المقال التالي للكاتب أبو عبد الرحمن ،

و حقيقة لأهميته نقلته هنا أسأل الله أن يفيد به الجميع ،، وفيه يقول جزاه الله خيرا :


ألح علي البعض إن أكتب حول الأغاني ..
[ هذه رابع رسالة تصلني عبر الإيميل تطلب هذا الامر]
وابتداءً أقول : رحم الله امرأ عرف قدر نفسه ..
فبالنسبة للنصوص الشرعية : هناك من هو أفضل مني وأعلم واتق لله ..
فإلى هؤلاء أحيل أمر إيراد النصوص الشرعية في الموضوع ..
أنا هنا سأحاول أن أعالج الموضوع من زاوية أخرى ..
لعل الذين كتبوا إليّ يريدون هذا العرض ..
وعلى كل حال تبقى النصوص هي الأصل وهذا الذي أسوقه تفريع عن ذلك الأصل
- - - -

- أولاً :

لا يختلف اثنان أن أمتنا العربية والإسلامية تمر بظروف مأساوية تدمي القلب ، ففي كل مكان مناحة ، ومأساة خانقة
يتعرض لها المسلمون .. وفي الحديث من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ..
وعلى هذا .. فهل من المعقول أو المنطق : أن يكون الناس في مجلس يلفهم الحزن ، وهم في حال استقبال العزاء ، ثم
يدخل عليهم داخل ضاحكاً ويدعوهم إلى الغناء والرقص على الموسيقى ..!! وأي غناء ؟! وأي رقص ؟!
غناء هابط . ورقص فيه رائحة الفجور ..! ترى ماذا سيفعل به أهل العزاء ..؟!! ………!!
- - -

- ثانياً :

بقليل من العقل : لو قمنا بعملية تمحيص لكلمات ومعاني هذه الأغاني ، أين سنصنفها ؟؟!
أهي مما يفيد وينفع : فيزيد في دينك ، أو يوسع ثقافتك النافعة ؟ أهي مما يقوي اليقين ، ويقرّب إلى الله تعالى ، ،ويوصل
إلى الجنة ، ويملأ القلب بمحبة الرب سبحانه ؟؟ أم أنها بعكس ذلك كله .؟؟! إنها مجرد معانٍ هابطة لا تحرك إلا أدنى
الغرائز في الإنسان ، ..!! لاحظ هبوط المعنى ، وخطورة الإيحاء ..
- - -

- ثالثاً :
أجمع العلماء مسلمين وغير المسلمين : أن لكل كلمة يرسلها الإنسان هدف معين ، حتى المزحه يقولها الواحد
منا ، فإن لها هدفاً ورسالة ، وهي إضحاك المحيطين .. والسؤال فما هي الرسالة والهدف الذي من أجله كانت الأغاني ..؟
فكر في هذه المسألة طويلاً وكثيراً وبصفاء ونقاء ، وستصل إلى أن هدف هذا الغناء المريض هو مسخ الشخصية ،
وتخليصها من كل معاني الفضيلة ، وطمس القيم عندها .. وهكذا .. يوضح هذا ما بعده .
- - -

- رابعاً :
مما قرأته منذ سنوات ، في كتاب يتحدث عن أعمال التنصير وأهدافه ، وفيه من الحقائق المذهلة ما يهتز
له المسلم العاقل : جاءت مقررات تدعو المنصرين في كل البلاد الإسلامية خاصة إلى : إشغلوا شبابهم عن المسجد
بالملهى .. وأشغلوهم عن القرآن بالغناء ..! .. وللأسف الشديد لقد نجحوا بامتياز في هذا وفي ذاك .. فإقبالك على هذه
الأغاني تصرف فيها وقتك ، دليل على أنك تجاري مخططات أعداء دينك دون أن تشعر ..! وهنا ألفت نظرك إلى قوله تعالى
_ لعله يهز قلبك _ فيوم القيامة ستكون المفاجأة الصاعقة : ( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ) .. ( وتحسبونه
هيناً وهو عند الله عظيم ) ..
- - -

- خامساً :

مما يؤكد القضية السابقة : اجلس مع نفسك في خلوة ولاحظ الآتي : أنك قد تصغي لساعات متواصلة
لمجموعة من الأغاني ، وقد يهتز جسدك كله معها ، ولكنك في الوقت نفسه يصعب عليك للغاية أن تجلس نصف ساعة
فقط مع كتاب الله عز وجل ، مع أنه شفاء لما في الصدور ، ومع أنه هدى ورحمة ، ومع أنه كتاب سماوي كله بركة ونور
وخير وعافية ..!. هل سألت نفسك : لماذا تحلو الأغاني في عينيك ، وتستمتع بها ، بينما يصعب عليك الجلوس المتدبر مع
القرآن ..؟ ببساطة : ( وزين لهم الشيطان أعمالهم ) الغناء شيء يزينه ..
- - -

- سادساً :

