هذا الموضوع كتب في صفحة (الراي) في جريدة الشرق الأوسط بقلم الأخ زين العابدين الركابي نقلته لكم عسى أن تجدوا فيه الفائدة ...



ومنهم من يسب نبينا فلا نعاملهم بالمثل!!
زين العابدين الركابي
بينما نحن ندافع عن أهل الكتاب في هذا المكان ـ في الاسابيع الثلاثة الماضية ـ ونستنكر (الاعتداء في الدعاء) وتعميمه على غير الذين ظلموا منهم، ونعظم نبيهم المسيح ابن مريم عليه السلام: بسط قس أمريكي لسانه بالسوء في نبينا صلى الله عليه وسلم، اذ وجه اليه اساءات، يحاكم قائلها لو وجهها الى شخص عادي.. وهذا مثل ـ فحسب ـ من ايذاء بعض النصارى نبينا الكريم. فهل نعاملهم بالمثل، فنسب عيسى ابن مريم ونبسط ألسنتنا وأقلامنا بالسوء في شخصه ورسالته؟
ان (المثلية) التي وردت في القرآن: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم».. هذه المثلية ليست على اطلاقها. فهناك افعال واقوال يقترفها المفترون الظلمة ويستحلونها، ولكنها محرمة علينا، ومن هذه الاقوال: سب انبياء الله والاستهزاء بهم.
لماذا هي محرمة على المسلمين؟
أولا: لأن ايمان المسلم لا يصح الا بالايمان برسل الله وانبيائه جميعا، دون تفريق بينهم: «آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله». وعيسى ابن مريم هو أحد انبياء الله ورسله، بل هو أحد اولي العزم من الرسل الذين امرنا: الاقتداء بهم: «فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل».
ثانيا: ان المسلمين يحملون (مسؤولية اخلاقية) مطلقة تجاه الانبياء والمرسلين، وذلك بالدفاع عن سمعتهم وكرامتهم ومكانتهم وجلالهم، حتى لو صدرت الاساءة اليهم او الى أحد منهم، ممن ينتسبون اليهم. وهناك ـ مثلا ـ أقلام وكتب تعرضت ـ بالتشويه ـ لشخصيات النبيين: داود وسليمان ويوسف وموسى وعيسى. فتقدم المسلمون جبهة الدفاع عن هؤلاء الانبياء صلى الله عليهم جميعا وسلم.
ثالثا: ان هذه المسؤولية الاخلاقية والتاريخية مستمدة من القرآن الذي هو (كتاب الدفاع الحق) عن الانبياء والمرسلين، وعن سمعتهم، وعن صورتهم الجميلة: شكلا وموضوعا: «يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها».. «اذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين».. وللوجاهة معنيان: معنى حسن الصورة وتألق الوضاءة.. ومعنى القدر العظيم، والمنزلة الرفيعة.
رابعا: لأن منهج الاسلام يحرص ايما حرص، ويدفع المسلمين دفعا مستمرا الى حماية (الكلمة) من السقوط في قيعان الفحش والبذاء والسباب، ذلك ان من مقاصد الاسلام العظمى: (التسامي) بأدوات التعبير (النطق والكتابة) وما في حكمهما، في سياق التسامي بالانسان كله.. ومما لا ريب فيه: ان البذاءة والشتم والفحش اساليب تتناقض بالكلية مع هذا المقصد. مثلا: لو ان البشرية دخلت في مباراة مفتوحة من الفحش والسباب، فانها تكون قد قررت التسابق الى اسفل، أو التنافس في التدحرج والتدني الى تحت. وهذه ردة اخلاقية بالغة التخلف والظلمة.. وبديه: انه اذا تناول الفحش والبذاء الانبياء، فإنه ـ قطعا ـ سيتناول من هو دونهم، وعندئذ لن ينجو أحد من لسان القبح: لا رئيس ولا زعيم ولا عالم ولا رجل دين ولا صفوة ولا عامة. وهذه الحقيقة الاجتماعية الاخلاقية مسنودة بالعقل والواقع. فالذين هان عليهم ان يخوضوا في الانبياء خوضا قبيحا، هان عليهم ـ وفق منطق الاسهل ـ ان يستبيحوا اعراض الناس اجمعين.
ولنجادل ذلك القس الامريكي ـ الذي قال ما قاله عن نبينا ـ بالتي هي أحسن: «ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي أحسن الا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي انزل الينا وانزل اليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون».. وفي الآية (رخصة) او استثناء «الا الذين ظلموا منهم» وهي رخصة نظير لرخصة، «لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظَلَم».. مع ان في الآية رخصة الا اننا نفضل الأخذ بالعزيمة: «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن».
نعم. نجادله ـ هو وامثاله ـ بالتي هي احسن.. ومن هذه المجادلة: سؤال اساس فرقان وهو: مَن النبي الذي قدم السيد المسيح للانسانية في أجمل صورة، وأنبل وأرقى اسلوب؟
انه النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن الانصاف في المجادلة: ان نُسأل: وما الدليل على ان النبي محمد قدم المسيح في الصورة المذكورة؟
هذا هو الدليل والبرهان، قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
أ ـ «ما من بني آدم من مولود الا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان، غير مريم وابنها».
ب ـ «أنا اولى الناس بابن مريم، والانبياء اولاد علات، ليس بيني وبينه نبي».
ج ـ «وأراني الليلة عند الكعبة في المنام، فإذا رجل آدم كأحسن ما يرى من آدم الرجال، تضرب لمته بين منكبيه، رَجِل الشعر، يقطر رأسه ماء، واضعا يديه على منكبي رجلين وهو يطوف بالبيت فقلت: من هذا؟ قالوا: المسيح ابن مريم».
د ـ «..اذ بعث الله المسيح ابن مريم عليه السلام، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، واضعا كتفيه على اجنحة ملكين، اذا طأطأ رأسه قطر، واذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فيطلبه (اي يطلب المسيحُ ابن مريم الدجّالَ) حتى يدركه بباب لدّ فيقتله. ثم يأتي عيسى ابن مريم قومٌ قد عصمهم الله منه (من الدجال) فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هم كذلك اذ اوحى الله عز وجل الى عيسى ابن مريم: «اني قد اخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرّز عبادي الى الطور».
هـ ـ «فإذا قضى صلاته (أي المسيح عليه السلام) أخذ حربته فيذهب نحو الدجال، فإذا رآه الدجال ذاب، كما يذوب الرصاص. فيضع (ابن مريم) حربته بين سندوتيه فيقتله».
و ـ «من شهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق: ادخله الله الجنة على ما كان من العمل».
هكذا، تحدث النبي محمد عن المسيح عيسى ابن مريم صلى الله عليهما وسلم.. وهكذا قدمه للانسانية منذ يوم ولد والى ان ينزل ويقتل المسيح الدجال، ويطهر الأرض من رجسه.
فكيف يُسب نبي هذا شأنه وموقفه من المسيح عيسى ابن مريم: نبي الرحمة والرسول الوجيه.
ان الذي لا يعلم هذه الحقائق، ينبغي ان يعلمها، ولا سيما اذا كان رجل دين قد أُخذ عليه الميثاق: الا يكتم الحقيقة، ويحرم عليه الحديث في العقائد بجهالة.
والذي يعرف هذه الحقائق ثم يتجاهلها: حكم على نفسه بالتعصب وبتسخير الدين للاغراض السياسية.
وأشد ما يفسد الدين هو: التعصب والهوى واستغلال الدين وتوظيفه في ما يتعارض مع مقاصده الاساسية، وهي العدل والانصاف والحق والالتزام الخلقي.
ماذا ينقم من نبينا: هذا القس وأمثاله؟
أينقم منه: انه قدم المسيح للبشرية اصدق واروع وأكرم تقديم؟
أينقم منه: انه جاء بكتاب يقول: «شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه»؟
اننا ندعو عقلاء القوم الى التفطن الى الحقيقة التالية وهي: ان البشرية كلها ـ تقريبا ـ قد باشرت ـ لاسباب عديدة ـ مرحلة العودة الى الدين ـ اي دين ـ. بمعنى ان الواقع البشري يشهد (صحوة دينية عامة).. وفي ظل هذا الواقع، وما لم تبذل جهود نيرة وصادقة ومسؤولة من اجل (خفض التوتر الديني)، فإن البشرية ستحترق في سعير متواصل من الصراعات والنزاعات التي يغيب فيها العقل والرشد، ويحضر السفه والحمق والاستفزاز والعنف والنطاح.
ومما يزيد التوتر الديني في العالم: افكار وكلمات مثل تلك التي تلفظ بها القس الامريكي المنتمي للكنيسة المعمدانية.
واذ يأمرنا منهجنا بالجدال بالتي هي احسن، فإنه اتاح لنا: الاخذ بالرخصة عند الاضطرار.
ونأمل الا نضطر الى ذلك، فإنه اروح للنفس، وارجى للمصلحة الاستمساك بالعزائم. وأسعد الناس هو من اشتغل بمتابعة الترقي.. لا بمقاومة التدني.

شكرا لك اخي على ما نقلته لنا بالفعل نحن لسنا مثلهم فنحن نوقر جميع الانبياء والرسل

لاحول ولاقوة الا بالله ..
نحن لن نقعل مثلهم ان شاء الله
بارك الله فيك

إذا كان سباب المسلم فسوق وقتاله كفر
فكيف بسب الأنبياء ؟؟؟؟؟؟؟؟
هو والله المصيبة التي مابعدها مصيبة

لاحول ولا قوة الا بالله..

بارك الله فيك..