زاد المســـلم والمســلمة

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الثمال
    رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
    • Mar 2002
    • 44054

    زاد المســـلم والمســلمة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    إن الحمد لله نحمده تعالى ونشكره ونتوب إليه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهوالمهتد ومن يضلل فلن تجدله و ليا مرشدا
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له وأشهد أن محمدا هبده ورسوله
    زاد المســـلم والمســلمة
    البــــ الأول ـاب التـــوبـــة
    قال الله تعالى (وتوبوآ إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون)
    قال العلماء التوبة واجبة من كل ذنب فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط :-
    1-أن يقلع عن المعصية
    2-أن يندم على فعلها
    3- أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا
    فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته
    وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة
    هذه الثلاثة و4-أن يبرأ من حق صاحبها
    فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه وإن كانت حد قذف أو نحوه مكنه منه أو طلب العفو ويجب أن يتوب من جميع الذنوب فإنتاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذالك الذنب الأحـــاديث :-
    1-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه أكثر من سبعين مرة )‏
    الشرح:-
    قوله ( والله إني لأستغفر الله ) ‏
    ‏فيه القسم على الشيء تأكيدا له وإن لم يكن عند السامع فيه شك . ‏

    ‏قوله ( لأستغفر الله وأتوب إليه ) ‏
    ‏ظاهره أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة " ويحتمل أن يكون المراد يقول هذا اللفظ بعينه , ويرجح الثاني ما أخرجه النسائي بسند جيد من طريق مجاهد عن ابن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه في المجلس قبل أن يقوم مائة مرة " وله من رواية محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر بلفظ " إنا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس : رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور , مائة مرة " . ‏

    ‏قوله ( أكثر من سبعين مرة ) ‏
    ‏وقع في حديث أنس " إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة , فيحتمل أن يريد المبالغة ويحتمل أن يريد العدد بعينه . وقوله " أكثر " مبهم فيحتمل أن يفسر بحديث ابن عمر المذكور وأنه يبلغ المائة . وقد وقع في طريق أخرى عن أبي هريرة من رواية معمر عن الزهري بلفظ " إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة " لكن خالف أصحاب الزهري في ذلك . نعم أخرج النسائي أيضا من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة بلفظ " إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة " وأخرج النسائي أيضا من طريق عطاء عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الناس فقال : يا أيها الناس توبوا إلى الله , فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة " وله في حديث الأغر المزني رفعه مثله , وهو عنده وعند مسلم بلفظ " إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة " قال عياض : المراد بالغين فترات عن الذكر الذي شأنه أن يداوم عليه , فإذا فتر عنه لأمر ما عد ذلك ذنبا فاستغفر عنه . وقيل هو شيء يعتري القلب مما يقع من حديث النفس , وقيل هو السكينة التي تغشى قلبه والاستغفار لإظهار العبودية لله والشكر لما أولاه , وقيل هي حالة خشية وإعظام والاستغفار شكرها , ومن ثم قال المحاسبي : خوف المتقربين خوف إجلال وإعظام . وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي : لا يعتقد أن الغين في حالة نقص , بل هو كمال أو تتمة كمال . ثم مثل ذلك بجفن العين حين يسبل ليدفع القذى عن العين مثلا فإنه يمنع العين من الرؤية , فهو من هذه الحيثية نقص , وفي الحقيقة هو كمال . هذا محصل كلامه بعبارة طويلة , قال : فهكذا بصيرة النبي صلى الله عليه وسلم متعرضة للأغيرة الثائرة من أنفاس الأغيار فدعت الحاجة إلى الستر على حدقة بصيرته صيانة لها ووقاية عن ذلك انتهى . وقد استشكل وقوع الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلم وهو معصوم , والاستغفار يستدعي وقوع معصية . وأجيب بعدة أجوبة : منها ما تقدم في تفسير الغين , ومنها قول ابن الجوزي : هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد , والأنبياء وإن عصموا من الكبائر فلم يعصموا من الصغائر . كذا قال , وهو مفرع على خلاف المختار , والراجح عصمتهم من الصغائر أيضا . ومنها قول ابن بطال : الأنبياء أشد الناس اجتهادا في العبادة لما أعطاهم الله تعالى من المعرفة , فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير انتهى . ومحصل جوابه أن الاستغفار من التقصير في أداء الحق الذي يجب لله تعالى , ويحتمل أن يكون لاشتغاله بالأمور المباحة من أكل أو شرب أو جماع أو نوم أو راحة , أو لمخاطبة الناس والنظر في مصالحهم , ومحاربة عدوهم تارة ومداراته أخرى , وتأليف المؤلفة وغير ذلك مما يحجبه عن الاشتغال بذكر الله والتضرع إليه ومشاهدته ومراقبته , فيرى ذلك ذنبا بالنسبة إلى المقام العلي وهو الحضور في حظيرة القدس . ومنها أن استغفاره تشريع لأمته , أو من ذنوب الأمة فهو كالشفاعة لهم . وقال الغزالي في " الإحياء " كان صلى الله عليه وسلم دائم الترقي , فإذا ارتقى إلى حال رأى ما قبلها دونها فاستغفر من الحالة السابقة , وهذا مفرع على أن العدد المذكور في استغفاره كان مفرقا بحسب تعدد الأحوال , وظاهر ألفاظ الحديث يخالف ذلك . وقال الشيخ السهروردي : لما كان روح النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل في الترقي إلى مقامات القرب يستتبع القلب , والقلب يستتبع النفس , ولا ريب أن حركة الروح والقلب أسرع من نهضة النفس فكانت خطا النفس تقصر عن مداهما في العروج , فاقتضت الحكمة إبطاء حركة القلب لئلا تنقطع علاقة النفس عنه فيبقى العباد محرومين , فكان صلى الله عليه وسلم يفزع إلى الاستغفار لقصور النفس عن شأو ترقي القلب , والله أعلم . ‏

    التعديل الأخير تم بواسطة الثمال; 29-04-2002, 06:36 PM.
  • الثمال
    رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
    • Mar 2002
    • 44054

    #2
    2-‏حدثنا ‏ ‏أحمد بن عبد الملك ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏زهير ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو إسحاق ‏ ‏عن ‏ ‏مجاهد ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏قال ‏
    ‏كنت جالسا عند النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فسمعته استغفر مائة مرة ثم يقول ‏ ‏اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم ‏ ‏أو إنك تواب غفور
    ‏‏3-حدثنا ‏ ‏قتيبة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏الليث ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عجلان ‏ ‏عن ‏ ‏القعقاع بن حكيم ‏ ‏عن ‏ ‏أبي صالح ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏
    ‏عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏إن العبد إذا أخطأ خطيئة ‏ ‏نكتت ‏ ‏في قلبه ‏ ‏نكتة ‏ ‏سوداء فإذا هو ‏ ‏نزع ‏‏ واستغفر وتاب ‏ ‏سقل ‏ ‏قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه وهو ‏ ‏الران الذي ذكر الله ‏
    (‏كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ‏ )