تخيل المشهد التالي وأرجو أن تكون منصفاً :
شاب في زاوية من زوايا السوق ، كلما مرت به فتاة أخذ يتغزل بها جهاراً وبصوت عال وبلا حياء ، ويسوق إليها
أفحش الكلمات : وأنتِ .. وأنتِ .. ويا قلبي .. ويا حبي ..!!! الخ _ وبقي هكذا غير مبال بأحد_
ترى ماذا يمكن أن يفعل به الناس .. لا أقل من أن يزجروه ، ويعنفوه ، ويهددوه ، ، وقد يشتمه أحدهم
، وقد يسارع البعض بالاتصال بالشرطة أو رجال الهيئة !! الخ هذا إذا لم يفرشوه أرضاً ويمسحوا به
بلاط السوق ..
تخيل الآن أن هذا الشيطان جاء في اليوم التالي بآلة عود ودف ، فجعل يردد ما كان يردده بالأمس ولكن مع
موسيقا …!! وكلما عاتبه أحدهم قال : يا أخي أنا أغني .. وهل الغناء حرام !!
العجيب أنك ستجد حرارة أكثر الناس تخبو هنا ، وترق ، وسيتلطفون به ، أن يغير المكان فقط ..!!
لكنهم مجمعون على أنهذه الكلمات ابتذال لا يليق .. وربما نجد جمهرة من الناس توبخه وتعاتبه وتشتد عليه ..!
والآن نفس ذلك الشيطان ، وبصوت أجمل وأرق ، وبكلمات أكثر بذاءة : استقبلناه في بيوتنا !!!! مع أننا كنا نرفضه في
السوق ..!!! وبدلاً من غيرتنا أن تسمعه ( بعض الفتيات ) في السوق ، إذا بنا نسمعه لبناتنا ونسائنا ..!!
- - -

- سابعاً :

يوضح ما سبق .. تأمل لو أن إنساناً خرج إلى الشارع وفي ميدان عام ، وقف على منصة عالية ، وأخذ يسرد
أبياتاً من شعرية ، ممتلئه بكلمات هابطة ، فلما اعترض عليه الناس ، قال : إنما أأتغنى بزوجتي ..!!
- ترى هل يقبل منه الناس ذلك ؟ وعلى هذا قس وسل نفسك : هذا المغني : يتغزل بمن ؟ بزوجته ، فهو إذا عديم الغيرة ..والخنزير خير منه ..!! لأنه لا يعقل أبداً أن يتغزل رجل عاقل على هذه الشاكلة بأم أولاده وشريكة حياته ؟؟؟؟ إذن بمن
يتغنى ؟؟ بأخته أو بأمه ؟؟ أعوذ بالله من غضب الله ..؟؟؟؟ إذن بمن ؟؟ بأخرى تعرف عليها ، وتعلق بها .. ؟؟ فهذا يقبل به مسلم عاقل محب لله هذا الادعاء .؟.؟ - - -


- ثامناً :
سلوا الذين ابتلوا بهذه الآفة ، ثم من الله عليهم فتركوها من أجل الله تعالى ..؟ سلوهم : ماذا خسروا في الحقيقة
..! وستجدون إجماع هؤلاء على أنهم عاشوا في دائرة الأغاني سنوات طويلة ، ثم تركوها لسنوات أطول ، فما خسروا
شيئاً بل يؤكدون أنهم ربحوا كثيراً حين عوضهم الله بحلاوة إيمان يجدونها في قلوبهم .
- - -

- تاسعاً :
حين أستقطع ساعة من يومي أو ساعتين وربما أكثر لسماع هذه الأغاني _ ومشاهدة ما يصاحبها من رقص
ماجن وميوعة ونحو ذلك _ ترى هل هذا الوقت سيكون في رصيد الحسنات يوم القيامة ، أم في رصيد
السيئات ؟؟! ومما لاشك فيه أن المسلم الحق ، المحب لله ، الراغب في الجنة ، أكبر همه أن يزيد في رصيد حسناته بكل
سبيل .. فهذا الوقت المستقطع للأغاني أين سيصب ..! أجمع العلماء وقرروا وأكدوا : أن ساعة لا تقربك إلى الله ، فلا
تعتبرها من عمرك ، بل إن كنت عاقلاً فابكِ على ضياعها ، لأنها ستصبح ندامة يوم القيامة ..! يا إلهي سترك ورحمتك ،
فإن أياماً وشهوراً تضيع في ما يقرب من سخطك وغضبك ..!
- - -

- عاشراً :

قرر علماؤنا أن المبتلي بهذه الآفة لا يعرف قلبه الخشوع في الصلاة _ إن صلى _ ولا يجد لذة الصيام _ وإن
صام _ ولا يستمتع بروائع القرآن _ وإن أقبل عليه _ ولا يستشعر لذة الأنس بالله ، وحلاوة الإقبال عليه _ وإن زعم أنه
مقبل على الله .. ويكفيه هذا الحرمان لو كان له قلب يفقه .. ولعل هذا من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر .. نسأل الله
العفو والعافية ، وأن يأخذ بأيدي إخواننا وأخواتنا لما فيه رضاه ، وأن يذيق قلوبهم حلاوة الإقبال عليه ، حتى لا يستخفنهم
الذي لا يوقنون ..

...ولا يزال وراء هذا الكلام كلام كثير يمكن أن يقال ، غير أني أكتفي بهذا ..و معذرة على الإطالة ..
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ..