أعجبني كثيرا إتحاد المسلمين عقب أحداث الدانمرك الأخيرة نتيجة لما نشر من رسومات تسيء للنبي الكريم، وأعجبني اجتماعهم على قلب رجل واحد لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعد عقود طويلة من إذعان وانكسار أمام تطاول الغرب على الإسلام والمسلمين .
ولكن من قال أن نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم تكون بالمظاهرات والعنف والاعتداء على السفارات الأجنبية؟!ومن قال أن دعاءنا على الدانمركيين قبل إفطار يوم عاشوراء ينولنا شفاعته يوم القيامة لأننا بذلك نكون قد وفينا حقه علينا كما قال البعض؟!
لقد تعرض الرسول الكريم لما هو أشد من هذه الرسومات قسوة بعد بعثته ومن أقرب الناس إليه، فلم يكن ليدعوا على أحد؛ فهو من لقب بالساحر والمجنون من بعد ما كان الصادق الأمين.
كان صلى الله عليه وسلم يمشي في الأسواق ليدعوا الناس للإسلام فيمشي وراءه عمه أبو لهب يقول:"لا تصدقوه، إنه مجنون".
وفي غزوة أحد حينما حفر الكفار له حفرة فسقط فيها وامتلأ وجهه بالدماء قالوا له أصحابه:"ادع عليهم يا رسول الله" فقال:"ما بعثت لعانا ، إنما بعثت رحمة".
وفي أحداث الطائف الشهيرة، لم يتلق الرسول إساءة من أحد كما تلقاها على أيدي أهل هذه المدينة ومع ذلك حين جاءته الفرصة للانتقام على يد ملك الجبال رفض أن يقبلها، وحينما علم أصحابه بما تعرض له نبيهم الذي هو أعز عندهم من أنفسهم وأولادهم وأموالهم لم يذهبوا إليهم ليقاتلوهم ولم يتوجهوا إلى السماء بالدعاء عليهم أسوة بالرسول الكريم.
فهم الرسول وأصحابه أن الحل لن يكون في مقابلة الإساءة بالإساءة فواجهوا الاضطهاد في مكة والطائف وغيرها من المدن والقبائل بخروجهم إلى المدينة المنورة وعزمهم على بناء دولة إسلامية من هناك فأجبروا الجزيرة العربية بأكملها بعد20 عاما فقط من العمل والمثابرة والتخطيط على الاعتراف بالإسلام والمسلمين كقوة ضاربة ودولة لها ثقلها فرجعوا إلى مكة فاتحين منتصرين من بعد ما أخرجوا منها.
نحن أيضا يجب علينا أن نعي الدرس جيدا ، فنحن من أسأنا إلى أنفسنا فجعلنا غيرنا يتطاول علينا، فمن نكون من في نظرهم سوى إرهابيين نعمل على ترويع الآمنين، كسلة متواكلين متسكعين؟!أليست هذه نظرتهم لنا؟ إذن فكما كنا مسئولين عن ترسيخ هذه الصورة السيئة في أذهانهم فنحن الآن مسئولون عن تصحيحها، ولن يفيد الدانمركيين أو غيرهم ممن لا يعلمون عن الإسلام شيئا القراءة عن هذا الدين الحنيف، هذا وحده لا يكفي، إذ يجب علينا أن نجبرهم على احترامنا من خلال تطبيق تعاليمه وشرائعه تطبيقا سليما، حينها فقط سيفرح بنا النبي الكريم.
أما خطوة مقاطعة المنتجات الدانمركية أو النرويجية أو غيرها من المنتجات خطوة جيدة في طريق الإصلاح ولكن ليتنا لم نفعل ذلك فقط من أجل تحقيق خسارة للدول أصحاب المنتجات ولكن أيضا لتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي من شأنه تحقيق نفس الغرض وهو تعزيز مكانتنا لدى الغرب وإجبارهم على احترامنا.
ولكن يبقى سؤال:لماذا لم نقاطع المنتجات الأمريكية حينما تعرض المصحف الكريم لتجاوزات غير مقبولة في سجن جوانتانامو ، وحين تعرض المسلمين في العراق لتجاوزات مخزية في سجن أبو غريب؟ وغيرها من التجاوزات الكثيرة والمؤلمة من إسرائيل في فلسطين تحت رعاية الولايات المتحدة؟ هل كانت الرسومات الدانمركية ضرورية لإيقاظنا من غفلتنا؟ أم لأننا تعودنا على تجاوزات اليهود والأمريكان؟