    ‏شرح

    ‏قوله : ( إن العبد إذا أخطأ خطيئة ) ‏
    ‏وفي رواية أحمد : " إن المؤمن إذا أذنب ذنبا" ‏
    ‏( نكتت في قلبه ) ‏
    ‏بصيغة المجهول من النكت وهو في الأصل أن تضرب في الأرض بقضيب فيؤثر فيها ‏
    ‏( نكتة سوداء ) ‏
    ‏أي جعلت في قلبه نكتة سوداء أي أثر قليل كالنقطة شبه الوسخ في المرآة والسيف ونحوهما . وقال القاري أي كقطرة مداد تقطر في القرطاس , ويختلف على حسب المعصية وقدرها , والحمل على الحقيقة أولى من جعله من باب التمثيل والتشبيه حيث قيل شبه القلب بثوب في غاية النقاء والبياض . والمعصية بشيء في غاية السواد أصاب ذلك الأبيض فبالضرورة أنه يذهب ذلك الجمال منه وكذلك الإنسان إذا أصاب المعصية صار كأنه حصل ذلك السواد في ذلك البياض ‏
    ‏( فإذا هو ) ‏
    ‏أي العبد ‏
    ‏( نزع ) ‏
    ‏أي نفسه عن ارتكاب المعاصي ‏
    ‏( واستغفر ) ‏
    ‏أي سأل الله المغفرة ‏
    ‏( وتاب ) ‏
    ‏أي من الذنب ‏
    ‏( سقل قلبه ) ‏
    ‏بالسين المهملة على البناء للمفعول , وفي رواية أحمد صقل بالصاد . قال في القاموس : السقل الصقل وقال فيه صقله جلاه انتهى . والمعنى نظف وصفى مرآة قلبه لأن التوبة بمنزلة المصقلة تمحو وسخ القلب وسواده حقيقيا أو تمثيليا ‏
    ‏" وإن عاد " ‏
    ‏أي العبد في الذنب والخطيئة ‏
    ‏" زيد فيها " ‏
    ‏أي في النكتة السوداء ‏
    ‏" حتى تعلو " ‏
    ‏أي للنكت ‏
    ‏" قلبه " ‏
    ‏أي تطفئ نور قلبه فتعمي بصيرته ‏
    ‏" وهو " ‏
    ‏الأثر المستقبح المستعلي ‏
    ‏" الران الذي ذكر الله " ‏
    ‏أي في كتابه وأدخل اللام على ران وهو فعل إما لقصد حكاية اللفظ وإجرائه مجرى الاسم وإما لتنزيله منزلة المصدر ‏
    ‏( { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } ) ‏
    ‏قال الحافظ ابن كثير : أي ليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا إن هذا القرآن أساطير الأولين بل هو كلام الله ووحيه وتنزيله على رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الران الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا , والرين يعتري قلوب الكافرين والغيم للأبرار والغين للمقربين انتهى . قلت : أصل الران والرين الغشاوة وهو كالصدإ على الشيء الصقيل . قال الطيبي : الران والرين سواء كالعاب والعيب , والآية في الكفار إلا أن المؤمن بارتكاب الذنب يشبههم في اسوداد القلب ويزداد ذلك بازدياد الذنب . قال ابن الملك : هذه الآية مذكورة في حق الكفار لكن ذكرها صلى الله عليه وسلم تخويفا للمؤمنين كي يحترزوا عن كثرة الذنب كي لا تسود قلوبهم كما اسودت قلوب الكفار ولذا قيل المعاصي بريد الكفر ‏
    ‏قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) ‏
    ‏وأخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم
    التعديل الأخير تم بواسطة الثمال; 29-04-2002, 06:49 PM.

    تعليق

    • الثمال
      رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
      • Mar 2002
      • 44054

      #3
      4-‏عن ‏ ‏ابن مسعود ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏
      ‏قال رجل يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال ‏ ‏من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر ‏
      شرح

      ‏قوله ( ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر ) ‏
      ‏قال الخطابي : ظاهره خلاف ما أجمعت عليه الأمة أن الإسلام يجب ما قبله , وقال تعالى ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) قال : ووجه هذا الحديث أن الكافر إذا أسلم لم يؤاخذ بما مضى , فإن أساء في الإسلام غاية الإساءة وركب أشد المعاصي وهو مستمر الإسلام فإنه إنما يؤاخذ بما جناه من المعصية في الإسلام ويبكت بما كان منه في الكفر كأن يقال له : ألست فعلت كذا وأنت كافر فهلا منعك إسلامك عن معاودة مثله ؟ انتهى ملخصا , وحاصله أنه أول المؤاخذة في الأول بالتبكيت وفي الآخر بالعقوبة , والأولى قول غيره : إن المراد بالإساءة الكفر لأنه غاية الإساءة وأشد المعاصي فإذا ارتد ومات على كفره كان كمن لم يسلم فيعاقب على جميع ما قدمه , وإلى ذلك أشار البخاري بإيراد هذا الحديث بعد حديث " أكبر الكبائر الشرك " وأورد كلا في أبواب المرتدين , ونقل ابن بطال عن المهلب قال : معنى حديث الباب من أحسن في الإسلام بالتمادي على محافظته والقيام بشرائطه لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية , ومن أساء في الإسلام أي في عقده بترك التوحيد أخذ بكل ما أسلفه , قال ابن بطال : فعرضته على جماعة من العلماء فقالوا لا معنى لهذا الحديث غير هذا , ولا تكون الإساءة هنا إلا الكفر للإجماع على أن المسلم لا يؤاخذ بما عمل في الجاهلية . قلت : وبه جزم المحب الطبري . ونقل ابن التين عن الداودي معنى من أحسن مات على الإسلام , ومن أساء مات على غير الإسلام . وعن أبي عبد الملك البوني : معنى من أحسن في الإسلام أي أسلم إسلاما صحيحا لا نفاق فيه ولا شك , ومن أساء في الإسلام أي أسلم رياء وسمعة وبهذا جزم القرطبي , ولغيره معنى الإحسان الإخلاص حين دخل فيه ودوامه عليه إلى موته , والإساءة بضد ذلك فإنه إن لم يخلص إسلامه كان منافقا فلا ينهدم عنه ما عمل في الجاهلية فيضاف نفاقه المتأخر إلى كفره الماضي فيعاقب على جميع ذلك . قلت : وحاصله أن الخطابي حمل قوله " في الإسلام " على صفة خارجة عن ماهية الإسلام , وحمله غيره على صفة في نفس الإسلام وهو أوجه . ‏
      ‏( تنبيه ) : ‏
      ‏حديث ابن مسعود هذا يقابل حديث أبي سعيد الماضي في كتاب الإيمان معلقا عن مالك , فإن ظاهر هذا أن من ارتكب المعاصي بعد أن أسلم يكتب عليه ما عمله من المعاصي قبل أن يسلم , وظاهر ذلك أن من عمل الحسنات بعد أن أسلم يكتب له ما عمله من الخيرات قبل أن يسلم , وقد مضى القول في توجيه الثاني عند شرحه , ويحتمل أن يجيء هنا بعض ما ذكر هناك كقول من قال إن معنى كتابة ما عمله من الخير في الكفر أنه كان سببا لعمله الخير في الإسلام . ثم وجدت في " كتاب السنة " لعبد العزيز بن جعفر وهو من رءوس الحنابلة ما يدفع دعوة الخطابي وابن بطال الإجماع الذي نقلاه , وهو ما نقل عن الميموني عن أحمد أنه قال : بلغني أن أبا حنيفة يقول إن من أسلم لا يؤاخذ بما كان في الجاهلية , ثم رد عليه بحديث ابن مسعود ففيه أن الذنوب التي كان الكافر يفعلها في جاهليته إذا أصر عليها في الإسلام فإنه يؤاخذ بها لأنه بإصراره لا يكون تاب منها وإنما تاب من الكفر فلا يسقط عنه ذنب تلك المعصية لإصراره عليها , وإلى هذا ذهب الحليمي من الشافعية , وتأول بعض الحنابلة قوله ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) على أن المراد ما سلف مما انتهوا عنه , قال : والاختلاف في هذه المسألة مبني على أن التوبة هي الندم على الذنب مع الإقلاع عنه والعزم على عدم العود إليه والكافر إذا تاب من الكفر ولا يعزم على عدم العود إلى الفاحشة لا يكون تائبا منها فلا تسقط عنه المطالبة بها والجواب عن الجمهور أن هذا خاص بالمسلم وأما الكافر فإنه يكون بإسلامه كيوم ولدته أمه والأخبار دالة على ذلك كحديث أسامة لما أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم قتل الذي قال لا إله إلا الله حتى قال في آخره " حتى تمنيت أنني كنت أسلمت يومئذ " . ‏

      5-‏حدثنا ‏ ‏حسين بن يزيد الكوفي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو يحيى الحماني ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عثمان بن واقد ‏ ‏عن ‏ ‏أبي نصيرة ‏ ‏عن ‏ ‏مولى لأبي بكر ‏ ‏عن ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏قال ‏
      ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ما أصر من استغفر ولو فعله في اليوم سبعين مرة ‏

      شرح
      ‏قوله : " ما أصر من استغفر " ‏
      ‏كلمة ما نافية يعني من عمل معصية ثم استغفر وندم على ذلك خرج عن كونه مصرا على المعصية لأن المصر هو الذي لم يستغفر ولم يندم على الذنب والإصرار على الذنب إكثاره كذا في المفاتيح ‏
      ‏" ولو فعله في اليوم سبعين مرة " ‏
      ‏وفي رواية أبي داود : " وإن عاد في اليوم سبعين مرة " , قيل ظاهره التكثير والتكرير . قال المناوي في شرح هذا الحديث : أي ما أقام على الذنب من تاب توبة صحيحة وإن عاد في اليوم سبعين مرة فإن رحمة الله لا نهاية لها فذنوب العالم كلها متلاشية عند عفوه . ‏
      التعديل الأخير تم بواسطة الثمال; 29-04-2002, 07:08 PM.

      تعليق

      • الثمال
        رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
        • Mar 2002
        • 44054

        #4
        ‏6-حدثني ‏ ‏عبد الأعلى بن حماد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏حماد بن سلمة ‏ ‏عن ‏ ‏إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الرحمن بن أبي عمرة ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏
        ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فيما يحكي عن ربه عز وجل قال أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى ‏ ‏أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك قال ‏ ‏عبد الأعلى ‏ ‏لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة ‏ ‏اعمل ما شئت

        7-عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏والآخر عن نفسه ‏ ‏قال ‏ ‏إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا قال ‏ ‏أبو شهاب ‏ ‏بيده فوق أنفه ‏ ‏ثم قال ‏
        ‏لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال أرجع إلى مكاني فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده ‏
        شر‏ح


        ‏قوله ( حديثين أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم والآخر عن نفسه قال إن المؤمن ) ‏
        ‏فذكره إلى قوله " فوق أنفه " ثم قال " لله أفرح بتوبة عبده " هكذا وقع في هذه الرواية غير مصرح برفع أحد الحديثين إلى النبي صلى الله عليه وسلم , قال النووي : قالوا المرفوع " لله أفرح إلخ " والأول قول ابن مسعود , وكذا جزم ابن بطال بأن الأول هو الموقوف والثاني هو المرفوع وهو كذلك , ولم يقف ابن التين على تحقيق ذلك فقال : أحد الحديثين عن ابن مسعود والآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزد في الشرح على الأصل شيئا , وأغرب الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة في مختصره فأفرد أحد الحديثين من الآخر وعبر في كل منهما بقوله " عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم " وليس ذلك في شيء من نسخ البخاري , ولا التصريح برفع الحديث الأول إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من نسخ كتب الحديث إلا ما قرأت في شرح مغلطاي أنه روي مرفوعا من طريق وهاها أبو أحمد الجرجاني يعني ابن عدي , وقد وقع بيان ذلك في الرواية المعلقة , وكذا وقع البيان في رواية مسلم مع كونه لم يسق حديث ابن مسعود الموقوف ولفظه من طريق جرير عن الأعمش عن عمارة عن الحارث قال " دخلت على ابن مسعود أعوده وهو مريض فحدثنا بحديثين : حديثا عن نفسه , وحديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لله أشد فرحا " الحديث . ‏

        ‏قوله ( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ) ‏
        ‏قال ابن أبي جمرة : السبب في ذلك أن قلب المؤمن منور , فإذا رأى من نفسه ما يخالف ما ينور به قلبه عظم الأمر عليه , والحكمة في التمثيل بالجبل أن غيره من المهلكات قد يحصل التسبب إلى النجاة منه بخلاف الجبل إذا سقط على الشخص لا ينجو منه عادة . وحاصله أن المؤمن يغلب عليه الخوف لقوة ما عنده من الإيمان فلا يأمن العقوبة بسببها , وهذا شأن المسلم أنه دائم الخوف والمراقبة , يستصغر عمله الصالح ويخشى من صغير عمله السيئ . ‏

        ‏قوله ( وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب ) ‏
        ‏في رواية أبي الربيع الزهراني عن أبي شهاب عند الإسماعيلي " يرى ذنوبه كأنها ذباب مر على أنفه " أي ذنبه سهل عنده لا يعتقد أنه يحصل له بسببه كبير ضرر , كما أن ضرر الذباب عنده سهل , وكذا دفعه عنه . والذباب بضم المعجمة وموحدتين الأولى خفيفة بينهما ألف جمع ذبابة وهي الطير المعروف . ‏

        ‏قوله ( فقال به هكذا ) ‏
        ‏أي نحاه بيده أو دفعه , هو من إطلاق القول على الفعل قالوا وهو أبلغ . ‏

        ‏قوله ( قال أبو شهاب ) ‏
        ‏هو موصول بالسند المذكور . ‏

        ‏قوله ( بيده على أنفه ) ‏
        ‏هو تفسير منه لقوله " فقال به " قال المحب الطبري : إنما كانت هذه صفة المؤمن لشدة خوفه من الله ومن عقوبته ; لأنه على يقين من الذنب وليس على يقين من المغفرة , والفاجر قليل المعرفة بالله فلذلك قل خوفه واستهان بالمعصية . وقال ابن أبي جمرة : السبب في ذلك أن قلب الفاجر مظلم فوقوع الذنب خفيف عنده , ولهذا تجد من يقع في المعصية إذا وعظ يقول هذا سهل , قال : ويستفاد من الحديث أن قلة خوف المؤمن ذنوبه وخفته عليه يدل على فجوره , قال : والحكمة في تشبيه ذنوب الفاجر بالذباب كون الذباب أخف الطير وأحقره , وهو مما يعاين ويدفع بأقل الأشياء , قال : وفي ذكر الأنف مبالغة في اعتقاده خفة الذنب عنده ; لأن الذباب قلما ينزل على الأنف وإنما يقصد غالبا العين , قال : وفي إشارته بيده تأكيد للخفة أيضا لأنه بهذا القدر اليسير يدفع ضرره , قال : وفي الحديث ضرب المثل بما يمكن , وإرشاد إلى الحض على محاسبة النفس , واعتبار العلامات الدالة على بقاء نعمة الإيمان , وفيه أن الفجور أمر قلبي كالإيمان , وفيه دليل لأهل السنة لأنهم لا يكفرون بالذنوب , ورد على الخوارج وغيرهم ممن يكفر بالذنوب . وقال ابن بطال : يؤخذ منه أنه ينبغي أن يكون المؤمن عظيم الخوف من الله تعالى من كل ذنب صغيرا كان أو كبيرا , لأن الله تعالى قد يعذب على القليل فإنه لا يسأل عما يفعل سبحانه وتعالى . ‏

        ‏قوله ( ثم قال : لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا ) ‏
        ‏في رواية أبي الربيع المذكورة " بتوبة عبده المؤمن " وعند مسلم من رواية جرير , ومن رواية أبي أسامة " لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن " وكذا عنده من حديث أبي هريرة , وإطلاق الفرح في حق الله مجاز عن رضاه , قال الخطابي : معنى الحديث أن الله أرضى بالتوبة وأقبل لها , والفرح الذي يتعارفه الناس بينهم غير جائز على الله , وهو كقوله تعالى ( كل حزب بما لديهم فرحون ) أي راضون . وقال ابن فورك : الفرح في اللغة السرور . ويطلق على البطر , ومنه ( إن الله لا يحب الفرحين ) وعلى الرضا , فإن كل من يسر بشيء ويرضى به يقال في حقه فرح به . قال ابن العربي : كل صفة تقتضي التغير لا يجوز أن يوصف الله بحقيقتها , فإن ورد شيء من ذلك حمل على معنى يليق به , وقد يعبر عن الشيء بسببه أو ثمرته الحاصلة عنه , فإن من فرح بشيء جاد لفاعله بما سأل وبذل له ما طلب , فعبر عن عطاء الباري وواسع كرمه بالفرح . وقال ابن أبي جمرة : كنى عن إحسان الله للتائب وتجاوزه عنه بالفرح لأن عادة الملك إذا فرح بفعل أحد أن يبالغ في الإحسان إليه . وقال القرطبي في " المفهم " : هذا مثل قصد به بيان سرعة قبول الله توبة عبده التائب , وأنه يقبل عليه بمغفرته ويعامله معاملة من يفرح بعمله , ووجه هذا المثل أن العاصي حصل بسبب معصيته في قبضة الشيطان وأسره وقد أشرف على الهلاك , فإذا لطف الله به ووفقه للتوبة خرج من شؤم تلك المعصية وتخلص من أسر الشيطان ومن المهلكة التي أشرف عليها فأقبل الله عليه بمغفرته وبرحمته , وإلا فالفرح الذي هو من صفات المخلوقين محال على الله تعالى لأنه اهتزاز وطرب يجده الشخص من نفسه عند ظفره بغرض يستكمل به نقصانه ويسد به خلته , أو يدفع به عن نفسه ضررا أو نقصا , وكل ذلك محال على الله تعالى فإنه الكامل بذاته الغني بوجوده الذي لا يلحقه نقص ولا قصور , لكن هذا الفرح له عندنا ثمرة وفائدة وهو الإقبال على الشيء المفروح به وإحلاله المحل الأعلى , وهذا هو الذي يصح في حقه تعالى , فعبر عن ثمرة الفرح بالفرح على طريقة العرب في تسمية الشيء باسم ما جاوره أو كان منه بسبب , وهذا القانون جار في جميع ما أطلقه الله تعالى على صفة من الصفات التي لا تليق به , وكذا ما ثبت بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ‏

        ‏قوله ( وبه مهلكة ) ‏
        ‏كذا في الروايات التي وقفت عليها من صحيح البخاري بواو مفتوحة ثم موحدة خفيفة مكسورة ثم هاء ضمير , ووقع عند الإسماعيلي في رواية أبي الربيع عن أبي شهاب بسند البخاري فيه " بدوية " بموحدة مكسورة ودال مفتوحة ثم واو ثقيلة مكسورة ثم تحتانية مفتوحة ثم هاء تأنيث , وكذا في جميع الروايات خارج البخاري عند مسلم وأصحاب السنن والمسانيد وغيرهم , وفي رواية لمسلم " في أرض دوية مهلكة " وحكى الكرماني أنه وقع في نسخة من البخاري " وبيئة " وزن فعيلة من الوباء ولم أقف أنا على ذلك في كلام غيره , ويلزم عليه أن يكون وصف المذكر وهو المنزل بصفة المؤنث في قوله " وبيئة مهلكة " وهو جائز على إرادة البقعة , والدوية هي القفر والمفازة , وهي الداوية بإشباع الدال , ووقع كذلك في رواية لمسلم وجمعها داوي قال الشاعر " أروع خراج من الداوي " . ‏
        ‏قوله ( مهلكة ) بفتح الميم واللام بينهما هاء ساكنة يهلك من حصل بها , وفي بعض النسخ بضم الميم وكسر اللام من الرباعي أي تهلك هي من يحصل بها . ‏

        ‏قوله ( عليها طعامه وشرابه ) ‏
        ‏زاد أبو معاوية عن الأعمش " وما يصلحه " أخرجه الترمذي وغيره . ‏

        ‏قوله ( وقد ذهبت راحلته ) ‏
        ‏في رواية أبي معاوية " فأضلها فخرج في طلبها " وفي رواية جرير عن الأعمش عند مسلم " فطلبها " . ‏

        ‏قوله ( حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله ) ‏
        ‏شك من أبي شهاب , واقتصر جرير على ذكر العطش , ووقع في رواية أبي معاوية " حتى إذا أدركه الموت " . ‏

        ‏قوله ( قال أرجع ) ‏
        ‏بهمزة قطع بلفظ المتكلم . ‏

        ‏قوله ( إلى مكاني فرجع فنام ) ‏
        ‏في رواية جرير " أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت " وفي رواية أبي معاوية " أرجع إلى مكاني الذي أضللتها فيه فأموت فيه , فرجع إلى مكانه فغلبته عينه " . ‏

        ‏قوله ( فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده ) ‏
        ‏في رواية جرير " فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده طعامه وشرابه " وزاد أبو معاوية في روايته " وما يصلحه " . ‏

        ‏( تنبيه ) : ‏
        ‏ذكر مسلم من حديث البراء لهذا الحديث المرفوع سببا وأوله " كيف تقولون في رجل انفلتت منه راحلته بأرض قفر ليس بها طعام ولا شراب وعليها له طعام وشراب فطلبها حتى شق عليه " فذكر معناه . وأخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة مختصرا " ذكروا الفرح عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجل يجد ضالته فقال : لله أشد فرحا " الحديث . ‏




        التعديل الأخير تم بواسطة الثمال; 29-04-2002, 07:29 PM.

        تعليق

        • شمالية غربية
          مستشارة لكِ - ذوق راقي " قلب لكِ النابض"
          • Mar 2002
          • 34632

          #5
          اختيار موفق اختي الغالية .....سلمت يمينك ...وبارك الله في جهدك ..وجعلك ممن يأخذون صحائفهم بيمينهم ووالديك ..يوم لاينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ...جزاك الله خير الجزاء.....اللهم امين .
          اللهم انا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين...
          اللهم اجعلنا من الذاكرين لك كثيرا والذاكرات...اللهم امين
          نستغفرك اللهم من كل ذنب عظيم ونتوب اليك ....
          ------------
          الروس تحفر قبرها بشمالها......
          فيمينها قد شلها خطاب....
          --------
          الرجاء الرد من الأخوات فقط

          قريباً .... تجربتي مع الـ ديرم إميلان Dermamelan Mask بـ..الصور

          تعليق

          • الثمال
            رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
            • Mar 2002
            • 44054

            #6
            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            جزاك الله كل الخير
            وجعله الله في ميزان حسناتك
            المهم الأستفادة لانه هذا الباب الأول من الزاد
            التعديل الأخير تم بواسطة الثمال; 29-04-2002, 07:56 PM.

            تعليق

            • الثريا
              النجم الفضي
              • Feb 2002
              • 2928

              #7
              السلام عليكم و رحمة الله،
              جزاكِ الله كل خير أختي شعائر
              على جهدك
              و بارك الله فيكِ

              تعليق

              • الثمال
                رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
                • Mar 2002
                • 44054

                #8
                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                جزاكم الله كل الخير
                وجعله الله في ميزان حسناتكم

                تعليق

                • عاتكه
                  عضو جديد
                  • Mar 2002
                  • 26

                  #9
                  بارك الله فيك ..وعلى جهودك ..
                  أثابك الله جناتٍ ونهر .

                  تعليق

                  • الثمال
                    رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
                    • Mar 2002
                    • 44054

                    #10
                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    جزاك الله كل الخير
                    وجعله الله في ميزان حسناتك

                    تعليق

                    • فهيمه
                      عضو
                      • Mar 2002
                      • 57

                      #11
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      جزاك الله عنا خير الجزاء



                      ملحوظه.... ياريت لو تصححين الخطأ في السطر الخامس من أول الموضوع..(شهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له وأشهد أن محمدا هبده ورسوله )...حيث كتبت هبده بدلا من عبده لذا وجب التنويه.

                      تعليق

                      • الثمال
                        رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
                        • Mar 2002
                        • 44054

                        #12
                        زاد المســـلم والمســلمة
                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        إن الحمد لله نحمده تعالى ونشكره ونتوب إليه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهوالمهتد ومن يضلل فلن تجدله و ليا مرشدا
                        وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
                        زاد المســـلم والمســلمة
                        البـــ الثاني ــاب:-
                        إخلاص وإحضار النية
                        قال الله تعالى (ومآ أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة
                        )الاحـــاديــث :-
                        1- ‏حدثني ‏ ‏يحيى بن أيوب ‏ ‏وقتيبة ‏ ‏وابن حجر ‏ ‏جميعا ‏ ‏عن ‏ ‏إسمعيل بن جعفر ‏ ‏قال ‏ ‏ابن أيوب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏إسمعيل ‏ ‏قال أخبرني ‏ ‏العلاء ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏
                        ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال( ‏ ‏بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ‏ ‏ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه ‏ ‏بعرض ‏ ‏من الدنيا ‏)

                        شرح

                        ‏فيه قوله صلى الله عليه وسلم : ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا ) ‏
                        ‏معنى الحديث الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر . ووصف صلى الله عليه وسلم نوعا من شدائد تلك الفتن , وهو أنه يمسي مؤمنا ثم يصبح كافرا أو عكسه . شك الراوي وهذا لعظم الفتن ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب . والله أعلم .
                        التعديل الأخير تم بواسطة الثمال; 01-05-2002, 05:39 PM.

                        تعليق

                        • الثمال
                          رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
                          • Mar 2002
                          • 44054

                          #13
                          2-‏حدثنا ‏ ‏الحميدي عبد الله بن الزبير ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏يحيى بن سعيد الأنصاري ‏ ‏قال أخبرني ‏ ‏محمد بن إبراهيم التيمي ‏ ‏أنه سمع ‏ ‏علقمة بن وقاص الليثي ‏ ‏يقول سمعت ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏على المنبر ‏
                          ‏قال سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول( ‏ ‏إنما الأعمال ‏ ‏بالنيات ‏ ‏وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا ‏ ‏يصيبها ‏ ‏أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ‏)
                          شرح



                          ‏قوله : ( على المنبر ) ‏
                          ‏بكسر الميم , واللام للعهد , أي منبر المسجد النبوي , ووقع في رواية حماد بن زيد عن يحيى في ترك الحيل : سمعت عمر يخطب . ‏

