أتحفنا الأخ الفاضل "مصلح" بسلسلة طيبة أثرت منتدانا..
ونحن بدورنا نشكره على جهده ..
ونسأل الله أن يثيبك الأجر على ماكتبت وأحسنت وجعله ذخراً لك يوم القيامة..
وهذا السلسلة سنسوقها هنا،،راجين الله سبحانه أن ينفعنا وإياكن بها..
لكِ في زمن الغربة (1)
هذه مقالات خاصة بي كنت قد كتبتها تعنى بالمرأة المسلمة مكونة من 21 حلقة أهديها لكن تباعاً بإذن الله تعالى .
حقوق الطبع والنسخ محفوظة
1)مقدمة/
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )
أما بعد/
إننا نعيش في عصر قد قلبت فيه الحقائق وتغيرت فيه الموازين ، حيث تظاهر الظالم بأنه مظلوم، وقلب الحق باطلاً، والباطل حقاً، وصار القويُّ متهماً بالضعف، والضعيف المخذول يرى نفسه قوياً ناصراً للمظلومين، كيف يمكن أن يكون ذلك؟
أيكون الظالم قاضياً عادلاً؟
أيكون الذئب راعياً أمينا ً؟
أيطالب أهل الزيغ والانحراف بحقوق المرأة ويزعمون الإنصاف ؟
مجتمع كثر فساده وانتشرت فيه الموبقات يطالب بإنصاف المرأة من عدل فاطر الأرض والسموات !
إنها والله من عجائب هذا الزمن !
إن من كفر بالله تعالى فهو ظالم ( والكافرون هم الظالمون ) ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) ( وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون ) ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً وهو يُدعى إلى الإسلام ) هذا قول الحق سبحانه وتعالى عن كل كافر بأنه ظالم، ويلحق به كل منافق اتبع الكافرين وتعلق بهم ودعا بدعواهم، واقتفى آثارهم ، واستن بسنتهم ، ( ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون) والآيات في ذلك كثيرة جداً.
نعم إن اليهود والنصارى والوثنيين والمنافقين وكل من تبعهم من أهل الأهواء والملل والمبادىء المخالفة لشرع الله ظالمون متجاوزون لحدود الله، لا يقبل قولهم، ولا يؤمن مكرهم، فكيف بمن يسعى إليهم راجياً عدلهم، ومتمنياً إنصافهم ومصدقاً دعواهم بنصرة المظلومين.
إن مطالبة الغرب بحقوق الإنسان، وبالذات في مجال المرأة لأمر تمقته العقول السليمة، وتنكره الفطر السوية، كيف لا وهم الذين سلبوا المرأة حقوقها ودعوا إلى تحللها وبعدها عن حيائها وعفتها فنزلوا بها إلى دركات البهيمية، حتى أصبحت سلعة تعرض لجلب السياح ولرفع الاقتصاد، بل جعلوها دعاية مربحة لبضائعهم الكاسدة، أخرجوها من عرشها وعرينها وبيت عزتها إلى امتهان الرجال لها فجعلوها خادمةً في المطاعم والطائرات تحمل طعامهم وتزيل قذارتهم، جعلوها عاملة نظافة في الفنادق والمستشفيات، جعلوها تتخلى عن وظيفتها ودورها العظيِم من حمل وإنجاب ورضاع وتربية، واشغلوها بالملذات والشهوات حتى أصبحت أسيرةً في قيود.
إن تخلي المرأة عن دورها الأساس في المجتمع ظهر له آثار عظيمة لديهم، حيث فقد الابن عطف أمه، فأصيب كثير منهم بالأمراض النفسية، وأرقام أعداد المنتحرين لديهم شاهد على ذلك وهي في ازدياد، ونتج عن ذلك تفكك الأسرة، لا الأب يعطف على زوجته وأبنائه ولا الأم تجد وقتاً لأسرتها فالكل مشغول بعمله وجمع ماله، وبأصدقائه، فأي حياة يعيشون، وأي سعادة سيجدون.
إننا نحن أهل الإسلام يجب علينا أن ننقذ البشرية جمعاء من الشرك بالله أولاً ثم من جميع المعاصي التي لا ترضي الله وعلى رأسها ما وصلت إليه البشرية من انحطاط خلقي في جانب الأسرة والمرأة . لذا يجب علينا أن نبدأ بإصلاح أنفسنا ومجتمعاتنا بالعلم والعمل والدعوة الصادقة ، فإن الله تعالى أوجب على هذه الأمة اقتفاء سبيل المرسلين [ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني من المؤمنين ]
لكِ في زمن الغربة .(2 من 21 )
2)المرأة وظلم الرجل :
لقد وصل الحال في المجتمعات الغربية ومن شابههم من مجتمعات المسلمين الذين ساروا وراءهم حذو القذة بالقذة إلى أن جعلوا المرأة سلعة تباع وتشترى وتستبدل، فمتى كانت شابةً جميلة جَنَوا من ورائها الأموال الطائلة في مسارحهم ودور رقصهم ولهوهم ومتى انتهى شبابها استبدلت بغيرها كأي سلعة رخيصة.
فهل من دعوة صادقة نطالب فيها نحن المسلمون بحقوق المرأة في العالم بأسره، نطالب فيها بحقوق هذه الضعيفة التي سلبها إياها أدعياء الحضارة والرقي.
إننا نحن المسلمين يجب علينا أن ندعو العالم بأسره إلى إنصاف المرأة ورد حقوقها لها فنحن أهل الحق، والحق أقوى من باطلهم، فنقذف به على ما عندهم فيدمغه فإذا هو زاهق.
هلاّ ندعو المرأة إلى الحياء والعفة والحياة الكريمة، ولنبدأ بأنفسنا وأهلينا ونساء أمتنا أولاً ثم ننشر هذا الخير والنور في أنحاء العالم .
إن مما نفتخر به ونرفع به رؤوسنا ما زخرت به كتب أسلافنا من أمثلة رائعة للمؤمنات اللاتي تركن أجمل القصص في كل جانب فالمرأة شقيقة الرجل نعم شقيقته في الإيمان بالله وطاعته وعبادته وامتثال أوامره ، ألم يضرب الله مثلاً لكل مؤمن ومؤمنة بامرأة فرعون، فجعلها نبراساً في آيات تتلى إلى قيام الساعة يهتدي بها كل مسلم ومسلمة فمن أرادت أن تعرف مكانها فلا تنظر لزهرة الحياة الدنيا التي لدى أعداء الله، بل تنظر إلى تاريخ الأمة المشرق وسترى كيف كانت المرأة صاحبة حق عظيم ومكان كريم بدينها وشرفها وعفتها وقربها من ربها.
وليكن من دعوتنا لهذا الحق والخير الذي أضعناه تمسكنا بديننا وأخلاقنا ثم عرضه على البشرية حياً واقعاً ملموساً لا تناقض فيه بين القول والعمل .
يقول أحد زعماء الغرب وهو مرماديوك باكتول: ( إن الـمـسـلـمـيـن يـمـكـنـهــم أن يـنـشـروا حـضـارتـهـم فـي الـعـالـم الآن بـنـفـس الـسـرعـة الـتـي نـشـروهـا بـهـا سـابـقـاً، بـشـرط أن يـرجـعـوا إلـى الأخـلاق التي كانوا عليها حين قاموا بدورهم الأول، لأن هذا العالم الخاوي لا يستطيع الصمود أمام روح حضارتهم) من كتاب قادة الغرب يقولون ص 48
حقاً إن العالم اليوم خاوٍ من الأخلاق، خاوٍ من كثير من الفضائل.
فهلا تأمل المسلمون الشرط الذي ذكره باكتول وهو الرجوع إلى محاسن الشريعة وعظمتها وقوتها حتى يصبحوا دعاةً بأفعالهم قبل أقوالهم.
لكِ في زمن الغربة (3)
3)المرأة المبشرة بالجنة
لقد علمنا بالمبشرين بالجنة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هل هناك مبشرات بالجنة ؟
هل ساوت المرأة الرجل في هذا الجانب ؟
هل نافسته ؟
هل سبقته ؟
نعم لقد نافست المرأة الرجل في دخول الجنة.
