الرد على مقال بعنوان (السلفية بين الفكر الاصلاحي والفكر التقليدي)

للمفكر "الاسلامي" المدعو خالص جلبي


نص المقال:

"أعظم عقبة تواجه العقل وأحفلها بالتحدي التخلص من فكر الآباء. الذي نهانا الله عن اتباعه و(التحرر) منه هو التحرر مما نسجه الآباء بكل حرص وحب.
ونحن طال علينا الأمد وبقينا في رحم الآباء بدون القدرة على الولادة إلى العالم الجديد. ومعروف في الطب أن الجنين الذي يبقى في الرحم أكثر من أجله يقضي على الأم والجنين معاً.
وهناك من يظن أن (الآباء) هم آباء قريش. وأن (فرعون) هو بيبي الثاني الذي عاش في الألف الثانية قبل الميلاد. ولكن لكل ثقافة آباء. وهذا يعني أن لنا آباء يجب التخلص منهم بحرص واحترام. وكما كان لكل قرية مقبرة كذلك الحال مع الأفكار الميتة فيجب أن تدفن كما تدفن الجثث بكل أجلال.
وموقفنا من الآباء يتحدد بآية أننا نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيآتهم. فهذا هو الانفكاك السليم من مشيمتهم بدون نزف قاتل. ويجب أن نعذر الآباء فهم ابناء عصرهم ونتاج بيئتهم ويمكن رؤيتهم على صورة بشرية وليس إلهية.
ولكن (من هم آباؤنا؟) والجواب على هذا صعب وحساس ومزعج ولكن لا مفر من الإجابة عليه؟ ويمكن القول باختصار إنه ذلك المخزون الثقافي من تراثنا الفكري الذي لم يعد يؤدي دورا ويؤذي مثل الجثث التي تؤذي رائحتها ويجب أن تدفن وبسرعة على السنة.
وتراثنا الفكري يعادل وضعنا. والاستمرار في إنتاج هذه الأفكار يعني أن أوضاعنا المزرية سوف يعاد إنتاجها وتستمر في الوجود.
ونظرا لأن أوضاعنا مريضة فأفكارنا مريضة مثل مريض التيفوئيد حامل جراثيم السالمونيلا. وهذا يعني أنه لا بد من تشريح الذات وهي من أقسى المراجعات لأننا أمام مريض يهذي من الحمى ويرفض الاعتراف أنه مريض؟ فليس هناك أبغض على النفس من الانتقاد ولا تسكر النفس بخمر كالثناء. ونحن نثني على أنفسنا وزعماءنا في كل محفل ونزعق بالدم بالروح نفديك يا أبو الجماجم؟
وشخصية مثل ابن تيمية أصبحت متعالية فوق الخطأ ودون النقد ولم ينمو بعد اتجاه النقدالذاتي.
ولعل كتابي (في النقد الذاتي) الذي صدر عام 1982م كان الأول في هذا الاتجاه وكان أكثر من مزعج وقليل من تابع هذا الاتجاه. ويفترض الكل إلا ما ندر أن مشكلتنا هي أمريكا وإسرائيل. ولكن لو خسف الله الأرض بإسرائيل ما انحلت مشاكلنا. ولم يأت النسر الأمريكي إلى أرض نينوى واوروك لولا أنه رأى جيفة؟
وفلسفة ظلم النفس هي فلسفة قرآنية ولكن فكر السلف يتهم الكافرين والمارقين أنهم خلف انحطاطنا. مثل من يتهم الجراثيم انها خلف المرض وينسى انهيار الجهاز المناعي. ونحن بهذا نعطي عقولنا إجازة مفتوحة.
وانهيار جهاز المناعة الداخلي أدى إلى انفجار أكثر من مرض ومنها تورط الفكر السلفي بالعنف ولكننا لم نتصور أنه سيرتطم بإبراج نيويورك؟
ولعل أهم تطبيقات الفكر السلفي هي الفهم الخطير لموضوع الجهاد والقتال فخلطوا عملاً صالحاً وسيئاً. وضاع معنى الجهاد والقتال في سبيل الله معاً. واعتبروا أن سنام الجهاد هو الإطاحة بالأنظمة (الجاهلية) بالقوة المسلحة فأعادوا إحياء مذهب الخوارج.
وحتى أفضل المستويات في الفكر الإسلامي التقليدي ترى ان الانقلابات العسكرية لا بأس بها إن لم تكن دموية كمن يريد عبور المحيط بدون أن يصاب بالبلل. ولا يتصورون أن الجهاد بمعنى القتال هو وظيفة دولة راشدية وليس أي دولة كما أنه ليس مهمة تنظيم مسلح. وأن الجهاد هو دعوة لإقامة حلف عالمي لرفع الظلم عن الإنسان أينما كان ومهما دان.
ونقل السلطة السلمي عجزنا عنه ولم نقرأه إلا بعد ألف سنة مترجماً إلى اللغة الإنكليزية حينما بدأنا نقرأ حقوق الإنسان من منظمة الأمم المتحدة.
وحيث الفكر السلفي كف العقل عن الحركة ونشط العنف. ولا تجتمع الديموقراطية مع العنف إلا إذا اتحد الماء مع النار. والعالم الجديد غريب علينا مثل الجن الأزرق. لأنه عالم لم نشارك في صناعته.
ومقتل الفكر السلفي أنه يحدد فهم القرآن في عصر ورجال وتفاسير بعينها. والتفسير الفعلي ليس العصر والرجال بل آيات الآفاق والأنفس. وهو مرجع القرآن. والقرآن طلب بذاته السير خارج القرآن فقال: سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق؟
وأي صخرة أدل على نفسها من كل كلام كتب حولها من أي مصدر لأنها كلمة الله الأخيرة والنص الأصلي. وكل كلام يختلف حوله الناس بضع وسبعون شعبة. وهي مشكلة النسخ الإسلامية فالمسلم البوسني غير الأفغاني والماليزي غير العربي.
ومن أعظم مقاتل الفكر السلفي انفكاك النص عن الواقع. ولا يمكن لأي كلام أن يرسخ وينمو بدون جدلية تفاعل النص مع الواقع.
وللدخول على أي حقل معرفي لا بد من الأدوات المعرفية. ولفهم النص القرآني لا بد من استخدام العلوم الإنسانية المساعدة. فلا يمكن فهم القرآن بتفسير ابن كثير كما لا يمكن فتح جمجمة اليوم بأدوات فرعونية. وهذا ليس انتقاصاً من جراحي الفراعنة أو ابن كثير لأنهم أولاد عصرهم ونتاج بيئتهم. ولذا يجب تسليط جراحة فكرية جديدة مثل أشعة ليزر لمعالجة النصوص كما يعالج قصر البصر اليوم فيستغنون عن النظارات. واليوم ولدت تقنية جديدة في ترجمة النصوص عن طريق الكمبيوتر مباشرة بدون قواعد النحو والصرف والبنتاغون بمشروع (تايدس Tides) صرف 22 مليون دولار من اجل التركيز على فك أسرار اللغة العربية بـ 150 مليون كلمة عربية ونقل القرآن إلى كل اللغات فسخرهم الله إلى نشر كلمته من حيث لا يدرون.
ونحن حتى اليوم لم نفهم أن مشكلة التوحيد ليست تيولوجية بل سياسية. أن لا يتخذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله. وهي ورطة العالم الإسلامي حاليا فقد عادت الأوثان إلى بلاد العربان. ولكن بين المسلمين وهذا الفهم سنة ضوئية.
وهذا المرض هو الذي أضاع الخلافة الراشدية قديما ونجح الانقلابيون الأمويون في تحويل الرشد إلى غي والخلافة إلى ملك بيزنطي. وهي نصف المشكلة فالأمراض تحدث مع الجميع ولكن استمرار المرض يعني السرطان أو الموت. وهو الذي قاد الحضارة الإسلامية إلى الموت tالعالم العربي اليوم مثل الجثة المتفسخة تمشي باتجاه التحلل يتناوب على افتراسها 500 صنف من الدود والذبان من كل صنف زوجان.
وموت أمة لايعني موت الإسلام. والإسلام هو مجموعة قيم قابلة للتحقق. وأي أمة التزمت بقدر من هذه القيم حققت الإسلام بهذا القدر. وكندا اليوم أقرب إلى الإسلام من صوماليا وجزر القمر.
وماهر عرار اليوم أنقذه الكنديون من غيابات الجب من يد أهله الذين ساموه الخسف والهوان. وفي البلاد الثورية يلقى القبض على من يفتح الانترنيت ليقرأ مقالة للمعارضة.
وباختصار الفكر السلفي يرى أن الرجوع إلى الخلف يعني المشي إلى الأمام. والفكر السلفي يرى أن فهم القرآن يزداد وضوحا كلما غصنا أكثر في مغارة الماضي. وهكذا فتفسير الطبري أفضل من القاسمي والقرطبي أفضل من رشيد رضا. والفكر السلفي يرى ان فهم السلف هو مفتاح الدخول لأسرار القرآن مثل من يريد إجراء عملية فتق بأدوات الزهراوي. مع أن السلف هم الذين أضاعوا الخلافة الراشدة بحرب أهلية طاحنة. وتحول التاريخ الإسلامي إلى مسلسل محموم من قنص السلطة الدموي ومحاولة شرعنته بالسيف كما جاء في قصة ابي ليث الصفار الذي زحف بالحرافيش والزعر والأوغاد إلى بغداد للاستيلاء على كرسي الخلافة فحذره البعض من بيعة الخليفة فسحب سيفا ملفوفا بخرقة ثم لوح به أمام العيارين وقال هذا ما أجلس الخليفة في بغداد على طست الملك فعهدي وعهده واحد.
يروى ان راعيا عثر على قلم حبر فاخر فقلبه فلم يهتدي إلى وظيفته ولما تلوثت أصابعه بالحبر هداه تفكيره إلى استخدامه بأن كسر القلم ورش الحبر على رأس أكبر كبش.
وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون. "

