انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 3 من 3

الموضوع: فلنعد زادنا للرحيل سويا

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الموقع
    سورية وأعيش في فرنسا
    الردود
    8,687
    الجنس
    أنثى

    فلنعد زادنا للرحيل سويا

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    ما أحوجنا إلى وقفة متأملة.. مع حقيقة الموت.. تلك الحقيقة المرّة التي
    يرحل بها الإنسان من حياة إلى أخرى.. ومن دار إلى دار.

    تلك الحقيقة التي حيّرت العقول.. وحطّمت أماني الخلود.. وأجبرت الناس على
    اختلاف منازلهم أن يروا الحياة محطة عابرة.. لا خلود فيها ولا قرار.

    ففريق منهم أدرك سرّ الحياة.. فآمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ نبياً
    ورسولاً، وعلم من دينه أن الحياة رحلة ابتلاء، يعبرها المؤمن مسافراً إلى
    ربه، يرجو زاداً يبلغه إليه سالماً غانماً.

    وفريق منهم أدرك تفاهة الحياة، وقصرها، واندثارها، بَيْدَ أنه ضلّ الطريق،
    فاتخذها قراراً، ورضي بها منزلاً، ولم يعمل لزاد رحلته حساب! فهو في تناقض
    واضطراب، وتضادٍّ وعذاب.

    أخوتي الكرام: فمن أي الفريقين أنتم؟ وهل أعددتم زادكم للرحيل؟

    أنتم عابري سبيل

    فرسول الله يوصيك أن تكونوا كذلك، ويقول: { كن في الدنيا كأنك غريب أو
    عابر سبيل } [رواه البخاري]، وابن عمر رضي الله عنهما الذي وجه إليه رسول
    الله هذه الوصية يقول: ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا
    تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ) [رواه البخاري].

    أخوتي: وسواء أعددتم أنفسكم من العابرين لسبيل الحياة أم أعددتم أنفسكم
    من
    الخالدين المقيمين.. فأنتم في النهاية راحلون ! وفي سائر الحالات أنتم
    عابرين ! فمُنى الخلود.. كالظل الزائل.. وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبلِكَ
    الْخُلْدَ
    أَفَإِن مّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34].

    هكذا خلق الله الحياة.. وهكذا أرادها.. كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبَقَى
    وَجْهُ
    رَبِكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ [الرحمن:27،26].

    الكل وإن طالت الأعمار راحل، وبريق الدنيا مهما لمع زائل، وعمودها مهما
    استقام مائل.

    دخل رجل على أبي ذر فجعل يقلب بصره في بيته، فقال: يا أبا ذر، أين
    متاعكم؟ قال: ( إن لنا بيتاً نوجه إليه صالح متاعنا )، قال: إنه لا بد لك
    من متاع ما دمت هاهنا، قال: ( إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه ).

    فتأملوا أخوتي في هذا الفقه النبيه إذ قال أبو ذر: ( إن صاحب المنزل لا
    يدعنا فيه !) فالمنزل الدنيا.. وصاحبها هو الله، وقد قال الله تعالى: إِنَّمَا
    هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاع وَإنَّ الآخرةَ هِي دَارُ الْقَرَارِ
    [غافر:39]، وهل يزين
    عاقل محطة عبور هو يدرك أنه عن قريب سيتركها؟!.

    ودخلوا على بعض الصالحين، فقلبوا بصرهم في بيته، فقالوا له: إنا نرى
    بيتك بيت رجل مرتحل، أمرتحل؟، فقال: لا، أطرد طرداً.

    وقال عمر بن عبد العزيز: ( إن الدنيا ليست بدار قراركم، كتب الله عليها
    الفناء، وكتب على أهلها منها الظعن، فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة
    بأحسن ما بحضرتكم من النقلة، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ).

    وأحسن منه قول النبي : { مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب
    قال في ظل شجرة ثم راح وتركها } [رواه الترمذي وأحمد].

    أخوتي: أنتم معنيّون بالرحيل على كل حال، أيامكم تسوقكم إليه، وخطواتكم
    تقبل
    بكم عليه، وأنتم في الحياة مجبورين على العبور، وخاضعين لموت مقدور.

    موتكم فاصل بين حياة وحياة.. وليس هو نهاية المطاف.. بل هو نقلة تسير
    بكم
    إلى عالم جديد.. عالم البرزخ بما فيه من هول القبر وسؤاله.. وهول البعث
    وأحواله.. وطول الحساب وجلاله..

    أَفَحَسِبْتُمْ أنَّما خَلَقْنَاكُم عَبَثاً وَأنكُمْ إلَينْاَ لا تُرْجَعُونَ
    [المؤمنون:115].

    لأجل فهم هذه الحقيقة أخوتي بعث الله النبيين والرسل، كلهم اتفقوا على بيان

    هذه الحقيقة لقولهم: يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاع
    وَإنَّ الآخِرةَ هَيَ
    دَارُ الْقَرَارِ [غافر:39].

    لا تغفلوا فإنكم لم تخلقوا سدى، وإذا رأيت الناس قد سخّروا فِطنَتَهم للدنيا
    ،
    فاستعملوا فِطْنَتكم في الآخرة.. تفكروا في رحيلكم.. واجعلوا همكم كل همكم
    في
    معادكم.. تذكروا أن الموت يأتي على غرة.. وأعدّوا لفجأته حساباً !

    تفكروا في لحظة احتضاركم.. بم قد يختم لكم.. وكيف يكون وقتها حالكم !

    تأملوا في الناس وقد تمايلت بحملكم علي أكتافهم.. إذ حملوكم.. فأقبروكم
    ودفنوكم
    وودعوكم.. ولم يملك لكم أحدهم نفعاً ولا ضراً.. كيف ستلاقوا يومها ربكم؟!
    كيف
    ستدخلوا عالم البرزخ وحدكم؟! كيف تجيبوا؟! وهل ستسعدوا وقتها أم
    تخيبوا؟!

    اعرضوا أعمالكم وانظروا ماذا قدمتم.. بَلِ الإنسانُ عَلَى نَفْسِهِ بصيِرة [القيامة
    :
    14].

    قال ابن الجوزي رحمه الله في نصيحته لابنه: ( ومن تفكر في الدنيا قبل أن
    يوجد رأى مدة طويلة، فإذا تفكر فيها بعد أن يخرج منها رأى مدة طويلة،
    وعلم أن اللبث في القبور طويل فإذا تفكر في يوم القيامة علم أنه خمسون
    ألف سنة، فإذا تفكر في اللبث في الجنة والنار علم أنه لا نهاية له، فإذا
    عاد إلى النظر في مقدار بقائه في الدنيا فرضنا ستين سنة مثلاً فإنه يمضي
    منها ثلاثون سنة في النوم ونحو من خمس عشرة من الصبا، فإذا حسب الباقي
    كان أكثره الشهوات والمطاعم والمكاسب، فإذا خلص ما للآخرة وجد فيه من
    الرياء والغفلة كثيراً، فبماذا تشتري الحياة الأبدية؟ وإنما الثمن هذه
    الساعات !! ) [لفتة الكبد لابن الجوزي:16].

    أجل أخوتي هي ساعات معدودات.. تحملكم وتسوقكم وتطوي بكم مراحل الطريق..
    وكلما انقضت ساعة انقضت مرحلة..

    وكتب بعض السلف إلى أخ له: ( يا أخي يُخيل لك أنك مقيم، بل أنت دائب
    السير، تُساق مع ذلك سوقاً حثيثاً، الموت موجه إليك، والدنيا تطوى من
    ورائك، وما مضى من عمرك، فليس بكار عليك حتى يكر عليك يوم

    قال الفضيل بن عياض لرجل: ( كم أتت عليك؟ ) قال: ستون سنة، قال: ( فأنت
    منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ )، فقال الرجل: إنا لله وإنا
    إليه راجعون. فقال الفضيل: ( أتعرف تفسيره !؟ تقول: أنا لله عبد وإليه
    راجع، فمن علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه
    موقوف، فليعلم أنه مسؤول، ومن علم أنه مسؤول، فليٌعِدّ للسؤال جواباً ).
    فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: ( يسير ). قال: ما هي؟

    قال: ( تحسن فيما بقي يُغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقي، أُخذت بما
    يقول ابن القيم رحمه الله: ( إن الغافل عن الاستعداد للقاء ربه والتزود
    لمعاده بمنزلة النائم بل أسوأ حالاً منه، فإن العاقل يعلم وعد الله
    ووعيده.. لكن يحجبه عن حقيقة الإدراك، ويقعده عن الاستدراك سنة القلب وهي
    غفلته التي رقد فيها فطال رقوده.. وانغمس في غمار الشهوات، واستولت
    عليه العادات.. ومخالطة أهل البطالات.. ورضي بالتشبه بأهل إضاعة الأوقات،
    فهو في رقاده مع النائمين.. فمتى انكشف عن قلبه سنة الغفلة بِزَجرَة من
    زواجر الحق في قلبه، استجاب فيها لواعظ الله في قلب عبده المؤمن.. ورأى
    سرعة انقضاء الدنيا.. فنهض في ذلك الضوء على ساق عزمه قائلاً: يَا حَسْرَتَى
    عَلَى مَا فَرَّطتُ فيِ جَنبِ اللهِ ، فاستقبل بقية عمره مستدركاً بها ما فات،
    مُحيياً
    بها ما أمات، مستقبلاً بها ما تقدم له من العثرات ) [الروح لابن القيم:
    223].

    فاجعلوا التقوى زادكم.. واحذروا الغفلة فإنها تًنسيكم حقيقة سفركم..
    وتغريكم بزخرف الدنيا وتمنيكم بالإقامة الزائفة..


    ولنبدأ بخطوات متأنية

    فخير الأعمال أقله أدومه

    وبارك الله فيكم

    منقول
    اللهم احسن خاتمتنا واجعل اخر كلامنا لا اله الا الله

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الردود
    7,864
    الجنس
    امرأة
    تذكرة قيمة نحتاج لها دائماً..

    بارك الله فيكِ أختي
    نسأل الله حسن الختام
    اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان‏

    رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة

    أصول الحوار .. وأدب الإختلاف ..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الموقع
    سورية وأعيش في فرنسا
    الردود
    8,687
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة ياسمينة الشام عرض الرد
    تذكرة قيمة نحتاج لها دائماً..

    بارك الله فيكِ أختي
    نسأل الله حسن الختام

    مشكورة عزيزتي على المرور

مواضيع مشابهه

  1. مرحباااااااااااا...عضوات منتدى لك الرائع زادوا واحدة من فلسطين
    بواسطة ameera-123 في ملتقى الإخــاء والترحيب
    الردود: 13
    اخر موضوع: 04-11-2007, 08:32 PM
  2. الحديث الذي جمع فأوعى
    بواسطة نسيت ملامح وجهي في روضة السعداء
    الردود: 1
    اخر موضوع: 10-11-2006, 10:21 PM
  3. الحديث الذي جمع فأوعى ...عن خالد
    بواسطة ☺أم إبراهيم☺ في روضة السعداء
    الردود: 5
    اخر موضوع: 15-09-2006, 06:44 PM
  4. لا تفوتك الفرصة ...... الذي جمع فأوعى
    بواسطة aicha22 في روضة السعداء
    الردود: 1
    اخر موضوع: 29-08-2004, 08:51 PM
  5. خاطرة : شادوا العدالة بالكتاب والسنه
    بواسطة شمس الامارات في فيض القلم
    الردود: 0
    اخر موضوع: 07-06-2002, 02:06 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