انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 1 من 2 12 الأخيرالأخير
عرض النتائج 1 الى 10 من 13

الموضوع: @@@ نحن والمـــــوت إلى أين؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الموقع
    بالفردوس الاعلى ان شاء الرب الكريم
    الردود
    5,101
    الجنس
    أنثى

    angry @@@ نحن والمـــــوت إلى أين؟

    المــــــــــــوت



    بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ....

    أما بعد:

    أختي الغالية
    .. هل تخافين ملك الموت ذلك الزائر الغريب؟ الذي لن يطرق

    الباب أو يستأذن ، يأتي على حين غرة ،ينتزع الروح ويمضي ويملأ البرد جسمك ولا تملكين حينها قولاً

    ولا رجاء، هل تخافينه ؟؟

    سأسأل نفسي هذا السؤال هل أخاف الموت؟ نعـــــــــــــم فوالله أرتعد حين أذكر الموت ..الآن افتحي لي

    قلبك لأخبرك عن الموت ؟ وعن الساعة التي تسبقه لعلي أجد أنا وإياك ما يطمئننا ...

    ساعة الاحتضار اخيتي هي ساعتنا التي سوف نمر بها فما منا إلا ميت وما منا إلا محتضر ولا منا إلا

    قادم على تلك الساعة...ساعة الموت التي يذل فيها الجبار ويذعن فيه العاصي و يعود فيها المتمرد

    ويتوب فيها المذنب ..

    ساعة الموت تلك الساعة الألمية التي سنمر بها جميعاً قال الله تعالى:

    (( و جآت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تَحيد ))

    فيا أختي الغالية
    دعيني أذكر لكي قصة من قصص المحتضرين وأخبارهم

    وأنباؤهم لعلنا نتذكر هذا المصرع العظيم الذي لن يفوتنا بداً.. وسوف نمر به ولو طالت أعمارنا ولو

    تمتعنا بشبابنا ولو لبسنا الثياب الجميلة وتزاورنا وضحكنا...سوف تمر بنا تلك الساعة لتنسي ما كان

    قبلها والتي يتذكر فيها الإنسان حسابه مع الله..ماذا فعل؟ وما لم يفعل؟ ماذا قدم وما لم يقدم؟ تلك

    الساعة التي يرى فيها الإنسان شريط حياته كله ...فلا نجاة من تلك الساعة ولو نجا منها احد لنجا منها

    الحبيب المصطفى- صلى الله عليه و سلم – ولكنه واللــــــه ما نجا فقد مر بها كما يمر الإنسان العادي


    بتلك الساعة وهو كما تعلمين أكرم الناس على رب الناس..لكنه تلقاها برحابه صدر لأنه أحسن العمل مع

    الله.

    ...
    ..ألا تعلمين...بأنه المــــــــــــــــوت....؟

    الموت: هو ذلك المصرع العظيم والله عز وجل كتب الموت على الأحياء فقال:

    ( ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام))

    الموت يعني النهاية يا حبيبة..الموت يعني لا مزيد..لا مزيد من الدنيا ولا مزيد من اللهو ولا مزيد من

    الأمل ولا مزيـــــــــــــد من العمل الصالح أتعلمين ما معنى لا مزيـــــــــد..!!

    يعني لة كانت تنقصك شعرة فقط حسنة فقط وتدخلين الجنة لما كان لك أن تعودي ولو لحظة لتجلبي تلك

    الحسنة..أما سمعتي قوله سبحانه:

    (( حتى إذا جاء أحدكم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحاً فيما تركت

    كــــــــــــــلا إنها كلمةٌ هو قائلها ومن ورائها برزخ إلى يوم يبعثون)).



    ذلك اليوم الذي تودعين فيه الدنيا وما فيها ...لا أم ولا أب ولا ونيس..ولا بيت يؤويك سوى تلك

    الحفرة...بعدها صار بيتك بين اللحود.. تحت أطنان من التراب لن يزحزحها عنك أحد


    أما سمعت قول الشاعر عندما مر على اهل القبور فانشد يقول


    أتيت القبور فناديتها .....أين المعظَم والمحتَقر
    تفانوا جميعاً فما مخبرٌ .....وماتوا جميعاً ومات الخبر
    فيا سائلي عن أناس مضوا......أمالك في ما مضى معتبر
    تروح وتغدو بنات الثرى......فتمحو محاسن تلك الصور


    الآن سأخبرك بما يفعل الموت بالناس في قبورهم ففتحي قلبك لم سوف تسمعين...

