بسم الله الرحمان الرحيم

عن ابن عباس عن جويرية ان النبى ( ص ) خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح , وهي في مسجدها , ثم رجع بعد ان اضحى , وهي جالسة , فقال : ( مازلت على الحال التى فارقتك عليها ؟) قالت : نعم. قال النبى (ص) لقد قلت بعدك اربع كلمات ثلاث مرات , لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه , ورضا نفسه , وزنة عرشه ومداد كلماته ).
اختي المسلمة : ان التسابق في الخيرات امر ممتع , وقد حدثنا القران الكريم عن هذا التسابق ودعا اليه بقوة و فقال عز وجل ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ). ماذاك الا لان الحياة غير مامونة و والاجال غير معلومة والنهاية محتومة وما يمكن ان تقومى اليوم به , قد يكون غير ممكن غدا , واليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل .
وان الفرصة اذا لم تغتنمها المراة المسلمة اليوم , قد لا تتهيا لك الاسباب غدا , قال الشاعر :
ليس في كل ساعة واوان تتهيا صنائع الاحسان
فاذا امكنت فبادر اليها حذرا من تعذر الاحسان

وانطلاقا مما سبق ينبغى للمراة المسلمة ان توازن بين الاعمال , وتنظر جوامع الطاعات وكوامل العبادات وتقوم بتاديتها . وفي هذه الوصية يوصى الرسول (ص) بكلمات لو قالتها المسلمة لحصلت على اجر جزيل . فلنتامل في تلك الوصية النبوية ولنتعلم منها . قوله وهو في مسجدها) يعنى موضع صلاتها من سكنها وهى جويرية بالتصغير - بنت الحارث الخزاعية من بنى الصطلق ,ام المؤمنين كان اسمها برة , فغيره النبى (ص) ثم تزوجها وماتت سنة خمسين هجرية على الصحيح .
قوله (ًص) سبحان الله وبحمده عدد خلقه ) اى بعدد كل واحد من مخلوقاته وقال الامام السيوطى : اى بعدد جميع مخلوقاته .
قوله ورضا نفسه ) يعني اسبحه قدر ما يرضاه , وقال الامام السيوطى : بمقدار رضا ذاته الشريفة اى بمقدار يكون سببا لرضاه , او بمقدار يرضى به لذاته ويختاره فهو مثل ما جاء ( وبملء ما شئت من شئ ) قوله : ( وزنة عرشه ) اى اسبحه بمقدار وزن عرشه ولا يعلم وزنه الا الله تبارك وتعالى .
وقوله مداد كلماته) المعنى ( سبحان الله مداد كلماته ) هو بكسر الميم , قيل معناه : مثلها في العدد وقيل مثلها : في انها لا تنفد , وقيل : في الثواب والمراد هنا مصدر بمعنى المدد وهو ما كثرت به الشئ
قال العلماء : واستعماله هنا مجاز , لان كلمات الله تعالى , لا تحصر بعد , ولا بغيره , والمراد المبالغة في الكثرة , لانه ذكر اولا ما يحصره العد الكثير من عدد الخلق ثم زنة العرش , ثم ارتقى الى ما هو اعظم من ذلك وعبر عنه بهذا اى : مالا يحصيه عد , كما لا تحصى كلمات الله تعالى .
- اختى المسلمة : هذا الحديث دليل على فضل هذه الكلمات , وان قائلتها تدرك فضيلة تكرار القول كما ورد في روايات الترمذى و النسائى , ولا يتجه ان يقال ان مشقة من قال هكذا اخف من مشقة من كرر لفظ الذكر حتى يبلغ الى مثل ذلك العدد , فان هذا باب منحه رسول الله (ص) لعباد الله , وارشدهم ودلهم عليه , تخفيفا لهم وتكثيرا لاجورهم من دون تعب , ولا نب فلله الحمد.
- فائدة : قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله في فتاواه : قد يكون بعض الاذكار افل من بعض لعمومها و شمولها , واشتمالها على جميع الاوصاف الذاتية و الفعلية فيكون القليل من هذا النوع افل من الكثير من غيره , كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم سبحان الله عدد خلقه ).
- اختي المسلمة : ان اردت الاجر الجزيل والثواب العظيم , فعليك بالمدوامة على هذا الذكر بالليل والنهار , تحشرين مع الابرار وتدخلين الجنة - ان شاء الله - بسلام.

اخذت هذا الموضوع من كتاب وصية من وصايا الرسول الله (ص) للنساء