                          ‏قوله : ( إنما الأعمال بالنيات ) ‏
                          ‏كذا أورد هنا , وهو من مقابلة الجمع بالجمع , أي كل عمل بنيته . وقال الخوبي كأنه أشار بذلك إلى أن النية تتنوع كما تتنوع الأعمال كمن قصد بعمله وجه الله أو تحصيل موعوده أو الاتقاء لوعيده . ووقع في معظم الروايات بإفراد النية , ووجهه أن محل النية القلب وهو متحد فناسب إفرادها . بخلاف الأعمال فإنها متعلقة بالظواهر وهي متعددة فناسب جمعها ; ولأن النية ترجع إلى الإخلاص وهو واحد للواحد الذي لا شريك له . ووقعت في صحيح ابن حبان بلفظ " الأعمال بالنيات " بحذف " إنما " وجمع الأعمال والنيات , وهي ما وقع في كتاب الشهاب للقضاعي ووصله في مسنده كذلك , وأنكره أبو موسى المديني كما نقله النووي وأقره , وهو متعقب برواية ابن حبان , بل وقع في رواية مالك عن يحيى عند البخاري في كتاب الإيمان بلفظ " الأعمال بالنية " , وكذا في العتق من رواية الثوري , وفي الهجرة من رواية حماد بن زيد , ووقع عنده في النكاح بلفظ " العمل بالنية " بإفراد كل منهما . والنية بكسر النون وتشديد التحتانية على المشهور , وفي بعض اللغات بتخفيفها . قال الكرماني قوله " إنما الأعمال بالنيات " هذا التركيب يفيد الحصر عند المحققين , واختلف في وجه إفادته فقيل لأن الأعمال جمع محلى بالألف واللام مفيد للاستغراق , وهو مستلزم للقصر لأن معناه كل عمل بنية فلا عمل إلا بنية , وقيل لأن إنما للحصر , وهل إفادتها له بالمنطوق أو بالمفهوم , أو تفيد الحصر بالوضع أو العرف , أو تفيده بالحقيقة أو بالمجاز ؟ ومقتضى كلام الإمام وأتباعه أنها تفيده بالمنطوق وضعا حقيقيا , بل نقله شيخنا شيخ الإسلام عن جميع أهل الأصول من المذاهب الأربعة إلا اليسير كالآمدي , وعلى العكس من ذلك أهل العربية , واحتج بعضهم بأنها لو كانت للحصر لما حسن إنما قام زيد في جواب هل قام عمرو , أجيب بأنه يصح أنه يقع في مثل هذا الجواب ما قام إلا زيد وهي للحصر اتفاقا , وقيل : لو كانت للحصر لاستوى إنما قام زيد مع ما قام إلا زيد , ولا تردد في أن الثاني أقوى من الأول , وأجيب بأنه لا يلزم من هذه القوة نفي الحصر فقد يكون أحد اللفظين أقوى من الآخر مع اشتراكهما في أصل الوضع كسوف والسين , وقد وقع استعمال إنما موضع استعمال النفي والاستثناء كقوله تعالى ( إنما تجزون ما كنتم تعملون ) وكقوله : ( وما تجزون إلا ما كنتم تعملون ) وقوله : ( إنما على رسولنا البلاغ المبين ) وقوله : ( ما على الرسول إلا البلاغ ) ومن شواهده قول الأعشى : ‏ ‏ولست بالأكثر منهم حصى ‏ ‏وإنما العزة للكاثر ‏ ‏يعني ما ثبتت العزة إلا لمن كان أكثر حصى . واختلفوا : هل هي بسيطة أو مركبة , فرجحوا الأول , وقد يرجح الثاني , ويجاب عما أورد عليه من قولهم إن " إن " للإثبات و " ما " للنفي فيستلزم اجتماع المتضادين على صدد واحد بأن يقال مثلا : أصلهما كان للإثبات والنفي , لكنهما بعد التركيب لم يبقيا على أصلهما بل أفادا شيئا آخر , أشار إلى ذلك الكرماني قال : وأما قول من قال إفادة هذا السياق للحصر من جهة أن فيه تأكيدا بعد تأكيد وهو المستفاد من إنما ومن الجمع , فتعقب بأنه من باب إيهام العكس ; لأن قائله لما رأى أن الحصر فيه تأكيد على تأكيد ظن أن كل ما وقع كذلك يفيد الحصر . وقال ابن دقيق العيد : استدل على إفادة إنما للحصر بأن ابن عباس استدل على أن الربا لا يكون إلا في النسيئة بحديث " إنما الربا في النسيئة " , وعارضه جماعة من الصحابة في الحكم ولم يخالفوه في فهمه فكان كالاتفاق منهم على أنها تفيد الحصر . وتعقب باحتمال أن يكونوا تركوا المعارضة بذلك تنزلا . وأما من قال : يحتمل أن يكون اعتمادهم على قوله " لا ربا إلا في النسيئة " لورود ذلك في بعض طرق الحديث المذكور , فلا يفيد ذلك في رد إفادة الحصر , بل يقويه ويشعر بأن مفاد الصيغتين عندهم واحد , وإلا لما استعملوا هذه موضع هذه . وأوضح من هذا حديث " إنما الماء من الماء " فإن الصحابة الذين ذهبوا إليه لم يعارضهم الجمهور في فهم الحصر منه , وإنما عارضهم في الحكم من أدلة أخرى كحديث " إذا التقى الختانان " وقال ابن عطية : إنما لفظ لا يفارقه المبالغة والتأكيد حيث وقع , ويصلح مع ذلك للحصر إن دخل في قصة ساعدت عليه , فجعل وروده للحصر مجازا يحتاج إلى قرينة , وكلام غيره على العكس من ذلك وأن أصل ورودها للحصر , لكن قد يكون في شيء مخصوص كقوله تعالى ( إنما الله إله واحد ) فإنه سيق باعتبار منكري الوحدانية , وإلا فلله سبحانه صفات أخرى كالعلم والقدرة , وكقوله تعالى ( إنما أنت منذر ) فإنه سيق باعتبار منكري الرسالة , وإلا فله صلى الله عليه وسلم صفات أخرى كالبشارة , إلى غير ذلك من الأمثلة . وهي - فيما يقال - السبب في قول من منع إفادتها للحصر مطلقا . ‏
                          ‏( تكميل ) : ‏
                          ‏الأعمال تقتضي عاملين , والتقدير : الأعمال الصادرة من المكلفين , وعلى هذا هل تخرج أعمال الكفار ؟ الظاهر الإخراج ; لأن المراد بالأعمال أعمال العبادة وهي لا تصح من الكافر وإن كان مخاطبا بها معاقبا على تركها ولا يرد العتق والصدقة لأنهما بدليل آخر . ‏
                          ‏قوله : ( بالنيات ) الباء للمصاحبة , ويحتمل أن تكون للسببية بمعنى أنها مقومة للعمل فكأنها سبب في إيجاده , وعلى الأول فهي من نفس العمل فيشترط أن لا تتخلف عن أوله . قال النووي : النية القصد , وهي عزيمة القلب . وتعقبه الكرماني بأن عزيمة القلب قدر زائد على أصل القصد . واختلف الفقهاء هل هي ركن أو شرط ؟ والمرجح أن إيجادها ذكرا في أول العمل ركن , واستصحابها حكما بمعنى أن لا يأتي بمناف شرعا شرط . ولا بد من محذوف يتعلق به الجار والمجرور , فقيل تعتبر وقيل تكمل وقيل تصح وقيل تحصل وقيل تستقر . قال الطيبي : كلام الشارع محمول على بيان الشرع ; لأن المخاطبين بذلك هم أهل اللسان , فكأنهم خوطبوا بما ليس لهم به علم إلا من قبل الشارع , فيتعين الحمل على ما يفيد الحكم الشرعي . وقال البيضاوي : النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقا لغرض من جلب نفع أو دفع ضر حالا أو مآلا , والشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضاء الله وامتثال حكمه . والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليحسن تطبيقه على ما بعده وتقسيمه أحوال المهاجر , فإنه تفصيل لما أجمل , والحديث متروك الظاهر لأن الذوات غير منتفية , إذ التقدير : لا عمل إلا بالنية , فليس المراد نفي ذات العمل لأنه قد يوجد بغير نية , بل المراد نفي أحكامها كالصحة والكمال , لكن الحمل على نفي الصحة أولى لأنه أشبه بنفي الشيء نفسه ; ولأن اللفظ دل على نفي الذات بالتصريح وعلى نفي الصفات بالتبع , فلما منع الدليل نفي الذات بقيت دلالته على نفي الصفات مستمرة . وقال شيخنا شيخ الإسلام : الأحسن تقدير ما يقتضي أن الأعمال تتبع النية , لقوله في الحديث " فمن كانت هجرته " إلى آخره . وعلى هذا يقدر المحذوف كونا مطلقا من اسم فاعل أو فعل . ثم لفظ العمل يتناول فعل الجوارح حتى اللسان فتدخل الأقوال . قال ابن دقيق العيد : وأخرج بعضهم الأقوال وهو بعيد , ولا تردد عندي في أن الحديث يتناولها . وأما التروك فهي وإن كانت فعل كف لكن لا يطلق عليها لفظ العمل . وقد تعقب على من يسمي القول عملا لكونه عمل اللسان , بأن من حلف لا يعمل عملا فقال قولا لا يحنث . وأجيب بأن مرجع اليمين إلى العرف , والقول لا يسمى عملا في العرف ولهذا يعطف عليه . والتحقيق أن القول لا يدخل في العمل حقيقة ويدخل مجازا , وكذا الفعل , لقوله تعالى ( ولو شاء ربك ما فعلوه ) بعد قوله : ( زخرف القول ) . وأما عمل القلب كالنية فلا يتناولها الحديث لئلا يلزم التسلسل , والمعرفة : وفي تناولها نظر , قال بعضهم : هو محال لأن النية قصد المنوي , وإنما يقصد المرء ما يعرف فيلزم أن يكون عارفا قبل المعرفة . وتعقبه شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني بما حاصله : إن كان المراد بالمعرفة مطلق الشعور فمسلم , وإن كان المراد النظر في الدليل فلا ; لأن كل ذي عقل يشعر مثلا بأن له من يدبره , فإذا أخذ في النظر في الدليل عليه ليتحققه لم تكن النية حينئذ محالا . وقال ابن دقيق العيد : الذين اشترطوا النية قدروا صحة الأعمال , والذين لم يشترطوها قدروا كمال الأعمال , ورجح الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال فالحمل عليها أولى . وفي هذا الكلام إيهام أن بعض العلماء لا يرى باشتراط النية , وليس الخلاف بينهم في ذلك إلا في الوسائل , وأما المقاصد فلا اختلاف بينهم في اشتراط النية لها , ومن ثم خالف الحنفية في اشتراطها للوضوء , وخالف الأوزاعي في اشتراطها في التيمم أيضا . نعم بين العلماء اختلاف في اقتران النية بأول العمل كما هو معروف في مبسوطات الفقه . ‏

