انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 1 من 2 12 الأخيرالأخير
عرض النتائج 1 الى 10 من 12

الموضوع: حسن الظن بالله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2001
    الردود
    1,171
    الجنس
    أنثى

    حسن الظن بالله




    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:

    قال ابن القيم رحمه الله ولا ريب أن حسن الظن بالله إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن حسن الظن بربه، أنه يجازيه على إحسانه، ولا يخلف وعده، ويقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد فإن العبد الآبق المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به، ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبداً، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته، وأحسن الناس ظناً بربه أطوعهم له. كما قال الحسن البصري: ( إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل ).

    وكيف يكون محسن الظن بربه من هو شارد عنه، حال مرتحل في مساخطه وما يغضبه، متعرض للعنته، قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه عليه فارتكبه وأصر عليه، وكيف يحسن الظن بربه من بارزه بالمحاربة، وعادى أولياءه، ووالى أعداءه، وجحد صفات له، وأساء الظن بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر.

    وكيف يحسن الظن بمن يظن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب، وقد قال الله تعالى في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات، وهو السر من القول {وَذَلِكُمُ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم فَأَصبَحتُم مِنَ الخَاسِرِينَ } [فصلت:23].

    فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيراً مما يعلمون كان هذا إساءة لظنهم بربهم، فأرداهم ذلك الظن. وهذا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله، ووصفه بما لا يليق به، فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا غروراً وخداعاً من نفسه، وتسويلاً من الشيطان، لا إحسان ظن بربه.

    فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه، وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاق الله، وأن الله يسمع كلامه ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه ومسئول عن كل ما عمل، وهو مقيم على مساخطه مضيع لأوامره معطل لحقوقه، وهو مع هذا يحسن الظن به.

    وهل هذا إلا من خدع النفوس وغرور الأماني. وقد قال أبو سهل ابن حنيف: ( دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت: لو رأيتما رسول الله في مرض له، وكانت عنده ستة دنانير، أو سبعة دنانير. فأمرني رسول الله أن أفرقها، فشغلني وجع رسول الله حتى عافاه الله، ثم سألني عنها { ما فعلت أكنت فرقت الستة دنانير }، فقلت لا والله، لقد كان شغلني وجعك، قالت: فدعا بها فوضعها في كفه، فقال: { ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده }، وفي لفظ { ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده } ).

    فبالله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم، فإن كان ينفعهم قولهم: حسناً ظنوننا بك إنك لم تعذب ظالماً ولا فاسقاً، فليصنع العبد ما شاء، وليرتكب كل ما نهاه الله عنه، وليحسن ظنه بالله، فإن النار لا تمسه، فسبحان الله، ما يبلغ الغرور بالعبد، وقد قال إبراهيم لقومه: {أَئِفكاً ءَالِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ }[الصافات:87،86] أي ما ظنكم به أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.

    ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه، فالذي حمله على حسن العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه بربه حسن عمله.

    وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز، كما في الترمذي والمسند من حديث شداد ابن أوس عن النبي قال: { الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني }.

    وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن.

    فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستند حسن الظن على سعة مغفرة الله ورحمته، وعفوه، وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا يضره العفو.

    قيل: الأمر هكذا، والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم، ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به، فإنه سبحانه موصوف بالحكمة والعزة والانتقام وشدة البطش، وعقوبة من يستحق العقوبة، فلو كان معول حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه.

    فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه وتعرض للعنته، ووقع في محارمه وانتهك حرماته، بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع، وبدل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة. ثم أحسن الظن بعدها فهذا هو حسن الظن، والأول غرور والله المستعان.

    يفرق بين حسن الظن بالله وبين الغرور به قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرجُونَ رَحمَتَ اللَّهُ [البقرة:218]، فجعل هؤلاء أهل الرجاء، لا البطالين والفاسقين، وقال تعالى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ [النحل:110] فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها، فالعالم يضع الرجاء مواضعه، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه.

    قال رسول الله : { إياكم والظن فإنه أكذب الحديث } [البخاري ومسلم].

    إن استمراء ظن السوء وتحقيقه لا يجوز، وأوّله بعض العلماء على الحكم في الشرع بظن مجرد بلا دليل.

    روى الترمذي عن سفيان: الظن الذي يأثم به ما تكلم به، فإن لم يتكلم لم يأثم. وذكر ابن الجوزي قول سفيان هذا عن المفسرين ثم قال: وذهب بعضهم إلى أنه يأثم بنفس الظن ولو لم ينطق به.

    قال القاضي أبو يعلى: إن الظن منه محظور ( وهو سوء الظن بالله ) والواجب حسن الظن بالله عز وجل.

    والظن المباح كمن شك في صلاته إن شاء عمل بظنه وإن شاء باليقين. وروى أبو هريرة مرفوعاً: { إذا ظننتم فلا تحققوا } وهذا من الظن الذي يعرض في قلب الإنسان في أخيه فيما يوجب الريبة.

    قال ابن هبيرة الوزير الحنبلي: لا يحل والله أن يحسن الظن بمن ترفض ولا بمن يخالف الشرع في حال.

    وقال : { ما أظن فلاناً وفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً } وفي لفظ { ديننا الذي نحن عليه } [البخاري]. قال الليث بن سعد: كان رجلين من المنافقين.

    عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { حسن الظن من حسن العبادة } [أحمد وأبو داود].

    قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يحل لامرىء مسلم يسمع من أخيه كلمة يظن بها سوءاً وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً. وقال أيضاً: لا ينتفع بنفسه من لا ينتفع بظنه.

    وقال أبو مسلم الخولاني: اتقوا ظن المؤمن فإن الله جعل الحق على لسانه وقلبه.

    وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لله درُّ ابن عباس إنه لينظر إلى الغيب عن ستر رقيقه.

    وقال ابن عباس رضي الله عنه: الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل.

    وفي الصحيحين أن صفية أتت النبي تزوره وهو معتكف، وأن رجلين من الأنصار رأياهما فأسرعا فقال النبي : { على رسلكما إنها صفية بنت حيي } فقالا: سبحان الله يا رسول الله. قال: { إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً }، أو قال: { شراً }.

    قال أبو حازم: العقل التجارب والحزم سوء الظن. وقال الحسن: لو كان الرجل يصيب ولا يخطىء ويحمد في كل ما يأتي داخله العجب.

    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

    المصدر:
    كلمات

  2. #2
    شروق الامل... غير متواجد زهرة لا تنسى "إشراقة الحرف - زهرة الحوار "
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الموقع
    أحب زوجي
    الردود
    10,864
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    2
    اختي الغاليه

    ايحاء

    مواضيعك متميزة الله يسعدك ويبارك فيكِ

    نتظر المزيد من مواضيعك الرائعه
    § •°• رحلتي مع السعادة , ومن أين بدأت وكيف أصبحت , شاركوني فرحتي بها •°• §
    الاستغفار بنية طلب شئ معين !!! ما حكمه ؟

    قصص للمداوميين على الأستغفار وقيام الليل

    http://www.lakii.com/vb/a-6/a-754247/

    أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم
    وأتوب إليه


    قال ابن القيّم : إذا أردت أن تعرف قيمتك عند الله فانظر بماذا يشغلك ؟!




    اللهم اغفر للمؤمنيين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    الموقع
    السعودية
    الردود
    1,555
    الجنس
    أنثى
    جزاك الله خيرا وجعل ذلك في موازين حسانتك ..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2001
    الردود
    1,171
    الجنس
    أنثى
    نبض داعيه
    مسامرة النجوم..
    شكرا لكم غالياتي..

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الردود
    7,864
    الجنس
    امرأة
    درر..

    جزاكِ الله خيراً أختي..
    اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان‏

    رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة

    أصول الحوار .. وأدب الإختلاف ..

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2001
    الردود
    1,171
    الجنس
    أنثى
    شكرا لك غاليتي روان

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الموقع
    اعيش في فرنسا بلاد الشرك وانا جزائرية الاصل اللهم احفظ بلادي من كل الشر ورزقني الهجرة الى بلادي بي رظاك وحفظك سبحان الله الخير في ما إختاره الله
    الردود
    536
    الجنس
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاك الله خيرا وبارك الله فيك واكثر من امثالك

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2001
    الردود
    1,171
    الجنس
    أنثى
    وإياكم إنشاء الله.

  9. #9
    دانة جدة's صورة
    دانة جدة غير متواجد كبار الشخصيات "نبض وعطاء" "زهرة الحوار" "مبدعة الملتقى"
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الموقع
    "وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا"
    الردود
    13,619
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    32
    ايحاء الغالية

    جزاك الله كل خير

    وبارك فيك وتقبل منك عملك

    واوسع عليك من فضله
    اللهم اغفرلأمي وارحمها واعف عنها اللهم أنر قبرها واجعله روضة من رياض الجنة
    اللهم اجعل ملتقانا الفردوس الأعلى برحمتك ياأرحم الراحمين

    ****************
    اللهم ارحم أبي وأمي رحمةً واسعةً من عندك وأسكنهما فسيح جناتك وأسبغ عليهما رضواناً يبلغان به أعلى الجنان واجعلهما من الصديقين و الشهداء والصالحين و حسن أولئك رفيقا .اللهم بما عملا من خير في الدنيا فضاعف لهما الأجر أضعافاً مضاعفة وأغفر لهما ما كان من خطأ أو آثام اللهم أجزهم عنا خير الجزاء وارزقنا برهما والدعاء لهما

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2001
    الردود
    1,171
    الجنس
    أنثى
    دانة جدة
    وإيكِ إنشاء الله ..
    وشكرا جزيلا على مروركِ الكريم..

مواضيع مشابهه

  1. حسن الظن بالله
    بواسطة د مؤمنة في روضة السعداء
    الردود: 3
    اخر موضوع: 13-09-2011, 10:09 PM
  2. حسن الظن بالله
    بواسطة السراب الحقيقي في روضة السعداء
    الردود: 0
    اخر موضوع: 31-05-2009, 04:45 PM
  3. حسن الظن بالله ..
    بواسطة من اجل امتي في ركن الصوتيات والمرئيات
    الردود: 0
    اخر موضوع: 07-03-2009, 07:05 PM
  4. حسن الظن بالله
    بواسطة yaga في روضة السعداء
    الردود: 1
    اخر موضوع: 31-08-2007, 06:20 AM
  5. حسن الظن بالله
    بواسطة ابو المنيب في روضة السعداء
    الردود: 2
    اخر موضوع: 03-05-2003, 05:45 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