تنبيه
ليست زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة ولا شرطا في الحج كما يظنه بعض العامة واشباههم , بل هي مستحبة في حق من زار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم او كان قريبا منه .
اما البعيد عن المدينة فليس له شد الرحل لقصد زيارة القبر ولكن يسن له شد الرحللقصد المسجد الشريف فاذا وصله زار القبر الشريف وقبر الصاحبين ودخلت الزيارة لقبره عليه السلام وقبر صاحبيه تبعا لزيارة مسجده صلى الله عليه وسلم وذلك لما ثبت في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الاقصى ) .
ولو كان شد الرحال لقصد قبره عليه السلام او قبر غيره مشروعا لدل الامة عليه وارشدهم الى فضله لانه انصح الناس واعلمهم بالله واشدهم له خشية وقد بلغ البلاغ المبين ودل امته على كل خير وحذرهم من كل شر , كيف وقد حذر من شد الرحل لغير المساجد الثلاثة وقال : ( لا تتخذوا قبري عيدا , ولا بيوتكم قبورا , وصلوا علي , فان صلاتكم تبلغني حيث كنتم ) .
والقول بشرعية شد الرحال لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم يفضي الى اتخاذه عيدا ووقوع المحذور الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو والاطراء كما قد وقع الكثير من الناس في ذلك بسبب اعتقادهم شرعية شد الرحال لزيارة قبره عليه السلام .
واما ما يروى في هذا الباب من الاحاديث التي يحتج بها من قال بشرعية شد الرحال الى قبره عليه السلام , فهي احاديث ضعيفة الاسانيد بل موضوعة كما قد نبه على ضعفها الحفاظ كالدارقطني والبيهقي والحافظابن حجر وغيرهم .
فلا يجوز ان يعارض بها الاحاديث الصحيحة الدالة على تحريم شد الرحال لغير المساجد الثلاثة .
واليك ايها القارئ شيئا من الاحاديث الموضوعة في هذا الباب لتعرفها وتحذر الاغترار بها :
الاول : ( من حج ولم يزرني فقد جفاني )
الثاني : ( من زارني بعد مماتي فكانما زارني في حياتي )
الثالث : ( من زارني وزار ابي ابراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة )
الرابع : ( من زار قبري وجبت له شفلعتي )
فهذه الاحاديث واشباهها لم يثبت منها شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ ابن حجر في ( التلخيص ) _ بعد ما ذكر اكثر الروايات _ : طرق هذا الحديث كلها ضعيفة ز
وقال الحافظ العقيلي : لا يصح في هذا الباب شئ .
وجزم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان الاحديث كلها موضوعة وحسبك به علما وحفظا واطلاعا .
ولو كان شئ منها ثابتا لكان الصحابة رضي الله عنهم اسبق الناس الى العمل به وبيان ذلك للامة ودعوتهم ىاليه لانهم خير الناس بعد الانبياء واعلمهم بحدود الله وبما شرعه لعباده وانصحهم لله ولخلقه فلما لم ينقل عنهم شئ من ذلك دل ذلك على انه غير مشروع ولو صح منها شئ لوجب حمل ذلك على الزيارة الشرعية التي ليس فيها شد الرحال لقصد القبر وحده , جمعا بين الاحاديث .
والله سبحانه وتعالى اعلم .
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله وجعل الجنة مثواه .
الروابط المفضلة