                          تعليق

                          • الثمال
                            رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
                            • Mar 2002
                            • 44054

                            #14
                            ‏( تكميل ) : ‏
                            ‏الظاهر أن الألف واللام في النيات معاقبة للضمير , والتقدير الأعمال بنياتها , وعلى هذا فيدل على اعتبار نية العمل من كونه مثلا صلاة أو غيرها , ومن كونها فرضا أو نفلا , ظهرا مثلا أو عصرا , مقصورة أو غير مقصورة وهل يحتاج في مثل هذا إلى تعيين العدد ؟ فيه بحث . والراجح الاكتفاء بتعيين العبادة التي لا تنفك عن العدد المعين , كالمسافر مثلا ليس له أن يقصر إلا بنية القصر , لكن لا يحتاج إلى نية ركعتين لأن ذلك هو مقتضى القصر والله أعلم . ‏

                            ‏قوله : ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) ‏
                            ‏قال القرطبي : فيه تحقيق لاشتراط النية والإخلاص في الأعمال , فجنح إلى أنها مؤكدة , وقال غيره : بل تفيد غير ما أفادته الأولى ; لأن الأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها , فيترتب الحكم على ذلك , والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه وقال ابن دقيق العيد : الجملة الثانية تقتضي أن من نوى شيئا يحصل له - يعني إذا عمله بشرائطه - أو حال دون عمله له ما يعذر شرعا بعدم عمله وكل ما لم ينوه لم يحصل له . ومراده بقوله " ما لم ينوه " أي لا خصوصا ولا عموما , أما إذا لم ينو شيئا مخصوصا لكن كانت هناك نية عامة تشمله فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء . ويتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى . وقد يحصل غير المنوي لمدرك آخر كمن دخل المسجد فصلى الفرض أو الراتبة قبل أن يقعد فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها ; لأن القصد بالتحية شغل البقعة وقد حصل , وهذا بخلاف من اغتسل يوم الجمعة عن الجنابة فإنه لا يحصل له غسل الجمعة على الراجح ; لأن غسل الجمعة ينظر فيه إلى التعبد لا إلى محض التنظيم فلا بد فيه من القصد إليه , بخلاف تحية المسجد والله أعلم . وقال النووي : أفادت الجملة الثانية اشتراط تعيين المنوي كمن عليه صلاة فائتة لا يكفيه أن ينوي الفائتة فقط حتى يعينها ظهرا مثلا أو عصرا , ولا يخفى أن محله ما إذا لم تنحصر الفائتة . وقال ابن السمعاني في أماليه : أفادت أن الأعمال الخارجة عن العبادة لا تفيد الثواب إلا إذا نوى بها فاعلها القربة , كالأكل إذا نوى به القوة على الطاعة . وقال غيره : أفادت أن النيابة لا تدخل في النية , فإن ذلك هو الأصل , فلا يرد مثل نية الولي عن الصبي ونظائره فإنها على خلاف الأصل . وقال ابن عبد السلام : الجملة الأولى لبيان ما يعتبر من الأعمال , والثانية لبيان ما يترتب عليها . وأفاد أن النية إنما تشترط في العبادة التي لا تتميز بنفسها , وأما ما يتميز بنفسه فإنه ينصرف بصورته إلى ما وضع له كالأذكار والأدعية والتلاوة لأنها لا تتردد بين العبادة والعادة . ولا يخفى أن ذلك إنما هو بالنظر إلى أصل الوضع , أما ما حدث فيه عرف كالتسبيح للتعجب فلا , ومع ذلك فلو قصد بالذكر القربة إلى الله تعالى لكان أكثر ثوابا , ومن ثم قال الغزالي : حركة اللسان بالذكر مع الغفلة عنه تحصل الثواب ; لأنه خير من حركة اللسان بالغيبة , بل هو خير من السكوت مطلقا , أي المجرد عن التفكر . قال : وإنما هو ناقص بالنسبة إلى عمل القلب انتهى . ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " في بضع أحدكم صدقة " ثم قال في الجواب عن قولهم " أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر ؟ " : " أرأيت لو وضعها في حرام " . وأورد على إطلاق الغزالي أنه يلزم منه أن المرء يثاب على فعل مباح لأنه خير من فعل الحرام , وليس ذلك مراده . وخص من عموم الحديث ما يقصد حصوله في الجملة فإنه لا يحتاج إلى نية تخصه كتحية المسجد كما تقدم , وكمن مات زوجها فلم يبلغها الخبر إلا بعد مدة العدة فإن عدتها تنقضي ; لأن المقصود حصول براءة الرحم وقد وجدت , ومن ثم لم يحتج المتروك إلى نية . ونازع الكرماني في إطلاق الشيخ محيي الدين كون المتروك لا يحتاج إلى نية بأن الترك فعل وهو كف النفس , وبأن التروك إذا أريد بها تحصيل الثواب بامتثال أمر الشارع فلا بد فيها من قصد الترك , وتعقب بأن قوله " الترك فعل " مختلف فيه , ومن حق المستدل على المانع أن يأتي بأمر متفق عليه . وأما استدلاله الثاني فلا يطابق المورد ; لأن المبحوث فيه هل تلزم النية في التروك بحيث يقع العقاب بتركها ؟ والذي أورده هل يحصل الثواب بدونها ؟ والتفاوت بين المقامين ظاهر . والتحقيق أن الترك المجرد لا ثواب فيه , وإنما يحصل الثواب بالكف الذي هو فعل النفس , فمن لم تخطر المعصية بباله أصلا ليس كمن خطرت فكف نفسه عنها خوفا من الله تعالى , فرجع الحال إلى أن الذي يحتاج إلى النية هو العمل بجميع وجوهه , لا الترك المجرد . والله أعلم . ‏



