لا يكون محطة


بالأمس القريب استقبلنا شهر الخيرات بفرح عارم ، وسرور مفعم بروحانية عظيمة ، وسعادة غامرة تعمر كل قلب مؤمن بلقاء حبيب يحمل الخير كل الخير لنا فهو الجامع بين المغفرة والرحمة والعتق من لظى ، وفيه ليلة خير من ألف شهر ، وعطاء من الله فاق كل عطاء فهو المجازي به جزاء جعله في بوذقة الغيب بالنسبة لنا لعظمه وربويته فكما جاء في الحديث القدسي :

كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به

وكنا بالأمس نتسابق لنملأ المساجد فروضا وسننا وقياما وتهجدا ، ونتنافس في ذكر الله تلاوة لكتابه الكريم القرآن العظيم ، وتسبيحا وتهليلا واستغفارا وحمدا وصلاة على الهادي البشير صلى الله عليه وسلم .
وكنا فيه نتحلى بمكارم الأخلاق من تسامح وغفران للزلات وبذل للصدقات وتراحم وتأخي .
واليوم رحل رمضان عنا ونحن نتحسر على هذا الرحيل السريع ولا نعلم هل سنكون من ضيوفه في عام قادم أم سوف يطوينا الثرى كما طوى غيرنا من بعض الذين شهدوه معنا في أعوام سالفة ؟
لا شك لدي ولا ريب من أن الله جعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم ، وهذا ليس من باب التألي ومعرفة الغيب ولكن من حُسن ظني بربي ( عبدي وما ظن بي ) وربّ الخير لا يهب إلا الخير .
أحبابي لما لا نجعل سلوكنا وتقوانا وإقبالنا على الله طوال عمرنا كما هو حالنا في رمضان ؟ لما لا نجعل عامنا كله رمضان في الاندفاع إلى الطاعات والبعد عن الخطايا فيكون رمضان سنة لا شهر ؟ ونكون عبيدا فعليين فاعلين لله طوال العمر لا في مناسبة ، لما لا نجعل من رمضان نقطة الانطلاق إلى الخير ونستمر في رحلة الخير ؟
أتمنى أن نفعل جميعا هذا حتى لا يكون رمضان محطة تعبدية نشحن ذواتنا وأرواحنا فيها ونستنزف ما شحنا به نفسنا من طاقات روحية في بقية العام
دعونا نعقد العزم على مواصلة الهجرة إلى الله من سنتنا هذه وإني متفائلا خيرا بهذا