قيمة الزمن في الرسالات السماوية

ابتداءً من آدم عليه السلام وانتهاءً إلى ما قبل حياة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم)، نلخص قيمة الوقت بالنقاط التالية:
أولاً: إن الأنبياء تعاملوا مع الزمن تعاملاً نموذجياً رائعاً فلا يمكن أن نتصور أن نبياً أضاع فرصة من عمره سدىً دون أن يستثمرها لصالح رسالته أو في تعميق علاقته بالله تعالى. لأنهم معصومون منزهون عن الخطأ أولاً، وثانياً لأنهم يدركون قيمة الزمن في حركة الرسالات. وعليه فان إضاعة الوقت عبثاً هي مما يتنافى مع عصمتهم وطبيعة شخصياتهم الرسالية. ولم تتحدث كتب التاريخ والقرآن الكريم والأحاديث الشريفة عن الرسول وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام عن حالة من هذا القبيل. فالزمن عندهم قيمة عالية على مستوى الحياة الرسالية والشخصية.
ثانياً: في بداية حياة البشر لم يكن للزمن بُعد حضاري بحيث يبرز مفهوم التسابق مع الوقت. فهذا المفهوم هو من إفرازات الحياة الحضارية لما فيها من تعقيدات ومشاكل وحركة دائبة. ولذلك فان بداية الخليقة ببساطتها وقلة احتياجاتها كانت تتعامل مع الوقت تعاملاً لا إراديا في شؤونها الأساسية أو ما نصطلح عليه بالقيمة الفطرية للزمن. كما هو الحال مع آدم عليه السلام، حيث أن جهوده في بناء المجتمع البشري خضعت للقانون الطبيعي لحركة الزمن المتحكمة في مفردات الحياة الأساسية كالنمو والنضج وما إلى ذلك.
ثالثاً: مع زيادة عدد الجماعة البشرية والتعقيد الذي ظهر في علاقاتها وتزايد حاجاتها المعاشية، أصبح للزمن بعد جديد. حيث صار بمقدور الإنسان أن يتحكم في عطائه وإنتاجه، لان الصناعة والعلوم بدأت تظهر وتتطور كما أن الاتجاه نحو المدنية أصبح سائداً عند البشر الذين تنوعت مجتمعاتهم حسب مناطق العيش. وكان إدريس عليه السلام هو أول نبي عاصر هذا التطور، فقد كانت له المبادرة في إحداث حركة التطور المدني والحضاري.
رابعاً: كان الزمن بالنسبة لأصحاب الرسالات السماوية يمثل احد أهم آفاق العمل الرسالي ومجالاته. وانطلاقاً من هذه الحقيقة، لم تتوقف دعوات الأنبياء رغم اشتداد الظروف القاسية المحيطة بهم، لان أمكانية التأثير تظل احتمالاً قائماً قد يتحقق ذات يوم. وعليه فان الزمن هو قيمة كبيرة لصالح الرسالة مع بقاء أمكانية التأثير.
خامساً: في الحالات التي تواجه الرسالة تهديداً خطيراً يعرضها وأصحابها إلى خطر الإبادة على يد الكفار، يفقد الزمن قيمته الايجابية، ويتحول إلى عامل مضاد. لأن أمكانية التغيير لم تعد ممكنة على الإطلاق، وفي مقابل ذلك تتعاظم قدرة التأثير المضاد. وعند هذه النقطة، يتوقف الزمن عن حركته في حياة أعداء الرسالة، حيث ينزل الله عقابه الأرضي بهم. كما حدث مع قوم نوح ولوط وصالح وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام.
سادساً: أن حياة النبي أو الرسول لا تمثل المقياس النهائي لحياة مجتمعاتهم، حتى وان انتهت حياته بالقتل. بمعنى أن عمر النبي ينفصل عن عمر مجتمعه فليس هناك تلازم شرطي بينهما. كما حدث مع زكريا ويحيى وكاد يحدث مع المسيح عليه السلام. لان أمكانية التأثير عبر الزمن كانت ما تزال قائمة، فهناك من يحمل الرسالة ويواصل المهمة التبليغية بعده.
وكما حدث بطريقة أخرى مع أصحاب الكهف، حيث اعتزلوا المجتمع وفقدوا الإحساس بحركة الزمن لنومهم الطويل. بينما ظلت الحياة سائرة في نومهم حتى تغيروا نحو الإيمان وصار أهل التوحيد هم الأغلبية في المجتمع.


هذي دراسة قريتها وأعجبتني ونقلت المهم منها واللي يبغى الباقي يقولي ومن عيوني أحطها له