                            ‏قوله : ( فمن كانت هجرته إلى دنيا ) ‏
                            ‏كذا وقع في جميع الأصول التي اتصلت لنا عن البخاري بحذف أحد وجهي التقسيم وهو قوله " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله إلخ " قال الخطابي : وقع هذا الحديث في روايتنا وجميع نسخ أصحابنا مخروما قد ذهب شطره , ولست أدري كيف وقع هذا الإغفال , ومن جهة من عرض من رواته ؟ فقد ذكره البخاري من غير طريق الحميدي مستوفى , وقد رواه لنا الأثبات من طريق الحميدي تاما , ونقل ابن التين كلام الخطابي مختصرا وفهم من قوله مخروما أنه قد يريد أن في السند انقطاعا فقال من قبل نفسه لأن البخاري لم يلق الحميدي , وهو مما يتعجب من إطلاقه مع قول البخاري " حدثنا الحميدي " وتكرار ذلك منه في هذا الكتاب , وجزم كل من ترجمه بأن الحميدي من شيوخه في الفقه والحديث , وقال ابن العربي في مشيخته : لا عذر للبخاري في إسقاطه لأن الحميدي شيخه فيه قد رواه في مسنده على التمام . قال : وذكر قوم أنه لعله استملاه من حفظ الحميدي فحدثه هكذا فحدث عنه كما سمع أو حدثه به تاما فسقط من حفظ البخاري . قال : وهو أمر مستبعد جدا عند من اطلع على أحوال القوم . وقال الداودي الشارح : الإسقاط فيه من البخاري فوجوده في رواية شيخه وشيخ شيخه يدل على ذلك انتهى . وقد رويناه من طريق بشر بن موسى وأبي إسماعيل الترمذي وغير واحد عن الحميدي تاما , وهو في مصنف قاسم بن أصبغ ومستخرجي أبي نعيم وصحيح أبي عوانة من طريق الحميدي , فإن كان الإسقاط من غير البخاري فقد يقال : لم اختار الابتداء بهذا السياق الناقص ؟ والجواب قد تقدمت الإشارة إليه , وأنه اختار الحميدي لكونه أجل مشايخه المكيين إلى آخر ما تقدم في ذلك من المناسبة , وإن كان الإسقاط منه فالجواب ما قاله أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الحافظ في أجوبة له على البخاري : إن أحسن ما يجاب به هنا أن يقال : لعل البخاري قصد أن يجعل لكتابه صدرا يستفتح به على ما ذهب إليه كثير من الناس من استفتاح كتبهم بالخطب المتضمنة لمعاني ما ذهبوا إليه من التأليف , فكأنه ابتدأ كتابه بنية رد علمها إلى الله , فإن علم منه أنه أراد الدنيا أو عرض إلى شيء من معانيها فسيجزيه بنيته . ونكب عن أحد وجهي التقسيم مجانبة للتزكية التي لا يناسب ذكرها في ذلك المقام . انتهى ملخصا . وحاصله أن الجملة المحذوفة تشعر بالقربة المحضة , والجملة المبقاة تحتمل التردد بين أن يكون ما قصده يحصل القربة أو لا , فلما كان المصنف كالمخبر عن حال نفسه في تصنيفه هذا بعبارة هذا الحديث حذف الجملة المشعرة بالقربة المحضة فرارا من التزكية , وبقيت الجملة المترددة المحتملة تفويضا للأمر إلى ربه المطلع على سريرته المجازي له بمقتضى نيته . ولما كانت عادة المصنفين أن يضمنوا الخطب اصطلاحهم في مذاهبهم واختياراتهم , وكان من رأي المصنف جواز اختصار الحديث والرواية بالمعنى والتدقيق في الاستنباط وإيثار الأغمض على الأجلى وترجيح الإسناد الوارد بالصيغ المصرحة بالسماع على غيره , استعمل جميع ذلك في هذا الموضع بعبارة هذا الحديث متنا وإسنادا . وقد وقع في رواية حماد بن زيد في باب الهجرة تأخر قوله " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله " عن قوله " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها " , فيحتمل أن تكون رواية الحميدي وقعت عند البخاري كذلك فتكون الجملة المحذوفة هي الأخيرة كما جرت به عادة من يقتصر على بعض الحديث . وعلى تقدير أن لا يكون ذلك فهو مصير من البخاري إلى جواز الاختصار في الحديث ولو من أثنائه . وهذا هو الراجح , والله أعلم . وقال الكرماني في غير هذا الموضع : إن كان الحديث عند البخاري تاما لم خرمه في صدر الكتاب , مع أن الخرم مختلف في جوازه ؟ قلت : لا جزم بالخرم ; لأن المقامات مختلفة , فلعله - في مقام بيان أن الإيمان بالنية واعتقاد القلب - سمع الحديث تاما , وفي مقام أن الشروع في الأعمال إنما يصح بالنية سمع ذلك القدر الذي روي . ثم الخرم يحتمل أن يكون من بعض شيوخ البخاري لا منه , ثم إن كان منه فخرمه ثم لأن المقصود يتم بذلك المقدار . فإن قلت : فكان المناسب أن يذكر عند الخرم الشق الذي يتعلق بمقصوده , وهو أن النية ينبغي أن تكون لله ورسوله . قلت : لعله نظر إلى ما هو الغالب الكثير بين الناس . انتهى . وهو كلام من لم يطلع على شيء من أقوال من قدمت ذكره من الأئمة على هذا الحديث , ولا سيما كلام ابن العربي . وقال في موضع آخر : إن إيراد الحديث تاما تارة وغير تام تارة إنما هو اختلاف الرواة , فكل منهم قد روى ما سمعه فلا خرم من أحد , ولكن البخاري يذكرها في المواضع التي يناسب كلا منها بحسب الباب الذي يضعه ترجمة له , انتهى وكأنه لم يطلع على حديث أخرجه البخاري بسند واحد من ابتدائه إلى انتهائه فساقه في موضع تاما وفي موضع مقتصرا على بعضه , وهو كثير جدا في الجامع الصحيح , فلا يرتاب من يكون الحديث صناعته أن ذلك من تصرفه ; لأنه عرف بالاستقراء من صنيعه أنه لا يذكر الحديث الواحد في موضع على وجهين , بل إن كان له أكثر من سند على شرطه ذكره في الموضع الثاني بالسند الثاني وهكذا ما بعده , وما لم يكن على شرطه يعلقه في الموضع الآخر تارة بالجزم إن كان صحيحا وتارة بغيره إن كان فيه شيء , وما ليس له إلا سند واحد يتصرف في متنه بالاقتصار على بعضه بحسب ما يتفق , ولا يوجد فيه حديث واحد مذكور بتمامه سندا ومتنا في موضعين أو أكثر إلا نادرا , فقد عني بعض من لقيته بتتبع ذلك فحصل منه نحو عشرين موضعا . ‏
                            ‏قوله : ( هجرته ) الهجرة : الترك , والهجرة إلى الشيء : الانتقال إليه عن غيره . وفي الشرع : ترك ما نهى الله عنه . وقد وقعت في الإسلام على وجهين : الأول الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرتي الحبشة وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة , الثاني الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين . وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة , إلى أن فتحت مكة فانقطع من الاختصاص , وبقي عموم الانتقال من دار الكفر لمن قدر عليه باقيا . فإن قيل : الأصل تغاير الشرط والجزاء فلا يقال مثلا : من أطاع أطاع وإنما يقال مثلا : من أطاع نجا , وقد وقعا في هذا الحديث متحدين , فالجواب أن التغاير يقع تارة باللفظ وهو الأكثر , وتارة بالمعنى ويفهم ذلك من السياق , ومن أمثلته قوله تعالى ( ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ) وهو مؤول على إرادة المعهود المستقر في النفس , كقولهم : أنت أنا . أي : الصديق الخالص , وقولهم : هم هم . أي : الذين لا يقدر قدرهم , وقول الشاعر ‏ ‏أنا أبو النجم وشعري شعري ‏ ‏, أو هو مؤول على إقامة السبب مقام المسبب لاشتهار السبب . وقال ابن مالك : قد يقصد بالخبر الفرد بيان الشهرة وعدم التغير فيتحد بالمبتدأ لفظا كقول الشاعر : ‏ ‏خليلي خليلي دون ريب وربما ‏ ‏ألان امرؤ قولا فظن خليلا ‏ ‏وقد يفعل مثل هذا بجواب الشرط كقولك : من قصدني فقد قصدني . أي : فقد قصد من عرف بإنجاح قاصده , وقال غيره : إذا اتحد لفظ المبتدأ والخبر والشرط والجزاء علم منهما المبالغة إما في التعظيم وإما في التحقير . ‏

                            تعليق

                            • الثمال
                              رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
                              • Mar 2002
                              • 44054

