صلاة الجماعة
الصلاة لغة : هي الدعاء .
اصطلاحا : عبارة عن أركان مخصوصة وأذكار معلومة بشرائط محصورة في أوقات مقدرة (القاموس الفقهي صفحة 216).
صلاة الجماعة : تأدية الصلاة جماعة وهي تنعقد باثنين فأكثر .
فضل صلاة الجماعة :
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : (( صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده سبعا وعشرين )) متفق عليه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (( صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة وذلك أن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه خطيئة حتى يدخل المسجد ، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون اللهم ارحمه اللهم اغفر له اللهم تب عليه ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث فيه )) متفق عليه واللفظ لمسلم .
الترهيب في ترك صلاة الجماعة بدون عذر :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا – يعني : ( حبو الصغير على يديه ورجليه ) – لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق برجال معي إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار )) متفق عليه .
حكم صلاة الجماعة :
اختلف العلماء على أربعة أقوال :
فرض كفاية :
قال ابن حجر : (( وظاهر نص الشافعي أنها فرض كفاية وعليه جمهور المتقدمين من أصحابه وقال به كثير من الحنفية والمالكية )) . (الفتح 2/165).
2. سنة مؤكدة :
وهو المشهور عند الحنفية والمالكية . قال القسطلاني (( وقال أبو حنيفة ومالك : أنها سنة مؤكدة وهو وجه عند الشافعية )) . (إرشاد الساري 2/287) .
3. أن صلاة الجماعة شرط لصحة الصلاة :
وهو قول الظاهرية ورواية عن الإمام أحمد وغيره من الحنابلة وابن حزم ( الصلاة حكم تاركه لابن القيم ص 88-89 )
4. فرض عين :
قال ابن حجر (( وإلى القول بأنها فرض عين ذهب عطاء والأوزاعي وأحمد وجماعة من محدثي الشافعية كأبي ثور وابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان )) . ( الفتح 2/165 ) .
القول الراجح :
والقول الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الرابع من أن صلاة الجماعة فرض عين على من تجب عليه الصلاة وهو الرجل الحر غير المعذور بعذر الخوف أو المرض ، وأدلة ذلك ما يأتي :
1. قال الله تعالى ((وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً(( النساء102
قال ابن قدامة ( لو لم تكن واجبة لرخص فيها حالة الخوف ولم يجز الإخلال بواجبات الصلاة من أجلها ) . ( المغني 3/5 )
2. قال الله تعالى : ((وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ)) (البقرة 43)
قال ابن كثير رحمه الله تعالى " واستدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب صلاة الجماعة " (تفسير القرآن العظيم 1/246)
3. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (( إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ، لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار )) متفق عليه .
قال ابن حجر (( وأما حديث الباب الظاهر في كونها فرض عين ، لأنها لو كانت سنة لم يهدد تاركها بالتحريق المذكور ، ولا يمكن أن يقع في حق تاركي فرض الكفاية كمشروعية تاركي فرض الكفاية . وفيه نظر : لأن الذي قد يفضي إلى القتل أخص من المقاتلة ، ولأن المقاتلة إنما تشرع فيما إذا تمالأ الجميع على الترك )) (الفتح 2/165).
4. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) رجل أعمى ، فقال : يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأله أن يرخص له أن يصلي في بيته ، فرخص له ، فلما ولى دعاه ، فقال : (( أتسمع النداء بالصلاة ؟)) قال : نعم . قال (( فأجب )) . (رواه مسلم) . قال ابن قدامة (( وإذا لم يرخص للأعمى الذي لا يجد قائدا ، فغيره أولى )) . (المغني3/6).
5. إجماع الصحابة على وجوب صلاة الجماعة كما ذكر ذلك ابن القيم عن غير واحد من الصحابة كعلي وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة وابن عباس وأبي موسى الأشعري ، ولم ينقل عن صحابي واحد خلاف ذلك ، ( الصلاة وحكم تاركها ص 87-88).
مكان تأدية صلاة الجماعة :
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى إلى قولين في مكان تأدية صلاة الجماعة :
1. يجوز أن تؤدى في المسجد وغيره .
2. يجب أن تكون في المسجد ولا يجوز أن تؤدى في غيره إلا لعذر .
والقول الثاني هو الأظهر والأرجح لموافقته النصوص من الكتاب والسنة منها ما ذكر آنفا في وجوب صلاة الجماعة ثم إن الأصل فيها أن تقام في المساجد . قال تعالى ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) (النور 36-38)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى " ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المسجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة ، فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر وبهذا تتفق جمبع الأحاديث والآثار " . (الصلاة وحكم تاركه ص 95 ) .
فنسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينه ردا جميلا إنه جواد كريم وبالإجابة جدير ، وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الروابط المفضلة