    عمر بن عبدالعزيز رضي الله
    عنه الخليفة الزاهد صلى العيد بالناس

    وخرج رضي الله عنه فلما مر بالمقبرة وقف يبكي بكاءً طويلاً ..ثم قال:يا أيـــــــها الناس هذه قبور

    أجدادي وآبائي وإخواني وجيراني،أتدرون ما فعل بهم الموت؟. ثم بكى .فقال الناس: ماذا فعل يا أمير

    المؤمنين ؟؟ماذا تتوقعين بأنه فعل؟؟؟ها..أجيبي؟؟


    قال
    عمر : يقـــول المــــــوت
    : إنني


    فقأت الحدقتين، وأكلت العينين وفصلت الكفين عن الساعدين

    والساعدين من العضدين والعضدين من الكتفين والقدمين من الساقين والساقين من الركبتين..وفصلت

    كل شيء على حده؟!! ثم بكى عمر وبكى الناس جميعاً ..

    أختي الغالية
    أتتخيلين منظرك بعد الموت...بعد أن تشيعين وفي حفرة

    توضعين..وتحت التراب تدفنين..فيكون قبرك إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران و

    العياذ بالله..


    والقبر روضة من الجنان.... أو حفرة من حفر النيران
    إن يك خيراً فالذي بعده .... أفضل عند ربـــــــــنا لعبده
    وإن يك شراً فما بعد أشد.... ويل لعبد عن سبيل الله صد.


    ياللـــــه ..سأوضع في حفرة..مظلمة ...مخيفة..يخرج الدود من جسدي ..ويملأ الصديد عظامي...كيف

    سأفر من الموت...كيف؟؟...والله لا مفر يا أخيه..فقد قال سبحانه:

    (( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب

    والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون))..


    غاليتي..لعلها تكون آخر كلمة ألقيها الآن ..وآخر نفسٍ أتنفسه..وآخر يومٍ

    أعيشه وقبل أن أهنأ بكل هذا يكون ملك الموت قد أقفل على سجلات حياتي وقبض روحي..غاليتي قد

    تكون في هذا اليوم آخر خطواتك التي تخطينها و أنتي متبرجة وكاشفة عن محاسن وجهك وجمال شعرك

    متناسية بأن الذي رفع السماء بلا عمد ينظر إليك..فعلمي أن بعصيانك هذا لن تفوزي لا بجنـــــة في

    القبر ولا بجنـة الآخرة... نسيتي بأنك دخلتي هذه الدنيا طاهرة وخرجت منها إلى قبرك وقد حملت من

    أوزارك ومعاصيك ما لا تطيقينه.....غاليتي ...اعلمي بان الموت مخلوق من مخلوقات الله تعالى وبأن

    ملك الموت ما هو إلا عبد مأمور لا حول له ولا قوة سيقبض روحك وسيمضي لغيرك ثم أنتي وحدك

    ستسألين.

    .((تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة

    ليبلوكم أيكم أحسن عملا ))



    أختي الغالية....

    اغتنمي هذه الفرصة واغتنمي هذه الحياة ..ولا تتركي دقيقة و ثانية من حياتك إلا وجعلتها لوجه الله

    تعالى احتسبي عمرك كله لله.. واعلمي أخيه أن هذه الدنيا دار فناء و أنه لن يبقى لكي من هذه الدنيا إلا

    عملك الصالح..فلا تبخلي على نفسك وسارعي إلى مغفرة ربك...

    لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
    إلا التي كان قبل الموت بانيها
    فإن بناها بخير طاب مسكنها
    و إن بناها بشر خاب بانيها


    توبي يا أمة الله ما دمتي حية فإنك والله غير معجزة..حركي شفتيك الآن...حركيها

    وقولي..أستغفـــر الله...قولي استغفر الله و أتوب إليه...بقلب حزين ..مذنب ذليل نادم على ما

    فات ..قوليها مرة أخرى..اجعلي قلبك عازم على العودة لله و على بلوغ الجنات وتحصيل الحسنات

    والدرجات..

