أ‌- هديه صلى الله عليه وسلم فى الاحتماء من التخم والزيادة فى الأكل
والقانون الذى ينبغى مراعاته فى الأكل والشراب

فى المسند وغيره ، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( ماملأ آدمى وعاء شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يُقمن صلبه ، فإن كان لابد فاعلا ً فثُلث لطعامه ، وثُلث لشرابه ، وثُلث لنفسه )

وقد ثبت علمياً أن إرهاق المعدة بإلتهام الأكل بكثرة وعدم تنظيم مواعيد الطعام ، يحدث التخمة وتلبك المعدة وعسر الهضم .
كما أن كثرة الطعام تؤدى الى السمنة ومن مضاعفات السمنة الخطيرة مرض السكر وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين و......


قال تعالى فى كتابه الكريم
" كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين "
وهذا يعتبر من أساسيات الحياة البشرية .

وتأمل هذا الحديث الصادر عن النبى صلى الله عليه وسلم ، فهو معجزة بكل المقاييس .
فاذا أراد الإنسان ان يعيش سليماً بغير مرض فعليه بالإعتدال : قانون الطبيعة .

ان مراتب الغذاء ثلاثة : أحدها مرتبة الحاجة ، والثانية: مرتبة الكفاية ، والثالثة : مرتبة الفضيلة .

فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه لقيمات يُقمن صلبه ، فلا تسقط قوته ولا تضعف معها ، فإن تجاوزها فليأكل فى ثلث بطنه ويدع الثلث الاخر للماء والثالث للنفس .


وهذا ما انفع للبدن والقلب ، فإن البطن اذا امتلأ بالطعام ضاق عن الشراب ، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس ، وعرض له الكرب والتعب هذا الى ما يلزم ذلك من فساد القلب ، وكسل الجوارح عن الطاعات وتحركها فى الشهوات التى يستلزمها الشبع ، فامتلأ البطن بالطعام مضر للقلب والبدن .



ب- هديه صلى الله عليه وسلم فى الأكل

لم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم حبس النفس على نوع واحد من الأغذية لا يتعداه إلى سواه ، بل كان يأكل ماجرت عادة اهل بلده بأكله .


وكان إذا عافت نفسه طعاماً لم يأكله ، ولم يحملها إياه على كره وهذا أصل عظيم فى حفظ الصحة ،فمتى أكل الإنسان ما تعافه نفسه ولا يشتهيه كان تضره به أكثر من انتفاعه .


قال ابو هريرة رضى الله عنه :ماعاب رسول الله طعاماً قط ، إن اشتهاه اكله وإلا تركه ولم يأكل منه .

كان صلوات ربى وسلامه عليه يحب اللحم واحبه اليه الذراع ومقدم الشاة ولذلك سُم فيه ، وفى الصحيحين : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم ، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه .
ولا ريب ان اخف لحم الشاة لحم الرقبة ولحم الذراع والعضد.

وكان يحب اللحم والعسل والحلواء وهذه الثلاثة من افضل الاغذية وانفعها للبدن والكبد والاعضاء

وكان يأكل الخبر مأدوماً ما وجد له إداماً فتارة يأدمه باللحم ويقول : ( هو سيد طعام اهل الدنيا والاخرة ) رواه بن ماجة وغيره
وتارة بالبطيخ وتارة بالتمر فإنه وضع تمرة على كسرة شعير وقال : ( هذا إدام هذه )

وتارة بالخل ويقول : ( نعم الإدام الخل ) وهذا ثناء عليه بحسب مقتضى الحال الحاضر لا تفضيل له على غيره
وسبب الحديث انه دخل على اهله يوماً فقدموا له خبزاً فقال لهم : هل عندكم من إدام ؟قالوا : ما عندنا إلا الخل . فقال : نعم الإدام الخل
[
وكان ياكل من فاكهة بلده ولا يحتمى عنها
وهذا ايضا من اسباب حفظ الصحة ، فإن الله سبحانه وتعالى بحكمته جعل فى كل بلد من الفاكهة ما ينتفع بها اهلها فى وقته ، فيكون تناوله سبباً من اسباب صحتهم وعافيتهم .




ج- هديه فى هيئة الجلوس للأكل

صح عنه انه قال : لا آكل متكئاً
إنما اجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد

هناك انواع ثلاثة للإتكاء :
نوع منها يضر بالآكل وهو الاتكاء على الجنب
واما النوعان الاخران : فمن جلوس الجبابرة المنافى للعبودية ولهذا قال : ( آكل كما يأكل العبد )
ويذكر انه كان يجلس للاكل وهو متوركا على ركبتيه ويضع بطن قدمه اليسرى على ظهر قدمه الايمن تواضعا لربه عز وجل ، وادباً بين يديه ، واحتراما للطعام وللمؤاكل.


وهذه الهيئة هى انفع الهيئات للاكل حيث تكون الاعضاء كلها على وضعها الطبيعى الذى خلقها الله عليه مع ما فيها من الهيئة الادبية

وكان يأكل بأصابعه الثلاثة .

ومن تدبر اغذيته صلى الله عليه وسلم لم يجده جمع قط بين لبن وسمك ، ولا بين لبن وحامض ، ولا بين غذاءين حارين ولا باردين ولا لزجين ولا قابضين ولا مسهلين ولا غليظين ......

وكان يأمر بالعشاء ولو بكف تمر ويقول : ( ترك العشاء مهرمة ) ذكره الترمذى فى جامعه وابن ماجة فى سننه

وذكر ايو نعيم عنه انه كان ينهى عن النوم على الاكل ويذكر انه يقسى القلب .

ولهذا فى وصايا الاطباء لمن اراد حفظ الصحة ان يمشى بعد العشاء خطوات ولا ينام عقبه فانه مضر جدا.


ولم يكن من هديه ان يشرب على طعامه فيفسده ولا سيما ان كان الماء حارا او باردا , ويكره شرب الماء عقيب الرياضة والتعب ، وعقيب الجماع ، وعقيب الطعام وقبله ، وعقيب اكل الفاكهة . [/align][/size]
[]هديه صلى الله عليه وسلم فى الشراب

كان يشرب العسل الممزوج بالماء البارد
وهذا من حفظ الصحة ومما لا يهتدى الى معرفته إلا افاضل الاطباء ، فإن شربه ولعقه على الريق يُذيب البلغم ويغسل خمل المعدة ويجلو لزوجتها ويدفع عنها الفضلات ويُسخنها بإعتدال ويفعل مثل ذلك بالكبد والكلى والمثانة .
وشربه أنفع من كثير من الأشربة المتخذة من السكر او اكثرها .
والماء البارد رطب يقمع الحرارة ويحفظ على البدن رطوباته الاصلية ويرد عليه بدل ما تحلل منها ويرقق الغذاء ويُنفذه فى العروق .

كان احب الشراب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم البارد الحلو ، ولما كان الماء البائت أنفع من الذى يشرب وقت استقائه ، قال النبى صلى الله عليه وسلم وقد دخل الى حائط أبى الهيثم بن التيهان : هل من ماء بات فى شنة ؟ فأتاه به ، فشرب منه رواه البخارى

والماء البائت بمنزلة العجين الخمير والذى شرب لوفته بمنزلة الفطير ، وقد ذكر ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يُستعذب له الماء ويختار البائت منه .
وقالت عائشة رضى الله عنها : كان رسول الله يستقى له الماء العذب من بئر السقيا .

وكان من هديه الشراب قاعداً وصح عنه انه نهى عن الشرب قائماً ، وصح عنه انه امر الذى شرب قائما ان يستقىء ، وصح عنه انه شرب قائما ً .
وهذا يبين ان النهى ليس للتحريم بل للارشاد وترك الاولى .

وللشرب قائما افات عديدة منها :
انه لا يحصل به الرى التام ، ولا يستقر فى المعدة حتى يقسمه الكبد على الاعضاء ، وينزل بسرعة واحدة الى المعدة ، وكل هذا يضر الإنسان واما اذا فعله نادرا او لحاجة لم يضره .

وفى صحيح مسلم من حديث انس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس فى الشراب ثلاثا ً ويقول (( انه أروى وأمرأ وأبرأ ))الشراب هو الماء ومعنى تنفسه فى الشراب ابانته القدح عن فيه وتنفسه خارجه ثم يعود الى الشراب كما جاء مصرحا ً به فى الحديث الاخر (( اذا شرب أحدكم فلا يتنفس فى القدح ولكن ليبن الاناء عن فيه ))

وهذا اصح ليبرأ من شدة العطش لتردده على المعدة على دفعات ، فتسكن الدفعة الثانية ما عجزت الاولى عن تسكينه ، والثالثة ما عجزت الثانية عنه .


روى الترمذى فى جامعه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( لا تشربوا نفسا ً واحداً كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث ، وسموا اذا انتم شربتم واحمدوا اذا انتم فرغتم ))

وللتسمية فى اول الطعام والشراب وحمد الله فى اخره تأثير عجيب فى نفعه واستمرائه ودفع مضرته


وقد روى مسلم فى صحيحه من حديث جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( غطوا الإناء وأوكوا السقاء ، فإن فى السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء او سقاء ليس عليه وكاء إلا وقع فيه من ذلك الداء ))
وكان صلى الله عليه وسلم يشرب اللبن خالصا تارة ومشوبا بالماء اخرى .
وفى شرب اللبن الحلو فى البلاد الحارة خلاصا ومشوبا نفع عظيم لترطيب البدن ،
ورى الكبد ، وفى جامع الترمذى عنه صلى الله عليه وسلم انه قال :
(( إذا اكل أحدكم طعاماً فليقل : اللهم بارك لنا فيه ، واطعمنا خير منه ، واذا سقى لبن فليقل : اللهم بارك لنا فيه ، وزدنا منه ، فغنه ليس يجزىء من الطعام والشراب إلا اللبن ))قال الترمذى هذا حديث حسن

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا