و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته،
أهلاً و مرحباً بكِ يا دكتورة.. قلب روضة السعداء مفتوح لكِ غاليتي.. أسأل الله أن يسعد قلبك بحبه..
أختي الحبيبة، المشكلة ليست في شعور الحب بحد ذاته، أو في الخاطرة التي تطرأ على بال الإنسان رغماً عنه، و لكن المشكلة و الحرام هو إفساح المجال لنفسك و إعانتها على التمادي في هذه الحال.
الأمور تبدأ بشكل خاطرة ثم تفكير، و لكنها سرعان ما تتطور، و لا تغرنك ثقتك بنفسك أبداً يا أختي، فالإنسان خلق ضعيفاً..
يقول ابن القيم رحمه الله :
من المعلوم أن إصلاح الخواطر أسهل من إصلاح الأفكار، وإصلاح الأفكار أسهل من إصلاح الإرادات، وإصلاح الإرادات أسهل من تدارك فساد العمل...
وإياك أن تُمَكِّن الشيطان من بيت أفكارك وإرادتك، فإنه يفسدها عليك فسادًا يصعب تداركه، ويلقي إليك أنواع الوساوس والأفكار المضِرّة،ويحول بينك وبين الفِكْر فيما ينفعك،وأنت الذي أعنته على نفسك بتمكينه من قلبك وخواطرك،فمَلَكها عليك،فمثالك معه مثال صاحب رحى يطحن فيها جيد الحبوب،فأتاه شخص معه حِمْل تراب وبعر وفحم وغثاء ليطحنه في طاحونته،فإن طرده ولم يمكِّنه من إلقاء ما معه في الطاحون استمر على طحن ما ينفعه، وإن مكَّنه في إلقاء ذلك في الطاحون أفسد ما فيها من الحبِّ و خرج الطحين كله فاسدًا.
الشيطان يستغل هذه الأفكار ليفسد عليك دينك و يجرك إلى الخطوة التي تليها.. و الإنسان يقاوم و لكنه في الآخر يقع..
فإذا دفعت الخاطر الوارد عليك اندفع عنك ما بعده، وإن قبلته صار فكرًا جوَّالًا، فاستخدم الإرادة فتساعدت هي والفكر على استخدام الجوارح، فإن تعذَّر استخدامها رجعا إلى القلب بالتمني والشهوة وتوجِّهه إلى جهة المراد.
المعنى أن نتيجة الأفكار واحدة من اثنتين : إما استخدام الجوارح، أي القيام بعمل فعلي محرم، أو شقاء القلب بالتمني ..
شعور الحب شيء لا إرادي، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها، و بالتالي لا يحاسب عليه. و لكن المطلوب منك مساعدة نفسك و إيقافها عند حدها، و إن لم تفعلي ذلك، بات الأمر حراما.
يقول ابن القيم رحمه الله في "روضة المحبين" :
" فمتى كان السبب واقعا باختياره لم يكن معذورا فيما تولد عنه بغير اختياره ، فمتى كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا ،
ولا ريب أن متابعة النظر واستدامة الفكر بمنزلة شرب المسكر ، فهو يلام على السبب
يعني غاليتي، عندما تسمحين لنفسك بالإسترسال في التفكير، فأنت ملامة و مذنبة بحق نفسك، و بالتالي محاسبة..
أرجو منك أختي أن تطلعي على هذا الرابط، ففيه المخرج من حيرتك إن شاءالله :
http://www.islam-qa.com/index.php?re...txt=حكم%20الحب
نأتي للشق الآخر من الموضوع : التقرب من الله، و وساوس الشيطان
أختي الحبيبة، الإنسان مبتلى، و الله سبحانه و تعالى يرسل للمسلم الابتلاءات و الفتن التي تضيق عليه، فتلجئه إلى المولى عز و جل حينما يدرك أن أمره كله بيدي الله وحده..
و أحيانا يرتكب العبد ذنبا يضيق به، فيلتجئ إلى الله فيتوب و يصلح حاله و يصبح أفضل من سابق عهده.. كم من ذنب كان سببا في صلة العبد بربه..
تختلف الأسباب، و لكن النتيجة لمن يريد الله بهم خيراً ، هي واحدة : إلتجاؤهم إليه و قربهم منه.
لا يهم لمَ تلتجئين إلى الله، المهم أنك تلتجئين..
كلنا نلجأ إلى الله في وقت الضيق و الهم، هذا شيء طبيعي، لذلك فإنه تعالى يدعونا إليه من هذا الباب أحيانا.
يعني أختي الغالية، الله سبحانه و تعالى يدعوكِ إليه، فلا تدعي الشيطان يفسد عليك صلتك بربك بوسوته و تشكيكه.. كوني أقوى من كيد الشيطان..
إسألي نفسك : هل تنوين بعد انكشاف همك بإذن الله ، أن تتخلي عن القيام و الدعاء و و ؟ لا يهم ما جعلك تتقربين من الله، و لكن ما يهم هو، هل تنوين الاستمرار بهذا التقرب بكل الظروف، في العسر و اليسر؟ و أنا هنا أسأل عن النية فقط.. إن كنتِ تنوين الاستمرار ، فأنت لست منافقة حبيبتي، إنما أنت أمة يحبها الله، أرسل لها هذا الضيق لكي يجعلها تتذوق حلاوة القرب منه.. فلا تدعي عدو الله اللعين يحول بينك و بين المولى الذي بيده مفتاح كل شيء..
قد يكون الله تعالى أرسل إليك هذا الموضوع بأكمله ليدعوكِ إليه...
قومي في الثلث الأخير من الليل و قفي بين يديه، و اسأليه ما شئت.. إسأليه أن يصرف قلبك إلى حبه، و أن يصلح لك شأنك في الدنيا، و أن يختار لك الخير و ييسره بمقدرته.. و اسأليه أن لا يحرمك لذة الوقوف بين يديه، و أن يهديك و يثبتك..
و من أجل أن يستجيب لك، إفعلي ما يرضيه..
بداية، لا تسمحي لنفسك بالاسترسال في التفكير، إدفعي عنك الخواطر..
ثانياً، حاولي أن تضعي حداً لعلاقتك بهذا الشخص قدر المستطاع، و فكري في الموضوع بهذا الشكل : إن أنا وضعت حداً لعلاقة لا تجوز (حتى الكلام الزائد هو نوع من العلاقة) إرضاء لله، فسوف يستجيب الله لي و ييسر هذه العلاقة للحلال إن كان فيها خيراً.. والله وحده العارف بما فيه الخير لنا..
"احفظ الله يحفظك"
يعني احفظي شرع الله و حدوده، يحفظك و ييسر لك خيري الدنيا و الآخرة..
أسأل الله أن يطمئن قلبك و ينير دربك و يغنيكِ و إيانا بحلاله عن حرامه..
الروابط المفضلة