للاستماع للمحاضرة :اضغط هنا قراءة : 385
الخطبةُ الأولى:

إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلي الله عليه وعلى آله وسلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71].

أَمَّا بَعْدُ:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.

أَمَّا بَعْدُ:
فإنّه عشيَّةَ بدايةِ العامِ الدِراسي لا نجدُ في النُّصْحِ أفضل من قولِ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, عشّية الإقبالِ على الاختلاطِ المفتوح, والتسيُّبِ المفضوح, واللامبالاة التي لا حِسابَ لها, والرَّتعِ في شهواتٍ لا نهاية لحدِّها، عشيَّةَ ذلكَ كُلِّه لا يجدُ الإنسانُ خيراً من كلامِ نبيِّهِ صلى الله عليه وعلى آلِه وسلَّم تذكيراً للشباب, وحضّاً لهم على الأخذِ بموفورِ الوقارِ, والبُعدِ عن مواطِنِ الزَلل؛ لأنَّ الأُمّة قد عقدت مناطَ رجائِها عليهم, وأسلَمَت زِمامَ قيِادِها إليهم؛ فأصبحوا مأمونينَ على أمانةٍ جليلةٍ مِن أجلِ إخراجِ الأُمَّةِ مما هي فيه من تخلُّفها, وبُعدِها عن الركبِ الذي أصبَحَ قائداً البشريّة إلى وهدةٍ في حضيضٍ هابطٍ إلى أسفلَ سافليِنَ؛ من لذّاتٍ, وشهواتٍ أُطلِقَت من عِقَالِها بحيثُ لا يحبسُها حابِس ولا يردُّها راد.
إنّ الأمة اليوم تعقدُ رجاءها بأمرِ ربِّها جلّت قدرته على شبابِها الذي يُؤمِنُ بربِّهِ جلّت قُدرَتُه؛ من أجلِ أن يعودَ الأمر مُصَحّحَا إلى سبيلِهِ السَوِيّ, وطرِيقِهِ المرضِّي بعيداً عن عسفِ الشهواتِ, وتخبُّطِ اللذات, وبعيداً عن الخبطِ في أوديةِ الضلالاتِ, ورجوعاً إلى النهجِ الأحمدِ والصِّراطِ المُستقيم.
لا يجدُ المرءُ في النصيحةِ خيراً من كلامِ ربِّهِ, ومن وحيه إلى نبيِّه صلى الله عليه وعلى آلِهِ وسلَّم {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [النور : 33], ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث المتفق على صِحَتِهِ من روايةِ عبد اللهِ بنَ مسعودٍ رضي الله عنه أنّه سمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (يا معشرَ الشباب من استطاعَ منكمُ الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجاء), وذكرَ الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك عِدلاً بعِدل ومثلاً بمِثْل, وأتى بفوائد مما يتحصَّلُ عليهِ المرءُ في حينِ زواجِهِ على منهجِ ربِّه وسنةِ نبيّه صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم (فإنّه أغَضُّ للبصرِ وأحصنُ للفرجِ), فإذا لم يستطع فإنه يأتي بالعِدْلِ والمِثْلِ كِفاءاً بكِفاء, وأخذاً بما جاءَ به خير الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله وسلم (فعليه بالصوم فإنه له وجاء), والوِجاءُ الذي كانوا يصنعونه في فحولِ إبِلِهم: أن يأتي الواحدُ منهم بحجرين يرضُّ الخُصيتين - خصيتي الفحلِ - بينهما رَضاً من أجلِ قطعِ مادةِ الشهوةِ وقتلِ نوازِعِ اللذات، فأخذَ الرسولُ صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ذلك فجعله واقعاً, ثم جعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم السبيلَ إليه مسلوكاً, والنهجَ إليه محموداً وواضحاً, فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلّم: (فعليه بالصوم).
إذًا؛ هُما أمرانِ في كِفتين إذا ما لم يستطع المرء أن يأتيَ بأحدِهما؛ فلديهِ الآخر (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة, فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر, وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء).