انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 3 من 3

الموضوع: رسالة إلى طالبة العلم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الردود
    38
    الجنس

    رسالة إلى طالبة العلم

    الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين...
    أختي الغالية: أحببت أن أذكركم بفضل طلب العلم، وهو موضوع ليس بجديد ولكن من باب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين فقد يقع أحدنا في الشرك وهو لا يدري، وقد يقع في حبائل الفرق الضالة وهو لا يدري؛ خاصة مع نشاط هذه الفرق وتسترها.
    فكيف نقي أنفسنا من ذلك؟ ليس هناك إجابة سوى: طلب العلم...
    فالتعلم هو الوسيلة الوحيدة التي تستطيعين بها تصحيح إيمانك وعملك؛ ولذلك قال علماء السلف: العلم قبل القول والعمل.

    فعليكِ أختي بوقفة مع نفسك تسألين فيها نفسك عما تعرفين من أحكام دينك التي لا غنى لك عنها كي يصح إيمانك وكي تصح عباداتك اليومية، وماذا تعرفين من سنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
    أخواتي الحبيبات: للأسف دائماً نتعلل بضيق الوقت وكثرة المسؤوليات، وإذا سألت أخت لكِ هل قرأتِ الكتاب الفلاني أو الموضوع الفلاني؟؟ لكان الرد: إنني يا أختي مشغولة جداً في البيت والأطفال ولا أجد وقتاً للقراءة؛ في حين أنها تضيع أوقاتها في أشياء أخرى لا تنفع.... نعم الواجبات كثيرة، ولكن مع تنظيم الوقت وتحديد وقت محدد يومياً لطلب العلم -وليكن في الصباح الباكر قبل القيام بأعمال المنزل حتى ولو كان وقتاً قليلاً- مع مرور الأيام يثمر هذا الوقت القليل عن علم كثير بإذن الله، ولكن لابد من عزيمة صادقة ورغبة صادقة في التعلم، وأهم شيء أن نطلب من الله عز وجل أن يبارك لنا في أوقاتنا.
    أخواتي... سأذكر لكن فضل طلب العلم باختصار؛ فهو موضوع يطول الكلام فيه:

    أولاً من القرآن الكريم:

    1- (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [آل عمران:18] قال القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن العلماء.
    2- (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) [الزمر: من الآية9] قال ابن القيم: هذا كقوله " لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة" وهذا يدل على غاية فضلهم وشرفهم. وقال القرطبي رحمه الله: أي كما لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون كذلك لا يستوي المطيع والعاصي.
    3- (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر: من الآية28] قال ابن كثير: أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به؛ لأنه كلما كانت المعرفة بالله العظيم أتم والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر.
    4- (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة: من الآية11] قال القرطبي: أي الثواب في الآخرة والكرامة في الدنيا فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن ويرفع العالم على من ليس بعالم، والمعنى أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات في دينهم إذا فعلوا ما أُمروا به.
    5- (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الرعد:19] قال ابن القيم: فما ثمَّ إلا عالم أو أعمى وقد وصف سبحانه أهل الجهل بأنهم صم بكم في غير موضع من كتابه.
    6- (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) [العنكبوت:43] قال ابن كثير رحمه الله: أي وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم. وعن عمرو بن مرة قال: ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني لأني سمعت الله تعالى يقول "وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ" وكان بعض السلف إذا مر بمثل لا يفهمه يبكي ويقول لست من العالمين.

    ثانياً من نصوص السنة:
    1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين" [رواه البخاري ومسلم] قال النووي: فيه فضيلة العلم والتفقه في الدين والحث عليه، وسببه أنه قائد إلى تقوى الله تعالى.
    قال ابن القيم: وهذا يدل على أن من لم يفقه في دينه لم يُرد به خيراً، كما أن من أراد به خيراً فقهه في دينه وهذا الفقه الذي يستلزم العمل لا أن يراد به مجرد العلم… قيل للحسن يوماً في شيء ما هكذا قال الفقهاء، قال: ويحك, هل رأيت فقيهاً؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة البصير بأمر دينه المداوم على عبادة ربه.
    2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر" [صحيح الترغيب 70]
    جاء في مختصر منهاج القاصدين: قال الخطابي: في معنى وضع الملائكة أجنحتها ثلاث أقوال:
    * أنه بسط للأجنحة
    * أنه بمعنى التواضع تعظيماً لطالب العلم
    * أنه المراد به النزول عند مجالس العلم وترك الطيران
    وإنه لما كان العالم سبباً في حصول العلم الذي به نجاة النفوس، وكانت نجاة العباد على يديه؛ جُوزي من جنس عمله وجعل من في السموات والأرض ساعياً في نجاته باستغفارهم له.
    - فضل العالم على العابد تشبيه مطابق لحال القمر والكواكب؛ فالقمر يضيء الآفاق ويمتد نوره في أقطار العالم، أما الكواكب فنوره لا يجاوز نفسه أو ما قرب منه وهذا حال العابد الذي يضيء نور عبادته عليه دون غيره.
    - وإن العلماء ورثة الأنبياء فهذا من أعظم المناقب لأهل العلم فإن الأنبياء خير خلق الله فورثتهم هم خير الخلق بعدهم، ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به إلا العلماء، فكانوا أحق الناس بميراثهم. وفي هذا تنبيه على أنهم أقرب الناس إليهم فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث فكذلك هو في ميراث النبوة والله يختص برحمته من يشاء.
    ويذكر عن أبي هريرة أنه مر بالسوق فوجدهم في تجاراتهم وبيوعاتهم، فقال: أنتم هاهنا في ما أنتم فيه وميراث محمد صلى الله عليه وسلم يقسم في مسجده فقاموا سراعاً إلى المسجد فلم يجدوا فيه إلا القرآن والذكر ومجالس العلم، فقالوا: أين ما قلت يا أبا هريرة؟ فقال هذا ميراث محمد صلى الله عليه وسلم يقسم بين ورثته وليس بمواريثكم ودنياكم.
    3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو عالماً أو متعلماً" [صحيح ابن ماجه 3320]
    4- عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضاً، فكان منها نقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، شربوا منها، وسقوا ورعوا، وأصاب طائفة منها أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" [صحيح الجامع 5855]
    قال ابن القيم: شبه صلى الله عليه وسلم العلم والهدى الذي جاء به بالغيث لما يحصل بكل واحد منهما من الحياة والمنافع وسائر مصالح العباد وشبه القلوب بالأراضي التي يقع عليها المطر لأنها المحل الذي يمسك الماء فينبت سائر أنواع النبات كما أن القلوب تحيى العلم فيثمر ويزكو وتظهر بركته، ثم قسم الناس إلى ثلاثة أقسام:
    * أهل الحفظ والفهم الذين حفظوه وعقلوه وفهموا معانيه واستنبطوا وجوه الأحكام والحكم
    * أهل الحفظ الذين رزقوا حفظه ونقله وضبطه ولم يرزقوا تفقها في معانيه ولا استنباطاً فهم بمنزلة من يقرأ القرآن ويحفظه ويراعى حروفه وإعرابه ولم يرزق فيه فهما خاصاً عن الله.
    * الذين لا نصيب لهم منه لا حفظاً ولا فهماً وهؤلاء هم الأشقياء.
    5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير" [صحيح الترمذي 2161]
    6- عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكيء على بُردٍ له أحمر فقلت له يا رسول الله إني جئت أطلب العلم فقال "مرحباً بطالب العلم إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها ثم يركب بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب " [صحيح الترغيب 71]

    ثالثاً: من آثار السلف:
    1- قال قتادة: قال ابن عباس رضي الله عنهما: تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من إحيائها.
    2- قال علي رضي الله عنه: كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه ويفرح به إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذماً أن يتبرأ منه من هو فيه.
    3- قال معاذ بن جبل: تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، وهو الأنيس في الوحدة والصاحب في الخلوة.
    4- قال سفيان بن عيينة: قال عمر بن عبد العزيز: من عمل في غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح.
    5- وقال أيضاً: أرفع الناس منزلة عند الله من كان بين الله وبين عباده؛ وهم الرسل والعلماء.
    6- قال الحسن: رأيت أقواماً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: من عمل بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه، والعامل بغير علم كالسائر على غير طريق فاطلبوا العلم طلباً لا يضر بالعبادة واطلبوا العبادة طلباً لا يضر بالعلم.
    7- قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكُميل: إن القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ ما أقول لك: الناس ثلاثة؛ فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق , العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال, العلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة.

    آداب طالب العلم
    1- إخلاص النية لله في طلب العلم:
    تقرر في الشرع أن الله تبارك وتعالى لا يقبل من العبادات إلا ما كان لوجهه الكريم قال تعالى "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين" وقوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" وقوله صلى الله عليه وسلم "بشر هذه الأمة بالسناء والتمكين في البلاد والنصر والرفعة في الدين ومن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة نصيب " [إسناده صحيح على شرط البخاري]
    وقال ابن جماعة رحمه الله: حسن النية في طلب العلم بأن يقصد به وجه الله تعالى والعمل به وإحياء الشريعة وتنوير قلبه وتحلية باطنه والقرب من الله تعالى يوم القيامة والتعرض لما أعد لأهله من رضوان وعظيم فضله... ولا يقصد به الأغراض الدنيوية من تحصيل الرياسة والجاه ومباهاة الأقران وتعظيم الناس له وتصديره في المجالس.
    قال أبو يوسف رحمه الله: يا قوم أريدوا بعملكم الله تعالى فإني لم أجلس مجلساً قط أنوي فيه أن أتواضع إلا لم أقم حتى أعلوهم، ولم أجلس مجلساً أنوي فيه أن أعلوهم إلا لم أقم حتى أفتضح.
    والعلم عبادة من العبادات فإن خلصت فيه النية قبل وزكى و نما بركته، وإن قصد به غير وجه الله تعالى حبط وضاع وخسر صفقته.
    وفي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن أول الناس يقضى يوم القيامة عليهم ثلاثة، ذكر منهم عليه الصلاة والسلام: "ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل. ثم أمر به؛ فسحب على وجهه حتى ألقي في النار" [أخرجه مسلم] فهذا الحديث قاضٍ بأن على طالب العلم أن يصحح نيته في طلبه فلا يكون إلا لله وحده يبتغي عنده الرضوان ويرجو لديه الثواب لا ليرتفع في أعين الناس.
    عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار" [صحيح الجامع 6382]
    ومن علامات هذه الشهوة الخفية أن المتفقه يتعجل الفتوى والتدريس بمجرد أن يتصيد مسألة من هنا أو هناك ومن علاماتها أن يشتغل بعلوم الإجتهاد قبل التفقه في دين الله.
    قال أبو قلابة لأيوب السختياني: يا أيوب إذا أحدث الله لك علماً فأحدث له عبادة و لا يكن همك أن تحدث به الناس. وقال الحسن البصري: همة العلماء الرعاية و همة السفهاء الرواية فإذا لم تجد القول موافقاً للعمل فاعلم أنه نذير النفاق.
    فاحذري أختي من هذه الشهوة الخفية فطلب العلم طريق إلى الجنة فإن اتخذتيه طريقاً إلى الدنيا لم تبقي لنفسك حظاً من الجنة ولكن علوم الدنيا لا تدخل في ذلك ولكن من الممكن أن تنقلب عبادة إذا صلحت النية.
    ومن عجيب سنن الله في خلقه أن الذين علمهم من أجل هذه الشهوة وهذا الحظ من حظوظ النفس لا تجد له بركة ولا نور وتأثيره في نفوس الناس ضعيفاً ولو كان كثيراً أو كماً متراكماً ولكنه كثير بلا بركة بخلاف الذين علمهم تلقوه وبذلوه للناس لوجه الله والدار الآخرة تجد عليه بركة ولو كان قليلاً وتجد له نوراً ولو كان يسيراً وتأثيره في نفوس الناس عظيم.
    فيجب على طالب العلم أن يخشى على نفسه من هذه الشهوة وأن يدافعها في كل حين وأن يجدد نيته لله عز وجل وأن يدعو الله أن يرزقه الإخلاص في القول والعمل.
    وفي النهاية لا يفوتنا تنبيه مهم وهو أن على طالب العلم أن لا ينقطع عن الطلب لعدم خلوص نيته فإن حسن النية قد تأتي له بفضل بركة العلم.
    قال كثير من السلف: طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله.
    وقال غيره طلبنا العلم وما لنا كبير نية ثم رزق الله النية بعدُ..
    أسأل الله عز و جل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.

