كلنا نسمع عن ما يسمى ب"عيد الحب"

ما حكم الاحتفال بما يسمى "عيد الحب" وهو الذي يوافق 14/2 من كل عام ؟ وما هي قصة هذا العيد حتى نكون على بينة، وجزاكم الله خيرا
هذا رد بعض المفتين على الموضوع

الأعياد في الإسلام عيدان، عيد الفطر وعيد الأضحى، وليس فيالإسلام أعياد أخرى، إلا ما يطلق من سبيل المجاز ، وينهى عن الاحتفال بعيد الحب،لبنائه على مخالفات شرعية، والاحتفال بعيد الحب عادة وافدة علينا من بلاد الغرب ليسلها أصل عند العرب أو المسلمين، أما الحب نفسه فهو قيمة من أجل القيم التي يحرصالإسلام على غرسها في النفوس ، وأعلى مراتب الحب حب الله ورسوله ، ثم حب المسلمينجميعا ، ثم حب الوالدين والأبناء والزوجة وغير ذلك من صور الحب المشروع.

تقول الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقه بجامعة الأزهر:

الإسلام هو دين الحب والإيثار، والتعاون علىالخير، ولكن الله سبحانه وتعالى يجمعنا جميعًا على قلب واحد، تحت مظلة الإيمان،ويجعلنا جميعًا أخوة وجسدًًا واحدًًا، لقوله تعالى: "إنما المؤمنون إخوة".

وهناك حب مشروع وحب غير مشروع، فالحب المشروع كالحب بينالزوجين وبين الآباء والأبناء، وقبل ذلك حب الرسل والأنبياء، وقبل ذلك وذلك حب اللهورسوله صلى الله عليه وسلم.
ونحنفي ديننا لا نمانع المناسبات السعيدة التي تجمع بين قلوبنا، ولكن تقليد الغرب فيعيد له تسمية معينة كـ"عيد الحب" وله خلفية غير موثوق بها ؛ ليس علينا أن ننجرفوراءه لأن ذلك يقصر معاني الحب السامية على يوم واحد، بينما ديننا يجعلنا نعيش فيالحب طوال أيام العام؛ فلا ينبغي لنا كمسلمين أن نلهث وراء هذه التقليعات، فضلاً عنأن هذا الاحتفال يشوبه كثير من الحركات والأقوال التي تخرجه عن معانيه السامية،وتحوله إلى هرج وإباحية وتحلل.

ولهذا العيدقصة عند الأوربيين ذكرها فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد ـ من علماء المملكة العربيةالسعودية ـ فقال:

يعتبر عيد الحب من أعياد الرومانالوثنيين، إذ كانت الوثنية سائدة عند الرومان قبل ما يزيد على سبعة عشر قرنا . وهوتعبير في المفهوم الوثني الروماني عن الحب الإلهي.

ولهذاالعيد الوثني أساطير استمرت عند الرومان ، وعند ورثتهم من النصارى ، ومن أشهر هذهالأساطير : أن الرومان كانوا يعتقدون أن ( رومليوس ) مؤسس مدينة ( روما ) أرضعتهذات يوم ذئبة فأمدته بالقوة ورجاحة الفكر.

فكان الرومانيحتفلون بهذه الحادثة في منتصف شهر فبراير من كل عام احتفالا كبيرا وكان من مراسيمهأن يذبح فيه كلب وعنزة ، ويدهن شابان مفتولا العضلات جسميهما بدم الكلب والعنزة ،ثم يغسلان الدم باللبن ، وبعد ذلك يسير موكب عظيم يكون الشابان في مقدمته يطوفالطرقات . ومع الشابين قطعتان من الجلد يلطخان بهما كل من صادفهما ، وكان النساءالروميات يتعرضن لتلك اللطمات مرحبات ، لاعتقادهن بأنها تمنع العقم وتشفيه.

وقد التصق اسم ( القديس فالنتين ) باثنين من قدامى ضحاياالكنيسة النصرانية . قيل : انهما اثنان ، وقيل : بل هو واحد توفي في روما إثر تعذيبالقائد القوطي ( كلوديوس ) له حوالي عام 296م . وبنيت كنيسة في روما في المكان الذيتوفي فيه عام 350م تخليدا لذكره.
ولما اعتنق الرومانالنصرانية أبقوا على الاحتفال بعيد الحب السابق ذكره لكن نقلوه من مفهومه الوثني(الحب الإلهي ) ، إلى مفهوم آخر يعبر عنه بشهداء الحب ، ممثلا في القديس فالنتينالداعية إلى الحب والسلام الذي استشهد في سبيل ذلك حسب زعمهم . وسمي أيضا ( عيدالعشاق ) واعتبر ( القديس فالنتين ) شفيع العشاق وراعيهم.
وكان من اعتقاداتهم الباطلة في هذا العيد أن تكتب أسماءالفتيات اللاتي في سن الزواج في لفافات صغيرة من الورق وتوضع في طبق على منضدة ،ويدعى الشبان الذين يرغبون في الزواج ليخرج كل منهم ورقة ، فيضع نفسه في خدمة صاحبةالاسم المكتوب لمدة عام يختبر كل منهما خلق الآخر ، ثم يتزوجان ، أو يعيدان الكرةفي العام التالي يوم العيد أيضا.
وقد ثار رجال الدينالنصراني على هذا التقليد ، واعتبروه مفسدا لأخلاق الشباب والشابات فتم إبطاله فيإيطاليا التي كان مشهورا فيها ، ثم تم إحياؤه في القرنين الثامن عشر والتاسع عشرالميلاديين حيث انتشرت في بعض البلاد الغربية محلات تبيع كتبا صغيرة تسمى ( كتابالفالنتين ) فيها بعض الأشعار الغرامية ليختار منها من أراد أن يرسل إلى محبوبتهبطاقة تهنئة وفيها مقترحات حول كيفية كتابة الرسائل الغرامية والعاطفية.

