في حكم الاحتفال بالمولد النبوي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فقد قرر أهل السنة والجماعة أنّ العبادة لا تقع صحيحة ولا مقبولة إلاّ إذا قامت على أصلين عظيمين:
أولهما: عبادة الله وحده لا شريك له، أي أن تكون العبادة خالصة لله تعالى من شوائب الشرك إذ كلّ عبادة خالطها شرك أبطلها قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلىَ الذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ، بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ﴾(الزمر ٦٥-٦٦)، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(الأنعام ٨٨).
كما أنّ الأصل يقتضي أن يكون الله سبحانه وتعالى هو الوحيد المشرّع لها قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ﴾(الشورى ٢١) وقال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَبِعْ أَهْوَاءَ الذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾(الجاثية ١٨)، وقال سبحانه عن نبيه: ﴿قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾(الأحقاف ٩)، ومعنى ذلك أنّ العبادة التي شرعها الله تعالى توقيفية في هيئتها وعددها ومواقيتها ومقاديرها لا يجوز تعديها وتجاوزها بحال ولا مجال للرأي فيها، قال تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرُ﴾(هود ١١٢).
ثانيها: عبادة الله بما شرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، ويظهر من هذا الأصل أنّ النبي صلى الله عليه وسلم هو المبلّغ الوحيد عن الله تعالى والمبيّن لشريعته قولا وفعلا، أي هو القدوة في العبادة، ولا يقضى بصلاح العبادة وصوابها إلاّ إذا قيّدت بالسنة والإخلاص قال تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾(الكهف ١١٠). وقد أمر الله تعالى بطاعته، وجعل طاعته من طاعة الله، قال تعالى: ﴿مَن يُّطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾(النساء ٨٠)، وقال تعالى: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾(الحشر ٧)، وقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾(الأحزاب ٢١)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ)
(١- أخرجه مسلم في الأقضية(٤٥٩٠)، وأحمد(٢٥٨٧٠)، والدارقطني في سننه(٤٥٩٣)، من حديث عائشة رضي الله عنها).
ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدين وأدّى واجب التبليغ خير أداء، وقد امتثل لأمر ربه في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾(المائدة ٣)،وقام به أتمّ قيام وقد أتمّ الله به هذا الدين فلا ينقصه أبدا ورضيه فلا يسخطه أبدا، قال تعالى: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾(المائدة ٣) فكملت الشريعة واستغنت عن زيادة المبتدعين واستدراكات المستدركين قال صلى الله عليه وسلم: (وأيم الله لقد تركتم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء)
(٢- أخرجه ابن ماجة في المقدمة(٥)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٩)، وفي السلسلة الصحيحة(٦٨٨))، وقد شهدت له أمّته بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة، واستنطقهم بذلك في أعظم المحافل في خطبته يوم حجة الوداع، وقد سار على هديه الشريف أهل الإيمان من سلفنا الصالح من الصحابة والذين اتبعوهم بإحسان غير مبدلين ولا مغيرين سالكين السبيل المستقيم فمن جانبه وحاد عنه ساء مصيره، قال تعالى: ﴿وَمَن يُّشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِهِ مَا تَوَلَى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾(النساء ١١٥).
وتفريعا على ما تقدم فإنّ الاحتفال بالمولد النبوي الذي أحدثه بعض الناس إمّا مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإمّا محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له يعتبر من البدع المحدثة في الدين التي حذّر الشرع منها، لأنّ هذا العمل ليس له أصل في الكتاب والسنة، ولم يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم موالد لمن قبله من الأنبياء والصالحين، ولم يؤثر عن الصحابة والتابعين إحياء مثل هذه الموالد والاحتفال بها، أي: لم ينقل عن أهل القرون المفضلة إقامة هذا العمل، وإنّما حدث ذلك في دولة بني عبيد، المتسمّين بالفاطميين، وأنّ أول من أحدث المعز لدين الله سنة (٣٦٢ﻫ) بالقاهرة، واستمر الاحتفال به إلى أن ألغاه الأفضل أبو القاسم أمير الجيوش ابن بدر الجمالي، ووزير الخليفة المستعلي بالله، سنة (٤٩٠ﻫ)
(٣- انظر الإبداع لعلي محفوظ (١٢٦)، "المواعظ والاعتبار" للمقريزي١/٤٣٢-٤٣٣)، "القول الفصل في حكم الاحتفال بولد خير الرسل" صلى الله عليه وسلم، لإسماعيل الأنصاري٦٨)).
ومعنى ذلك أنّ هذه الموالد لم تعرف عند المسلمين قبل القرن الرابع الهجري، ولم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وانتفاء المانع، ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحقّ به منّا، فإنّهم كانوا أشدّ محبة لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما له منّا، وهم على الخير أحرص، كما صرح بذلك شيخ الإسلام في "الاقتضاء"
(٤- "اقتضاء الصراط المستقيم" لابن تيمية٢/١٢٣))، علما أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الرّاشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ)(٥- أخرجه الترمذي(٢٨٩١)، وابن ماجة في المقدمة(٤٤)، وأحمد(١٨٦٠٦)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة(٩٣٦))، والمهديون من الخلفاء لم يفعلوا هذا العمل.
هذا وكعادة أهل الأهواء التمسك بالشبهات يلبسّونها على العوام وسائر من سار على طريقتهم، ومن جملة الشبهات والتعليلات استنادهم إلى قوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾(يونس:58)، على أنّ في الآية أمرا بالفرح بمولده صلى الله عليه وآله وسلم والاحتفال به، وجاء تأييدهم لذلك بما ورد في صحيح مسلم: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم الاثنين؟ فقال: (فيه ولدت، وفيه أنزل عليّ)
(٦- أخرجه مسلم في الصيام(٢٨٠٧)، وأبو داود في الصوم(٢٤٢٨)، وأحمد(٢٣٢١٥)، من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه)، ووجهه يدلّ على شرف ولادته صلى الله عليه وآله وسلم ويفيد شرعية الاحتفال بمولده، لأنّ الغرض من إقامة مولده صلى الله عليه وآله وسلم هو شكر الله على نعمة إيجاده، وشكر الله تعالى عليه بإقامة الولائم وإطعام الطعام والتوسعة على الفقراء، فضلا عن أعمال البر الأخرى النافعة كالاجتماع على قراءة القرآن وتلاوته والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسماع شمائله الشريفة وقراءة سيرته العطرة كل ذلك محمود غير محظور بل مطلوب، لذلك حثّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على صوم عاشوراء شكرا لله على نجاة موسى ومن معه فإنّ ذلك كلّه يستفاد منه شرعية الاحتفال بالمولد ويعكس-حال الاجتماع عليها- محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه، ويذهب بعضهم إلى أنّ أعياد الميلاد من عادات أهل الكتاب، والعادة إذا تفشت عند المسلمين أصبحت من عاداتهم، والبدعة لا تلج العادات وإنّما تدخل في العبادات.
ولا يخفى أنّ تفسير«فضل الله ورحمته» على مولده صلى الله عليه وآله وسلم لا يشهد له أيّ تفسير، وهو مخالف لما فسّرها الصحابة الكرام والأئمة الأعلام، وقد جاء عنهم أنّ المراد بفضل الله القرآن، ورحمته الإسلام، وبهذا قال ابن عباس وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم، وعنهما أيضا: فضل الله القرآن ورحمته أن يجعلكم من أهله، وقيل العكس
(٧- تفسير القرطبي(٨/٢٥٣)، تفسير ابن كثير(٢/٤٠٢/٤٠٣)) فالحاصل أنّ الله تعالى لم يأمر عباده بتخصيص ليلة المولد بالفرح والاحتفال، وإنّما أمرهم أن يفرحوا بالإسلام وهو دين الحق الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ويدلّ عليه قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾(الأنبياء 107)، وفي صحيح مسلم: (إنّي لم أبعث لعانا، وإنّما بعثت رحمة(٨- أخرجه مسلم في البر والآداب والصلة(٦٧٧٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه))(٩- حوار المالكي لابن منيع٨٥)).
أمّا شبهتهم بالحديث فغاية ما يدلّ عليه الترغيب في الصيام يوم الاثنين وقد اكتفى به، وما كفى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكفي أمّته، وما يسعه وسعها. ولذلك كان شكر الله على نعمة ولادته بنوع ما شكر به صلى الله عليه وآله وسلم إنّما يكون في هذا المعنى المشروع.
وليس لليوم الثاني عشر من ربيع الأول -إن صحّ أنّه مولده- من ميزة دون الأيام الأخرى، لأنّه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه خصصه بالصيام أو بأي عمل آخر ولا فعله أهل القرون المفضلة من بعده، فدلّ ذلك على أنّه ليس له من فضل على غيره من الأيام.
والتوسعة على الفقراء بإطعام الطعام وغيرها من أفعال البر والإحسان إن وقعت على الوجه الشرعي فهي من أعظم القربات والطاعات، لكن تخصيصها على الوجه الذي لا يثبت إلاّ بنص شرعي، إذا انتفى تنتفي المشروعية.
أمّا الدروس والعبر والعظات وتلاوة القرآن والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقراءة سيرته وغيرها إنّما تشرع كلّ وقت وفي كلّ مكان من غير تخصيص كالمساجد والمدارس والمجالس العامة والخاصة.
وأمّا عاشوراء الذي حثّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على صيامه شكرا لله على نجاة موسى ومن معه فإنّما كان امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطاعة له وهو شكر لله على تأييده للحق على الباطل، لكن ليس فيه دليل لا من قريب ولا من بعيد على إقامة الموالد والاجتماع إليها وإحداث المواسم الدينية لربط الأزمنة بالأحداث -زعموا- فتعدد الأعياد وتكثر المناسبات، وإنمّا التوجيه النبوي لأمّته يتمثل في صيام عاشوراء شكرا لله تعالى.
ثمّ إنّ الاحتفال بعيد ميلاد عيسى عليه السلام ليس من عادات الكفار، وإنّما هو من عباداتهم، كما أفصح عن ذلك ابن القيم بقوله: <من خصّ الأمكنة والأزمنة من عنده بعبادات، لأجل هذا، كان من جنس أهل الكتاب الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم وعبادات، كيوم ميلاده، ويوم التعميد
(١٠- التعميد أو المعمودية عند النصارى: أن يغمس القَسُّ الطفل في الماء باسم الأب والابن وروح القدس، ويتلو عليه بعض فِقَرٍ من الإنجيل، تعبيرا عن تطهير النفس من الخطايا والذنوب، وهو آية التنصير عندهم، (انظر: "المعجم الوسيط"(٢/٦٢٦)، "المسيحية" لأحمد شبلي٣٠/١٦٨-١٦٩)))، وغير ذلك من أحواله>(١١- "زاد المعاد" لابن القيم١/٥٩)).
وإذا سلمنا -جدلا- أنّه من عاداتهم، فقد نهينا عن التّشبه بأهل الكتاب، وتقليدهم، سواء في أعيادهم أو في غيرها. ومعلوم أنّ المشابهة إذا كانت في أمور دنيوية فإنّها تورّث المحبة والموالاة، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإنّ إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشدّ، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-
(١٢- "اقتضاء الصراط المستقيم": (١/٥٥٠)).
وليس من محبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه ارتكاب البدع التي حذّر منها، وأخبر أنّها شر وضلالة، وقد كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم أشدّ محبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما له منّا، وأحرص على الخير ممّن جاء بعدهم، وأسبق إليه من غيرهم، وكانوا أعلم الناس بما يصلح له النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلو كان في إقامة مولده صلى الله وعليه وآله وسلم والاحتفال به واتخاذه عيدا أدنى فضل ومحبة له وتعظيم له صلى الله عليه وآله وسلم لكانوا رضي الله عنهم أسرع الناس إليه وأحرصهم على إقامته والاحتفال به، لكن لم ينقل عنهم ذلك وإنّما أثر عنهم هو ما عرفوه من الحق من محبته وتعظيمه بالإيمان به وطاعته واتباع هديه والتمسك بسنته ونشر ما دعا إليه، والجهاد على ذلك بالقلب واللسان، وتقديم محبته صلى الله عليه وآله وسلم على النفس والأهل والمال والولد والناس أجمعين
(١٣- الاقتضاء لابن تيمية٢/١٣٢)). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: <كلّ ما لم يسنه ولا استحبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا أحد من هؤلاء الذين يقتدي بهم المسلمون في دينهم، فإنّه يكون من البدع المنكرات، ولا يقول أحد في مثل هذا إنّه بدعة حسنة>(١٤- مجموع الفتاوى لابن تيمية٢٧/١٥٢)).
هذا، وأخيرا فإنّنا نحمد الله تعالى على نعمة ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى نعمة النبوة والرسالة فأنزل عليه القرآن وأتمّ به الإسلام، وبيّنه أتمّ البيان، وبلّغه على التمام، وبهذا نفرح ونبتهج من غير غلو ولا إطراء ونستلهم العبر والعظات من سيرته العطرة ومن شمائله الشريفة وسائر مواقفه المشرفة في ميادين الجهاد والتعليم، ونحرص على اتباع هديه صلى الله عليه وآله وسلم والتمسك بسنته على ما مضى عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى.
ونسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، ولا يجعله متلبسا علينا فنضل، ولا يجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا إنّه رؤوف رحيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.