السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك..تلك مقولة قديمة ثمينة بمعناها،
ان الوقت الذي يذهب هباءا هو من عمرنا ، فلنقطعه ونكون الغالبين باستثماره
لما ينفعنا وعقولنا وينفع الآخرين، فهو دقات القلب التي اصبحت في
خبر كان، والانفاس التي تخرج من الصدور.
ان عدم تحسين جدول الحياة اليومية هو استهتار واضاعة للوقت الذي
منحنا الله اياه،كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون
فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ.
لعل من ابرز مظاهر اضاعة الوقت أو خلق الفراغ في حياتنا الآتي...
1. النوم لساعات اكثر من حاجة الجسم... فهو مضيعة للوقت وهروب من الواقع.
2. السهر لساعات على شاشات التلفاز بما لا ينفع الفكر
والروح...ايضا مضيعة للوقت.
3. المشي في الاسواق بدون حاجة ملحة أو قضاء حاجة يعتبر
مضيعة للوقت، ودلالة على الفراغ.
ان الوقت الذي يستثمر ولا يذهب هدرا يعود علينا بالفائدة والاهمية،
اذ ان الهوايات الممتعة وذات الجدوى كثيرة جدا، وقد نسمع من الكثيرين
انهم لا يتقنون بعض الهوايات او الاعمال الجيدة التي تعود بالنفع والمتعة
عليهم...فلا بد ان يبدؤوا لاكتساب الهوايات والمهارات حتى يملؤوا اوقاتهم
ويشعروا بقيمة الوقت حينما يرون انجازاتهم..فمهما كانت بسيطة فإنها
مجدية وتعبر عنهم وعما بداخلهم...فهي تفريغ لشحنات النشاط بما ينفعهم وينفع غيرهم.
نموذج لكيفية استثمار الوقت واعدام الفراغ..
كانت احدى النساء تعيش وهي راضية عن ادائها تجاه ابنائها وزوجها..
الا انها كانت امية لا تعرف القراءة ولا الكتابة التي اصبحت شيئا اساسيا لكل انسان ،
فقد بدأت تشعر بالفراغ بعد ان تزوج ابناؤها وبناتها فهي تستيقظ كل يوم
لتقوم بأعمال المنزل الذي ينتهي بسرعة، وتجلس مع زوجها ،
ساعات يتحاوران وساعات طويلة مليئة بالسكوت والهدوء ، حتما سيتخللها الملل.
اشتكت لزوجها انها تشعر بفراغ وانها لا تستمتع بساعات يومها وانها لا
تشعر بأي قيمة للأيام والساعات والاوقات التي تحياها.
فهي لا تعرف القراءة لتستغل الاوقات في المعرفة والثقافة.
اجتمع الاب مع ابنائه يوما واعلمهم بما تشكو منه والدتهم... فاقترحوا ان
تبحث عن هواية او عن اي شيء تتقنه وتجد نفسها فيه، فقالت لهم انها
تتقن الطبخ جيدا وصاحبة خبرة فيه، فسألها احد ابنائها، وكيف تعلمت الطبخ
ووصلتِ هذه المرحلة المتقدمة في اتقانه؟
أجابته مبتسمة : انه الزمن يا بني...مع مرور الزمن وكثرة الطبخ اصبحتُ
صاحبة خبرة في هذا المجال.
الابن: اذن انه الوقت الذي مع مروره اكتسبتِ تلك المهارة، وتستطيعين
ان تستغلي الوقت بعد وضع جدول تنظيمي ليومكِ، وذلك بعمل وصفات
وأكلات وبيعها كمتعهدة للولائم عن طريق من تعرفينهم من الناس.
هنا بدأت الام بتطبيق الفكرة وسرعان ما أصبحت متعهدة حقيقية في الطبخ للولائم
والحفلات... وبالطبع كانت تتقاضى الاجر وتستفيد من وقتها الذي كان
ايضا في الاعمال الخيرية كانت تقدم الأكلات والاطباق ويذهب ريعها للأيتام
والفقراء والمحتاجين.فحصّلت الأجروالثواب بذلك ايضا.
تلك صورة رائعة من صور استثمار الوقت، وهناك العديد من تلك الصور،
على ان لا نجعل الوقت حكرا لأعمال الدنيا فقط...بل الاخرة خير وأبقى
وان هناك الكثير مطلوب منا عمله طاعة لله، غير الصلاة والصيام والزكاة..
فالتسبيح وذكر الله عمل، ويحتاج الى وقت، والتفكر بآلاء الله
عزوجل والتأمل بعظمته كذلك عبادة ، اذن هي جزء من الوقت المستثمر.
الدعوة الى الله تعالى والتحضير لها والبحث فيها عمل يحتاج الى وقت وتفرغ.
القراءة واكتساب المعرفة وتثقيف العقل والفكر وتحصيل العلم من طرق
كما ان تربية الام لأبنائها هي استثمار للأبناء والوقت معاً، وعملاً مأجورا من
تمضية الوقت مع الابناء واخذهم لرحلة يقضونها بقرب بعضهم البعض
تعتبر استثمارا لعاطفتهم وتطويرها ، إذ انها من الاولويات داخل الاسرة المتماسكة.
وحتى نتستطيع ان نتحكم بأوقاتنا ونستغلها على خير وجه، علينا ان نتعلم
ونقرأ ونبحث في الكتب والمكتبات، ونغوص في اعماق النفس لنكتشف
قدراتنا ونوجهها لطريقها ، فنصل الى نقطة نلتقي من خلالها مع الوقت
فيصبح الوقت الزائد عندنا صديقا يقدم لنا المتسع لنبحر في هذا العالم المليئ
بالمستجدات والأحداث التي لها دور في تطويرنا والتعرف على انفسنا وعلى الغير ... فهناك الكثير.
ومن كان لديه وقت زائدا أو فارغا فليبحث عما يملؤه بما يعود عليه بالنفع
لعقله وروحه وفكره، حتى يكتشف قيمته كإنسان صاحب عقل وبصيرة،
فعندئذ سيشعر بالندم على الاوقات والساعات التي ضاعت منه للأبد
وذهبت هباءاً الى غير رجعه.
دمتم سالمين ومشكورين لقراءتكم المقال
ام طلال
الروابط المفضلة