ومما قيل في سبب هذا العيد أيضا أنهلما دخل الرومان في النصرانية بعد ظهورها ، وحكم الرومان الإمبراطور الروماني(كلوديوس الثاني ) في القرن الثالث الميلادي منع جنوده من الزواج لأن الزواج يشغلهمعن الحروب التي كان يخوضها ، فتصدى لهذا القرار ( القديس فالنتين ) وصار يجري عقودالزواج للجند سرا ، فعلم الإمبراطور بذلك فزج به في السجن ، وحكم عليه بالإعدام.وفي سجنه وقع في حب ابنة السجان ، وكان هذا سراً حيث يحرم على القساوسة والرهبان فيشريعة النصارى الزواج وتكوين العلاقات العاطفية ، وإنما شفع له لدى النصارى ثباتهعلى النصرانية حيث عرض عليه الإمبراطور أن يعفو عنه على أن يترك النصرانية ليعبدآلهة الرومان ويكون لديه من المقربين ويجعله صهراً له ، إلا أن ( فالنتين ) رفض هذاالعرض وآثر النصرانية فنفذ فيه حكم القتل يوم 14 فبراير عام 270 ميلادي ليلة 15فبراير ، عيد ( لوبر كيليا ) ، ومن يومها أطلق عليه لقب قديس.

وجاء في كتاب قصة الحضارة تأليف ول ديورانت:
أن الكنيسة وضعت تقويماً كنيسياً جعلت كل يوم فيه عيداًلأحد القديسين وفي إنجلترا كان عيد القديس فالنتين يحدد في آخر فصل الشتاء فإذا حلذلك اليوم على حد قولهم تزاوجت الطيور بحماسة في الغابات ووضع الشباب الأزهار علىأعتاب النوافذ في بيوت البنات اللاتي يحبونهن.
وقد جعلالبابا من يوم وفاة القديس فالنتين 14/فبراير/270م عيداً للحب . أهـ

من هذا نخرج أن أصل هذا العيد هوعقيدة وثنية عند الرومان ، وقد تبعهم فيها النصارى ، وقد أخبر النبي صلى الله عليهوسلم أن فئاما ـ أي جماعةـ من أمته سيتبعون أعداء الله تعالى في بعض شعائرهموعاداتهم ، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليهوسلم قال : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبتبعتموهم ، قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى ، قال : فمن؟).

ولأن المسلم مأمور بعدم الابتداع في الدين ، و لأنه مأموربمخالفة أهل الكتاب في الأمور العقائدية أفتى العلماء بعدم جواز الاحتفال بما يسمى"عيد الحب"
ويقولفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله- :
الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه:
الأول : إنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة.
الثاني : أنه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهةالمخالفة لهدي السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـفلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء منشعائر العيد سواء في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك وعلىالمسلم أن يكون عزيزا بدينه وأن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق . أسأل الله أن يعيذالمسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يتولانا بتوليه وتوفيقهأهـ

ويقول الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين من علماءالمملكة العربية السعودية:
أولاً : لا يجوزالاحتفال بمثل هذه الأعياد المبتدعة ، لأنه بدعة محدثة ، لا أصل لها في الشرعفتدخلفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أحدث في أمرناهذا ما ليس منه فهو رد ) أي مردود على من أحدثه.
ثانياً:أن فيها مشابهة للكفار وتقليداً لهم في تعظيم ما يعظمونه واحترام أعيادهمومناسباتهم وتشبهاً بهم فيما هو من ديانتهموفي الحديث : ( من تشبه بقوم فهو منهم).

ثالثاً : ما يترتب على ذلك من المفاسد والمحاذير كاللهوواللعب والغناء والزمر والأشر والبطر والسفور والتبرج واختلاط الرجال بالنساء أوبروز النساء أمام غير المحارم ونحو ذلك من المحرمات ،أو ما هو وسيلة إلى الفواحشومقدماتها ، ولا يبرر ذل ما يعلل به من التسلية والترفيه وما يزعمونه من التحفظ فإنذلك غير صحيح ، فعلى من نصح نفسه أن يبتعد عن الآثام ووسائلها.

وعلى هذا لا يجوز بيع هذه الهدايا والورود إذا عرف أن المشترييحتفل بتلك الأعياد أو يهديها أو يعظم بها تلك الأيام حتى لا يكون البائع مشاركاًلمن يعمل بهذه البدعة والله أعلم . ا.هـ.

واللهأعلم.