فهذه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها يأتي جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: (اقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ومني، وبشرها ببيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب). رواه البخاري ومسلم
وهذه فاطمة رضي الله عنها يقول لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة ) رواه مسلم وفي رواية لغيره ( سيدة نساء أهل الجنة )
وهذه أم سليم ـ رضي الله عنها ـ قال عنها صلى الله عليه وسلم: ( دخلتُ الجنة فسمعت خشفةً بين يدي فإذا هي العـميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك ) فرضي الله عنها سبقت النساء والرجال إلى الجنة اللهم ارض عنها وعن كل صحابيات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما المرأة السوداء التي رآها ابن عباس فقال : هذه امرأة من أهل الجنة، ثم أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم خيرها بين الصبر والجنة، حيث جاءته وقالت:
يا رسول الله إني امرأة أصرع فادع الله لي.
فقال: أتصبرين ولك الجنة؟
قالت: نعم، ولكن ادع الله لي أن لا أتكشف.
فدعا الله لها فكانت تصرع ولا تتكشف رضي الله عنها، بشرت بالجنة لصبرها على قدر الله، ومع بشارتها بالجنة فهي لا تريد أن يرى أحد شيئاً من جسدها، ولو حصل ذلك فهي معذورة لكنها تكرهه .
فأين هذه الصحابية التي بشرت بالجنة وتكره أن يرى أحد شيئاً من جسدها، أين هي ممن لم يبشرن بالجنة ويعرضن أجسادهن أو شيئاً من مفاتنهم لكل غادٍ ورائح ؟؟؟ أين هي من نساء المسلمين اليوم الاتي قلدن النساء الغربيات في لبسهن الضيق والشفاف والبنطال ؟؟ تخشى أن ينكشف شيء من جسدها وهي معذورة شرعا ، فلا إله إلا الله ما أتقاهن لله !!
لكِ في زمن الغربة (4)
4)نساءٌ تقيّات :
لقد ضربت المرأة المسلمة أروع الأمثلة في تقوى الله ومراقبته في السر والعلن. فهذه امرأة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسمعها تخاطب أمها التي تدعوها لمزج اللبن بالماء فتقول الأم: إن عمر لا يرانا فتجيب تلك المؤمنة في خوف ووجل من الله:
ولكن رب عمر يرانا، فيسمعها عمر رضي الله عنه ويزوجها لابنه عاصم، فتنجب بنتاً كان من نسلها عمر بن عبد العزيز رحمه الله .
هكذا تكون المرأة التقية، أصل لفروع زكية ندية.
وهذه امرأة من أهل اليمن اشتهرت بالتقوى والخوف من الله تسمى ( سوية ) كانت تقول مخاطبة ربها عز وجل ( أراك خلقت سوية من طينة لازبة، غمرتها بنعمك، تغذوها من حال إلى حال وكل أحوالك لها حسنة، وهي مع ذلك متعرضة لسخطك بالتوثب على معاصيك فلتة في إثر فلتة، أترى أنها لا تظن أنك لا ترى سوء فعالها؟ بلى وأنت على كل شيء قدير) فتبكي وتقوم الليل حتى ماتت رحمها الله وهي على ذلك.
وهذه امرأة كانت تحقر نفسها، إذا قيل لها: ادع الله لنا، فتقول وهي تبكي: ومن أنا يرحمك الله؟ أطع ربك وادعه فأنه يجيب المضطرين. وكانت إذا غلبها النوم بالليل تقول معاتبةً نفسها: يا نفس لم تنامين؟ وإلى كم تقومين؟ يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النّشور فتقوم تصلى حتى تصبح.
لقد بلفت التقوى بهنّ مبلغاً، وأثـرت فـي حـيـاتـهـنّ حتـى أن إحـداهـن لـتعرف سبب حرمان الطاعة ، تقول أم الأسود بنت زيد: ما أكلت شبهةً إلا فاتتني فريضة أو طاعة .