    نسأل الله سبحانه و تعالى أن يبدل حالنا بأحسن منها ، وان يردنا إليه رداً جميلاً .وان يتولانا فيمن

    تولى، وأن يحلينـــا بالإيمان وبحليتي اليقين والإحسان وان يذكرنا بالمصير المحتوم وان يجعلنا ممن

    يستعد له استعدادا طيبا.. وان يحفظ علينا أوقاتنا و أعمارانا وحياتنا ..إنه قادر على ذلك وحده ..وصلى

    الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم...


    منقول من موقع طريق التوبة


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الموقع
    بالفردوس الاعلى ان شاء الرب الكريم
    الردود
    5,101
    الجنس
    أنثى
    ( اللهم إغفرلي ولوالدي وللمسلمين وللمسلمات
    وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء منهم والاموات الى يوم الدين )

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    الموقع
    بريطانيا
    الردود
    46
    الجنس
    جزاكي الله خيرا اختي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الردود
    1,335
    الجنس
    جزاك الله خير اللهم أحسن خاتمتنااللهم آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الردود
    1,335
    الجنس
    جزاك الله خير اللهم أحسن خاتمتنااللهم آآآآآآآآآآآآآآآآمين.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    الموقع
    أحزان قلبي لا تزول حتى أبشر بالقبول وألقى كتابي بيميني وبعيني ارى الرسول (صلى الله عليه وسلم )
    الردود
    5,921
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    11
    السلام عليكم بارك الله فيك اختى الفاضله وجزاك الجنان ومالنا الا الله في ساعه الأحتضار



  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    (المنصورة - مصر) الحبيبة
    الردود
    2,300
    الجنس
    أنثى

    heart2

    السلام عليكم أختى / نورة الجزائرية
    جزاكى الله خيرا على تقديمك
    ذكرتينا بالواعظ الصامت ، بالزائر القريب من نحن عنه فى غفلة وهو لا يغفل عنا .
    والله يا أختى اننا بحاجة للإستعداد ليوم الرحيل يوم العرض على رب الأرض والسماوات ، يوم تعرض فيه الأعمال ويكرم المرء فيه أو يهان .
    إن سكرات الموت ورؤية ملك الموت لأمر عظيم ، والله يا أختى الفاضلة ان معاينة ملك الموت أشد من ضرب بالسيوف وقرض بالمقاريض ، والله يهونها على من يشاء .
    كيف لنا الإنشغال والإنغماس فى الدنيا والجرى ورائها والموت يطلبنا
    فعلا هل انتهينا من الإستعداد للقاء؟ ، هل سمعنا القبر وهو ينادينا ؟ هل اتعظنا بكل قريب وحبيب نشيعه ؟
    هلا أحيينا القلوب لعل الرحمن يرحمنا بفضله سبحانه ؟
    إذا حاسبنا أنفسنا هل نرضى ؟ هل لدينا أعمال تعرض على ملك الملوك سبحانه وبحمده ؟
    اللهم هون علينا سكرات الموت وثبتنا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة وتوفنا وانت عنا راض يارب العالمين

    هلا أحيينا القلوب
    أذكر الموت ولا أرهبه إن قلبى لغليـظ كالحجر
    اطلب الدنيا كأى خالد وورائى الموت يقفو بالأثر
    وكفى بالموت فاعلم واعظا لمن الموت عليه قد قدر
    والمنايا حوله ترصده ليس ينجى المرء منهن المفر


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الموقع
    بالفردوس الاعلى ان شاء الرب الكريم
    الردود
    5,101
    الجنس
    أنثى

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الموقع
    بالفردوس الاعلى ان شاء الرب الكريم
    الردود
    5,101
    الجنس
    أنثى

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الموقع
    بالفردوس الاعلى ان شاء الرب الكريم
    الردود
    5,101
    الجنس
    أنثى
    أكثروا من ذكر هادم اللذات ومفرِّق الجماعات

    الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملاً، وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا القائل: "أكثروا من ذكر هادم1 اللذات"، الموت، مفرق الجماعات، وميتم البنين والبنات، ومؤيم الأزواج والزوجات، وقاطع الأعمال الصالحات، المقرب إلى العرصات2، المجرع للحسرات، الناقل من البيوت والقصور إلى القبور الموحشات، المفجع للأهل والقرابات، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم في الخيرات.
    من العجيب الغريب أن كثيراً من الناس لا يذكرون الموت ولا يحبون أن يذكَّروا به، ومنهم من يتشاءم بمن يذكره بذلك، وينبهه لما هنالك، كأنما كتب الموت على غيرهم، ونسوا أوتناسوا أن الأحياء جميعاً هم أبناء الموتى، وذراري الهلكى، أين الآباء والأجداد؟ بل أين بعض الأبناء، والازواج، والأقارب، والجيران، والأحفاد؟
    ما منا من أحد إلا ومعه أصل شهادة وفاته، فقد نعى الله إلينا رسولنا، ونعانا إلى أنفسنا، فقال: "إنك ميت وإنهم ميتون"، وما يستخرج من شهادة بعد الوفاة إنما هي صورة طبق الأصل لما سجله الملائكة للعبد وهو في رحم أمه، ورحم الله ابن الجوزي حين قال في قول الله عز وجل: "كل من عليها فان": (هذا والله توقيع بخراب الدنيا)، إي وربي، إنه توقيع وأي توقيع! ليس فيه تزوير، لا يقبل المراجعة، ولا تجدي فيه الشفاعة.
    فالموت لا يميز بين صغير وكبير، ولا صحيح وسقيم، ولا غني وفقير، ولا أمير ووزير وغفير، ولا عالم ولا جاهل،ولا بر ولا فاجر: "إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون".
    رحم الله العلامة الشهير، والشاعر المجود القدير، والواعظ الناصح البصير، أبو إسحاق الألبيري3 حين قال مذكراً ابنه أبا بكر بأن الموت لا يفرق بين صغير وكبير، في قصيدته الشهيرة التي حث فيها ابنه على طلب العلم والاشتغال به، التي مطلعها:
    تفتُّ فيـؤادك الأيـامُ فتـاً وتنحتُ جسمكَ الساعاتُ نحتا
    وتدعوك المنونُ دعاءَ صدق ألا يا صاح أنت أريــدُ أنتا
    أراك تحب عِرْساً ذات خدر أبتَّ طلاقها الأكيــاسُ بتا
    تنام الدهر ويحك في غطيط بها حتى إذا مت انتبهـــا
    فكم ذا أنت مخـدوع وحتى متى لا ترعوي عنهـا وحتى
    أبابكـر دعـوتك لو أجبتَ إلى ما فيه حظك لوعقلنــا
    إلى علم تكـون به إمامـاً مطاعاً إن نهيتَ و إن أمرتـا
    إلى أن قال:
    ولا تقل الصبـا فيه امتهـال وفكـر كم صغيـر قد دفنتـا
    وقال مذكراً نفسه على لسان ابنه:
    تقطعني على التفريط لومـاً وبالتفريط دهـرك قد قطعتا
    وفي صغري تخوفني المنايا وما تدري بحالك حيث شبتا
    وكنتَ مع الصبا أهدى سبيلاً فمالك بعد شيبك قد نكثتـا
    ونـاداك الكتـاب فلم تجبه ونبهك المشيب فما انتبهتا
    ويقبح بالفتى فعـل التصابي وأقبح منه شيخ قد تفتــا
    ونفسك ذم لا تذمم سواهـا لعيب فهي أجدر من ذممتا
    وأنت أحـق بالتنفيـذ مني و لو كنت اللبيب لما نطقتا
    ولو بكت الدُّما عيناك خوفاً لذنبك لم أقل لك قد أمنتـا
    ومن لك بالأمان وأنت عبد أمرتَ فما ائتمرت ولا أطعتا4
    الأدواء العصيبة والأمراض المهلكة التي تحول بيننا وبين تذكر الموت والاستعداد له هي أمراض القلوب المعنوية: حب الدنيا، وطول الأمل، والغفلة، وكراهية الموت، وذلك لأن كثيراً منا إيمانه بالموت إيمان نظري شبيه بالشك، كما قال الخليفة الراشد والعبد الصالح عمر بن عبد العزيز: (لم أر يقيناً أشبه بالشك كيقين الناس بالموت، موقنون أنه حق ولكن لا يعملون له)، أوكما قال.
    إذا أردت الخـلاص من هذه الأدواء المضلـة المذلـة فعليك بوصيـة رسـولك صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حيث قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب، أوعابر سبيل".
    وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: "إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، خذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".5
    قال النووي رحمه الله: (قالوا في شرح هذا الحديث، معناه: لا تركن إلى الدنيا، ولا تتخذها وطناً، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلق منها إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله، وبالله التوفيق).6
    هذا هو الداء المانع من ذكر الموت والاستعداد له: حب الدنيا، وطول الأمل، ينتج منه كراهية الموت، وهذا هو الدواء: التقلل من الدنيا، والعزوف عنها، المؤدي إلى الإكثار من ذكر الموت والاستعداد له.
    ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحارث بن مالك الأنصاري عندما سأله: كيف أصبحتَ؟ فقال: أصبحتُ مؤمناً حقاً؛ فقال له: لكل شيء حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ قال: عزفت نفسي عن الدنيا، فأقمتُ ليلي وأظمأتُ نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها؛ قال له: يا حارث، عرفتَ فالزم، عرفتَ فالزم، عرفتَ فالزم".
    إليك أخي الكريم أنموذجاً واحداً من سلف هذه الأمة، ممن عرفوا قدر الدنيا فعزفوا عنها، وقد جاءتهم راغمة، وأدركوا مصيبة الموت، ومآل المقبورين، وحال الهالكين، فاستعدوا لذلك، وشمروا لما هنالك، ذلكم هو عمر بن عبد العزيز رحمه الله، لعل الله ينفع بها، فالذكرى تنفع المؤمنين.
    روى ابن الجـوزي رحمه الله في سيرة عمر بن عبد العزيز7 له عن أبي فروة قال: (خرج عمر بن عبد العزيز على بعض جنائز بني أمية، فلما صلى عليها ودفنت قال للناس: قوموا؛ ثم توارى عنهم، فاستبطأه الناس حتى ظنوا، فجاء وقد احمرت عيناه، وانتفخت أوداجه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لقد أبطأت فما الذي حبسك؟ قال: أتيت قبور الأحبة، قبور بني أبي، فسلمتُ فلم يردوا السلام، فلما ذهبت أقفي ناداني التراب، فقال: يا عمر، ألا تسألني ما لقيت الأحبة؟ قلت: ما لقيت الأحبة؟ قال: خرقت الأكفان، وأكلت الأبدان؛ فلما ذهبت أقفي ناداني التراب فقال: يا عمر، ألا تسألني ما لقيت العينان؟ قلت: وما لقيت العينان؟ قال: قدعت المقلتان، وأكلت الحدقتان؛ فلما ذهبت أقفي ناداني التراب، فقال: يا عمر، ألا تسألني ما لقيت الأبدان؟ قلت: وما لقيت الأبدان؟ قال: قطعت الكفَّان من الرُّسغين، وقطعت الرسغان من الذراعين، وقطعت الذراعان من المرفقين، وقطعت الكتفان من الجنبين، وقطعت الجنبان من الصلب، وقطع الصلب من الوركين، وقطعت الوركان من الفخذين، والفخذان من الركبتين، وقطعت الركبتان من الساقين، وقطعت الساقان من القدمين؛ فلما ذهبت أقفي ناداني التراب، فقال: يا عمر، عليك بأكفان لا تبلى؛ قلت: وما الأكفان التي لا تبلى؟ قال: اتقاء الله والعمل بطاعته؛ ثم بكى عمر، وقال: ألا وإن الدنيا بقاؤها قليل، وعزيزها ذليل، وغنيها فقير، وشابها يهرم، وحيها يموت، فلا يغرنكم إقبالها مع معرفتكم بسرعة إدبارها، فالمغرور من اغتر بها، أين سكانها الذين بنوا مدائنها، وشقوا أنهارها، وغرسوا أشجارها؟ أقاموا فيها أياماً يسيرة، غرتهم بصحتهم، وغروا بنشاطهم، فركبوا المعاصي، إنهم والله كانوا في الدنيا مغبوطين بالأموال على كثرة المنع، محسودين على جمعها، ما صنع التراب بأبدانهم، والرمل بأجسادهم، والديدان بعظامهم وأوصالهم، كانوا في الدنيا على أسرة ممهدة، وفرش منضدة، بين خدم يخدمون، وأهل يكرمون، وجيران يعضدون، فإذا مررت فنادهم إن كنت منادياً، وادعهم إن كنت داعياً، مر بعسكرهم وانظر إلى تقارب منازلهم، وسل غنيهم ما بقي من غناه، وسل فقيرهم ما بقي من فقره، وسلهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون، وعن الأعين التي كانوا بها ينظرون، وعن الجلود الرقيقة، والوجوه الحسنة، والأجساد الناعمة، ما صنع بها الديدان؟ امحت الألوان، وأكلت اللحمان، وعفرت الوجوه، وقبحت المحاسن، وكسرت الفقار، وأبانت الأعضاء، ومزقت الأشلاء، فأين حجالهم وقبابهم؟ وأين خدمهم، وعبيدهم، وجمعهم، ومكنوزهم؟ والله ما زادوهم فراشاً، ولا وضعوا هنالك متكأ، ولا غرسوا لهم شجراً، ولا أنزلوهم من اللحد قراراً، أليسوا في منازل الخلوات والفلوات؟ أليس عليهم الليل والنهار سواء؟ أليس هم في مدلهمة ظلماء، قد حيل بينهم وبين العمل، وفارقوا الأحبة، فكم من ناعم وناعمة أصبحت وجوهم بالية، وأجسادهم من أعناقهم بائنة، وأوصالهم متمزقة، قد سالت الحدق على الوجنات، وامتلأت الأفواه دماً وصديداً، ودبّت دواب الأرض في أجسادهم، ففرقت أعضاءهم، ثم لم يلبثوا والله إلا يسيراً حتى عادت العظام رميماً، قد فارقوا الحدائق، وصاروا بعد السعة في المضايق، قد تزوجت نساؤهم، وترددت في الطرقات أبناؤهم، وتوزعت القرابات ديارهم وتراثهم، فمنهم والله الموسع له في قبره، الغض الناظر فيه، المتنعم بلذته.
    يا ساكن القبر غداً ما الذي غرك من الدنيا؟ هل تعلم أنك تبقى أو تبقى لك؟ أين دارك الفيحاء ونهرك المطرد؟ وأين ثمرك الحاضر ينعه؟ وأين رقاق ثيابك؟ وأين طيبك وأين بخورك؟ وأين كسوتك لصيفك وشتائك؟ أما رأيته قد نزل به الأمر فما يدفع عن نفسه، وهو يرشح عرقاً، ويتلمظ عطشاً، ويتقلب في سكرات الموت وغمرته، جاء الأمر من السماء، وجاء غالب القدر والقضاء، جاءه من الأجل ما لا يمتنع منه، هيهات هيهات يا مغمض الوالد والأخ والولد، وغاسله، يا مكفن الميت وحامله، يا مخليه في القبر راجعاً عنه، ليت شعري كيف كنت على خشونة الثرى؟ يا ليت شعري بأي خديك بدأ البلى؟ يا مجاور الهلكات صرت في محلة الموتى، يا ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا؟ وما يأتيني به من رسالة ربي.
    ثم تمثل بهذه الأبيات:
    تسرُّ بما يفني وتشغل بالصبى كما غر باللذات في النوم حالم
    نهارك يا مغرور لهو و غفلة و ليلك نوم والـردى لك لازم
    وتعمل فيما سوف تكره غبـه كذلك في الدنيا تعيش البهائـم
    ثم انصرف، فما بقي بعد ذلك إلا جمعة)، أي أسبوعاً.
    اللهم إنا نسألك أن تقيل العثرات، وتغفر الزلات، وتبدلها حسنات، وتستعملنا في الطاعات، وتشغلنا بما يهمنا في الحياة وبعد الممات، وأن تطيبنا للممات، وأن تستر الخطيئات، وأن تغفر للآبـاء والأمهـات، وأن تصلح الأزواج والذريات، إنك ولي ذلك والقادر عليه، لا رب سواك، ولا إله غيرك.

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