السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في بيان نماذج من البدع المعاصرة
و هي:
* الإحتفال بالمولد النبوي.
* التبرك بالأماكن و الآثار و الأموات ونحو ذلك.
* البدع في مجال العبادات و التقرب إلى الله.
البدع المعاصرة كثيرة بحكم تأخر الزمن و قلة العلم و كثرة الدعاة إلى البدع و المخالفات و سريان التشبه بالكفار في عاداتهم و طقوسهم مصداقا لقوله صلى الله عليه و سلم: " لتتبعن سنن من كان قبلكم " . رواه الترمذي و صححه.
1-الإحتفال بمناسبة المولد النبوي في ربيع الأول:
و هو تشبه بالنصارى في عمل ما يسمى بالإحتفال بمولد المسيح، فيحتفل جهلة المسلمين أو العلماء المضلين في ربيع الأول من كل سنة بمناسبة مولد الرسول محمد صلى الله عليه و سلم. فمنهم من يقيم هذا الإحتفال في المساجد، ومنهم من يقيمه في البيوت أو الأمكنة المُعدّة لذلك.
و يحضر جموع كثيرة من دهماء الناس و عوامهم, يعملون ذلك تشبها بالنصارى في ابتداعهم الإحتفال بمولد المسيح عليه السلام, و الغالب أن هذا الاحتفال علاوة على كونه بدعة و تشبها بالنصارى لا يخلو من وجود الشركيات و المنكرات كإنشاد القصائد التي فيها الغلو في حق الرسول صلى الله عليه و سلم إلى درجة دعائه من دون الله و الإستغاثة به، و قد نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الغلو في مدحه فقال: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبدالله و رسوله " رواه الشيخان.
الإطراء معناه: الغلو في المدح. وربما يعتقدون ان رسول صلى الله عليه و سلم يحضر إحتفالاتهم ومن المنكرات التي تصاحب هذه الإحتفالات الأناشيد الجماعية المنغمة و ضرب الطبول. وغير ذلك من عمل الأذكار الصوفية المبتدعة، و قد يكون فيها اختلاط بين الرجال و النساء مما يسبب الفتنة و يجر إلى الوقوع في الفواحش، وحتى لو خلا هذا الإحتفال من هذه المحاذير و اقتصر على الاجتماع و تناول الطعام و إظهار الفرح. كما يقولون فإنه بدعة محدثة ( و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ) و أيضا هو وسيلة إلى أن يتطور و يحصل فيه ما يحصل في الإحتفالات الأخرى من المنكرات.
و قلنا: انه بدعة. لأنه لا أصل له في الكتاب و السنة و عمل السلف الصالح و القرون المفضلة، و إنما حدث متأخرا بعد القرن الرابع الهجري. أحدثه الفاطميون الشيعة، قال الإمام أبو حفص تاج الدين الفاكهاني رحمه الله: أما بعد فقد تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول و يسمونه المولد, هل له أصل في الدين، و قصدوا الجواب عن ذلك مبينا و الايضاح عنه معينا، فقلت و بالله التوفيق: لا أعلم لهذا المولد اصلا في الكتاب و لا السنة و لا يُنقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة احدثها البطالون، و شهوة نفس اغتنى بها الأكالون. رسالة المورد في عمل المولد.
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: و كذلك ما يُحدث بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، و إما محبة للنبي صلى الله عليه و سلم و تعظيما.. من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه و سلم عيدا مع إختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف و لو كان هذا خيراً محضاً و راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا. فإنهم كانوا أشد محبة للنبي صلى الله عليه و سلم و تعظيما له منا. و هم على الخير أحرص، و إنما كان محبته و تعظيمه في متابعته و طاعته و اتباع أمره و إحياء سنته باطنا و ظاهرا و نشر ما بُعث به و الجهاد على ذلك بالقلب و اليد و اللسان، فإن هذه طريقة السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان اقتضاء الصراط المستقيم (2/615 ) بتحقيق الدكتور ناصر العقل. انتهى ببعض اختصار.
و قد أُلف في انكار هذه البدعة كتب و رسائل قديمة و حديثة، وهو علاوة على كونه بدعة و تشبها فإنه يجر إلى إقامة موالد أخرى كموالد الأولياء و المشائخ و الزعماء. فيفتح أبواب شر كثيرة.
2-التبرك بالاماكن و الآثار و الأشخاص أحياء و أمواتا:
من البدع المحدثة التبرك بالمخلوقين و هو لون من ألوان الوثنية و شبكة يصطاد بها المرتزقة أموال السذج من الناس، و التبرك: طلب البركة و هي ثبوت الخير في الشيء و زيادته. و طلب ثبوت الخير و زيادته إنما يكون ممن يملك ذلك و يقدر عليه وهو الله سبحانه, فهو الذي ينزل البركة و يثبتها أما المخلوق فإنه لا يقدر على منح البركة و ايجادها و لا على ابقائها و تثبيتها، فالتبرك بالاماكن و الآثار و الأشخاص أحياء و أمواتا لا يجوز لأنه إما شرك إن اعتقد أن ذلك الشيئ يمنح البركة, أو وسيلة إلى الشرك إن اعتقد أن زيارته و ملامسته و التمسح به سبب لحصولها من الله، و أما ما كان الصحابة يفعلونه من التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وريقه وما انفصل من جسمه صلى الله عليه و سلم كما تقدم في صفحة ( 73 ) فذلك خاص به صلى الله عليه و سلم في حال حياته و وجوده بينهم بدليل أن الصحابة لم يكونوا يتبركون بحجرته و قبره بعد موته. و لا كانوا يقصدون الاماكن التي صلى فيها أو جلس فيها ليتبركوا بها و كذلك مقامات الاولياء من باب أولى، و لم يكونوا يتبركون بالاشخاص الصالحين كأبي بكر و عمر و غيرهما من أفاضل الصحابة لا في الحياة و لا بعد الموت. و لم يكونوا يذهبون إلى غار حراء ليصلوا فيه أو يدعوا، ولم يكونوا يذهبون إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى ليصلوا فيه و يدعوا. أو إلى غير هذه الامكنة من الجبال التي يقال ان فيها مقامات الانبياء أو غيرهم. و لا إلى مشهد مبني على أثر نبي من الانبياء، وأيضا فإن المكان الذي كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي فيه بالمدينة النبوية دائما لم يكن أحد من السلف يستلمه و لا يُقبّله، و لا الموضع الذي صلى فيه بمكة و غيرها، فإذا كان الموضع الذي كان يطؤه بقدميه الكريمتين و يصلي عليه لم يشرع لأمته التمسح به و لا تقبيله فكيف بما يقال أن غيره صلى فيه أو نام عليه. فتقبيل شيء من ذلك و التمسح به قد عَلٍم العلماء بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا ليس من شريعته صلى الله عليه وسلم. انظر اقتضاء الصراط المستقيم 2/795-802 تحقيق د.ناصر العقل
3-البدع في مجال العبادات و التقرب إلى الله:
البدع التي أحدثت في مجال العبادات في هذا الزمان كثيرة و الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع شيء منها إلا بدليل. و ما لم يدل عليه دليل فهو بدعة لقوله صلى الله عليه و سلم: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم.
و العبادات التي تمارس الآن و لا دليل عليها كثيرة جدا، منها:
الجهر بالنية بالصلاة بأن يقول نويت أن أصلي لله كذا و كذا، و هذه بدعة لأنه ليس من سنة النبي صلى الله عليه و سلم، و لأن الله تعالى يقول: ( قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{16} ) الحجرات. و النية محلها القلب. فهي عمل قلبي لا عمل لساني.
و منها الذكر الجماعي بعد الصلاة, لأن المشروع أن كل شخص يقول الذكر الوارد منفردا. و منها طلب قراءة الفاتحة في المناسبات و بعد الدعاء و للأموات. و منها إقامة المآتم على الاموات وصناعة الاطعمة و استئجار المقرئين يزعمون أن ذلك من باب العزاء أو أن ذلك ينفع الميت. و كل ذلك بدع لا أصل لها و آصال و أغلال ما أنزل الله بها من سلطان.
ومنها الاحتفال بالمناسبات الدينية كمناسبة الإسراء و المعراج و مناسبة الهجرة النبوية. و هذا الاحتفال بتلك المناسبات لا أصل له في الشرع، ومن ذلك ما يفعل في شهر رجب كالعمرة الرجبية و ما يفعل فيه من العبادات الخاصة به كالتطوع بالصلاة و الصيام فيه خاصة, فإنه لا ميزة له على غيرة من الشهور لا في العمرة و الصيام و الصلاة و الذبح للنسك فيه و لا غير ذلك.
ومن ذلك الاذكار الصوفية بأنواعها. كلها بدع و محدثات لأنها مخالفة للأذكار المشروعة في صِيغها و هيئاتها و أوقاتها.
و من ذلك تخصيص ليلة النصف من شعبان بقيام و يوم النصف من شعبان بصيام فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك شيء خاص به.
ومن ذلك البناء على القبور و اتخاذها مساجد و زيارتها لأجل التبرك بها و التوسل بالموتى و غير ذلك من الاغراض الشركية. و زيارة النساء لها مع أن الرسول صلى الله عليه و سلم لعن زوارات القبور و المتخذين عليها المساجد و السُرُج.
و ختاما:
نقول إن البدع بريد الكفر. و هي زيادة دين لم يشرعه الله و لا رسوله، و البدعة شر من المعصية الكبيرة. و الشيطان يفرح بها أكثر مما يفرح بالمعاصي الكبيرة، لأن العاصي يفعل المعصية و هو يعلم أنها معصية فيتوب منها، و المبتدع يفعل البدعة يعتقدها دينا يتقرب به إلى الله فلا يتوب منها، و البدع تقضي على السنن و تُكره إلى أصحابها فعل السنن و أهل السنة، و البدعة تباعد عن الله و توجب غضبه و عقابه و تسبب زيغ القلوب و فسادها.
ما يُعامل به المبتدعة:
تُحرم زيارة المبتدع و مجالسته إلا على وجه النصيحة له و الإنكار عليه، لأن مخالطته تؤثر على مخالطة شرا و تنشر عداوته إلى غيره، و يجب التحذير منهم ومن شرهم إذا لم يكن الأخذ على أيديهم و منعهم من مزاولة البدع و إلا فإنه يجب على علماء المسلمين و ولاة أمورهم منع البدع و الأخذ على أيدي المبتدعة و ردعهم عن شرهم. لأن خطرهم على الإسلام شديد، ثم أنه يجب أن يعلم أن دول الكفر تشجع المبتدعة على نشر بدعتهم و تساعدهم على ذلك بشتى الطرق لأن في ذلك القضاء على الاسلام و تشويه صورته.
نسأل الله عزوجل أن ينصر دينه و يعلي كلمته و يخذل أعداءه – و صلى الله و سلم على نبينا محمد و آله و صحبه.
أخواني و أخواتي هذا فصل من كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ صالح الفوزان
تم عمل هذا الكتاب ككتاب الكتروني سهل و واضح للمطالعة و التصفح عسى الله يتقبل ممن نسخه لنا و يجعله
في ميزان حسناته.
تجدون هذا الكتاب الالكتروني كاملا هنا كتاب التوحيد
ستفتح صفحة نضغط على كلمة free
ثم تنفتح صفحة أخرى و بعد ثواني نجد اسم الكتاب Tawheed نضغط عليه للتحميل
قوموا أخواتي بتنزيل الكتاب فهو يستحق ذلك و قوموا بإهدائه و نشره تؤجروا .
الروابط المفضلة