هـكـذا تـزكـو الـنـفـوس فـتـرتـفـع عـن حـطـام الـدنـيــــا ولـذائـذهـا لـتـشـتـغـل بـالآخـــرة وتـجـعـلـهـا هـمـهـا.
هكذا خشية الله والخوف منه ، يقودهن إلى العمل الصالح والاستعداد ليوم الدين .
نسأل الله أن يجمعنا بالصالحين يوم الدين ، ونسأله أن يصلح جميع نساء المسلمين ويقيهن شر الشياطين والمنافقين . اللهم آمين .
لكِ في زمن الغربة (5)
5)مسلمات معينات على الطاعة
هذه خديجة رضي الله عنها السابقة لغيرها، المنفردة بالفضل على من سواها، أول من آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم من خير نساء العالمين، قال عنها صلى الله عليه وسلم: ( خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة عليها السلام) رواه البخاري ومسلم
لقد وقفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نزل عليه الوحي وصدقته وآزرته وقالت قولتها المشهورة ( والله لا يخزيك الله أبدا ) وتذهب به إلى ورقة بن نوفل وتقول: اسمع من ابن عمك ، لم تتركه ولم تتخلّ عنه بل كانت نعم العون لنبي الله صلى الله عليه وسلم.
إن المرأة المسلمة لها دور عظيم في تذكير زوجها إذا نسي، ومعاونته على أمور دينه و دنياه ، إذا غفل ذكرته، وإذا ابتلي صبرته، وإذا احتاج أعانته ، تدعوه للآخرة، وتدنيه من طاعة الله .
هذه عمرة امرأة حبيب العجمي، إذا نام زوجها عن قيام الليل قالت له: قم يا رجل فقد ذهب الليل وجاء النهار وبين يديك طريق بعيد وزاد قليل قوافل الصالحين قد سارت ونحن بقينا.
عجباً لها تذكره وتعينه على الطاعة لا تشغله بالدنيا الفانية، فكم من النساء اليوم من تشغل زوجها وترهقه بأمور الدنيا وزينتها مما لا حاجة لها فيه إلا تقليد الآخرين ومتابعة الفارغين من أهل الدنيا والمعرضين عن الدين .
وهذه امرأة ترى غفلة في زوجها وتقصيراً فتقول: قم ويحك إلى متى تنام؟ قم يا غافل إلى متى أنت في غفلتك؟ أقسمت عليك أن لا تكسب معيشتك إلا من حلال. أقسمت عليك ألا تدخل النار بسببي، برّ أمك، وصل رحمك، لا تقطعهم فيقطعك الله .
أما نساء اليوم فلسان حالهن ومقالهن : اقطع رحمك واترك أمك واقترض من البنوك الربوية... المهم أن أرض عنك فهذه هي السعادة.
شتان بين داعية إلى الدنيا ولذاتها، وأخرى تدعو إلى الآخرة وترجو رحمة ربها. ولا عجب فلقد قال صلى الله عليه وسلم ( فاظفر بذات الدين تربت يداك)
يا من تريدين السعادة وتبحثين عن القدوة عليك أن تحتذي حذو الصالحات وتقتفي آثارهن وتتأسي بهن .
هذه فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم سيدة نساء هذا الأمة يقول عنها علي رضي الله عنه: لقد تزوجتها وما لي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلق عليه الناضح بالنهار، وما لي ولها خادم غيرها.
ويقول عنها عطاء بن أبي رياح: إن كانت فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعجن وان قصتها لتضرب الأرض والجفنة.
ويقول عنها علي رضي الله عنه: لقد جرت بالرحى حتى أثر بيدها، واستقت بالقربة حتى أثرت بنحرها، وقمّت البيت حتى اغبرت ثيابها.
هكذا المرأة المسلمة لا تجد فراغَاْ تعمل بالليل والنهار ترجو رحمة العزيز الغفار ، تخدم زوجها ، وتعتني ببيتها ، وتشتغل بشؤونها .
شتان بينهن وبين اللاتي يبحثن اليوم عن عمل خارج بيوتهن لا من حاجة وإنما ليجنين منه الأموال ويصرفنها على زينتهن ويتخلين عن عمل عظيم لا يقوم به سواهن ، عمل البيت وخدمة الزوج وتربية الأبناء .
