يقول الله عز وجل : " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن " .
و لقد ذكر في الآية زينتان : إحداهما لا يمكن إخفاؤها " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " و لم يقل إلا ما أظهرن منه ، فعلم بهذا : أن المراد بالزينة الأولى زينة الثياب ، أما الزينة الثانية فزينة باطنة يباح إظهارها لمن ذكرتهم الآية : " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن " الخ الآية و أنت خيبر أيها المؤمن و خبيرة أيتها المؤمنة بأن ممن رخص في إبداء الزينة أمامهم : الأطفال و غير أولي الإربة من الرجال . و الوجه مجمع الحسن و محط الفتنة ، فهل يرخص كشفه للبالغين و أولي الإربة من الرجال . الأمر في هذا جلي ظاهر .
و في نفس الآية الكريمة : " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن "
و هو ما يتحلى به في الأرجل من خلخال و غيره ، فإذا كان صوت الخلخال بريداً إلى فتنة ، فكيف بالوجه الذي يحكي الجمال و الشباب و النضارة . و صوت الخلخال يصدر من فتاة و عجوز ، و من الجميلة و الدميمة .
أما الوجه فلا يحتمل إلا صورة واحدة .
يقول صاحب الدر المختار في فقه أبي حنيفة رحمه الله : و تمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال لخوف الفتنة كمسه ، و إن أمن الفتنة . و يقول عليه الشارح ابن عابدين رحمه الله : المعنى أنها تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة ، لأنه مع الكشف قد يقع النظر إلها بشهوة ، و أما قوله : كمسه أي : كما يمنع من مس وجهها و كفيها ، و إن أمن الشهوة ، لأنه سبيل إلى الشهوة و الفتنة فكذلك يغطي الوجه ، لأنه طريق إلى الفتنة .
و قبله قال أبو بكر بن الجصاص : و المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها ، و إظهار الستر و العفاف عند الخروج ، لئلا يطمع فيها أهل الريب .
و في السنة أيها المؤمنون و المؤمنات حين أبيح للخاطب النظر من أجل الخطبة فغير الخاطب ممنوع من النظر . و المقصود الأعظم من النظر هو الوجه ، ففيه يتمثل جمال الصورة .
و حينما قال عليه الصلاة و السلام : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، قالت أم سلمة رضي الله عنها : فكيف يصنع النساء بذيولهن ؟ أي : الأطراف السفلى من الجلباب و الرداء ـ قال : يرخين شبرا قالت : إذا تنكشف أقدامهن . قال : فيرخينه ذراعاً ، و لا يزدن عليه . "
فإذا كان هذا في القدم فالوجه أكثر فتنة فلا يعدو أن يكون تنبيها بالإدنى على الأعلى . و الحكمة و النظر تأبيان ستر ما هو أقل فتنة ، و الترخيص في كشف ما هو أعظم فتنة
------------------
الكلمة الطيبة صدقه
الروابط المفضلة