الوتــــر
النقاط التي سنتطرق اليها
تمهيد
تعريف الوتر
حكمه
فضل الوتر
النهي والتحذير عن التهاون في الوتر
وقت الوتر
وقتا الوتر الاختياري والضروري
قضاء الوتر
من ذكر الوتر وهو في صلاة الصبح
اشتراط النية في الوتر
عدد ركعات الوتر
الفصل، والوصل، في صلاة الليل، والوتر
التطوع بركعة واحدة في غير الوتر
من أوتر ثم أراد أن يتنفل
ما يقرأ في الوتر
الوتر على الدابة في السفر
القنوت في الوتر
تمهيد
[
center]الوتر من أكد السنن الرواتب وأفضلها، ولهذا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام، والسلف العظام يتهاونون فيه أو يتركونه لا سفراً ولا حضراً، وقد تنازع العلماء أيهما أفضل الوتر أم ركعتا الفجر؟
قال ابن عبد البر رحمه الله: (واختلف في الأوكد منهما،فقالت طائفة الوتر أوكد،وكلاهما سنة، ومن أصحابنا من يقول: ركعتا الفجر ليستا بسنة، وهما من الرغائب والوتر سنة مؤكدة.1
وقال آخرون: ركعتا الفجر سنة مؤكدة كالوتر.وقال آخرون: هما أوكد من الوتر: لأن الوتر ليس بسنة إلاّ على أهل القرآن، ولكل واحد من هذه الطوائف حجة من جهة الأثر)2.
اختلف أهل العلم في الوتر في أمور كثيرة.
قال ابن حجر3 رحمه الله: (قال ابن التين: اختلف في الوتر في سبعة أشياء:
1. في وجوبه.
2. وعدده.
3. اشتراط النية فيه.
4. اختصاصه بقراءة.
5. اشتراط شفع قبله.
6. في آخر وقته.
7. صلاته في السفر على الدابة.
وزاد هو:
1. في قضائه.
2. القنوت فيه.
3. محل القنوت منه.
4. فيمن يقال فيه ـ أي في قنوته.
5. وصله وفضله.
6. هل تسن ركعتان بعده؟
7. صلاته من قعود.
8. أول وقته.
9. كونه أفضل صلاة التطوع أو الرواتب أفضل منه).
وبعد فهذا بحث عن الوتر، عن فضله، وحكمه ووقته وغير ذلك، وما اختلف فيه، مع ترجيح ما يمكن ترجيحه من أقوال العلماء.
تعريف الوتر
لغة4: الوتر بالكسرالفرد ،وبالفتح الثأر، وفي لغة مترادفان.
اصطلاحاً: ما يختم به صلاة الليل،وقد يطلق على صلاة الليل.
حكمه
ذهب أهل العلم في ذلك مذاهب هي:
1. الوتر سنة مؤكدة، وهذا مذهب العامة من أهل العلم من لدن الصحابة ومن بعدهم.
2. الوتر واجب، وهذا مذهب الأحناف.
3. واجب على أهل القرآن فقط.
أدلة العامة على سنية الوتر
استدل العامة من أهل العلم على أن الوتر سنة بالآتي:
1. عن علي رضي الله عنه يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الوتر ليس بحتم كصلاتكم المكتوبة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن"5.
2. قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي عندما أمره بالصلوات الخمس وقال: هل علىّ غيرها؟ قال: لا، إلاّ أن تطوع" الحديث.
3. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت يؤمئ إيماءة صلاة الليل إلاّ الفرائض، ويوتر على راحلته"6.
قال الحافظ ابن حجر معلقاً على هذا الحديث
واستدل به على أن الوتر ليس بفرض)7.
أدلة الموجبين للوتر
استدل الموجبون للوتر بأحاديث لا تخلو من مقال فهي ضعيفة منها:
1. ما رواه الحاكم عن بريدة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم :"الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا"8.
قال المنادي في فيض القدير9 في شرح لهذا الحديث: (قال الحاكم صحيح، وأبو منيب ثقة ورده الذهبي بأن البخاري قال عنده مناكير. انتهى. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح. وقال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد: فيه الخليل ابن مرة ضعفه البخاري وأبو حاتم. وقال: أبو زرعة شيخ صالح.
ثم قال عن توجيه الحديث وتأويله: الحق يجئ بمعنى الثبوت والوجوب، ذهب الحنفية إلى الثاني، والشافعية إلى الأول؛ أي ثابت في السنة والشرع وفيه نوع تأكيد).
2. وبما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عن مجاهد: "الوتر واجب".
قال الحافظ في الفتح10: (ولم يثبت).
أدلة من أوجبه على أهل القرآن دون غيرهم
ما صح عن علي رضي الله عنه: "إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن" الحديث.
ظهر بذلك أن القول الراجح هو ما ذهب إليه العامة من أهل العلم من أن الوتر سنة مؤكدة وليس بواجب.
قال ابن عبد البر: (الوتر سنة، وهو من صلاة الليل، لأنه بها سمي وتراً، وإنما هو وترها، وقد أوجبه بعض أهل الفقه فرضاً، وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي إنه ليس عليه غير خمس إلاّ أن يطوع ما يرد قوله.)11
وقال الحافظ ابن حجر: (وأجاب من ادعى وجوب الوتر من الحنفية بأن الفرض عندهم غير الواجب، فلا يلزم من نفي الفرض نفي الواجب، وهذا يتوقف على أن ابن عمر كان يفرِّق بين الفرض والواجب، وقد بالغ الشيخ أبوحامد فادعى أن أبا حنيفة انفرد بوجوب الوتر، ولم يوافقه صاحباه، مع أن ابن أبي شيبة أخرج عن سعيد بن المسبب، وأبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود، والضحاك ما يدل على وجوبه عندهم.. ونقله ابن العربي عن أصيغ من المالكية ووافقه سحنون، وكأنه أخذه من قول مالك: من تركه أدِّب، وكان جرحه في شهادته)12.
فضل الوتر
ورد في فضل الوتر والحث على المحافظة عليه ما يأتي:
1. عن خارجة بن حذافة أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الله أمركم بصلاة، هي خير لكم من حمر النعم، الوتر جعله الله لكم ـ فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر."13
2. وعن علي يرفعه: "إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا ياأهل القرآن."14
النهي والتحذير عن التهاون في الوتر
لا ينبغي لأحد أن يتهاون في أداء الوتر فمن تهاون في أدائه فسق، ورُدَّت شهادته وأدِّب وعزِّر بما يناسبه كما قال مالك وغيره من أهل العلم: لا ينبغي لأحد أن يتعمد ترك الوتر حتى يصبح لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا خشي أحدكم الصبح فليصلِّ ركعة توتر له ما قد صلى"15.
وقت الوتر
يبدأ وقت الوتر من بعد مغيب الشفق وصلاة العشاء إلى ما قبل طلوع الفجر، وكل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أوله ووسطه وآخره، وانتهى وتره إلى السحر.
عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتهى وتره إلى السحر."16
قال الحافظ ابن حجر معلقا على تبويب البخاري: "باب ساعات الوتر"، أي أوقاته ومحصل ما ذكره أن الليل كله وقت للوتر، لكن أجمعوا على ابتدائه من مغيب الشفق بعد صلاة العشاء، كذا نقله ابن المنذر، لكن أطلق بعضهم: أنه يدخل بدخول العشاء، قالوا: ويظهر أثر الخلاف فيمن صلى العشاء وبان أنه بغير طهارة، ثم صلى الوتر متطهراً، أو ظن أنه صلى العشاء فصلى الوتر فإنه يجزئ على هذا القول دون الأول، إلى أن قال: ويحتمل أن يكون اختلاف وقت الوتر باختلاف الأحوال، فحيث أوتر في أوله لعله كان وجعاً، وحيث أوتر في وسطه لعه كان مسافراً، وأما وتره في آخره، فكأنه غالب أحواله، لما عرف من مواظبته على الصلاة في أكثر الليل والله أعلم)17.
وقتا الوتر الاختياري والضروري
للوتر وقتان:
1. اختياري، وهو من بعد مغيب الشفق إلى طلوع الفجر.
2. ضروري، وهو من بعد طلوع الفجر إلى ما قبل صلاة الصبح.
فصلاة الوتر في هذين الوقتين تكون أداءاً وليست قضاء، هذا ما لم يتعمد تأخيره إلى ما بعد طلوع الفجر.
هذا في أرجح قولي العلماء، وذهبت طائفة من أهل العلم أن الوتر يخرج وقته بطلوع الفجر مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)18.
قال الحافظ ابن حجر: (قوله: "فإذا خشي أحدكم الصبح" استدل به على خروج وقت الوتر بطلوع الفجر، وأصرح منه ما رواه أبوداود والنسائي وصححه أبوعوانة وغيره من طريق سليمان بن موسى عن نافع أنه حدثه أن ابن عمر كان يقول: (من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وتراً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك، فإذا كان الليل فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر).
ثم قال: وحكى ابن المنذر عن جماعة من السلف أن الذي يخرج بالفجر وقته الاختياري، ويبقى وقت الضرورة إلى قيام صلاة الصبح، وحكاه القرطبي عن مالك والشافعي وأحمد، وإنما قاله الشافعي في القديم، وقال ابن قدامة: لا ينبغي لأحد أن يتعمد ترك الوتر حتى يصبح)19.
وقال ابن عبد البر تحت باب: "الوتر بعد الفجر": (ذكر فيه مالك عن ابن عباس، وعبادة بن الصامت، وعبدالله بن عامر بن ربيعة، والقاسم بن محمد أنهم أوتروا بعد الفجر).
وعن ابن مسعود أنه قال: ما أبالي لو أُقيمت الصلاة وأنا في الوتر.
وعن عبادة بن الصامت أنه أسكت المؤذن بالإقامة لصلاة الصبح حتى أوتر.
وقال مالك بإثر ذلك: إنما يوتر بعد الفجر من نام عن الوتر، ولا ينبغي لأحد أن يتعمد ذلك حتى يضع وتره بعد الفجر.
قال أبو عمرـ ابن عبد البر: اختلف السلف من العلماء والخلف بعدهم في آخر وقت الوتر، بعد إجماعهم على أن أول وقته بعد صلاة العشاء، وأن الليل كله حتى يتفجر الصبح وقت له، إذ هو آخر صلاة الليل.
فقال منهم قائلون: لا يصلى الوتر بعد طلوع الفجر، وإنما وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر فلا وتر.
وممن قال هذا: سعيد بن جبير، ومكحول، وعطاء بن أبي رباح، وهو قول سفيان الثوري، وأبي يوسف ومحمد.
وقال آخرون: يصلى الوتر ما لم يصلى الصبح، فمن صلى الصبح فلا يصلي الوتر.
روى هذا القول عن ابن مسعود، وابن عباس، وعبادة، وأبي الدرداء، وحذيفة, وعائشة.
وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبي ثور، وإسحاق، وجماعة.
وهو الصواب عندي لأني لا أعلم لهؤلاء الصحابة مخالفاً من الصحابة، فدل اجماعهم على أن معنى الحديث في مراعاة طلوع الفجر أريد ما لم تصلَ صلاة الفجر.
ويحتمل أيضا أن يكون ذلك لمن قصده واعتمده، وأما من نام عنه وغلبته عينه حتى انفجر الصبح وأمكنه أن يصليه مع الصبح قبل طلوع الشمس مما أريد بذلك الخطاب)20.
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
[/CENTER]
الروابط المفضلة