جابر‏:‏ حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع قال‏:‏ ‏(‏اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي‏)‏ (7)‏‏.‏
    وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏النفساء والحائض إذا أتيا على الوقت يحرمان ويقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت‏)‏ ‏(8)‏‏.‏
    وأمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تغتسل لإهلال الحج وهي حائض‏.‏ انتهى‏.‏
    والحكم في اغتسال الحائض والنفساء للإحرام التنظيف وقطع الرائحة الكريهة لدفع أذاها عن الناس عند اجتماعهم وتخفيف النجاسة‏.‏ وإن أصابهما الحيض أو النفاس وهما محرمتان لم يؤثر على إحرامهما فتبقيان محرمتين وتجتنبان محظورات الإحرام‏.‏ ولا تطوفان بالبيت حتى تطهرا من الحيض أو النفاس وتغتسلا منهما‏.‏ وإن جاء يوم عرفة ولم تطهرا وكانت أحرمتا بالعمرة متمتعتين بها إلى الحج فإنهما تحرمان بالحج وتدخلانه على العمرة وتصبحان قارنتين‏.‏ والدليل على ذلك أن عائشة رضي الله عنها حاضت وكانت أهلت بعمرة‏.‏ فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي قال‏:‏ ‏(‏ما يبكيك لعلك نفست‏.‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ هذا شيء قد كتبه الله على بنات آدم‏.‏ افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت‏)‏‏.‏ (9)‏‏.‏
    وفي حديث جابر المتفق عليه‏:‏ ‏(‏ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها تبكي‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏ما شأنك‏.‏ قالت‏:‏ شأني أني قد حضت وقد حل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت‏.‏ والناس يذهبون إلى الحج الآن‏.‏ فقال‏:‏ إن هذا أمر قد كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهِلِّي‏.‏ ففعلت ووقفت المواقف كلها حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبالصفا والمروة‏.‏ ثم قال‏:‏ قد حللت من حجك وعمرتك جميعًا‏.‏‏.‏‏.‏‏‏‏)‏ الحديث‏.‏
    قال العلامة ابن القيم في تهذيب السنن (10)‏ والأحاديث الصحيحة صريحة بأنها أهلّت أولاً بعمرة ثم أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حاضت أن تهلّ بالحج فصارت قارنة ولهذا قال لها النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يكفيك طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة لحجك وعمرتك‏)‏‏.‏ انتهى‏.‏
    5 ـ ما تفعله المرأة عند الإحرام‏:‏ تفعل كما يفعل الرجل من حيث الاغتسال والتنظيف وأخذ ما تحتاج إلى أخذه من شعر وظفر وقطع رائحة كريهة لئلا تحتاج إلى ذلك في حال إحرامها وهي ممنوعة منه‏.‏ وإذا لم تحتج إلى شيء من ذلك فليس بلازم وليس هو من خصائص الإحرام‏.‏ ولا بأس أن تتطيب في بدنها بما ليس له رائحة زكية من الأطياب‏.‏ لحديث عائشة‏:‏ ‏(‏كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنضمد جباهنا بالمسك عند الإحرام فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراها النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا‏)‏‏.‏ ‏(11)‏‏.‏
    قال الشوكاني في نيل الأوطار (12)‏‏:‏ سكوته صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز لأنه لا يسكت على باطل‏.‏ انتهى‏.‏
    6 ـ عند نية الإحرام تخلع البرقع والنقاب - إن كانت لابسة لأحدهما - قبل الإحرام وهما غطاء للوجه فيه نقبان على العينين تنظر المرأة منهما، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تنتقب المحرمة‏)(13)‏‏.‏
    والبرقع أقوى من النقاب‏.‏ وتخلع ما على كفيها من القفازين - إن كانت قد لبستهما قبل الإحرام - وهما شيء يعمل لليدين يُدخلان فيه يسترهما - وتغطي وجهها بغير النقاب والبرقع بأن تضع عليه الخمار أو الثوب عند رؤية الرجال غير المحارم لها‏.‏ وكذا تغطي كفيها عنهم بغير القفازين بأن تضفي عليهما ثوبًا - لأن الوجه والكفين عورة يجب سترهما عن الرجال في حالة الإحرام وغيرها‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ وأما المرأة فإنها عورة فلذلك جاز لها أن تلبس الثياب التي تستتر بها وتستظل بالمحمل‏.‏ لكن نهاها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتقب أو تلبس القفازين‏.‏ والقفازان غلاف يصنع لليد‏.‏ ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق وإن كان يمسه فالصحيح أيضًا أنه يجوز‏.‏ ولا تكلف المرأة أن تجافي سترتها عن الوجه لا بعود ولا بيد ولا غير ذلك‏.‏ فإن النبي صلى الله عليه وسلم سوّى بين وجهها ويديها‏.‏ وكلاهما كبدن الرجل لا كرأسه‏.‏ وأزواجه صلى الله عليه وسلم كنّ يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة‏.‏ ولم يَنْقُلْ أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إحرام المرأة في وجهها‏) وإنما هذا قول بعض السلف‏.‏ انتهى‏.‏
    وقال العلامة ابن القيم في تهذيب السنن(14):‏ وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حرف واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام إلا النهي عن النقاب‏.‏ إلى أن قال‏:‏ وقد ثبت عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة‏.‏ وقالت عائشة‏:‏ ‏(‏كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزنا كشفنا‏)‏ (15)‏‏.‏ انتهى‏.‏
    فاعلمي أيتها المسلمة المحرمة أنك ممنوعة من تغطية الوجه والكفين بما خيط لهما خاصة كالنقاب والقفازين‏.‏ وأنه يجب عليك ستر وجهك وكفيك عن الرجال غير المحارم بخمارك وثوبك ونحوهما‏.‏ وأنه لا أصل لوضع شيء يرفع الغطاء عن ملامسة الوجه لا بوضع عود ولا عمامة ولا غيرهما‏.‏
    7 ـ يجوز للمرأة أن تلبس حال إحرامها ما شاءت من الملابس النسائية التي ليس فيها زينة ولا مشابهة لملابس الرجال وليست ضيقة تصف حجم أعضائها ولا شفافة لا تستر ما وراءها وليست قصيرة تنحسر عن رجليها أو يديها بل تكون ضافية كثيفة واسعة‏.‏ قال ابن المنذر‏:‏ وأجمع أهل العلم على أن للمحرمة لبس القُمُصِ والدروع والسراويلات والخمر والخفاف‏.‏ انتهى من المغني (16)‏ ولا يتعين عليها أن تلبس لونًا معيّنًا من الثياب كالأخضر وإنما تلبس ما شاءت من الألوان المخصصة بالنساء أحمر أو أخضر أو أسود‏.‏ ويجوز لها أن تستبدلها بغيرها إذا أرادت‏.‏
    8 ـ ويسن لها أن تلبي بعد الإحرام بقدر ما تسمع نفسها‏.‏ قال ابن عبد البر‏:‏ أجمع العلماء على أن السنة في المرأة أن لا ترفع صوتها‏.‏ وإنما عليها أن تسمع نفسها وإنما يكره لها رفع الصوت مخافة الفتنة بها‏.‏ ولهذا لا يسن لها أذان ولا إقامة والمسنون لها في التنبيه في الصلاة التصفيق دون التسبيح‏.‏ انتهى من المغني (17)‏.‏
    9 ـ يجب عليها في الطواف التستر الكامل وخفض الصوت وغض البصر وأن لا تزاحم الرجال وخصوصًا عند الحجر أو الركن اليماني‏.‏ وطوافها في أقصى المطاف مع عدم المزاحمة أفضل لها من الطواف في أدناه قريبًا من الكعبة مع المزاحمة، لأن المزاحمة حرام لما فيها من الفتنة‏.‏ وأما القرب من الكعبة وتقبيل الحجر فهما سنتان مع تيسرهما‏.‏ ولا ترتكب محرمًا لأجل تحصيل سنة‏.‏ بل إنه في هذه الحالة ليس سنة في حقها‏.‏ لأن السنة في حقها في هذه الحالة أن تشير إليه إذا حاذته‏.‏
    قال الإمام النووي في المجموع (18)‏‏:‏ قال أصحابنا‏:‏ لا يستحب للنساء تقبيل الحجر ولا استلامه إلا عند خلو المطاف في الليل أو غيره لما فيه من ضررهن وضرر غيرهن‏.‏ انتهى‏.‏ وقال في المغني (19)‏ ويستحب للمرأة الطواف ليلاً لأنه أستر لها وأقل للزحام فيمكنها أن تدنو من البيت وتستلم الحجر‏.‏ انتهى‏.‏
    10 ـ قال في المغني (20)‏‏:‏ وطواف النساء وسعيهن مَشيٌ كُلُّه قال ابن المنذر‏:‏ أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء حول البيت ولا بين الصفا والمروة وليس عليهن اضطباع‏.‏ وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجلد ولا يقصد ذلك في حق النساء، ولأن النساء يقصد منهن الستر وفي الرمل والاضطباح تعرض للكشف‏.‏ انتهى‏.‏
    11 ـ ما تفعله المرأة الحائض من مناسك الحج وما لا تفعله حتى تطهر‏:‏
    تفعل الحائض كل مناسك الحج من إحرام ووقوف بعرفة ومبيت بمزدلفة ورمي للجمار‏.‏ ولا تطوف بالبيت حتى تطهر لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لمَّا حاضت‏:‏ ‏(‏افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري‏) (21)‏‏.‏ ولمسلم في رواية‏:‏ ‏(‏فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي‏).‏
    قال الشوكاني في نيل الأوطار (22)‏‏:‏ والحديث ظاهر في نهي الحائض عن الطواف حتى ينقطع دمها وتغتسل والنهي يقتضي الفساد المرادف البطلان فيكون طواف الحائض باطلاً وهو قول الجمهور‏.‏ انتهى‏.‏ ولا تسعى بين الصفا والمروة(23) ‏ لأن السعي لا يصح إلا بعد طواف نسك‏.‏ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسع إلا بعد طواف‏.‏ قال الإمام النووي في المجموع(24):‏ فرع‏:‏ لو سعى قبل الطواف لم يصح سعيه عندنا وبه قال جمهور العلماء‏.‏ وقدمنا عن الماوردي أنه نقل الإجماع فيه وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد‏.‏ وحكى ابن المنذر عن عطاء وبعض أهل الحديث أنه يصح، حكاه أصحابنا عن عطاء وداود‏.‏
    دليلنا‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى بعد الطواف‏.‏ وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لتأخذوا عني مناسككم‏).‏ وأما حديث ابن شريك الصحابي رضي الله عنه قال‏:‏ خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجًّا فكانوا يأتونه فمن قائل يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو أخرت شيئًا أو قدمت شيئًا فكان يقول‏:‏ ‏(‏لا حرج إلا على رجل اقترض من عِرْض رجل مسلم وهو ظالم فذلك الذي هلك وحَرِجَ‏)‏ (25)وهذا الحديث محمول على ما حمله الخطابي وغيره وهو أن قوله‏:‏ سعيت قبل أن أطوف‏:‏ أي سعيت بعد طواف القدوم وقبل طواف الإفاضة‏.‏ انتهى‏.



    قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره‏:‏ أضوء البيان (26)‏‏ :‏ اعلم أن جمهور أهل العلم على أن السعي لا يصح إلا بعد طواف‏.‏ فلو سعى قبل الطواف لم يصح سعيه عند الجمهور منهم الأئمة الأربعة ونقل الماوردي وغيره الإجماع عليه‏.‏ ثم نقل كلام النووي الذي مرَّ قريبًا وجوابه عن حديث ابن شريك ثم قال‏:‏ فقوله قبل أن أطوف يعني طواف الإفاضة الذي هو ركن ولا ينافي ذلك أنه سعى بعد طواف القدوم الذي هو ليس بركن‏.‏ انتهى‏.‏
    وقال في المغني(27) ‏‏:‏ والسعي تبع للطواف لا يصح إلا أن يتقدمه طواف‏.‏ فإن سعى قبله لم يصح وبذلك قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي‏.‏ وقال عطاء‏:‏ يجزئه‏.‏ وعن أحمد يجزئه إن كان ناسيًا‏.‏ وإن كان عمدًا لم يجزئه سعيه‏.‏ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن التقديم والتأخير في حال الجهل والنسيان قال‏:‏ لا حرج‏.‏ ووجه الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سعى بعد طوافه وقد قال‏:‏ ‏(‏لتأخذوا عني مناسككم‏)‏‏.‏ انتهى‏.‏
    فعلم مما سبق أن الحديث الذي استدل به من قال بصحة الطواف قبل السعي لا دلالة فيه‏.‏ لأنه محمول على أحد أمرين‏:‏ إما أنه فيمن سعى قبل الإفاضة وكان قد طاف للقدوم فيكون سعيه واقعًا بعد طواف أو أنه محمول على الجاهل والناسي دون العامد‏.‏ وإنما أطلت في هذه المسألة لأنه قد ظهر الآن من يفتي بجواز السعي قبل الطواف مطلقًا‏.‏ والله المستعان‏.‏