    2- الاشتغال بطهارة الباطن والظاهر من شوائب المخالفات:
    عن ابن عمر رضي الله عنهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة، فكيف ينزلون قلباً مليئاً بالأنجاس ومذموم الصفات مثل الغضب والحسد والحقد والكبر وغيرها؟ فالقلب المظلم المشحون بالذنوب لا يستطيع استقبال الملائكة ولا يبقى فيه مكان للعلم الذي هو نور يقذفه الله في قلوب من أراد.
    قال بعضهم: شكوت إلى وكيع سوء حفظي... فأرشدني إلى ترك المعاصي
    وأخبرني بأن العلم نور.... ونور الله لا يهدى لعاصِ
    فعلى طالب العلم أن يطهر ظاهرة بمجانبة البدع و التحلي بسنن رسول الله صلى الله عليه و سلم في أحواله كلها و أن يطهر قلبه من كل غش وحسد وسوء عقيدة وخلق ليصلح بذلك لقبول العلم وحفظه والاطلاع على دقائق معانيه فإن العلم كما قال بعضهم: صلاة السر وعبادة القلب وقربة الباطن، وكما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الظاهر من الحدث والخبث، فكذلك لا يصح العلم الذي هو عبادة القلب إلا بطهارته.
    قال سهل: حرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل.

    3- تفريغ القلب للعلم وحذف العلائق:
    قال في مختصر منهاج القاصدين: وينبغي له قطع العلائق الشاغلة فإن الفكرة متى توزعت قصرت عن درك الحقائق وقد كان السلف يؤثرون العلم على كل شيء.
    وقال ابن جماعة رحمه الله: على طالب العلم أن يبادر شبابه وأوقات عمره إلى التحصيل ولا يغتر بخدع التسويف والتأميل فإن كل ساعة تمضي من عمره لا بدل لها ولا عوض عنها ويقطع ما يقدر عليه من العلائق الشاغلة والعوائق المانعة عن تمام الطلب وبذل الاجتهاد وقوة الجد في التحصيل فإنها كقاطع الطريق.
    أختي طالبة العلم: ليس المقصود من قطع العلائق أن يضيع المرء من يعول أو يترك واجباته تجاه بيته وأولاده؛ إنما المقصود أن يقطع من العلائق الشاغلة ما هو بغنى عنه مع بذل الجهد لطلب العلم.

    4- الأخذ بالورع وإدامة الذكر:
    أهم ما ينبغي لطالب العلم الحرص عليه ذكر الله عز وجل في كل حال فإن ذكر الله هو باب الفتح الأعظم وسبيل الوصول الأقوم ومن صدف عنه فقد حُرم الخير كله وسار على غير سبيل ومن وُفق إليه فقد هُدي إلى الرشد.
    قال ابن القيم: حضرت ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار ثم التفت إليّ وقال هذه غدوتي ولو لم أتغد الغداء لسقطت قوتي.
    هذا حالهم أختي الحبيبة وهذا الذي بلغ بهم ما بلغوا من علم مبارك ولهذا فتح لهم من أبواب العلم ما لم يفتح لغيرهم.
    وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: ربما طالعت على الآية الواحدة مائة تفسير ثم أسأل الله الفهم وأقول يا معلم إبراهيم علمني..

    5- اختيار الصاحب والرفيق:
    ينبغي لطالب العلم أن لا يخالط إلا من يفيده أو يستفيد منه وإن تعرض لصحبة من يضيع عمره معه ولا يفيده ولا يستفيد منه ولا يعينه على ما هو بصدده فليتلطف في قطع عشرته به من أول الأمر قبل تمكنها، فإن الأمور إذا تمكنت عسرت إزالتها ومن الجاري على ألسنة الفقهاء "الدفع أسهل من الرفع", وإن احتاج إلى من يصحبه فليكن صالحاً تقياً ورعاً ذكياً كثير الخير قليل الشر إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه وإن احتاج واساه وإن ضجر صبره.

    6- علو الهمة:
    على طالب العلم أن تكون همته عالية فلا يرضى باليسير من العلم مع إمكان الكثير وأن لايؤخر واجبات يومه إلى غده ولا يغفل عن استحضار دروسه ولا يضيع وقته.
    قيل للشعبي رحمه الله: من أين لك هذا العلم كله؟ قال: ينبغي الاعتماد والسير في البلاد وصبر كصبر الجمال وبكور كبكور الغراب.
    وينبغي على طالب العلم ترك الكسل والتواني؛ فقد قال يحيى ابن كثير: لا يستطاع العلم براحة الجسم؛ فإن المرء يطير بهمته كالطير يطير بجناحيه.
    قال الحسن: إنما يذهب العلم بالنسيان وترك المذاكرة.
    وعلى طالب لعلم المداومة على الطلب؛ قال مالك رحمه الله: لا ينبغي لأحد يكون عنده علم أن يترك التعلم.
    وقال محمد بن الحسن: إن صناعتنا هذه من المهد إلى اللحد؛ فمن أراد أن يترك عملنا هذا ساعة فليتركه الساعة.

    احذري يا طالبة العلم
    أخواتي في الله:
    بعد أن تكلمنا عن فضل طلب العلم والآداب التي يجب على طالبة العلم التحلي بها في طريقها لطلب العلم، فمن تمام الفائدة أن نذكر آفاتاً يربما يقع بها من طلب العلم حتى تحذرها كل أخت مسلمة.
    فلما كان العلم هو عبادة القلب وقوته كانت للشيطان فيه مداخل لا يحصيها إلا الله تعالى منها ما يفسد العلم ذاته على صاحبه ومنها ما يفسد القصد والإرادة ومنها ما يفسد سبيل الطلب والناجي من عصمه الله عز وجل.

    1-تعلم العلم لغير وجه الله:
    فالله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وأُريد به وجهه الكريم.
    - عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" يعني ريحاها [صحيح الترغيب 105]
    - عن علي رضي الله عنه أنه ذكر فتناً تكون في آخر الزمان فقال له عمر: متى ذلك يا علي؟ قال: إذا تُفقِه لغير الدين وتُعلم العلم لغير العمل والتمست الدنيا بعمل الآخرة.
    - قال الحسن: من طلب العلم ابتغاء الآخرة أدركها ومن طلب العلم ابتغاء الدنيا فهي حظه منه.

    2- كتم العلم:
    على طالب العلم أن يبذل ما بيده من العلم النافع الدال على العمل الصالح ولا يكتم منه شيئاً فالعالم كلما بذل علمه للناس ازداد كثرة وقوة.
    - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى لله عليه وسلم " من سُئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار" [صحيح ابن ماجه 212]
    - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به؛ كمثل الذي يكنز الكنز ثم لا ينفق منه" [السلسلة الصحيحة 3479]
    - وعن سليم بن عامر قال: كان أبو أمامة يحدثنا فيكثر ثم يقول: عقلتم؟ فنقول نعم، فيقول: بلغوا عنا فقد بلغناكم.
    - وعن ابن القاسم قال: كنا إذا ودعنا مالكاً يقول لنا: اتقوا الله وانشروا هذا العلم وعلموه ولا تكتموه.

    3- القول على الله بغير علم:
    - قال تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف:33]
    - قال ابن القيم رحمه الله: وأما القول على الله بغير علم فهو أشد هذه المحرمات تحريماً وأعظمها إثماً ولهذا ذكر في المرتبة الرابعة من المحرمات التي اتفقت عليها الشرائع والأديان ولا تباح بحال بل لا تكون إلا محرمة وليست كالميتة ولحم الخنزير الذي يباح بحال دون حال.
    - وهو يتضمن الكذب على الله ونسبته إلى ما لا يليق به وتغيير دينه وتبديله ونفي ما أثبته وإثبات ما نفاه.
    - قال بعض السلف: ليحذر أحدكم أن يقول: أحل الله كذا وحرم الله كذا فيقول الله: كذبت لم أحل هذا ولم أحرم هذا -يعني التحليل والتحريم بالرأي المجرد بلا برهان من الله ورسوله-
    - وقد قيل: إذا كان نصف العلم ( لا أدري ) فنصف الجهل ( يقال أو أظن )
    4- الدعوى في العلم والقرآن:
    - عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يظهر الإسلام حتى تختلف التجار في البحر، وحتى تخوض الخيل في سبيل الله، ثم يظهر قوم يقرؤون القرآن، يقولون: من أقرأ منا؟ من أعلم منا؟ من أفقه منا؟" ثم قال لأصحابه: "هل في أولئك من خير؟" قالوا: الله ورسوله أعلم قال: "أولئك منكم من هذه الأمة، وأولئك هم وقود النار" [صحيح الترغيب 135]
    - وقال أبو عمر رحمه الله: من أدب العالم ترك الدعوى لما لا يحسنه وترك الفخر بما يحسنه.

    5- فقد الخشية فيه:
    - قال تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر: من الآية28]
    - عن ابن مسعود: ليس العلم عن كثرة الحديث ولكن العلم من كثرة الخشية.
    - قال مالك: إن العلم ليس بكثرة الرواية وإنما العلم نور يجعله الله في القلب.
    - قال سفيان الثوري عن أبي حيان التيمي عن رجل قال: كان يقال العلماء ثلاثة:
    * عالم بالله عالم بأمر الله وهذا هو الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض
    * وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله وهو الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود والفرائض
    * وعالم بأمر الله ليس بعالم بأمر الله وهو الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى الله
    - قال ابن رجب: العلم النافع هو ما باشر القلوب فأوجب لها السكينة والخشية والإخبات لله والتواضع وإذا لم يباشر القلب ذلك العلم وإنما كان على اللسان فهو حجة الله على بني آدم.
    - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من قلب لا يخشع كان يقول " اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع و من دعوة لا يستجاب لها" [أخرجه مسلم]
    - وعن أبي قلابة: إذا أحدث الله لك علماً فأحدث له عبادة ولا يكن همك أن تحدث به.
    - قال ابن مسعود: إن أقواماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع صاحبه.
    - وقال الحسن رحمه الله: العلم علمان: علم باللسان وعلم بالقلب؛ فعلم القلب هو العلم النافع وعلم اللسان حجة الله على بني آدم.

    6- الكبر والعجب:
    جاء في مختصر منهاج القاصدين: اعلم أن العلماء والعبّاد في آفة الكبر على ثلاث درجات:
    الأولى: أن يكون الكبر مستقراً في قلب الإنسان منهم فهو يرى نفسه خيراً من غيره إلا إنه يجتهد ويتواضع فهذا في قلبه شجرة الكبر مغروسة إلا أنه قد قطع أغصانها.
    الثانية: أن يظهر لك بأفعاله من الترفع في المجالس والتقدم على الأقران والإنكار على من يقصر في حقه فترى العالم يصعر خده للناس كأنه معرض عنهم.
    الثالثة: أن يظهر الكبر بلسانه كالدعاوي والمفاخر وتزكية النفس وحكايات الأحوال.
    - وعن أبي مسلم أن عمر ابن الخطاب قال: تعلموا العلم وعلموه الناس وتعلموا له الوقار والسكينه وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمتموه.

    7- النسيان:
    قال الزهري: إنما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة.

    8- التعصب بالهوى والتقليد الأعمى:
    فالواجب عليكِ أختي في الله أن تأخذي الحق بدليله وأن تدعي التعصب والتقليد جانباً فالخير كل الخير في الاتباع والشر كل الشر في الابتداع.
    قال أبو حنيفة رحمه الله: إذا قلت قولاً يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي.
    وقال مالك رحمه الله: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسُنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه.

    9- التسرع في الفتوى:
    عن البراء قال: لقد رأيت ثلاثمائة من أهل بدر ما منهم من أحد إلا وهو يحب أن يكفيه صاحبه الفتوى.
    وقال ابن عيينة: أعلم الناس بالفتوى أسكتهم فيها وأجهل الناس بالفتوى أنطقهم فيها.
    فعلى الأخت المسلمة أن لا تتسرع بالفتوى وتتجرأ عليها بل الورع الورع فليس كل من قرأت كتاباً هنا أو هناك أصبحت أهلاً للفتوى.

    * احذر أن تكون (( أبا شبر )) *
    قال في حلية طالب العلم: العلم ثلاثة أشبار من دخل في الشبر الأول تكبر ومن دخل في الشبر الثاني تواضع ومن دخل الشبر الثالث علم أنه لا يعلم.

    أخواتي الغاليات: هذه هي بعض النصائح لأختي طالبة العلم:
    قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتحرَّ الخير يعطه ومن يتوقَّ الشر يوقه" [السلسلة الصحيحة 342] فإذا كان العلم بالتعلم كما أخبر الصادق صلى الله عليه و سلم فإنه إنما يكون شيئاً فشيئاً في وقتٍ بعد وقت.
    قال ابن خلدون رحمه الله: اعلم أن تلقين العلوم للمتعلمين إنما يكون مفيداً إذا كان على التدريج شيئاً فشيئاً وقليلاً قليلاً.
    وهذا التدريج حسن جميل يسير على مقتضى الفطرة وهذا الكلم له شواهد من الشرع قال تعالى: (وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكثٍ و نزلناه تنزيلاً)
    قال ابن شهاب رحمه الله ليونس ابن يزيد رحمه الله: يا يونس لا تكابر العلم فإن العلم أودية فأيها أخذت فيه قطع بك قبل أن تبلغه ولكن خذه مع الأيام والليالي ولا تأخذ العلم جملة فإن من أخذ جملة ذهب عنه جملة والشيء بعد الشيء مع الأيام والليالي.
    وكذلك يحذر في ابتداء طلبه من المطالعات في تفاريق المصنفات فإنه يضيع زمانه ويفرق ذهنه بل يعطي الكتاب الذي يقرؤه كليته حتى يتقنه وكذلك يحذر التنقل من كتاب إلى كتاب من غير موجب فإنه علامة الضجر ويعتني من كل علم بالأهم فالأهم ولا يغفلن عن العمل الذي هو مقصود العلم.

    وعلى طالب العلم أن يتحلى بالصبر والحلم. قال النووي: من لم يصبر على ذل التعلم بقي عمره في عماية الجهل، ومن صبر آل أمره إلى عز الدنيا والآخرة.
    وعن عطاء بن يسار: ما آوى شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم.
    وعن إبراهيم بن أدهم رحمه الله: ما من شيء أشد على الشيطان من عالم حليم إذا تكلم تكلم بعلم وإذا سكت سكت بحلم.

    على طالب العلم مراعاة آداب الاستفادة والتحصيل ومنها:
    - تسجيل الفوائد وذلك بأن يصاحبه دائماً قلماً ودفتراً ليكتب كل فائدة يسمعها أو يستنبطها من خلال درسه واستذكاره، فقد قيل: العلم صيد والكتابة قيد.
    - النشاط في مراجعة الدروس والإقبال عليها. قال الخليل بن أحمد: كن على مدارسة ما صدرك أحرص منك على مدارسة ما في كتبك.

    وعلى المتعلم أن يطلب المزيد من العلم مهما بلغ من العمر ومهما كان له من العلم وعليه أن لا يرضى بما لديه من العلم مهما كان كثيراً.

    الكتب هي آلة العلم وينبغي لطالب العلم أن يعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها ما أمكنه ويعير كتبه لمن لا ضرر منه عليها وينبغي للمستعير أن يشكر المعير ويجزيه خيراً.

    احذري أن تكوني كالسراج تضيئي لغيرك وأنت تحرقي نفسك يقول ابن قدامة "كن أحد رجلين: إما مشغولاً بنفسك وإما متفرغاً لغيرك بعد الفراغ من نفسك وإياك أن تشتغل بما يصلح غيرك قبل إصلاح نفسك"

    ثمرة العلم... العمل
    أختي الحبيبة:
    بعد أن تكلمنا عن العلم -فضله وآدابه والآفات التي يجب الحذر منها- تبقى نقطة واحدة وهي ثمرة العلم وهو العمل؛ فكل علم لم يثمر عملاً فإنما هو علم يلزم صاحبه الحجة أمام الله عز وجل.
    - عن أبي كعب قال: تعلموا العلم واعملوا به ولا تتعلموه لتتجملوا به, فإنه يوشك إن طال بكم زمان أن يتجمل بالعلم كما يتجمل الرجل بثوبه.
    - وقال معاذ بن جبل: اعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن يأجركم الله بعلم حتى تعملوا.
    - وقال الحسن: ابن آدم! ما يغني عنك ما جمعت من حكمة الحكماء وأنت تجري في العمل مجرى السفهاء.
    - وقال سفيان الثوري: العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.
    - ويُروى أن عيسى عليه السلام قال للحواريين: لست أعلمكم لتعجبوا وإنما أعلمكم لتعملوا, ليست الحكمة القول بها إنما الحكمة العمل بها.
    - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقول: إنما أخشى من ربي يوم القيامة أن يدعوني على رؤوس الخلائق فيقول لي: يا عويمر! فأقول لبيك رب فيقول: فيقول ما عملت فيما علمت؟
    - وقد بين ابن القيم رحمه الله أن وجهاً من وجوه حرمان العلم عدم العمل به فقال: إن العمل به يوجب تذكره وتدبره ومراعاته والنظر فيه فإذا أهمل العمل به نسيه, قال بعض السلف كنا نستعين على حفظ العلم بالعمل به.
    - وقال أبو عمر رحمه الله: قال بعض الحكماء لولا العقل لم يكن علم ولولا العلم لم يكن عمل ولأن أدع الحق جهلاً به خير من أن أدعه زهداً فيه.
    - قال ابن القيم: للعلم ست مراتب:
    أولها: حسن السؤال
    ثانيها: حسن الإنصات والاستماع
    ثالثها: حسن الفهم
    رابعها: الحفظ
    خامسها: التعليم
    السادسة: وهي ثمرته؛ العمل به ومراعاة حدوده

    هذا هو الطريق فأين السالكون؟
    الهمة… الهمة يا أختاه تعلمي وعلمي غيرك واسألي الله بصدق أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح ويجعلك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وقولي " اللهم زدني علماً "
    قال الله عز وجل "ولئن شكرتم لأزيدنكم" أخيتي أشكري الله على كل علم يحدثه لكِ حتى يزيد لكِ في علمك ويبارك لكِ فيه.
    أختي الغالية: لا تنسي أختك في الله من دعوة بظهر الغيب.. أسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يظلهم بظله يوم لا ظل إلا ظله.

    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات..
    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
    وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً.
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    حيث أكون إنسان’’’
    الردود
    159
    الجنس
    بارك الله فيك...

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الردود
    38
    الجنس
    وإيــــــــاك انشاء الله

مواضيع مشابهه

  1. الردود: 25
    اخر موضوع: 01-11-2008, 10:08 PM
  2. رسالة في وجوب العمل بالسنة ..
    بواسطة الـحجاز في روضة السعداء
    الردود: 0
    اخر موضوع: 21-01-2007, 11:00 PM
  3. الردود: 23
    اخر موضوع: 28-06-2006, 09:09 PM
  4. رسالة تحدي لأهل العلم والمعرفه ؟!؟
    بواسطة صدى & صوره في الملتقى الحواري
    الردود: 0
    اخر موضوع: 28-01-2006, 04:05 PM
  5. رسالة إلى طلبة العلم
    بواسطة عباس رحيم في روضة السعداء
    الردود: 7
    اخر موضوع: 06-07-2003, 02:59 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