انتهى نص المقال


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد
لعلك تعجب يا دكتور من بدايتي لكلامي بهذه الكلمة. نعم، لعلك الآن تقول، الزمن قد تطور والحياة تقدمت، وهذه الكلمة من ارث الآباء الذي يجب أن نتخلص منه!! أليس كذلك؟ أراك قد تخلصت منها بالفعل، في مقدمة كلامك، وأنت تتكلم في مقال يعتبر مقالا اسلاميا. مع أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما علمنا أنه من الخير أن نبدأ الخطاب والمراسلة بالتحميد والصلاة عليه، لم يقصر ذلك على الخطب الدينية في المساجد، ولم يقصرها على المقالات الدينية أو الدروس الدينية كذلك! كما أنه لم يقل لنا أن اذا تقدمت بكم الحضارة والزمان، فاتركوا هذه السنة ودعكم منها، فلن يكون بكم حاجة اليها حينئذ!! رجاءا ذكرني يا دكتور ان كنت تجد فيما درست من الشريعة نصا بهذا المعنى.. لعلي بسماع ذلك النص أتحرر من قيود الآباء وأتخلص من أغلالهم أنا الآخر!!!
أنت تفتتح مقالك هذا قائلا:
"أعظم عقبة تواجه العقل وأحفلها بالتحدي التخلص من فكر الآباء. الذي نهانا الله عن اتباعه و(التحرر) منه هو التحرر مما نسجه الآباء بكل حرص وحب. "
أقول لك يا دكتور، أن تمهل.. ولا تخلط الأمور بعضها ببعض! فأي أنواع الفكر الموروث من الآباء هو ذلك الذي نهانا الله عن اتباعه؟ انه الموروث الأعمى الذي لا دليل على صحته ولم يأذن الله به. جاء الأنبياء بتنبيه الناس لما وقعوا فيه من تقليد أعمى لآبائهم بلا دليل ولا حجة ولا برهان. فلو كان كل المطلوب منهم أن يعملوا عقولهم ليتحرروا من تبعيتهم العمياء لآبائهم، فما الحاجة اذا لبعث الأنبياء والرسل؟ ألم تكن عقول المشركين هي التي تطلب من الرسل أن يأتوا بكتاب في قرطاس أو أن يأتي بالله والملائكة قبيلا؟ ألم تكن عقولهم هي التي حملتهم على تكذيبه بغير حجة ولا بينة لا لشيء الا لأنه أتى بما خالف آباءهم؟
سبحان الله العظيم! هل ارث الدين والحق، يستوي بارث الباطل والشرك، الذي جاء الأنبياء ليحرروا عقول البشر منه بنور الوحي والعلم السماوي القويم؟ وهل مطالبة المشركين باعادة النظر فيما ورثوا كان مردها الى عقولهم المجردة، أم كان مناطها كان سماعهم عن الأنبياء لما نزل عليهم من الحق وتبينهم من أنه يهدم بالحجة والبرهان جميع ما معهم من الباطل؟ بأي شيء عملت عقول هؤلاء اذا؟
هذا ظلم عظيم يا دكتور والله، اطلاق القول بوجوب التحرر من ارث الآباء جميعا كما تقول.. هذا كلام لا يقول به رجل درس الشريعة كما درست!! ما ورثنا من الأنبياء وورثتهم هو الحق، وما دونه فهو الذي فيه النظر والمراجعة!
فأي عقل اذا هو هذا الذي أمرنا بالأخذ عنه بدلا من ذلك الموروث؟ عقلك؟ أم عقلي؟ أم عقل المعتزلي؟ أم عقل الجهمي؟ أم عقل النصراني أو اليهودي؟ أم أي عقل بالضبط؟ جميع العقول معا؟ اذا أنت تريد ديانة الفلاسفة، الذين يستوي عندهم الحق بالباطل، والذين يرون كل الأفكار نتاج عقول كعقولهم، فلا فرق عن أي عقل تتلقى، المهم أن تتبع ما يروق لك ويوافق علقك أنت! أليس هذا هو عين اتباع الظن والهوى واتخاذه الها؟
الي أي شيء تدعو بالضبط يا دكتور؟ هذه الدعوة النشيطة جدا التي ألفت بها كتبا ورحت تجوب الأرض شرقا وغربا تدعو اليها.. ما غايتها بالضبط؟
تقول
"ونحن طال علينا الأمد وبقينا في رحم الآباء بدون القدرة على الولادة إلى العالم الجديد. ومعروف في الطب أن الجنين الذي يبقى في الرحم أكثر من أجله يقضي على الأم والجنين معاً. "
أقول لك، أي أمد هذا الذي طال؟ سبحان الله على اللبس المبين. هناك فرق كبير يا دكتور بين التأخر عن تكنولوجيا الغرب وأسباب حضارتهم، وبين التعلق بما نزل من الدين وما كان عليه دين الآباء، الدين هو ما دل عليه النص الصحيح، كما فهمه صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والا فكيف لك أن تعرف مراد الله تعالى ان لم يكن على حسب ما علمه النبي لهؤلاء؟ أأنت أحسن عقلا منهم؟ هؤلاء الذين زكاهم الله في القرءان وأمرنا الرسول باتباع دينهم (لا حضارتهم وتكنولوجيتهم!) أأنت أحسن عقلا في فهم الدين منهم؟؟ سبحان الله! اذا لذهب كل فريق بعقله وببدعته وزاد شتات الأمة التي تزعم أنت أنك تريد لها الخير!
الدين دين الله يا عبد الله ليس نظرية تخترعها أنت أو غيرك! وهو كما يريد الله، وليس بأحد أعلم بمراد الله من رسوله وحوارييه الذين تعلموه عنه.. فمن أي شيء تنقمون يا عبدة العقول؟!
يا أخي أعمل عقلك وأبدع واخترع ما شئت في مجالات العلوم الدنيوية، في الكيمياء، في الذرة، في الطبيعة، في الطب (وهو اختصاصك أصلا) واحتسب أجر الارتقاء بعلوم الدنيا علوم الوسيلة والأسباب في بلاد المسلمين، فهذا ضروري وهو تكليف شرعي فرض كفاية أن يتصدى المسلمون بعقولهم للعلوم الواجبة للنهوض بالأمة وتحقيق المنفعة الدينية والدنيوية لها. أما أن تضع عقلك في الابتداع والتجديد في الدين نفسه والتحرر من ارث الآباء و(رحمهم كما تسميه) فهذا هو عين التلبيس الشيطاني والله! النص القرءاني قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وظنية الدلالة لها ضوابط في القياس لا يتبع فيها الهوى و"المزاج" والا صار الدين أديانا والملة مللا، وضاع الحق بين المسلمين. وليس للآباء رحم يختنق فيه الأبناء الا فيما يأخذون بغير دليل من الكتاب والسنة، الذين لا تكون مسلما لو لم تقر بوجوب اتباعهما وبأنهما قد حفظهما الله الى قيام الساعة. ان حفظ الذكر ليس حفظا لألفاظ كالطلاسم لا نفهم لها معنى الا ما يريده كل انسان بعقله، والا لكان لكل مسلم دين غير دين أخيه، ولصار القرءان بالتفسير الباطني قرءانات لا قرءانا واحدا! نعوذ بالله! فصاحب الباطنية يحول ألفاظ القرءان الى رموز يضع لكل لفظ منها ما يهوى من المعاني، وهو يقول أن العقل يدل على ذلك! فأي عقل هذا، وأي قرءان وأي دين؟!
ما معنى الولادة في العالم الجديد؟؟ أن نمسخ ديننا بفلسفات وسفاهات قوم لا علم لهم بدين الله لنكون معهم سواءا؟ هل يلزمنا يا دكتور يا متحضر يا مثقف أن نغير ديننا ونبدله، حتى نتمكن من ادخال تكنولوجيا التسلح النووي مثلا الى بلادنا؟ أم أن ذلك ما يشترطه اليهود والنصارى علينا، ولن يرضو عنا ويعطونا فتاتهم حتى نتبع ملتهم؟! هل يلزمنا أن نبدل ديننا ونغيره ونطوره، حتى نتمكن من العلو في صناعات وتقنيات في مجال كذا وكذا؟؟ سبحان الله! أين المانع في دين الله الذي ترى وجوب التخلص منه وتغييره، لأنه يحول بينك وبين التكنولوجيا الحديثة والعلو فيها؟؟؟ من الذي يتبع بعماه بغير عقل ولا تفكير؟ الذي أخذ دين السلف وفهمه حسن الفهم، وأخضع الدنيا كلها من أجل رضى ربه وحسن التعبد له سبحانه، وعلم أن العلو في علوم الدنيا واجب على الأمة لا تعارض بينه وبين الدين؟ أم الذي أشربت دماغه بنظريات الفلاسفة السفهاء الذين لا فرق عندهم بين الحق والباطل، لأنهم وجدوا في أوروبا في ظل جبروت وطغيان الكنيسة فاسدة الدين، وفي ظل حربها الشعواء على علوم الدنيا، أنه لا سبيل لمزيد من البحث العلمي والتفوق فيه الا بالاطاحة بالكنيسة وبكل ما تمثله؟ الذي حملك أن تطالب بتغيير الدين وتجديده وتنادي باعادة (تفسيره)، هو نفس الذي حملك على قياس دين الله على دين الكنيسة! لا وجه للشبه يا أيها العاقل المحترم. لا وجه للقياس بالمرة!!
والا فأنت تريد الزيغ من الدين لأنك لا ترى نفسك مثلا، وقد أعفيت لحيتك، لأن الانسان الغربي المتفوق الذي سجد له المفتونون من أمثالك، يري أن اعفاء اللحية – مثلا – من التخلف ومن مظاهر صورة انسان الكهف الأسطوري الذي اتخذوه هم جزءا من دينهم وعقيدتهم في أصل الانسان!
أو ربما أنت لا تتصور نفسك وقد ألزمت زوجتك بالحجاب الشرعي – مثلا – لأن الانسان الغربي العظيم يرى في الحجاب تخلفا ورجعية، ويرى أنه من حقه أن ينظر الى جسد زوجتك يتلذذ بها متى يشاء بلا حائل ولا مانع!
هذه "القوالب" القديمة كما تعتقد، لابد من التخلص منها من أجل أن نلحق بركاب الحضارة، فيكون عندنا ما عندهم من صواريخ ومن تكنولوجيا فضاء وتسلح نووي وكذا وكذا!! فبالله هل هذا هو العقل الذي تأمرنا أن نتبعه في مواجهة هذا الموروث الذي تكرهه؟ يا عاقل يا صاحب العقل اثبت لي أن الحجاب – مثلا - يمنع المسلمين من التفوق في تكنولوجيا التسلح النووي مثلا (ودعني أركز على هذا المثال بالذات، لأنه آخر ما يراد لنا أن نتفوق فيه). أثبت لي العلاقة بالدليل العقلي. أتحداك أن تثبت لي أن الحجاب – وهذا مجرد مثال لكثير من أجزاء الدين التي تراها أنت رجعية يجب اعادة تأويلها - يعوق ويحول دون التطور التقني والتكنولوجي، الذي نرومه جميعا ونتطلع اليه! أتحداك بذلك اليوم، وأنا خصيمك يوم الدين عليه!
ستقول أن الحجاب يعوق تواصل المرأة ويحجم دور المرأة، الذي هو مهم للتطور والتنمية!! فأقول لك من أين أتيت أنت بعقيدتك في شأن دور المرأة وما خلقت من أجل القيام به في الدنيا من المهام أصلا؟ من الذي علمك أن المرأة خلقت من أجل الدخول في ذات الصراعات التي يدخلها الرجل، والاختلاط به في ذلك كأنها لا بيت لها ولا أولاد ولا أسرة ولا مهام أخرى اختصت بها مما لا يطيقه الرجل؟ هل هذا من التطور والتقدم التكنولوجي أيضا ومن ضرورياته، أم أنه دين آخر وعقيدة أخرى أفرزها عقل لم يشم رائحة الوحي والدين، وأنت ترددها وتنادي بها بلا تفكير ولا "عقل"؟؟ من الذي قال أن اقامة حد الزنا والسرقة في بلاد المسلمين مثلا، يتعارض مع التطور والتقدم في الحضارة؟؟ من الذي قال أن الدولة الدينية نموذج فاشل؟ الدولة الكنسية نموذج فاشل لأنها على دين باطل! أما الخلافة الاسلامية فابحث لك عن كتاب من كتب الأعلام الثقات لتقرأه في تاريخها، بدلا من كتب الرافضة والحاقدين! فهي امة لم تعرف البشرية مثلاه من لدن آدم! ثم هل دين اليهود أقوم من ديننا، فلذلك فعلينا أن نخاف من اقامة دولة دينية اسلامية كما أقاموا هم دولة اسرائيل الدينية مثلا؟؟؟ وهل ترى ايران التي أقامت دولتها على دين الرفض، وسيطر اليمين الديني عليها، هل تراها اليوم دولة متخلفة حضاريا؟
أم أن الحضارة عندك لا تتحقق الا اذا قمنا بمحو هويتنا، وعلمنا أنفسنا أن نتقبل ما يأتي به الآخر أيا كان؟!! أم أن الحضارة لن تكون من حظنا، الا اذا طوعنا من ديننا وبدلنا فيه ليوافق مزاجك أنت أو مزاج الفيلسوف فلان أو فلان، فلا يخرج لك من يقول لك أن القول الذي تقول به حرام أو أنه مخالف لشريعة الله؟ هكذا كل مبتدع. يريد الدين مرنا، طريا، سهل التشكيل والتطويع، ليظهر فيه على الناس بما ابتدع فلا يسمع من بينهم صوتا واحدا يقول له: "قف! ما هكذا أمرنا رسول الله، وما هكذا كان مراد الله في دينه!"
لا علاقة بين أوامر الله تعالى وبين الرقي التكنولوجي، الا عند من فسد فهمهم لمعنى الدين ولمعنى الحضارة أيضا!
يقول ربك وخالقك: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) [الأعراف : 96]

فاثبتوا لنا يا عباد العقول أن دين الله على ما كان عليه عند السلف، لا يسمح بالتطور في أمور العلم الدنيوي! اثبتوا لنا أن دين الله يجب أن يتغير لنكون مثل الغرب في ظاهر الحياة الدنيا!
أفهمونا ماذا تقصدون بالحضارة بالضبط!
ألا تقوم للبشر حضارة على فهمكم، الا وفيها المعازف التي حرمها الله (مثلا)؟ ألا تقوم للبشر حضارة الا وفيها النحت والتصوير المحرم مثلا؟ ألا تقوم لهم حضارة الا وهم لا يرون مانعا في التلذذ بنساء لا يحل لهم النظر اليهن، في دياثة الخنازير؟ ألا تكون للبشر حضارة الا وفيها الغرق في ملذات الدنيا وشهواتها بلا ضابط ولا رابط؟ هل هذا تجديد للدين أم هدم للدين بالأخذ الأعمى عن قوم كافرين؟
أم أنك يا دكتور لا تتصور أن تمضي ليلتك مثلا بغير الاستماع الى سيمفونية أو سوناتا لشوبان أو هاندل، فلا تقبل أن يكون في الاسلام ما يمنعك من ذلك؟!! اذا فأنت تريد دينا على هواك! لا تريد الدين الذي أنزله الله على نبيه وبه دان الصحابة وخير القرون وبه حكموا العالم وأصلحوا البلاد شرقا وغربا! وأعود لأكرر، أنه ان كان هكذا فهمك للحضارة، فابحث لك اذا عن دين آخر غير دين الله يحقق لك ذلك! جرب اليهودية مثلا! فلا مانع عندهم من المعازف ولا مانع من الخمر والميسر والربا، ودينهم يقبل أشياء كثيرة مما تهوى أنت ولا تتصور الحياة من غيرها! ان كان هكذا فهمك لمعنى الحضارة، والذي لا ترضى ان تراجعه وأن تعيد النظر فيه، فلن ترضى عن دين الله حتى تحرفه الي ما تريد تحريفا!
فأي العقلين أحكم وأهدى يا من تنادي بترك التقليد الأعمى؟ الذي يعيد صياغة مفهوم الحضارة ويعلم الناس الحضارة الحق كيف تكون، منضبطا في ذلك بما أنزل الله وعلى مراد الله؟ أم الذي يريد تغيير دين الله وتعليم الناس الدين كيف يجب أن يكون، ملتزما ومنضبطا في ذلك بما تعلم وتلقى عن مفكري الغرب عن معنى الحضارة؟! هذا فارق حساس للغاية يا من تنسب نفسك الى "الفكر الاسلامى" وتتخذ منه رسالة لحياتك!
لا صراع بين دين الله والحضارة الا عند الكفار والجاهلين، والا فماذا تنقمون من دين السلف، الا أن يكون اتباعا لمصادر غير دين الله، ولفهم أعوج ما أنزل الله به من سلطان؟
راجع يا دكتور المصادر التي تتلقى منها والعقول التي تدعو الى اتباعها.. فأنت لست تدعو ان دعوت الا الي اتباع، فانظر من الذي تدعو الى اتباعهم وعلى أي شيء تريد أن يكون ذلك!!

ثم أنت تقول
"وهناك من يظن أن (الآباء) هم آباء قريش. وأن (فرعون) هو بيبي الثاني الذي عاش في الألف الثانية قبل الميلاد. ولكن لكل ثقافة آباء. وهذا يعني أن لنا آباء يجب التخلص منهم بحرص واحترام. وكما كان لكل قرية مقبرة كذلك الحال مع الأفكار الميتة فيجب أن تدفن كما تدفن الجثث بكل أجلال."
وأقول: من هم آباء قريش؟ من تعنى بالضبط؟ وما دخل فرعون في الكلام؟ وأي دفن وأي جثث وأي آباء تريد التخلص منهم بالضبط؟ معذرة سيدي ولكن هذا والله أشبه ما يكون بالهذيان!!
هذا الكلام المطلق المبهم لا يفيد شيئا حتى تبين بكل وضوح وبكل حزم وقطع، أي الآباء وأي المعاني والمفاهيم بالضبط هي تلك التي ترى أنه يجب دفنها كالجثث الميتة! أي أفكار بالضبط هي تلك التي ماتت؟ كل الأفكار؟ وماذا تقصد بالأفكار؟ هل ديننا أفكار ونظريات؟ أم أنه نصوص بفهم محكم قويم؟ ان كنت تعني أفكار القوم مثلا في صناعة كذا أو كذا، فأي عقل يأمر باتباعهم في ذلك الا أن يكون عقلا أحمقا سفيها؟ من الذي يقول بركوب الجمل اليوم مثلا في المدينة على الأسفلت وسط السيارات الا أن يكون أحمقا لا عقل له؟ بين لنا ما تقصد بالأفكار بالضبط والا فالكلام المطلق مصيره اما الصواب المطلق أو الخطأ المطلق أيضا!!

ثم أنت تقول:
"وموقفنا من الآباء يتحدد بآية أننا نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيآتهم. فهذا هو الانفكاك السليم من مشيمتهم بدون نزف قاتل "
قلت: الله أكبر! أي عمل تقصد بالضبط؟ أولا هذه الآية يتكلم بها الله تعالى في حق نفسه تبارك وتعالى، في محاسبته للمؤمنين يوم القيامة. أما أنت وأنا فنحن مأمورون بأخذ ما يوافق الحق وما ينفعنا وبأن نستمع القول فنتبع أحسنه..ولكن ان كان مقياس التحسين هو عقلك فعقلك أنت ليس بأولى من عقلي.. وان كان عقلي فليس عقلي بأحق لأن يدعو الناس الى ما جاء به، من عقل غيري! والله عافانا من هذا كله بالدين والاتباع! أما الثورة العمياء، والانفكاك من المشيمة والخروج من الرحم والكلام الدارويني المطلق الأعمى هذا فلا نقبله!
ثم يقول: "ويجب أن نعذر الآباء فهم ابناء عصرهم ونتاج بيئتهم ويمكن رؤيتهم على صورة بشرية وليس إلهية." وأقول من الذي ينظر الى الآباء بصورة الهية؟ أي أباء تعني بالضبط؟ ان كنت تلمح الى أن المسلمين قد ألهوا السلف عندما اتبعوهم على دينهم فأنت جاهل بمن هم السلف، وبحقيقة ما وقع عند المسلمين من اتباع لهم. فاتخاذ البشر اربابا من دون الله، هو اتباعهم فيما أمروا به ونهوا عنه بلا حجة أو بينة أو دليل من الله! وذلك كما يتبع النصارى أحبارهم ورهبانهم وكما يتبع أكثر المتثقفين أرسطو وأفلطون ويستهدون بكلامهم في كل شيء!! فان قلت لأحدهم أن الله قد انزل ما يخالف هذا، قالوا لك راجع ما أنزل الله وأعد النظر فيه، فانك يقينا ستخرج منه بفهم جديد يناسب ما معنا!! فهذا هو اتخاذ البشر أربابا وتأليههم بغير حق ولا دين!! فاذا جاءهم الدين، حرفوه وأولوه بالباطل الي مثل ما معهم! هؤلاء هم الذين اتخذوا فلاسفتهم ومفكريهم آلهة من دون الله! أما أن ترمي المسلمين بتأليه السلف، فنحن لم نتبعهم الا على ما أنزل الله وبما أنزل الله، وكل يؤخذ من قوله ويرد الا نبي الله صلى الله عليه وأله وسلم، ومناط الأخذ والرد هو الدين بفهم الذين علمهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لا بفهم أتباع أرسطو وأفلطون وغيرهما ممن تعبدون!!

تقول: "ولكن (من هم آباؤنا؟) والجواب على هذا صعب وحساس ومزعج ولكن لا مفر من الإجابة عليه؟ ويمكن القول باختصار إنه ذلك المخزون الثقافي من تراثنا الفكري الذي لم يعد يؤدي دورا ويؤذي مثل الجثث التي تؤذي رائحتها ويجب أن تدفن وبسرعة على السنة."
وأقول : انا لله وانا اليه راجعون!!

وتقول: "وتراثنا الفكري يعادل وضعنا. والاستمرار في إنتاج هذه الأفكار يعني أن أوضاعنا المزرية سوف يعاد إنتاجها وتستمر في الوجود."
وأقول: صرح يا دكتور بالأفكار المزرية! بين أي الأفكار تقصد بالضبط، ولو على سبيل ضرب المثال!! صرح وأفصح بحقيقة ما في قلبك.. أم أنك تخاف؟!!

ويقول: "ونظرا لأن أوضاعنا مريضة فأفكارنا مريضة مثل مريض التيفوئيد حامل جراثيم السالمونيلا."
قلت: ألم أقل لك أنك لست على شيء؟ لست على شيء والله! وغاية ما عندك رمي التهمة بلا حجة ولا برهان. هذا المعنى الآن يتكرر للمرة الرابعة بلا اضافة، الا مزيد من تشكيك الناس في ثوابتهم المطلقة، وزعزعة لكل ما هو ثابت راسخ عندهم، بدعوى أنهم مرضى مساكين يحتاجون الى الترياق الذي ستجود أنت وغيرك به عليهم!! فالله المستعان!

ثم تقول: "وهذا يعني أنه لا بد من تشريح الذات وهي من أقسى المراجعات لأننا أمام مريض يهذي من الحمى ويرفض الاعتراف أنه مريض؟ فليس هناك أبغض على النفس من الانتقاد ولا تسكر النفس بخمر كالثناء."
قلت يا سيدي لا نطلب ثناءا ولا نشجع عليه بل نحن منهيون عنه، ولكن أخرج أدلتك وصرح بما في قلبك وأقم الحجة، والا فلا حاجة لنا في هذا الكلام!

قلت: "ونحن نثني على أنفسنا وزعماءنا في كل محفل ونزعق بالدم بالروح نفديك يا أبو الجماجم؟
وشخصية مثل ابن تيمية أصبحت متعالية فوق الخطأ ودون النقد ولم ينمو بعد اتجاه النقدالذاتي."

وأقول.. أحسن كتابة العربية أولا قبل أن تنتقص من أعلام المسلمين! الكلمة تكتب في ذلك الموضع (زعمائنا) وليس (زعماءنا) لأنها مجرورة ب(على)! وعندك غير ذلك من اللحن في العربية الكثير في الحقيقة، وهو أمر طبيعي فأنت قد تربيت في حجر الغربيين، ثم أتيتنا تحتقر ما عندنا وتريد أن تنسفه نسفا!! فالله المستعان
أنا لن ادافع عن ابن تيمية رحمه الله، ولكن سآطالبك بالخروج بالأدلة التي على أساسها رميته بأنه كان متعاليا فوق الخطأ والنقد!! ولا مجال هنا لأسرد لك مآخذ أهل العلم عليه، فضلا عن ثنائهم عليه وعلى علمه وامامته! ولكن أنت تردد ما تسمع بغير علم ولا بينة، والله سائلك عن هذا كله والله! سمعت في الرجل مطاعن وقرأت عنه كلام قوم حاقدين فرحت تنثر كلامك في حقه ظلما وعدوانا. فلماذا ابن تيمية بالذات؟ لقد كان ابن تيمية على ذات منهج أحمد ابن حنبل رحمه الله في العقيدة والعبادات، فلماذا لا تنقم من أحمد ابن حنبل كما نقمت من ابن تيمية؟ بل كان الشافعي ومالك وابو حنيفة كلهم على ذات المعتقد، وأصولهم جميعا هي نفس أصول ابن تيمية، رحمهم الله جميعا، فما دليلك وما برهانك، أم أنه رجم بالكلام بلا بينة أو برهان؟! سمعت فيما سمعت أن القوم ينقمون على ابن تيمية وينسبون اليه ما أسموه بالفكر السلفي، كما تنسب البدع الى أصحابها! فرحت تتشدق وتتفيهق بغير علم كما فعلوا! أتحسب أن الكلام بلا حساب ولا ثواب ولا عقاب عند الملك رب الأرباب؟ الله المستعان.
كل عدو لأصحاب البدع، من الله عليه بالحجة والعلم الذي يهدم به حججهم ويضحد به أكاذيبهم، هو عدو لأكثر الخلق ولا ريب. هذه سنة كونية ماضية. فانا لله وانا اليه راجعون.

وتقول: "ولعل كتابي (في النقد الذاتي) الذي صدر عام 1982م كان الأول في هذا الاتجاه وكان أكثر من مزعج وقليل من تابع هذا الاتجاه."
قلت ما شاء الله! أنت تعترف بكل فخر بأن كتابك لم يكن مزعجا فحسب، وانما كان أكثر من مزعج! فهل هذه منقبة وميزة وحسنة تحسب للكتاب، أن يكون "مزعجا"؟ أنت اذا لا تروم الا الازعاج والتشويش والتشغيب على المسلمين وأئمتهم لتصنع لنفسك اسما بين الناس!! والا فما معنى أنه كان مزعجا؟!!

تقول "ويفترض الكل إلا ما ندر أن مشكلتنا هي أمريكا وإسرائيل. ولكن لو خسف الله الأرض بإسرائيل ما انحلت مشاكلنا. ولم يأت النسر الأمريكي إلى أرض نينوى واوروك لولا أنه رأى جيفة؟"
وأقول: صدقت والله. هو لم ير الا جيفة بالفعل لأنه رأى حكاما ومحكومين أكثرهم في جهل مبين بأسباب النصر والتمكين، وأكثرهم المفتونين بذلك النسر الأمريكي الذي تتكلم أنت عنه! ولو أنه رأى في تلك البلاد رجالا يتمسكون بكلام الله وأوامره ودينه، ويتخذون كافة أسباب الدنيا والأرض من اجل حمياته وترهيب الأعداء منه ومن أهله، لما جرأ على الاقتراب.. ولكنه رأى قوما أكثرهم من باع دينه بعرض من الدنيا قليل، وراح يتكلم ويقول أن سبيل الخلاص والدخول الى المستقبل هو التقليد التام لثورة الغرب على الدين، وهو الأخذ عنهم والتلقي منهم ونبذ فهم الأولين لدين ربهم، ولا حول ولا قوة الا بالله! انهم الطابور الخامس يا أستاذنا، هم الذين اشترت أمريكا منهم البلاد، لأنهم لما جهلوا دينهم، باعوا أمتهم! وهذه نتيجة حتمية! واسأل اليوم هذ "النسر الأمريكي" عما يستهدفه في المنطقة في حربه الفكرية على ما يسميه بمنابع الارهاب، فلا أظنك ستعجب ان وجدته ينادي بذات الذي تنادي أنت به في كل مكان!! فسبحان الله! أصدفة هذه أم أنه توارد خواطر؟!! أم أن أمريكا تريد الخير لنا من فرط انسانيتها وسمو أخلاقها؟!!! تشابهت قلوبهم والله!!!

تقول: "وفلسفة ظلم النفس هي فلسفة قرآنية ولكن فكر السلف يتهم الكافرين والمارقين أنهم خلف انحطاطنا."
قلت: والله أنا ما عدت أدرى من أي جامعة تلقيت شهادة البكالريوس في الشريعة هذه ولا أريد أن أعرف!! ووالله ما أظنك فتحت كتابا من كتب السلف هؤلاء الذين تتهمهم بمخالفة منهج القرءان!!

يالحسرة المسلمين! اتبعوا قوما لم تكن لهم عقول، وظلوا في عماهم وظلمتهم يتخبطون ويعمهون بنصوص لا يفهمون معناها حتى جاءهم رواد "التنوير" من الغرب ليعلموهم كيف يكون التفكير، ومن ثم كيف يكون مراد الله من دينه ومن الكتاب والسنة! فانا لله وانا اليه راجعون!!

"وانهيار جهاز المناعة الداخلي أدى إلى انفجار أكثر من مرض ومنها تورط الفكر السلفي بالعنف ولكننا لم نتصور أنه سيرتطم بإبراج نيويورك؟"
أقول: انظر الى الظلم والغلو الذي هو شيمة كل مبتدع! اطلاقات بعد اطلاقات، كلها عمياء تسوي بين الحق والباطل ولا تفرق الا بما تهوى! الفكر السلفي يا دكتور هو فكر الصحابة رضى الله عنهم، وهو فكر من تبعوهم باحسان من التابعين والأئمة الأعلام في كل العصور! نعم والله هو كذلك ولكنك تأبى أن تتلقى فهمك للدين ولفكر السلف الا من كتابات المستشرقين الملحدين ومن الصحف والمجلات ووكالات الأنباء وكلام أصحاب البدع والانحرافات والأهواء!!
واطلاق القول بأن الفكر السلفي تورط في العنف، انما مثله كمثل القول بأن الاسلام قد تورط في العنف! بل هو قول واحد والله، وهو ذات قول النسر الأمريكي الذي تزعم أنك تشفق علينا من أنه قد انقض على بلادنا! فليس الفكر السلفي الا الاسلام الصحيح، الخالي من المخالفات والشوائب والبدع. والسلفية ليست نظرية فلسفية أخرى كتلك النظريات التي تريد أنت وغيرك أن تقحموها في جسد الدين اقحاما تحت شعار التجديد!! ليست مدرسة من ابتداع فلان، أو فكرة من اختراع فلان! وانما هي الاسلام كما كان يوم أتمه الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأتم الوحي به، وعملت به الأمة قرون من بعد ذلك! فهل هذا هو الاسلام الذي تريده، أم أن لك مصدر آخر ووحي جديد يجعلك تأنف من دين هؤلاء وترفضه؟!

تقول: "ولعل أهم تطبيقات الفكر السلفي هي الفهم الخطير لموضوع الجهاد والقتال فخلطوا عملاً صالحاً وسيئاً. وضاع معنى الجهاد والقتال في سبيل الله معاً. واعتبروا أن سنام الجهاد هو الإطاحة بالأنظمة (الجاهلية) بالقوة المسلحة فأعادوا إحياء مذهب الخوارج."
قلت: من الذي قال أن هذا من تطبيقات الفكر السلفي؟ أو أن الخروج على الحكام ونظمهم هو من تطبيقات فكر السلف أو من فكر السلف أصلا؟! سبحان الملك. الم أقل لك أنك ترمي بغير علم؟ السلف يحرمون الخروج على الحاكم وان كان ظالما، والسنة جاءت بذلك، فهو موقف الاسلام الصحيح، وليس هو موقف السلف من عند أنفسهم أو من أدمغتهم! والذين ضلوا بنسبة أفكار كهذه التي تذكر الى السلف والفكر السلفي ليسوا حجة عليه، كما أنه ليس المسيء الى الاسلام بجهله حجة على الاسلام.

وتقول: "وحتى أفضل المستويات في الفكر الإسلامي التقليدي ترى ان الانقلابات العسكرية لا بأس بها إن لم تكن دموية كمن يريد عبور المحيط بدون أن يصاب بالبلل."
قلت: الله المستعان! فخامتكم من فوق أريكتكم، تعطي لنفسك الحق كأنك العلامة الفقيه في دين الله، أن تنقد وتصنف وتقسم، وتضع الفكر الاسلامي في مستويات بعضها أفضل من بعض! وتسم ما تكره من فكر المسلمين بأنه (تقليدي) لتتهمهم بأنهم يقلدون بلا عقل! الله أكبر! تركنا لك يا أستاذنا العقل كله فاهنأ به!!
تقول "ولا يتصورون أن الجهاد بمعنى القتال هو وظيفة دولة راشدية وليس أي دولة كما أنه ليس مهمة تنظيم مسلح."
قلت: هذا الكلام تنسبه الى دين الله أم تنسبه الى نفسك؟ فان كنت تنسبه الى دين الله، فات ببرهان ودليل من السنة فضلا عن كتاب الله، على صحة هذا الكلام! أم أنه ذلك هو "الفهم الجديد" الذي تدعو اليه؟ لا توجد في الأمة دولة راشدية، اذا يا مسلمين اتركوا الجهاد ضد العدو، ودعكم من العنف ومن سفك الدماء لأنه لا يوجد خليفة راشد، ولن يوجد (كما تتمني!) فارموا السلاح اذا وانحنوا للجحافل الأمريكية وهي تقتحم بلادكم حتى لا تسفك دماءكم، ومروا حماس وفتح وسائر التنظيمات المسلحة التي تقف في وجه امريكا واسرائيل برمي السلاح لأن ذلك ليس هو المشروع في الجهاد!
يالفرحة أمريكا واسرائيل بك وبأمثالك!

وتقول: "وأن الجهاد هو دعوة لإقامة حلف عالمي لرفع الظلم عن الإنسان أينما كان ومهما دان."
أقول:والله ما أتصور أن يقول كلاما كهذا من شهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله، فضلا عمن وضع في ترجمته أنه حصل على بكالريوس في الشريعة! ولا أدري أى شريعة يقصد، لعلها شريعة الأمم المتحدة ومنظمة حقوق الانسان، أو أي شريعة ماسونية أخرى، فالشرائع كثير والأرض تموج بما شرع البشر لأنفسهم! والله المستعان.

تقول: "ونقل السلطة السلمي عجزنا عنه ولم نقرأه إلا بعد ألف سنة مترجماً إلى اللغة الإنكليزية حينما بدأنا نقرأ حقوق الإنسان من منظمة الأمم المتحدة."
وأقول: ألم أقل لك أنها شريعة أخرى غير شريعة الله، تلك التي حصلت فيها على البكالريوس؟!

تقول: "وحيث الفكر السلفي كف العقل عن الحركة ونشط العنف."
وأقول: نسيت أن تختم بقولك (صدقت أمريكا)!، ألا ترى أنه من العدل نسبة "الفضل" الى أهله يا دكتور؟ فلولا أمريكا وكندا وبريطانيا من قبلهما والمراجع الانجلزية التي ترجمت أخيرا بعد ألف سنة لما صرت أنت انسانا على حسب مقاييسهم التى اتخذتها أنت لنفسك دينا!

وتقول: "ولا تجتمع الديموقراطية مع العنف إلا إذا اتحد الماء مع النار."
وأقول: لا يكفي هذا، أين القرابين والعطايا والذبائح عل باب المعبد يا دكتور؟
نعم، قد فهمت الآن! هو بكالريوس في شريعة أمريكا اذا! يا أخي كان يجب أن تعرب عن ذلك بوضوح من البداية حتى لا نظلمك ونتوهم نسبة كلامك هذا الى دين الله!

وتقول: "والعالم الجديد غريب علينا مثل الجن الأزرق. لأنه عالم لم نشارك في صناعته."
وأقول: الجن الأزرق؟ الله المستعان! (قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ) [التوبة : 64]
اسخر يا دكتور كما تشاء! فلك رب ستقف بين يديه رضيت أم أبيت! وسنرى يوم القيامة يوم ينادى كل أناس بامامهم خلف أي امام ستجري أنت ومن هم على شاكلتك! سنرى.

وتقول: "ومقتل الفكر السلفي أنه يحدد فهم القرآن في عصر ورجال وتفاسير بعينها."
أقول: شيء مزعج جدا أليس كذلك؟ كيف يزعم هؤلاء أن تفسير القرءان على معناه الصحيح ومراد الله منه، قد نقله الناقلون معه كما نقلوا الينا القرءان؟ كيف يزعمون أن الصحابة أعلم بمعاني القرءان من الذين جاءوا بعدهم؟! كلا! القرءان نزل طلاسم مجردة وهم فهموه على هواهم! فلنفهمه نحن أيضا على هوانا كما صنعوا!! أليس كذا تريد أن تقول؟ هم اخترعوا فهما يناسبهم، فلنخترع نحن أيضا فهما يناسبنا! أتدري يا دكتور بأي شيء رميت صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟
كبف تفهم اذا قوله تعالى (في القرءان نفسه): (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل : 44] أين هو هذا الذكر الذي يبين للناس ما نزل اليهم من القرءان؟ في رأسك؟ في رأسي أنا؟ عند من تجده اذا؟ أليس هذا من الذكر الذي قال الله فيه أيضا: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر : 9]؟ أم أن كل انسان حر، يبين للناس ما نزل اليهم كيفما يهوى هو ويختار؟! اللهم انتقم من الذين استباحوا دينك واجترأوا عليه!

تقول: "والتفسير الفعلي ليس العصر والرجال بل آيات الآفاق والأنفس. وهو مرجع القرآن. والقرآن طلب بذاته السير خارج القرآن فقال: سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق؟ "
أقول: الله أكبر!! القرءان طلب بذاته السير خارج القرءان! هل كهذا كلام عقلاء؟ أنت تأتي بهذا الكلام في معرض الاستشهاد على أي شيء بالضبط؟ ما معنى خارج القرءان وداخله؟!! وهل نفهم من قوله سيروا في الأرض فانظروا، أن يكون المراد اخرجوا عن تفاسير الأولين وافهموا القرءان كما يحلو لكم؟
فلتفهم اذا ما تشاء، هناك بعيدا عنا، في كندا بين الذين ورثت عنهم مثل هذا الفكر!!!

تقول: "وأي صخرة أدل على نفسها من كل كلام كتب حولها من أي مصدر لأنها كلمة الله الأخيرة والنص الأصلي. وكل كلام يختلف حوله الناس بضع وسبعون شعبة. وهي مشكلة النسخ الإسلامية فالمسلم البوسني غير الأفغاني والماليزي غير العربي."
وأقول: أي الفكر اذا هو الذي يدعو الى الفرقة والشتات والاختلاف؟ أخذ النص المجرد وتفسيره كل فريق على هواه ومزاجه، أم الذين يدعون الناس للرجوع الى ما كان عليه الرسول وصحابته من فهم للدين والتكليف؟
سبحان الملك! ما أعظم فرية هذا الجاهل الذي يزعم أن "فهم القرءان" ينفصل عن القرءان! وأن الله لم يحفظ للمسلمين دينا هو بذاته يقبل التفاعل مع كافة معطيات الواقع ومتغيرات العصر في اطار (قال الله وقال رسوله)، على أصول وأسس ثابتة الى يوم الدين! أنت كمن يتهم ربه بأنه أفهم رسوله وصحابته فهما للدين معوجا لا يصلح تطبيقه في عصرنا! فأي طعن في علم الله وفي ذاته يكون هذا؟ القياس من الدين، والفهم والفقه والاستنباط من الدين، والخروج بالأحكام الظنية من الدين كذلك، وله مكنة وأداة بناها العلماء على فهم الصحابة للدين، ذلك الفهم الذي تتهمه أنت وأمثالك بأنه ما عاد ينفع ولا يناسب ولا يصلح!! فأي دين تريدون اذا؟ وما ظنكم بربكم وبما أنزل من الوحي على نبيه؟ انا لله وانا اليه راجعون.
ويقول (النسخ الاسلامية، البوسني غير الأفغاني غير العربي غير غير!) من اذا الذي لا يزال حبيسا في جاهلية عقله المظلم؟ الذي يتصور أن الاسلام على فهم الصحابة يزكي نعرات الجاهلية والانقسام على عصبيات وقبليات وجنسيات على نحو ما ذكرت أنت، أم الذي اتخذ الدين هويته، والمنهج الواحد المستقيم الواضح انتماءه واصله، فلا فرق فيه بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود؟! أنت لا تفهم يا دكتور، أنت تعاني من جهل فاحش بدين الله فاحذر وانتبه وراجع نفسك قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال!

وتقول: "ومن أعظم مقاتل الفكر السلفي انفكاك النص عن الواقع. ولا يمكن لأي كلام أن يرسخ وينمو بدون جدلية تفاعل النص مع الواقع."
وأقول: أنت الذي انفك كلامك عن الواقع والعقل معا. ان كنت تقصد بالواقع تلك المجتمعات الغربية الجاهلية النجسة التي غرست نفسك فيها وارتضيت أنماط حياتها وسلوكياتها لنفسك، فنعم، نصوص الله منفكة عن ذلك الخبث تمام الانفكاك، والله ورسوله براء منه ومن أهله، وما بعث النبي الا رحمة بالخلق ليخرجهم من ذلك الواقع القذر الى نور الهداية والدين!
أما ان كنت تقصد بالواقع واقع المسلمين، فكل مسلم هو في الحقيقة سلفي المنهج الا من تلبس في دينه ببدعة أو اختراع في الدين ما أنزل الله به من سلطان. والمنهج السلفي هو منهج جمهور الأمة وجماعة المسلمين رضيت أنت أم أبيت!
ولا يزال المسلمون يطبقون دينهم في واقعهم – رغم تفشي الجهل والتفريط بين قطاعات عريضة منهم – منذ أن نزل الدين على محمد والى يومنا هذا، رغم أنف الكافرين والملحدين والعلمانيين جميعا! وهم لا تزيدهم الأيام الا قربا من دينهم وزيادة في الاتباع والتطبيق لكل ما فيه، رغم أنفك أنت ومن شايعك ومن اتبعت دينهم وهواهم جميعا!!

وتقول سيادتك: "وللدخول على أي حقل معرفي لا بد من الأدوات المعرفية. ولفهم النص القرآني لا بد من استخدام العلوم الإنسانية المساعدة."
وأقول: لفهم النص القرءاني لابد من استخدام العلوم الانسانية المساعدة؟ اذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يفهم القرءان، ولا صحابته ولا تابعوه! لماذا؟ لأنهم لم تكن لديهم فلسفة أرسطو، ولا كانت ولا هيجل، ولا كان عندهم علوم الاجتماع والنفس وغيرها من (العلوم الانسانية المساعدة). وأنت اذا ترى أنهم لما أقروا بأنهم أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب، أقروا اذا بأنهم كانوا لا يفهمون الدين ولا يعرفون مراد الله منه! الله المستعان!
أنا لا أتصور أنك لا تدري بشاعة تلك التهمة التي ترمي بها رسول الله وصحابته! انك تهدم صريح القرءان بذلك يا دكتور، فالله رضي عن هؤلاء – رغم أنفك أنت ومن شايعك – وزكاهم في مواضع كثيرة، فهل زكى الله قوما ضالة لا يفهمون مراده من دينه؟! وهل ابتعث نبيا يحكم بين الناس بما أراه الله، وهو لا يفهم مراد ربه؟! أستغفر الله العظيم! والله ما أتصور أن أضطر الى سوق الأيات الكثيرة التي كذبتها أنت بكلامك، والأحاديث التي هدمتها هدما بكل سهولة، بعقلك الذي قدسته وعبدته! فلا أحسب أن طفلا يقرأ كتاب الله ويحضر الخطبة كل جمعة، يعجز عن اخراج تلك الآيات والأحاديث!

تقول: "فلا يمكن فهم القرآن بتفسير ابن كثير كما لا يمكن فتح جمجمة اليوم بأدوات فرعونية."
قلت: أنت كاذب ورب الكعبة في كل ما تقول جملة وتفصيلا. لا يمكن فهم القرءان بكلام ابن كثير؟ لا يمكن؟!! الله المستعان على الظالمين الأفاكين!
انظر الى هذا القياس الذي قسته يا دكتور! فهو نفسه فاسد في نفسه أصلا! اذ ما علاقة فهم كلام الله ومراده منه، بفتح الجمجمة؟! سبحان الملك! كيف يقاس هذا على ذاك يا صاحب العقل الرشيد والرأي السديد؟! يا سيدي افتح الجمجمة بما وفقك الله اليه من الأدوات والآلات والاختراعات هذا خير، أما كتابه وكلامه سبحانه فليس لنا أن نخترع له فهما جديدا ولا حاجة لنا في ذلك، بل هذا هو عين الابتداع المنهي عنه!!
ثم معذرة، وان كان تعليقا لا علاقة له بالموضوع، ولكن ما الفرق في جمجمة اليوم وجمجمة الأمس حتى صار "لا يمكن" فتح الجماجم اليوم بأدوات الفراعنة؟!! ألم أقل لك أن كلامك جائر باطل كله، يملؤه الحقد، حتى ما أردت أن تضرب من الأمثلة؟! لا وجه للقياس أصلا!
ووالله ما أشبه ذلك بتحريف اليهود! نعم والله، بل لكأني أكلم يهوديا! اليهودي يخفي كلاما ويظهر كلاما على حسب هواه، ويحرف ما يحلو له.. والزعيم بدعوتك هذه أيضا يغير ما لا يهوى من الكلام، ولو استطاع أن يحرف النص نفسه والله لفعل، ولكنه يعلم أن المسلمين سيقطعونه اربا بذلك! فليعمل اذا على فصل معاني النصوص عنها، ودعوة الناس تحت دثار العقل، لاعادة النظر في معانيها حتى يتسع تأويلها لما يهوى هو وما يريد من التفسيرات والتأويلات والمعاني! فهل تحسب المسلمين غافلين عن مساعيكم؟ كلا يا دكتور! قف عندك وأفق! فلدين الله أسود وصقور يقفون فيه على الثغور!

وتقول "فضيلتكم": "ونحن حتى اليوم لم نفهم أن مشكلة التوحيد ليست تيولوجية بل سياسية. أن لا يتخذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله. وهي ورطة العالم الإسلامي حاليا فقد عادت الأوثان إلى بلاد العربان. ولكن بين المسلمين وهذا الفهم سنة ضوئية."
قلت: تركنا لك أنت الفهم الخارق والعبقرية الفذة يا علامة العلماء!! المسلمون – باطلاق وتعميم – بينهم جميعا وبين فهم التوحيد سنة ضوئية!! سنة ضوئية؟! ياله من جور وفحش في القول!
جعلت بين الأمة كلها بلا استثناء، وبين التوحيد، سنة ضوئية! ثم تأتي أنت وأقرانك بعد ذلك لترموا العلماء الربانيين بالتكفير واخراج الناس من ملتهم وهم ما يدعون الناس الا لاصلاح التوحيد! فانا لله وانا اليه راجعون!! اللهم عليك بكل متكبر جبار لا يخاف يوم الحساب!


تقول: "وهذا المرض هو الذي أضاع الخلافة الراشدية قديما ونجح الانقلابيون الأمويون في تحويل الرشد إلى غي والخلافة إلى ملك بيزنطي. وهي نصف المشكلة فالأمراض تحدث مع الجميع ولكن استمرار المرض يعني السرطان أو الموت. وهو الذي قاد الحضارة الإسلامية إلى الموت tالعالم العربي اليوم مثل الجثة المتفسخة تمشي باتجاه التحلل يتناوب على افتراسها 500 صنف من الدود والذبان من كل صنف زوجان."
وأقول: ما أشد ما في قلبك من حقد وما أكثر ما في صدرك من الدود والذباب والحشرات يا دكتور! ان مزيجا من ادمان أفلام الرعب الهوليوودية، على ادمان مطالعة كلام المشركين عن هذا الدين، مع اغراق في الغل والحقد والكراهية، لكفيل بأن يفرز كلاما كهذا!! ووالله اني لآنف وتعاف نفسي عن قراءة هذا الغثاء! لا رد عندي على هذا المرض!

وتقول: "وموت أمة لايعني موت الإسلام. والإسلام هو مجموعة قيم قابلة للتحقق. وأي أمة التزمت بقدر من هذه القيم حققت الإسلام بهذا القدر. وكندا اليوم أقرب إلى الإسلام من صوماليا وجزر القمر."
قلت: أبشري يا كندا! ها قد أدخلك العلامة الفذ في الاسلام من حيث لا تشعرين!! ولا عجب! أليس قد جعل بين المسلمين جميعا وبين التوحيد سنة ضوئية؟ فمن المسلمون اذا؟! الله المستعان!

تقول:" وباختصار الفكر السلفي يرى أن الرجوع إلى الخلف يعني المشي إلى الأمام."
قلت: هاتها بصراحة و(من الآخر) كما يقولون! هذه خلاصة دينك، أن فهم الصحابة والسلف تخلف وانحطاط! فاهنأ اذا بتقدمك ورقيك ولتلقى به ربك!

"تقول: والفكر السلفي يرى أن فهم القرآن يزداد وضوحا كلما غصنا أكثر في مغارة الماضي. وهكذا فتفسير الطبري أفضل من القاسمي والقرطبي أفضل من رشيد رضا. والفكر السلفي يرى ان فهم السلف هو مفتاح الدخول لأسرار القرآن مثل من يريد إجراء عملية فتق بأدوات الزهراوي."
أقول: يا الله! كل هذا الحقد على الفكر السلفي؟ الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاك به!

تقول: "مع أن السلف هم الذين أضاعوا الخلافة الراشدة بحرب أهلية طاحنة. وتحول التاريخ الإسلامي إلى مسلسل محموم من قنص السلطة الدموي ومحاولة شرعنته بالسيف كما جاء في قصة ابي ليث الصفار الذي زحف بالحرافيش والزعر والأوغاد إلى بغداد للاستيلاء على كرسي الخلافة فحذره البعض من بيعة الخليفة فسحب سيفا ملفوفا بخرقة ثم لوح به أمام العيارين وقال هذا ما أجلس الخليفة في بغداد على طست الملك فعهدي وعهده واحد."
أقول: نعم، أخرج أضغانك يا دكتور! فها هي روافد الفكر الرافضي تظهر، ولم لا، فالرافضة والملحدون كلهم يتفقون على بغض وكراهية الصحابة رضي الله عنهم والاحتقار لهم والانتقاص منهم! فلن أعجب على الاطلاق ان تبين لي ذات يوم أنك رافضي!
وتختم بقولك: "يروى ان راعيا عثر على قلم حبر فاخر فقلبه فلم يهتدي إلى وظيفته ولما تلوثت أصابعه بالحبر هداه تفكيره إلى استخدامه بأن كسر القلم ورش الحبر على رأس أكبر كبش.
وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون"

وأقول: ما شاء الله! ما كل هذا المرح وروح الدعابة الفائقة يا دكتور؟ لعلك تعلمتها في أمريكا، أليس كذلك؟!
صدق الله اذ يقول: ما يعقلها الا العالمون.
الحمد لله رب العالمين.