    تنبيه‏:‏
    لو طافت المرأة وبعد أن انتهت من الطواف أصابها الحيض فإنها في هذه الحالة تسعى لأن السعي لا تشترط له الطهارة‏.‏ قال في المغني(28):‏ أكثر أهل العلم يرون أن لا تشترط الطهارة للسعي بين الصفا والمروة وممن قال ذلك عطاء ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي‏.‏ إلى أن قال‏:‏ قال أبو داود‏:‏ سمعت أحمد يقول إذا طافت المرأة بالبيت ثم حاضت سعت بين الصفا والمروة ثم نفرت، وروي عن عائشة وأم سلمة أنهما قالتا‏:‏ إذا طافت المرأة وصلت ركعتي الطواف ثم حاضت فلتطف بالصفا والمروة‏ (29)‏‏.‏ انتهى‏.‏



    12ـ يجوز للنساء أن ينفرن مع الضَّعَفة من المزدلفة بعد غيبوبة القمر ويرمين جمرة العقبة عند الوصول إلى منى خوفًا عليهن من الزحمة‏.‏
    قال الموفق في المغني(30) ‏‏:‏ ولا باس بتقديم الضَّعَفة والنساء‏.‏ وممن كان يقدم ضعفة أهله عبد الرحمن بن عوف وعائشة وبه قال عطاء والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه مخالفًا‏.‏ ولأن فيه رفقًا بهم ودفعًا لمشقة الزحام عنهم واقتداءً بفعل نبيهم صلى الله عليه وسلم‏.‏ انتهى‏.‏

    وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار(31) ‏:‏ والأدلة تدل على أن وقت الرمي بعد طلوع الشمس لمن كان لا رخصة له‏.‏ ومن كان له رخصة كالنساء وغيرهن من الضعفة جاز قبل ذلك‏.‏ انتهى‏.‏
    وقال الإمام النووي في المجموع(32):‏ قال الشافعي والأصحاب‏:‏ السنة تقديم الضعفاء من النساء وغيرهم من مزدلفة قبل طلوع الفجر بعد نصف الليل إلى منى ليرموا جمرة العقبة قبل زحمة الناس‏.‏ ثم ذكر الأحاديث الدالة على ذلك‏.‏
    13 ـ المرأة تقصر من رأسها للحج والعمرة من رؤوس شعر رأسها قدر أُنْملة لا يجوز لها الحلق‏.‏ والأُنملة رأس الأصبع من المفصل الأعلى‏.‏
    قال في المغني(33) ‏‏:‏ والمشروع للمرأة التقصير دون الحلق لا خلاف في ذلك‏.‏ قال ابن المنذر‏:‏ أجمع على هذا أهل العلم وذلك لأن الحلق في حقهن مُثْلَة‏.‏ وقد روى ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير‏) (34)‏‏.‏
    وعن علي قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها‏.‏ ‏(35)‏‏.‏ وكان أحمد يقول‏:‏ تقصر من كل قرن قدر الأنملة وهو قول ابن عمرو والشافعي وإسحاق وأبي ثور‏.‏ وقال أبو داود‏:‏ سمعت أحمد سُئل عن المرأة تقصر من كل رأسها قال نعم تجمع شعرها إلى مَقْدم رأسها ثم تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة‏.‏ انتهى (36)‏.‏
    قال الإمام النووي في المجموع (37)‏‏:‏ أجمع العلماء على أنه لا تؤمر المرأة بالحلق بل وظيفتها التقصير من شعر رأسها لأنه بدعة في حقهن ومُثْلة‏.‏
    14 ـ المرأة الحائض إذا رمت جمرة العقبة وقصَّرت من رأسها فإنها تحل من إحرامها ويحل لها ما كان محرمًا عليها بالإحرام إلا أنها لا تحل للزوج فلا يجوز لها أن تمَكِّنَه من نفسها حتى تطوف بالبيت طواف الإفاضة‏.‏ فإن وطئها في هذه الأثناء وجبت عليها الفدية‏.‏ وهي ذبح شاة في مكة توزعها على مساكين الحرم‏.‏ لأن ذلك بعد التحلل الأول‏.‏
    15 ـ إذا حاضت المرأة بعد طواف الإفاضة، فإنها تسافر متى أرادت ويسقط عنها طواف الوداع لحديث عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ ‏(‏حاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت، قالت‏:‏ فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ أحابستنا هي‏.‏ قلت‏:‏ يا رسول الله إنها قد أفاضت، وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة‏.‏ قال‏:‏ فلتنفر إذن‏)‏‏.‏(38) ‏‏.‏
    وعن ابن عباس‏:‏ ‏(‏أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت طوافًا إلا أنه خُفِّف عن المرأة الحائض‏)‏ (39)‏‏.‏
    وعنه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت في الإفاضة‏).‏(40) ‏‏.‏ قال الإمام النووي في المجموع (41)‏:‏ قال ابن المنذر‏:‏ وبهذا قال عوام أهل العلم منهم مالك والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة وغيرهم‏.‏ انتهى‏.‏
    قال في المغني (42)‏‏:‏ هذا قول عامة فقهاء الأمصار وقال‏:‏ والحكم في النفساء كالحكم في الحائض لأن أحكم النفس أحكام الحيض فيما يجب ويسقط‏.‏ انتهى‏.‏
    16 ـ المرأة تستحب لها زيارة المسجد النبوي(43) للصلاة فيه والدعاء، لكن لا يجوز لها زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأنها منهية عن زيارة القبور‏.‏
    قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية رحمه الله في مجموع فتاويه(44):‏ والصحيح في المسألة منعهن من زيارة قبره صلى الله عليه وسلم لأمرين‏:‏
    أولاً‏:‏ عموم الأدلة والنهي إذا جاء عامًّا فلا يجوز لأحد تخصيصه إلا بدليل‏.‏ ثم العلة موجودة هنا انتهى(45).‏
    وقال الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله في منسكه لما ذكر زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لمن زار مسجده الشريف قال‏:‏ وهذه زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لمن زار مسجده الشريف قال‏:‏ وهذه الزيارة إنما تشرع في حق الرجال خاصة‏.‏ أما النساء فليس لهن زيارة شيء من القبور، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لعن زائرات القبور من النساء والمتخذين عليها المساجد والسرج‏.‏
    وأما قصد المدينة للصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والدعاء فيه ونحو ذلك مما يشرع في سائر المساجد فهو مشروع في حق الجميع انتهى‏.‏



    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــــــ

    (1) ‏ ‏رواه أحمد وابن ماجه‏ ‏ بإسناد صحيح
    (2) ‏ ‏متفق عليه‏
    (3) ‏ ‏متفق عليه‏
    (4) ‏3/240
    (5) ‏26/13
    (6) ‏3/293، 294
    (7) ‏ ‏رواه مسلم‏
    (8) ‏رواه أبو داود‏
    (9) ‏ ‏أخرجه البخاري ومسلم‏
    (10) ‏2/303
    (11) ‏رواه أبو داود‏
    (12) ‏5/12
    (13) ‏ ‏رواه البخاري‏
    (14) ‏‏2/350
    (15) ‏ ‏ذكره أبو داود‏
    (16) ‏‏3/328
    (17) ‏3/330، 331
    (18) ‏8/37
    (19) ‏3/331
    (20) ‏‏3/394
    (21) ‏ ‏متفق عليه‏
    (22) ‏‏5/49
    (23) قبل الطواف
    (24) ‏8/82
    (25) ‏ ‏رواه أبو داود‏ ‏ بإسناد صحيح كل رجاله رجال الصحيحين إلا أسامة بن شريك الصحابي
    (26) ‏5/252
    (27) 5/240 طبعة هجر
    (28) 5/346
    (29) رواه الأثرم
    (30) ‏5/286
    (31) ‏‏5/70
    (32) ‏8/125
    (33) ‏‏5/310
    (34) ‏ ‏رواه أبو داود‏
    (35) ‏رواه الترمذي‏
    (36) طبعة هجر
    (37) ‏‏8/150، 154
    (38) ‏ ‏متفق عليه‏
    (39) ‏ ‏متفق عليه‏
    (40) ‏ ‏رواه أحمد‏
    (41) ‏‏8/218
    (42) ‏3/461
    (43) مع محرمها
    (44) ‏‏3/239
    (45) ‏‏يعني العلَّة التي من أجلها منعت المرأة من زيارة القبور



    :



    غيابي بسبب انشغالي بالدراسة
    لازلت أحبكمــ

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الموقع
    ياحبذا الجنة واقترابها ~ طيبة وبارد شرابها
    الردود
    1,848
    الجنس
    امرأة
    الفصل التاسع أحكام تختص بالزوجية وبإنهائها

    يقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‏}‏ (1)‏‏.‏
    ويقول تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ‏}‏ (2)‏‏.‏
    يقول الإمام ابن كثير رحمه الله‏:‏ هذا أمر بالتزويج، وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه، على كل من قدر عليه‏.‏ واحتجوا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحسن للفرج‏.‏ ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه وجاء‏)‏ أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن مسعود ثم ذكر أن الزواج سبب للغنى مستدلاً بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ‏}‏ ‏‏.‏
    وذكر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال‏:‏ أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ‏}‏ ‏‏.‏
    وعن ابن مسعود‏:‏ التمسوا الغنى في النكاح يقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ‏}‏‏.‏ (3)‏‏.‏ انتهى من تفسير ابن كثير (4)، ‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5)‏‏:‏ فأباح الله سبحانه للمؤمنين أن ينكحوا وأن يطلقوا وأن يتزوجوا المرأة المطلقة بعد أن تتزوج بغير زوجها‏.‏ والنصارى يحرمون النكاح على بعضهم‏.‏ ومن أباحوا له النكاح لم يبيحوا له الطلاق‏.‏ واليهود يبيحون الطلاق، لكن إذا تزوجت المطلقة بغير زوجها حَرُمت عليها عندهم‏.‏ والنصارى لا طلاق عندهم واليهود لا مراجعة بعد أن تتزوج غيره عندهم‏.‏ والله تعالى أباح للمؤمنين هذا وهذا‏.‏ انتهى‏.‏
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في الهدي النبوي(6) ‏:‏ مبيّنًا منافع الجماع الذي هو أحد مقاصد الزوجية، فإن الجماع وضع في الأصل لثلاثة أمور هي مقاصده الأصلية‏.‏
    أحدها‏:‏ حفظ النسل ودوام النوع، إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم‏.‏
    الثاني‏:‏ إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن‏.‏
    الثالث‏:‏ قضاء الوطر ونيل اللذة والتمتع بالنعمة‏.‏ انتهى‏.‏
    فالزواج فيه منافع عظيمة أعظمها أنه وقاية من الزنى وقصْرٌ للنظر عن الحرام‏.‏ ومنها حصول النسل وحفظ الأنساب‏.‏ ومنها حصول السكن بين الزوجين والاستقرار النفسي، ومنها تعاون الزوجين على تكوين الأسرة الصالحة التي هي إحدى لبنات المجتمع المسلم‏.‏ ومنها قيام الزوج بكفالة المرأة وصيانتها وقيام المرأة بأعمال البيت، وأداؤها لوظيفتها الصحيحة في الحياة، لا كما يدعيه أعداء المرأة وأعداء المجتمع من أن المرأة شريكة الرجل في العمل خارج البيت فأخرجوها من بيتها وعزلوها عن وظيفتها الصحيحة وسلموها عملَ غيرها وسلموا عملها إلى غيرها فاختل نظام الأسرة وساء التفاهم بين الزوجين مما يسبب في كثير من الأحيان الفراق بينهما، أو البقاء على مضض ونكد‏.‏
    قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان(7) ‏:‏ واعلم وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه، أن هذه الفكرة الخاطئة الخاسئة المخالفة للحس والعقل، وللوحي السماوي وتشريع الخالق البارئ من تسوية الأنثى بالذكر في جميع الأحكام والميادين، فيها من الفساد والإخلال بنظام المجتمع الإنساني ما لا يخفى على أحد إلا من أعمى الله بصيرته‏.‏ وذلك لأن الله عز وجل جعل الأنثى بصفاتها الخاصة بها صالحة لأنواع من المشاركة في بناء المجتمع الإنساني صلاحًا لا يصلح له غيرها كالحمل والوضع والإرضاع وتربية الأولاد وخدمة البيت، والقيام على شؤونه من طبخ وعجن وكنس وغير ذلك‏.‏ وهذا الخدمات التي تقوم بها للمجتمع الإنساني داخل بيتها في ستر وصيانة وعفاف ومحافظة على الشرف والفضيلة والقيم الإنسانية لا تقل عن خدمة الرجل بالاكتساب‏.‏ فزعْمُ أولئك السفلة الجهلة من الكفار وأتباعهم أن المرأة لها من الحقوق في الخدمة خارج بيتها مثل ما للرجل، مع أنها في زمن حملها وإرضاها ونفاسها لا تقدر على مزاولة أي عمل فيها مشقة كما هو مشاهد‏.‏ فإذا خرجت هي وزوجها بقيت خدمات البيت كلها ضائعة من حفظ الأولاد الصغار وإرضاع من هو في زمن الرضاع منهم، وتهيئة الأكل والشرب للرجل إذا جاء من عمله‏.‏ فلو أجر إنسانًا يقوم مقامها لتعطل ذلك الإنسان في ذلك البيت التعطل الذي خرجت المرأة فرارًا منه فعادت النتيجة في حافرتها‏.‏ على أن خروج المرأة وابتذالها، فيه ضياع المروءة والدين‏.‏ انتهى‏.‏
    فاتقي الله أيتها الأخت المسلمة، ولا تنخدعي بهذه الدعاية المغرضة، فإن واقع النساء اللاتي انخدعن بها خير شاهد على فسادها وفشلها، والتجربة خير برهان‏.‏ بادري أيتها الأخت المسلمة بالزواج ما دمت شابة مرغوبة ولا تؤخريه من أجل مواصلة دراسة أو عمل في وظيفة، فإن الزواج الموفق هو سعادتك وراحتك، وهو يعوض عن كل دراسة ووظيفة، ولا يعوض عنه دراسة ولا وظيفة مهما بلغتا‏.‏ قومي بعمل بيتك وتربية أولادك فإن هذا هو عملك الأساسي المثمر في الحياة ولا تطلبي عنه بديلاً فإنه لا يعدله شيء‏.‏ لا تفوتي الزواج بالرجل الصالح فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير‏)‏ ‏(8).



    أخذ رأي المرأة في تزويجها
    التي يراد تزويجها لا تخلو من ثلاث حالات‏:‏ إما أن تكون صغيرة بكرًا‏.‏ وإما أن تكون بالغة بكرًا‏.‏ وإما أن تكون ثيبًا ولكل واحدة حكم خاص‏.‏
    1 ـ فأما البكر الصغيرة فلا خلاف أن لأبيها أن يزوجها بدون إذنها لأنها لا إذن لها‏.‏ لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه زوّج ابنته عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست سنين وأدخلت عليه وهي بنت تسع سنين‏.‏(9)‏‏.‏
    قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار(10)‏‏:‏ في الحديث دليل على أنه يجوز للأب أن يزوج ابنته قبل البلوغ‏.‏ وقال أيضًا فيه دليل على أنه يجوز تزويج الصغيرة بالكبير‏.‏ وقد بوّب لذلك البخاري وذكر حديث عائشة وحكى في الفتح الإجماع على ذلك‏.‏ انتهى‏.‏
    وقال في المغني(11):‏ قال ابن المنذر‏:‏ أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن إنكاح الأب ابنته الصغيرة جائز إذا زوجها من كفء‏.‏ انتهى‏.‏
    أقول‏:‏ وفي تزويج أبي بكر رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين من النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ ردّ على الذين ينكرون تزويج الصغيرة من الكبير ويشوهون ذلك ويعتبرونه منكرًا‏.‏ وما هذا إلا لجهلهم أو أنهم مغرضون‏.‏
    2 ـ أما البكر البالغة فلا تزوج إلا بإذنها وإذنها صُماتها لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ولا تنكح البكر حتى تستأذن‏.‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله فيكف إذنها‏؟‏ قال‏:‏ أن تسكت‏)‏‏.‏(12).‏ فلا بد من إذنها ولو كان المزوج لها أبوها على الصحيح من قولي العلماء‏.‏
    قال العلاّمة ابن القيم في الهدي(13)‏‏:‏ وهذا قول جمهور السلف ومذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايات عنه، وهو القول الذي ندين الله به ولا نعتقد سواه‏.‏ وهو الموافق لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ونهيه‏.‏ انتهى‏.‏
    3 ـ وأما الثيب فلا تزوج إلا بإذنها‏.‏ وإذنها بالكلام بخلاف البكر فإذنها الصمات‏.‏
    قال في المغني(14) ‏‏:‏ أما الثيب فلا نعلم من بين أهل العلم خلافًا في إذنها الكلام، للخبر‏.‏ ولأن اللسان هو المعبّر عما في القلب وهو المعتبر في كل موضع يعتبر فيه الإذن‏.‏ انتهى‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (15):‏ المرأة لا ينبغي لأحد أن يزوجها إلا بإذنها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فإن كرهت ذلك لم تجبر على النكاح إلا الصغيرة البكر فإن أباها يزوجها ولا إذن لها‏.‏ وأما البالغ الثيب فلا يجوز تزوجها بغير إذنها لا للأب ولا لغيره بإجماع المسلمين‏.‏ وكذلك البكر البالغ ليس لغير الأب والجد تزويجها بدون إذنها بإجماع المسلمين‏.‏ فأما الأب والجد فينبغي لهما استئذانها، واختلف العلماء في استئذانها هل هو واجب أو مستحب والصحيح أنه واجب‏.‏ ويجب على ولي المرأة أن يتقي الله فيمن يزوجها به وينظر في الزوج هل هو كفء أو غير كفء فإنه إنما يزوجها لمصلحتها لا لمصلحته‏.‏ انتهى‏.‏


    اشتراط الولي في تزويج المرأة
    ليس معنى إعطاء المرأة حق اختيار الزوج المناسب لها، إطلاق العنان لها في أن تتزوج من شاءت ولو كان في ذلك ضرر في أقاربها وأسرتها‏.‏ وإنما هي مربوطة بولي يشرف على اختيارها ويرشدها في أمرها، ويتولى عقد تزويجها فلا تعقد لنفسها، فإن عقدت لنفسها فعقدها باطل‏.‏ لما في السنن من حديث عائشة رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏أيُّما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل‏.‏ فنكاحها باطل‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ الحديث‏.‏(16).‏
    وفي السنن الأربع‏:‏ ‏(‏لا نكاح إلا بوليّ‏)‏ دلّ الحديثان وما جاء بمعناهما أنه لا يصح النكاح إلا بولي‏.‏ لأن الأصل في النفي نفي الصحة‏.‏ وقال الترمذي‏:‏ العمل عليه عند أهل العلم منهم عمر وعلي وابن عباس وأبو هريرة وغيرهم‏.‏ وهكذا روي عن فقهاء التابعين أنهم قالوا‏:‏ لا نكاح إلا بولي، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وانظر المغني (17)‏‏.


    حكم ضرب النساء للدُّفّ من أجل إعلان النكاح

    يستحب ضرب النساء للدُّف حتى يعرف النكاح ويشتهر ويكون ذلك بين النساء خاصة، ولا يكون مصحوبًا بموسيقى ولا بآلات لهو ولا أصوات مطربات‏.‏ ولا بأس بإنشاد النساء الشعر بهذه المناسبة بحيث لا يسمعهُنَّ الرجال‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فصل ما بين الحلال والحرام الدّفّ والصوت في النكاح)‏ ‏(18).‏
    قال الشوكاني في نيل الأوطار(19):‏ في ذلك دليل على أنه يجوز في النكاح ضرب الأدفاف ورفع الأصوات بشيء من الكلام نحو‏:‏ أتيناكم أتيناكم ونحوه‏.‏ لا بالأغاني المهيجة للشرور، المشتملة على وصف الجمال والفجور ومعاقرة الخمور‏.‏ فإن ذلك يَحْرُم في النكاح كما يَحْرُم في غيره‏.‏ وكذلك سائر الملاهي المحرمة‏.‏ انتهى‏.‏


    أيتها المسلمة لا تُسرفي في شراء الحلي والأقمشة بمناسبة الزواج فإن هذا من الإسراف الذي نهى الله عنه وأخبر أنه لا يحب أهله‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ‏}‏ عليك بالاعتدال وترك المباهاة‏.

    طاعة المرأة لزوجها وتحريم معصيتها له

    تجب عليك أيتها المرأة المسلمة طاعة زوجك بالمعروف‏.‏ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله‏:‏ ‏(‏إذا صلت المرأة خمسها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت‏)‏(20).‏
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه‏)(21)‏‏.‏
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح‏) (22)‏‏.‏
    وفي رواية للبخاري ومسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (‏والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها)‏‏.‏
    ومن حق الزوج على زوجته أن تقوم برعاية بيته وأن لا تخرج منه إلا بإذنه‏.‏ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها‏) (23)‏‏.‏
    ومن حقه عليها أن تقوم بعمل البيت ولا تحوجه إلى جلب خادمة يتحرج منها ويتعرض بسببها للخطر في نفسه وأولاده‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (24)‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ‏}‏(25).‏
    يقتضي وجوب طاعتها لزوجها مطلقًا من خدمة وسفر معه وتمكين له وغير ذلك كما دلّت عليه سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ انتهى‏.‏
    وقال العلامة ابن القيم في الهدي(26):‏ واحتج من أوجب الخدمة بأن هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه‏.‏ وأما ترفيه المرأة وخدمة الزوج لها وكنسه وطحنه وعجنه وغسيله وفرشه وقيامه بخدمة البيت فمن المنكر‏.‏ والله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏(27) ‏‏.‏
    وقال‏:‏ ‏{‏الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ‏}‏ (28)‏‏.‏
    وإذا لم تخدمه المرأة بل يكون هو الخادم لها فهي القوامة عليه‏.‏ إلى أن قال‏:‏ فإنما أوجب الله سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها وما جرت به عادة الأزواج‏.‏
    وأيضًا فإن العقود المطلقة إنما تنزل على العرف، والعرف خدمة المرأة وقيامها بمصالح البيت الداخلة‏.‏ وقال‏:‏ ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة وفقيرة وغنية فهذه أشرف نساء العالمين (فاطمة رضي الله عنها) كانت تخدم زوجها وجاءته صلى الله عليه وسلم تشكر إليه الخدمة فلم يشكها‏.‏ انتهى‏.‏
    إذا رأت المرأة من زوجها عدم رغبة فيها وهي ترغب البقاء معه فكيف تعالج الموقف‏؟‏
    يقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ‏}‏(29)‏‏.‏
    قال الحافظ ابن كثير‏:‏ إذا خافت المرأة من زوجها أن ينفر عنها، أو يعرض عنها، فلها أن تسقط عنه حقها أو بعضه من نفقة أو كسوة أو مبيت أو غير ذلك من حقوقها عليه‏.‏ وله أن يقبل ذلك منها، فلا حرج عليها في بذلها ذلك له ولا حرج عليه في قبوله منها‏.‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ‏}‏ ‏(30)‏‏.‏
    أي خير من الفراق‏.‏ ثم ذكر قصة سودة بنت زمعة، رضي الله عنها، وأنها لما كبرت، وعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراقها، صالحته على أن يمسكها ويترك يومها لعائشة فقبل ذلك منها وأبقاها على ذلك‏.‏ (31)‏‏.‏
    إذا كانت المرأة مبغضة للزوج ولا تريد البقاء معه فماذا تفعل‏؟‏
    يقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ‏}‏ (32)‏‏.‏
    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره (33)‏‏:‏ وأما إذا تشاقق الزوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرجل، وأبغضته ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها له، ولا حرج عليه في قبول ذلك منها‏.‏ انتهى‏.‏ وهذا هو الخلع‏.‏



    إذا طلبت منه الفراق من غير عذر فماذا عليها من الوعيد‏؟‏

    عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة‏) (34)‏‏.‏
    وذلك لأن أبغض الحلال إلى الله الطلاق‏.‏ وإنما يصار إليها عند الحاجة‏.‏ أما بدونها فإنه مكروه لما يترتب عليه من الأضرار التي لا تخفى‏.‏ والحاجة التي تلجئ المرأة إلى طلب الطلاق أن يمتنع من القيام بحقها عليه على وجه تتضرر بالبقاء معه‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ‏}‏(35)‏‏.‏
    وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}‏ ‏(36)‏‏.‏
    ما يجب على المرأة عند انتهاء عقد الزواج
    الفرقة بين الزوجين على نوعين، أحدهما‏:‏ فرقة في الحياة، والثانية‏:‏ فرقة بالموت‏.‏ وفي كلا الفرقتين تجب عليها العدة وهي تربص محدود شرعًا‏.‏ والحكمة فيها أنها حَرمٌ لانقضاء النكاح لما كمل واستبراء للرحمن من الحمل لئلا يطأها غير المفارق لها فيحصل الاشتباه وتضيع الأنساب‏.‏ وفيها احترام لعقد النكاح السابق واحترام لحق الزوج المفارق وإظهار للتأثر من فراقه‏.‏


    والعدة أربعة أنواع‏:‏
    النوع الأول‏:‏ عدة الحامل وهي بوضع الحمل مطلقًا بائنة كانت أو رجعية مفارقة في الحياة أو متوفى عنها‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ‏}‏ (37)‏‏.‏
    النوع الثاني‏:‏ عدة المطلقة التي تحيض وهو ثلاثة قروء‏.‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ‏}‏ (38)‏‏.‏
    أي ثلاث حِيَض‏.‏
    النوع الثالث‏:‏ التي لا حيض لها وهو نوعان‏:‏ صغيرة لا تحيض، وكبيرة لا تحيض قد يئست من الحيض فبيّن الله سبحانه عدة النوعين بقوله‏:‏ ‏{‏وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ‏}‏ (39)‏‏.‏
    أي فعدتهن كذلك‏.‏
    النوع الرابع‏:‏ المتوفى عنها زوجها بين عدتها بقوله‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا‏}‏(40).‏
    فهذا يتناول المدخول بها وغيرها والصغيرة والكبيرة ولا تدخل فيه الحامل لأنها خرجت بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ‏}‏(41).‏
    انتهى‏.‏ من الهدي النبوي لابن القيم (42)‏، الطبعة المحققة‏.‏


    ما يحرم في حق المعتدة

    1 ـ حكم خطبتها‏:‏
    ‏(‏ أ ‏)‏ المعتدة الرجعية تحرم خطبتها تصريحًا وتعريضًا لأنها في حكم الزوجات‏.‏ فلا يجوز لأحد أن يخطبها لأنها ما زالت في عصمة زوجها‏.‏
    ‏(‏ب‏)‏ المعتدة غير الرجعية تحرم خطبتها تصريحًا لا تعريضًا لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء‏}‏(43).‏
    والتصريح إظهار الرغبة في تزوجها كأن يقول‏:‏ أريد أن أتزوجك‏.‏ لأنه قد يحملها الحرص على الزواج على الإخبار بانقضاء عدتها قبل انقضائها فعلاً‏.‏ بخلاف التعريض فإنه غير صريح ببيان الرغبة في تزوجها فلا يترتب عليه محذور ولمفهوم الآية الكريمة‏.‏
    ومثال التعريض أن يقول إني في مثلك لراغب مثلاً‏.‏ ويباح للمعتدة غير الرجعية أن تجيب عن التعريض تعريضًا‏.‏ ولا يحل لها أن تجيب عن التصريح‏.‏ ولا يباح للرجعية أن تجيب من خطبها لا تصريحًا ولا تعريضًا‏.‏
    2 ـ يحرم العقد على المعتدة من الغير لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ‏}‏ ‏(44)‏‏.‏
    قال ابن كثير في تفيسره (45)‏‏:‏ يعني ولا تعقدوا العقدة بالنكاح حتى تنقضي العدة وقد أجمع العلماء على أنه لا يصح العقد في مدة العدة‏.‏ انتهى‏.‏
    فائدتان‏:‏
    الأولى‏:‏ من طُلِّقت قبل الدخول فليس عليها عدة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا‏}‏(46).‏
    قال ابن كثير في تفسيره (47)‏:‏ هذا أمر مجمع عليه بين العلماء أن المرأة إذا طُلِّقت قبل الدخول بها فلا عدة عليها فتذهب فتتزوج في فورها من شاءت‏.‏
    الثانية‏:‏ أن من طُلِّقت قبل الدخول وقد سمي لها مهر فلها نصفه‏.‏ ومن لم يسمِّ لها مهر فلها المتعة بما تيسر من كسوة ونحوها‏.‏
    ومن طُلِّقت بعد الدخول فلها المهر‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏}‏ ‏(48)‏‏.‏
    إلى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏ (49)‏‏.‏
    أي ليس عليكم يا معشر الأزواج جناح بتطليق النساء قبل المسيس وفرض المهر وإن كان في ذلك كسر لها فإنه ينجبر بالمتعة وهي من كل زوج بحسب حاله عسرًا ويسرًا بما جرى به العرف‏.‏ ثم ذكرسبحانه التي سمي لها مهرًا وأمر بإعطائها نصفه‏.‏
    قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (50)‏:‏ وتشطير الصداق والحالة هذه أمر مجمع عليه بين العلماء لا خلاف بينهم في ذلك‏.‏ انتهى‏.‏
    3 ـ يحرم على المعتدة من وفاةٍ خمسة أشياء تسمى بالإحداد‏:‏
    أحدها‏:‏ الطيب بجميع أنواعه فلا تتطيب في بدنها ولا ثوبها ولا تستعمل الأشياء المطيبة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏ولا تمس طِيبًا‏).‏
    الثاني‏:‏ الزينة في بدنها فيحرم عليها الخضاب وكل أنواع التزين كالاكتحال وأنواع الأصباغ الجلدية إلا إذا اضطرت إلى الاكتحال تداويًا لا زينة، فلها أن تكتحل ليلاً وتمسحه نهارًا ولا بأس أن تداوي عينيها بغير الكحل مما لا زينة فيه‏.‏
    النوع الثالث‏:‏ التزين بالثياب المعدة للزينة مما صنع للزينة وتلبس من الثياب ما لا زينة فيه ولا يتعين لون خاص مما جرت العادة بلبسه‏.‏
    النوع الرابع‏:‏ لبس الحلي بجميع أنواع حتى الخاتم‏.‏
    النوع الخامس‏:‏ المبيت في غير منزلها الذي توفي زوجها وهي فيه‏.‏ ولا تتحول عنه إلا بعذر شرعي ولا تخرج لعيادة مريض ولا لزيارة صديق أو قريب‏.‏ ويباح لها الخروج في النهار لحاجاتها الضرورية ولا تمنع من غير هذا الأشياء الخمسة مما أباح الله‏.‏
    قال الإمام ابن القيم في الهدي النبوي (51)‏‏:‏ ولا تمنع من تقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق الشعر المندوب إلى حلقه ولا من الاغتسال بالسدر والامتشاط به‏.‏ انتهى‏.‏
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (52)‏‏:‏ ويجوز لها أن تأكل كلما أباحه الله كالفاكهة واللحم‏.‏ وكذلك شرب ما يباح من الأشربة‏.‏ إلى أن قال‏:‏ ولا يحرم عليها عمل شغل من الأشغال المباحة مثل التطريز والخياطة والغزل وغير ذلك مما تفعله النساء‏.‏ ويجوز لها سائر ما يباح لها في غير العدة مثل كلام من تحتاج إلى كلامه من الرجال إذا كانت متسترة وغير ذلك‏.‏ وهذا الذي ذكرته هو سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يفعله نساء الصحابة إذا مات أزواجهن‏.‏ انتهى‏.‏
    وما يقوله العوام أنها تغطي وجهها عن القمر ولا تصعد لسطح المنزل ولا تكلم الرجال وتغطي وجهها عن محارمها وغير ذلك كله لا أصل له، والله أعلم‏.‏






    ــــــــــــــــــــــــــــ
    ‏(1) ‏الروم‏:‏ 21‏
    (2) ‏ ‏النور‏:‏ 32‏
    (3) ‏ ‏رواه ابن جرير وذكر البغوي عن عمر نحوه‏
    (4) 5/94، 95 طبعة دار الأندلس
    (5) ‏32/90
    (6) ‏3/149
    (7) ‏‏3/422
    (8) ‏رواه الترمذي وحسنه وله شواهد‏
    (9) ‏ ‏متفق عليه‏
    (10) ‏6/128، 129
    (11) ‏6/487
    (12) ‏ ‏متفق عليه‏
    (13) 5/96
    (14) ‏6/493
    (15) ‏32/39‏)‏، 40
    (16) قال الترمذي‏:‏ حديث حسن
    (17) ‏‏6/449
    (18) ‏رواه الخمسة إلا أبا داود‏.‏ وحسّنه الترمذي‏ ‏‏
    (19) ‏‏6/200
    (20) ‏ ‏رواه ابن حبان في صحيحه‏ ‏‏
    (21) ‏ ‏رواه البخاري ومسلم‏
    (22) ‏ ‏رواه البخاري ومسلم وغيرهما‏
    (23) ‏ ‏رواه البخاري ومسلم‏
    (24) ‏32/260، 261
    (25) ‏ ‏النساء‏:‏ 34‏ ‏‏
    (26) ‏‏5/188، 189
    (27) ‏ ‏البقرة‏:‏ 228‏
    (28) ‏ ‏النساء‏:‏ 34‏
    (29) ‏ ‏النساء‏:‏ 128‏
    (30) ‏النساء‏:‏ 128‏
    (31) انظر تفسير ابن كثير ‏(‏2/406‏)
    (32) ‏ ‏البقرة‏:‏ 229‏
    (33) ‏1/483
    (34) ‏ ‏رواه أبو داود والترمذي وحسنه ابن حبان في صحيحه‏
    (35) ‏ ‏البقرة‏:‏ 229‏
    (36) ‏البقرة‏:‏ 226، 227‏
    (37) ‏ ‏الطلاق‏:‏ 4‏
    (38) ‏ ‏البقرة‏:‏ 228‏
    (39) ‏الطلاق‏:‏ 4‏
    (40) ‏ ‏البقرة‏:‏ 234‏ ‏‏
    (41) ‏ ‏الطلاق‏:‏ 4‏ ‏‏
    (42) ‏5/594، 595
    (43) ‏ ‏البقرة‏:‏ 235‏ ‏‏
    (44) ‏البقرة‏:‏ 235‏
    (45) ‏1/509
    (46) ‏ ‏الأحزاب‏:‏ 49‏ ‏‏
    (47) ‏‏5/479
    (48) ‏البقرة‏:‏ 236‏
    (49) ‏البقرة‏:‏ 237‏
    (50) ‏1/512
    (51) ‏‏5/507
    (52) ‏34/27، 28



    :



    غيابي بسبب انشغالي بالدراسة
    لازلت أحبكمــ

مواضيع مشابهه

  1. خااااص الي بيتش بيتش 1 واللي عندها مشاكل في الحمل مهم الدخول
    بواسطة نبض الحياه في الحمل والولادة و الرضاعة
    الردود: 0
    اخر موضوع: 23-06-2009, 12:01 AM
  2. أحكام تختص باللباس والحجاب للمرأة المسلمه
    بواسطة حمودي888 في روضة السعداء
    الردود: 6
    اخر موضوع: 05-03-2008, 07:40 PM
  3. الردود: 4
    اخر موضوع: 18-01-2008, 02:24 AM
  4. الردود: 2
    اخر موضوع: 10-11-2006, 05:13 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