لي أخت في الله هاجرت وأسرتها إلى الغرب بهدف الدعوة إلى الله ، وكانت تظن الأمر سهلاً، ولكنها فوجئت بفِتن شديدة من كل مكان ، وبمسلمين من غير إسلام، وبأخطاء شديدة في العقيدة لدى الكثير من المسلمين ، حتى أنها صارت وأسرتها لا يتحدثون عن الصلاة والحجاب وغير ذلك من أمور الدين بقدر ما يتحدثون عن العقيدة الإسلامية الصحيحة .... والأسوأ من ذلك أنها فوجئت بامرأة أفغانية أُمِّية مسلمة ،تقول لها:
((أنا مسلمة لأني وُلدتُ لأب وأم مسلمين ، ولكني الآن أتساءل ، ما الدليل على أن الإسلام هو الدين الحق ، ولماذا لا أتبع غيره من الأديان ؟!!!!!))
فأرسلَت إليَّ هذه الأخت تحكي لي عن هذا الموقف ، وتقول :" لقد نزل عليَّ سؤالها كالصاعقة، فامرأة كهذه لن يُجدي الحديث معها عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ولا عن سلامة عقيدة المسلم، بل هي تحتاج إجابة بمستوى أكثر بساطة ، و بمدخل عقلاني يحقق لها مصالح دنيوية (فهذا ما لمحتُه في عينيها ) ،
فوعدتُ أختي في الله بأن أبحث عن إجابة لهذا السؤال المُحرج، ولكنه في نفس الوقت غاية في الأهمية في هذا الزمان الذي تحيط بنا الفتن فيه من كل مكان ،
أعاذنا الله وإياكم من شرها ، آمين .
فظللتُ أبحث عن إجابة ، حتى هداني الله تعالى إلى ما هو مكتوب في السطور التالية التي أرجو منكم الإضافة إليها لأرسل لها ، وننال الأجر سوياً إن شاء الله .
وتذكروا إخوتي وأخواتي قول الله تعالى : " إن تنصروا الله ينصركم ويثبِّت أقدامكم "
وقوله عز وجل : " ولينصُرنَّ الله ُمَن ينصره إن الله لقويٌ عزيز"
أدعو الله تعالى أن يجعلنا ممن ينصرون دينه ورسوله صلى الله عليه و سلم ، إنه على كل شيء قدير.
إن الإسلام(الذي يُشتق اسمه من كلمة السلام ) هو دين الفِطرة،بمعنى أنه يدعو إلى كل ما تحبه النفس وترتاح إليه من خير ،
وينهى عن كل ما تكرهه النفس وتنفر منه من شر .
فالإسلام يأمر :
بالنظافة (التي تحقق راحة النفس وسلامة البدن)
وبالتسامح ( الذي يصفِّي القلوب و يعيد العلاقات الإنسانية إلى قوَّتها )
وبالرِّفق في كل شيء( الذي يريح الإنسان مهما كانت شخصيته )
وبالكرم (الذي يُسعد الناس )
وبالإيثار (الذي يقضي حوائج الناس)
وبالرحمة ( التي يتمناها كل إنسان )
وبقضاء حوائج الناس (مما ينفع الناس ويحقق التكامل بين أفراد المجتمع )
وبالعدل حتى مع غير المسلمين ( فما أسوأ الإحساس بالظُّلم )
وبالزواج ( الذي يحقق سَكَن الروح والجسد، ويوفر الاستقرار )
وبالطلاق ( إذا كان الاستمرار في الزواج يجعل الحياة غير مريحة أو مستقرة )
وبالخُلع (إذا رفض الزوج أن يطلق زوجته وهي متضررة من ذلك)
وبإدخال السور على القلوب (حتى أنه جعل المبتسم في وجه أخيه كمن تصدق من ماله)!!!!!
وهذا على سبيل المثال لا الحصر .
من نا حية أخرى فإن الإسلام ينهى عن كل ما يؤذي النفس ويضرها أو يضايقها ، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
ينهى الإسلام عن :
السرقة ( ليشعر كل إنسان بالأمان على كل ما يملك)
والظلم (لكي لا يطغى القوي على الضعيف ويعيش الجميع في سلام)
والقتل ( مما يجعل اإنسان آمناً على روحه)
والزنا ( مما يجعل كل زوج آمن على زوجته، وكل زوجة آمنة على زوجها، وكل أب وأم آمنين على أولادهما)
والرشوة(حتى تُقضى حوائج الناس بسهولة ودون تعقيدات)
وعن حبس الزوجة بعدم تطليقها إذا كانت ترغب في الطلاق .
فقد كانت أول آية تنزل من القرآن (كتاب المسلمين وشريعتهم ) تشجع على القراءة و التعلم ،
أما الآية الثانية التي نزلت من القرآن فكانت فتقول :
" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ "(سورة النحل- الآية رقم 90)
هل تلاحظ أن الآيتين لم تتحدثا عن عبادة الله ؟!!!
بل تحدثتا عن ما ينشر السلام والحق والخير والراحة بين الناس ...نعم هذا هو الهدف من الإسلام !!!!!
كما أن هذا الدين لم ينتشر بالسيف، بل على العكس، لقد نزلت سبعين آية من القرآن ( كتاب المسلمين وشريعتهم) تنهى عنالقتال وتحض على كظم الغيظ والتسامح والصبر، فلما اشتد إيذاء غير المسلمين للمسلمين نزلت آيات تأذن للمسلمين ( الذين ظُلموا فقط))بالقتال ، وتأمل معي ما جاء من تعليمات بهذه الآيات :
" أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ بِغَيْرِ حَقّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ*وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ" (سورة الحج –الآيات 39-41 )
إنها تأذن للذين ظُلِموا فقط وأُخرِجوا من ديارهم ، وتخبر بأن قتالهم للمشركين سيحمي أماكن العبادة الخاصة بهم ، وبالأديان الأخرى !!!!!.
كما أنها اشترطت عليهم بعد النصر على أعدائهم أن يقيموا الصلاة (التي تبعث السكينة والاطمئنان والخير في نفوسهم ) ، ويتصدقون على الفقراء ، ويأمروا بكل خير وينهوا عن كل شر...فالمسلم المنتصر لا يطغى ولا يظلم ولا يقهر ولا يتجبَّر ،بل يحترم أهل الأديان الأخرى ، لأنه يحترم حقهم في اتِّباع أي دين ، ولكن بشرط عدم إيذاء المسلمين ...نعم هذه هي تعاليم الإسلام !!!!
أما إذا تفكرنا في العبادات المطلوبة من المسلم في الإسلام :
لوجدنا الصلاة خمس فقط ، ولكن المصلي ينال أجر خمسين صلاة كل يوم، هذه الصلاة أثبت العلم الحديث أنها تريح النفس والبدن، حتى أن رياضة اليوجا قد اقتبست وضع السجود منصلاة المسلمين لأنه ثبت بالأجهزة العلمية أن هذا الوضع يجعل الجسد في توافق تام مع كل الكون ، بل ويفرِّغ الطاقة الضارة التي يمتصها الجسم من الأجهزة الحديثة كالتلفاز، والحاسب الآلي ، والهاتف المحمول ،وغير ذلك مما جعل غير المسلمين يتداوون بوضع السجود هذا دون أن يدخلوا في الإسلام !!!!!
ووجدنا الصيام من الفجر إلى المغرب ((فقط)) وبعد ذلك مسموح للمسلم أن يأكل كما يشاء وأن يجامع زوجته .
ووجدنا الزكاة غير مفروضة على كل المسلمين ، وإنما على الأغنياء فقط، كما أنها قَدر قليل جدا من المال يُدخل السرور على الفقراء وينزع الحقد والحسد من قلوبهم على الأغنياء ، فهي إذن حماية للمال وصاحب المال .
ووجدنا الحج غير مفروض إلا على من كانت له القدرة الصحية والمالية وتوفر له الأمان في طريقه للحج، وكان آمناً على أسرته في بلدهم، وكان لدى أسرته ما يكفيهم من المال والطعام في فترة غيابه ، هذا بالإضافة إلى أ، الحاج يرجع منالحج كيوم ولدته أمه خالياً من الذنوب إلا من حقوق العباد....نعم إن الله تعالى يغفر ويسامح فيما بينه وبين العبد من معاصي، أما من ظلم إنساناً أو اعتدى عليه بأي شكل فإن الله لا يغفر له حتى يرد إليه حقه أ, يطلب منه مسامحته ، فإذا أخذ المظلوم حقه أو سامح ، عندها فقط يسامحه الله تعالى !!!!!
وكل هذه العبادات يُتوِّجها اعتراف بالقول والعمل بأن خالق الكون ومالكه واحد فقط
ومن ثم فهو –وحده – الذي يستحق أن نتقرب إليه بما أمرنا به من الطاعات الأربعة المذكورة ( وفي هذا راحة للإنسان لأن تعدد المعبودين يُتعب الإنسان ويحيِّره ، كما أن تعدد الرؤساء يتعب الإنسان ويحيِّره )!!!!
هذا الإله الواحد يجب أن نتوجه إليه وحده إذا كنا نريد شبئاً أو نحتاج إلى شيء،
ليس فقط لأنه هو مالك كل الكون، ولكن لأنه لا يزداد على كثرة الحوائج إلا كرما وجودا، وهو وحده الذي يغضب إن لم تطلب منه شىء ، وهو وحده الذي إذا تذللت بين يديه زادك عِزاً وكرامة !!!!!!
نعم إن الإسلام يحرر الإنسان من العبودية لغير الله (الإله الواحد )، ومن الخوف إلا مِنْه، ومن الحاجة إلا إليه ومن الذُّل إلا له،ومن التوكل إلا عليه،
فإذا كان مَن نعبده ونخشاه،ونذل له،ونتوكل عليه هو أرحم الراحمين،وأكرم الأكرمين،ومالك الملك، والقادر المقتدر، والعزيز الجبار، وذو الجلال والإكرام،و الحي القيوم،والحفيظ المقيت،فهنيئاً لنا بهذا الدين.
الروابط المفضلة