اسمه ( و 0 العويّس ) ، وفي العشرين من عمره ، يقول على لسانه :
توفيت والدتي بالعراق فاتصلت بي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالكويت وسلموني خطاب بداخله شهادة وفاة أمي ، بكيت كثيراً واسترجعت ذكرياتي مع أمي التي ربتني منذ كان عمري أربع سنوات بعد وفاة والدي 0
ورحت أصرخ : لماذا ماتت أمي ؟ وأخذوا في تهدأتي 000
واتصلت بأحد إخواني ليأخذني ، فطلبت منه إحدى العاملات باللجنة الاطمئنان على حالتي أولاً بأول ، وبعد أربعة أيام اتصلت بي وقالت : أنا دورين - وهي أرمينية لبنانية الأصل سويسرية الجنسية -
(( ممكن أشوفك )) !!0
قلت : لماذا ؟
قالت : أنت الآن تحتاج إلى رعاية وتأهيل ونريد الاطمئنان عليك 0
وأتيت إليها 00وتناولنا وجبة الغداء معاً وذهبت معها إلى بيتها وجلسنا نتحدث حتى الساعة العاشرة ليلاً ولم أصلي !! فسألتني لماذا لم تصلي ؟وأنت مسلم ؟
فقلت : أصلي لمن ؟ فوالدتي توفيت ووالدي توفي ولم يعد هناك من أدعوا له !
بعد ذلك رجعت للبيت ، وبعد ثلاثة أيام اتصلت وطلبت شهاداتي المدرسية فأنا متفوق ، وأعطتني كتاباً عن النصرانية لأقرأه 0 وبعد أربعة أيام أعطيتها الكتاب 00
واتصلت بي يوماً وقالت : أنا تعبانة وأريد الذهاب إلى الكنيسة حتى أصلي 0 فقلت لماذا لا نذهب سوياً ، تصلين ثم نذهب لنتغدى00 فوافقت 0
وفي الطريق كانت مهمومة وحزينة وبعد أن خرجت من الكنيسة كانت انسانة ثانية مرحة وتضحك ، فقلت لها : ما الذي غيرك ؟؟
قالت كأني دخلت عالماً آخر تتوحد فيه المشاعر وتحس بروحانية عجيبة 0 قلت : معقولة لهذه الدرجة 0 قالت : أنت إذا دخلت سوف تشعر بمثل ذلك الشعور ادخل وجرب !
بعد أسبوعين لبست البنطال والقميص ودخلت الكنيسة معها 0 وجاءتني بسلسال عليه الصليب وعليه خرز كرستال 0 وقالت : كل واحدة من هذه الخرز عليها آية من آيات الإنجيل المقدس 0 وعلمتني كيف أردد آيات الإنجيل داخل الكنيسة 0
وقد كان ذلك مريباً ، إذ قابلني القسيس وسلمت عليه وانحنيت له !! ووضع يده على رأسي ثم طلبت مني الدخول الى غرفة لأذكر فيها أي خطيئة حتى يسأل القسيس لي الرب 0 ودخلت وسألت القسيس هل الرب راض عني فقام القسيس ولم يلبث دقيقتين ثم قال : لقد سألت الرب وهو غافر لك فعش حياتك 0
بعدما خرجنا طلبت أن نعيش مع بعض في شقتها ، وعَرفَت كل شئ عن حياتـــي ورغبـاتــي وكـتبت تقريـــر عني يصــــل حجمه إلــــــى
(( ألف وسبعمائة وأربع وثلاثين صفحة)) 0 وسيطرت علي بدقة 0
لقد عشت طوال حياتي انطوائياً وهذا ما مكنها مني ، وقد كنت أعمل
(مدير علاقات عامة ) وكنت موفقا في عملي ، إلى أن ماتت أمي 0
لقد كانت تلك الفتاة بالنسبة لي الأم والأخت وكل شئ 00 سافرت معها عدة سفرات إلى كوبنهاجن والدنمارك وجنيف 0
ونزور الكنائس في باريس وامستردام وبرلين وغيرها 00واستمرت علاقتي بها تسعة شهور ، وفي إحدى السفرات إلى جنيف أقنعتني بوشم الصليب على كتفي وقلب مريم العذراء على ذراعي 0ليلازمني مدى عمري 00!!
وفاتحتني في الزواج ، فوافقت 0
فقالت : أنا لا أستطيع أن أدخل في دينك ولابد أن تتنصر !! تنصراً كاملاً وتقرُّ ببطلان هذا الدين الإسلامي والقرآن ((حتى نتزوج)) 0
وقد كانت متعصبة للنصرانية جداا، وتقول لي : انظر إلى هؤلاء المسلمين وأحوالهم لقد ولى زمن صلاح الدين ولا يغرك هؤلاء الكلاب الذين على المنابر يعوون بلا فعل 0
وقررنا أن نهاجر إلى جنيف ونتزوج هناك 0
وطلبت منها أن أذهب إلى أخي في السعودية لأودعه ، ووعدتها أن أعود بعد يومين 0جئت إلى الرياض وقابلني أحد الأئمة ( عبد العزيز الهديان ) 0 وكان يعلم أني قدمت من الكويت 00
فسألني : بودنا ندعوك على الغداء بعد صلاة الظهر 0
فقلت : بعد صلاة الظهر !! ((( أنا لا أصلي ))) !!!0
فقال : لماذا ؟ ألست مسلماً ؟
قلت : لا 0
قال : أتمزح ؟
فقلت له : هل أعرفك حتى أمزح معك ؟
فقال : هل لك ديانة ثانية 0
فقلت : الرسول قال لكم دينكم ولي دين ! ( هذه آية وليست حديث ) 0
فقال : إن شاء الله تكون تمزح 0
فقلت له : انظر إلىّ وعرضت عليه صليباً كنت أعلقه على صدري 0
عاملني الشيخ بهدوء وعرض علي هو والشيخ محمد العنزي القيام برحلة ستعجبني ، وقال لي : إذا " عجبك عجبك " وإذا ما عجبك أرجعناك إلى المكان الذي تريد فوافقت 0
فأخذاني إلى الميقات لأول مرة فأنا لم أعتمر ولم أحج في حياتي 0
وقالوا لي هذا الميقات ،(( والمسلم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به ولد صالح يدعوا له )) ، والآن والداك توفيا ولم يبق لهما إلا أنت تدعو لهما ، فاختر مصيرك وحدد وجهتك إلى الجنة أم إلى النار 0
كان هناك في الميقات رجل معه طفلان سأله أحدهم : هل نحن ذاهبون لنصلي كي نرى الله ؟ فتأثرت كثيراً 0
قال لي أحد المشايخ، لابد أن تكسر الصليب الذي معك وتذهب معنا إلى الحرم 0
فقمت ولبست الإحرام وصليت في الميقات ثم دخلنا مكة ، وبمجرد ما وضعت رجلي في صحن الكعبة التي رأيتها لأول مرة رحت أبكي كأنني طفل خرج من بطن أمه 00وفي هذه الأثناء أغلقت عينيّ فإذا بأمي لابسة لباساً أخضراً ومعها كتاب وتقول لي : هذا يا ولدي كتابك الذي أريدك أن تحمله معك في هذه الدنيا 0 الآن أرحت قلبي وأنا تحت التراب 0
كانت هذه نقطة الإفاقة وعودة الوعي بالنسبة لي 0 عدت إلى الرياض وأنا في غاية السعادة بعد بعد أن رجعت إلى طريق الهداية 0
واتصلت بي (( دورين )) ذات مرة 0 وقالت بالإنجليزية : هالو 0
فقلت : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0
فقالت : ماذا تقول 0
قلت : وما الذي تريدين أن أقوله أنا أحييك بتحية الإسلام لأنني
(( مسلم )) ، وقد (( كنت أعمى فأبصرت )) 0 وعرفت الطريق 0
ومنذ ذلك الحين ( 1993 ) لم أرجع إلى الكويت وعرفت أن هذه المنصرة ظلت تعمل في الكويت تحت غطاء (((( منظمة الصليب الأحمر الدولية )))) حتى عام ( 1998) 0
*************************
منقول : من مجلة (( الأسرة )) العدد (( 109 )) ربيع الثاني 1423 هـ0
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبوبناعلى دينك 00
الروابط المفضلة