                              #15
                              ‏قوله : ( إلى دنيا ) ‏
                              ‏بضم الدال , وحكى ابن قتيبة كسرها , وهي فعلى من الدنو أي : القرب , سميت بذلك لسبقها للأخرى . وقيل : سميت دنيا لدنوها إلى الزوال . واختلف في حقيقتها فقيل ما على الأرض من الهواء والجو , وقيل كل المخلوقات من الجواهر والأعراض , والأولى أولى . لكن يزاد فيه مما قبل قيام الساعة , ويطلق على كل جزء منها مجازا . ثم إن لفظها مقصور غير منون , وحكي تنوينها , وعزاه ابن دحية إلى رواية أبي الهيثم الكشميهني وضعفها , وحكي عن ابن مغاور أن أبا الهروي في آخر أمره كان يحذف كثيرا من رواية أبي الهيثم حيث ينفرد ; لأنه لم يكن من أهل العلم . قلت : وهذا ليس على إطلاقه , فإن في رواية أبي الهيثم مواضع كثيرة أصوب من رواية غيره , كما سيأتي مبينا في مواضعه . وقال التيمي في شرحه : قوله " دنيا " هو تأنيث الأدنى ليس بمصروف , لاجتماع الوصفية ولزوم حرف التأنيث . وتعقب بأن لزوم التأنيث للألف المقصورة كاف في عدم الصرف , وأما الوصفية فقال ابن مالك : استعمال دنيا منكرا فيه إشكال ; لأنها فعل التفضيل , فكان من حقها أن تستعمل باللام كالكبرى والحسنى , قال : إلا أنها خلعت عنها الوصفية أو أجريت مجرى ما لم يكن وصفا قط , ومثله قول الشاعر : ‏ ‏وإن دعوت إلى جلى ومكرمة ‏ ‏يوما سراة كرام الناس فادعينا ‏ ‏وقال الكرماني : قوله " إلى " يتعلق بالهجرة إن كان لفظ كانت تامة , أو هو خبر لكانت إن كانت ناقصة . ثم أورد ما محصله : أن لفظ كان إن كان للأمر الماضي فلا يعلم ما الحكم بعد صدور هذا القول في ذلك . وأجاب بأنه يجوز أن يراد بلفظ كان الوجود من غير تقييد بزمان , أو يقاس المستقبل على الماضي , أو من جهة أن حكم المكلفين سواء . ‏


                              ‏قوله : ( يصيبها ) ‏
                              ‏أي يحصلها ; لأن تحصيلها كإصابة الغرض بالسهم بجامع حصول المقصود . ‏

                              ‏قوله : ( أو امرأة ) ‏
                              ‏قيل التنصيص عليها من الخاص بعد العام للاهتمام به . وتعقبه النووي بأن لفظ دنيا نكرة وهي لا تعم في الإثبات فلا يلزم دخول المرأة فيها . وتعقب بكونها في سياق الشرط فتعم , ونكتة الاهتمام الزيادة في التحذير ; لأن الافتتان بها أشد . وقد تقدم النقل عمن حكى أن سبب هذا الحديث قصة مهاجر أم قيس ولم نقف على تسميته . ونقل ابن دحية أن اسمها قيلة بقاف مفتوحة ثم تحتانية ساكنة , وحكى ابن بطال عن ابن سراج أن السبب في تخصيص المرأة بالذكر أن العرب كانوا لا يزوجون المولى العربية , ويراعون الكفاءة في النسب , فلما جاء الإسلام سوى بين المسلمين في مناكحتهم فهاجر كثير من الناس إلى المدينة ليتزوج بها من كان لا يصل إليها قبل ذلك انتهى . ويحتاج إلى نقل ثابت أن هذا المهاجر كان مولى وكانت المرأة عربية , وليس ما نفاه عن العرب على إطلاقه بل قد زوج خلق كثير منهم جماعة من مواليهم وحلفائهم قبل الإسلام , وإطلاقه أن الإسلام أبطل الكفاءة في مقام المنع . ‏

                              ‏قوله : ( فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ‏
                              ‏يحتمل أن يكون ذكره بالضمير ليتناول ما ذكر من المرأة وغيرها , وإنما أبرز الضمير في الجملة التي قبلها وهي المحذوفة لقصد الالتذاذ بذكر الله ورسوله وعظم شأنهما , بخلاف الدنيا والمرأة فإن السياق يشعر بالحث على الإعراض عنهما . وقال الكرماني : يحتمل أن يكون قوله " إلى ما هاجر إليه " متعلقا بالهجرة , فيكون الخبر محذوفا والتقدير قبيحة أو غير صحيحة مثلا , ويحتمل أن يكون خبر فهجرته والجملة خبر المبتدأ الذي هو " من كانت " انتهى . وهذا الثاني هو الراجح ; لأن الأول يقتضي أن تلك الهجرة مذمومة مطلقا , وليس كذلك , إلا إن حمل على تقدير شيء يقتضي التردد أو القصور عن الهجرة الخالصة كمن نوى بهجرته مفارقة دار الكفر وتزوج المرأة معا فلا تكون قبيحة ولا غير صحيحة , بل هي ناقصة بالنسبة إلى من كانت هجرته خالصة , وإنما أشعر السياق بذم من فعل ذلك بالنسبة إلى من طلب المرأة بصورة الهجرة الخالصة , فأما من طلبها مضمومة إلى الهجرة فإنه يثاب على قصد الهجرة لكن دون ثواب من أخلص , وكذا من طلب التزويج فقط لا على صورة الهجرة إلى الله ; لأنه من الأمر المباح الذي قد يثاب فاعله إذا قصد به القربة كالإعفاف . ومن أمثلة ذلك ما وقع في قصة إسلام أبي طلحة فيما رواه النسائي عن أنس قال : تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام , أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها فقالت : إني قد أسلمت , فإن أسلمت تزوجتك . فأسلم فتزوجته . وهو محمول على أنه رغب في الإسلام ودخله من وجهه وضم إلى ذلك إرادة التزويج المباح فصار كمن نوى بصومه العبادة والحمية , أو بطوافه العبادة وملازمة الغريم . واختار الغزالي فيما يتعلق بالثواب أنه إن كان القصد الدنيوي هو الأغلب لم يكن فيه أجر , أو الديني أجر بقدره , وإن تساويا فتردد القصد بين الشيئين فلا أجر . وأما إذا نوى العبادة وخالطها بشيء مما يغاير الإخلاص فقد نقل أبو جعفر بن جرير الطبري عن جمهور السلف أن الاعتبار بالابتداء , فإن كان ابتداؤه لله خالصا لم يضره ما عرض له بعد ذلك من إعجاب أو غيره . والله أعلم . واستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الإقدام على العمل قبل معرفة الحكم ; لأن فيه أن العمل يكون منتفيا إذا خلا عن النية , ولا يصح نية فعل الشيء إلا بعد معرفة الحكم , وعلى أن الغافل لا تكليف عليه ; لأن القصد يستلزم العلم بالمقصود والغافل غير قاصد , وعلى أن من صام تطوعا بنية قبل الزوال أن لا يحسب له إلا من وقت النية وهو مقتضى الحديث , لكن تمسك من قال بانعطافها بدليل آخر , ونظيره حديث " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها " أي : أدرك فضيلة الجماعة أو الوقت , وذلك بالانعطاف الذي اقتضاه فضل الله تعالى , وعلى أن الواحد الثقة إذا كان في مجلس جماعة ثم ذكر عن ذلك المجلس شيئا لا يمكن غفلتهم عنه ولم يذكره غيره أن ذلك لا يقدح في صدقه , خلافا لمن أعل بذلك ; لأن علقمة ذكر أن عمر خطب به على المنبر ثم لم يصح من جهة أحد عنه غير علقمة . واستدل بمفهومه على أن ما ليس بعمل لا تشترط النية فيه , ومن أمثلة ذلك جمع التقديم فإن الراجح من حيث النظر أنه لا يشترط له نية , بخلاف ما رجحه كثير من الشافعية وخالفهم شيخنا شيخ الإسلام وقال : الجمع ليس بعمل , وإنما العمل الصلاة . ويقوي ذلك أنه عليه الصلاة والسلام جمع في غزوة تبوك ولم يذكر ذلك للمأمومين الذين معه , ولو كان شرطا لأعلمهم به , واستدل به على أن العمل إذا كان مضافا إلى سبب ويجمع متعدده جنس أن نية الجنس تكفي , كمن أعتق عن كفارة ولم يعين كونها عن ظهار أو غيره ; لأن معنى الحديث أن الأعمال بنياتها , والعمل هنا القيام بالذي يخرج عن الكفارة اللازمة وهو غير محوج إلى تعيين سبب , وعلى هذا لو كانت عليه كفارة - وشك في سببها - أجزأه إخراجها بغير تعيين . وفيه زيادة النص على السبب ; لأن الحديث سيق في قصة المهاجر لتزويج المرأة , فذكر الدنيا في القصة زيادة في التحذير والتنفير . وقال شيخنا شيخ الإسلام : فيه إطلاق العام وإن كان سببه خاصا , فيستنبط منه الإشارة إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب , وسيأتي ذكر كثير من فوائد هذا الحديث في كتاب الإيمان حيث قال المصنف في الترجمة فدخل فيه العبادات والأحكام إن شاء الله تعالى , وبالله التوفيق .

                              تعليق

                              يعمل...