أين هؤلاء من التأسي ببنت خير عباد الله محمد صلى الله عليه وسلم ولو كان في خروجها من بيتها خير وعملها في غير بيتها نفَع لأمرها به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.
لكِ في زمن الغربة (6)
6)المسلمة ذات مطالب عالية
لقد افترقت المسلمة عن الفاجرة والمنافقة بأنها ذات مطالب عالية، ومقاصد سامية، دينها أعز ما تملك، وحياؤها أغلى شيء لديها، الدنيا لديها رخيصة زائلة، والجنة عندها عالية غالية، ترجو الله، وتعرض عما سواه، سعادتها القرار في بيتها، وراحتها ألا ترى الرجال ولا يرها الرجال، وقرة عينها نصرة دين ربها.
هذه امرأة حسناء ذات جمال تسمى ( حسنة ) خطبها بعض الرجال فأبت، فعُوتبت في ذلك فقالت: ائتوني برجل يصوم ويأمرني، ويتصدق ويحضني، ويقوم ويوقظني، فوالله ما في نفسي أن أعبد الدنيا ولا أتنعم مع رجال الدنيا.
الله أكبر إعراض عن الزواج لا لشيء إلا لفقد الرجل العابد في نظرها ، ولو أرادت الدنيا لوجدت من يدفع لها أغلى المهور ويبني لها أجمل القصور ، ولكنها استغنت بالباقية عن الفانية .
وهذه ألوف الموصلية بخطبها رجل من أهل المنصب والثراء،
فقالت: قولوا له: والله ما يسرني أنك لي عبد وجميع ما تملكه لي، وأنك تشغلني عن طاعة الله .
إنها أنفة الدين، وشموخ بطاعة رب العالمين، إنها عزة المؤمنات في ذلةٍ لفاطر الأرض والسماوات .
لقد زهدن في الرجال، وتركن الدنيا وزينتها رغبة فيما عند الله، فإذا كان الزوج سبب لشقاء الآخرة فلا.
وإذا كان الزوج بماله وجاهه سبب للبعد عن الله فلا.
إنهن لا يرضين إلا بزوج ذا خلق ودين ، يعين على طاعة رب العالمين ، بعيد عن العصاة والغافلين .
أما بعض نساء اليوم فيبحثن عن صاحب الدنيا ولو ضاع الدين ، يرغبن في الأموال والمتاع الزائل فلا يجدن إلا الحسرة والندّم، عند تضييع الآخرة وشراء الدنيا.
تلهث إحداهن وراء الأموال ، وترضى بالتافه من الرجال ، وتغفل عن ربها الكبير المتعال .
لكِ في زمن الغربة (7)،،(8)
7 ) المسلمة المتصدقة
إن الصدقة برهان المحبين، ودليل الصادقين، إذا خرجت من نفس طيبة زكتها، فلا يبذلها إلا المخلصون، ولا يخرجها إلا الذين آمنوا بيوم الدين ، وأيقنوا بثواب رب العالمين .
عن عطاء قال: بعث معاوية ـ رضي الله عنه ـ إلى عائشة رضي الله عنها بطوق من ذهب فيه جوهر قُوّم مائة ألف، فقسمته بين أزواج النبي صـلــى الله عليــه وسلم.
وعن عروة قال: لقد رأيت عائشة رضي الله عنهــا تـقـسـم سـبـعـيـن ألـفـاً وهـي ترقع درعها، نعم ترقع درعها وتنفق مالها ليرضى عنها ربها وخالقها .
أيـن هــذا مـن نسـاء اليــوم اللاتــي تشتــرى احداهن الدرع واللباس بآلاف الريالات لتلبسه مرة واحدة ثم تتركه فضلاً عن أن ترقَعه، وإذا طُلبت منها الصدقة، أخرجت أسوأ ما لديها من لباس وتخلصت منه وقالت صدقة لله تعالى ونسيت [ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ] .
أما زينب بنت جحش رضي الله عنها يبلغها عطاء عمر رضي الله عنه فتنفقه كله ولم تبق منه شيئاً.
وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء وجودهما مختلف أما عائشة فكانت تجمع الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسمت، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئاً لغد.
روى ابن الجوزي عن ابن السماك: أن نفراً وردوا على عجوزٍ في بعض البوادي يسألونها بيع شاة. فقالت: ما كنت لأبيع ابن السبيل شيئاً ولكن خذوها على ما عند الله فبكى ابنُ السماك راوي القصة وقال: رحمها الله فقهت في بدوها.
رحم الله المتصدقات الفقيهات، وأصلح الله نساء المسلمين اللاتي تنفق أحداهن على تحسين ثيابها وحذائها أكثر مما تتصدق به.
8 ) مسلمات بعيدات عن مواطن الريب
المسلمة حقاً تربؤبنفسها عن مواطن الشبه فلا تسير في أماكن الفجور ، ولا تخلو بغير محرم ، ولا تنظر نظراً محرما ولا تركب مع سائق أو أجنبي عنها ، لأن ذلك كله سبب لأن تلصق بها تهمة باطلة أو سمعة سيئة .
روى الذهبي رحمه الله بسند صحيح في سير أعلام النبلاء الجزء الثاني ص291 في سيرة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها ، قال : روى عروة عن أسماء ، قالت : تزوجني الزبير وما له شئ غير فرسه ، فكنت أسوسه وأعلفه ، وأدق لناضحه النوى ( أي تطحن نوى التمر ليأكله بعيره ) وأستقي وأعجن وكنت أنقل النوى من أرض الزبير _ التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم _ على رأسي _ وهي على ثلثي فرسخ _ فجئت يوماً والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر فدعاني ، فقال : إخ إخ ليحملني خلفه ، فاستحييت وذكرت الزبير وغيرته ... إلخ ...
نعم تذكرت غيرة زوجها وأبت أن تركب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعيره وهو عليه الصلاة والسلام أتقى خلق الله وصاحب أبيها وزوج أختها وهو في نفر من الناس ، نعم أبت أن تركب وفاءً لزوجها وبعدا عن إثارة غيرته وبعدا عن مواطن الريب ، إنها والله مثال للمرأة الصالحة .. وهنا صرخة تنبيه لمن تركب مع سائقي الأجرة أو مع السائقين الذين ليس بينها وبينهم قرابة ، أقول لهن اتقين الله تعالى في أنفسكن وفي أهليكن وابتعدن عن مواطن الريب وأماكن الشبه ، فلا تركب إحداكن إلا مع ذي محرم ، ولتبتعد الصالحة عن الشبهات فضلاً عن المحرمات ، ولتعلم أن شرفها وعزها وفخرها في حيائها وعفتها وحسن سمعتها .
لكِ في زمن الغربة (9)
9) المسلمة العابدة
إن للمرأة المتعبدة فضل في الدنيا والآخرة، كيف لا وهي تذكر ربها وتذكرك, وتطيع خالقها ولا تعصي زوجها ، إن المرأة العابدة في زمن الملذات والشهوات قد نالت الخيرات واتبعت الصالحات ، تحفظ دينها وعرضها ، وتصلي فرضها ، وتطيع ربها ، وتحفظ لسانها ونظرها خوفاً من عقاب ربها ، إنها تشتغل بمعالي الأمور ، ليرضى عنها ربها الغفور .
هذه حفصة رضي الله عنها أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلقها فجاءه جبريل عليه السلام فقال: لا تطلقها فإنها صّوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة.
أما زينب رضي الله عنها تقول عنها عائشة رضي الله عنها: كانت زينب بنت جحش قد عصمها الله بالورع لم أر امرأةً أكثر خيراً وأكثر صدقة وأوصل للرحم وأبذل لنفسها في كل شيء يتقرب به إلى الله عز وجل من زينب..
وهذه عجردة العمية ذكرت عنها كتب السير أنها كانت تقوم الليل كله إلى السحر فإذا أصبحت جلست تسبح الله وتذكره حتى تطلع الشمس وكان هذا دأبها ثلاثين سنة.
روى ابن الجوزي عن روح بن سلمة الوراق أنه قال لقفيرة العابدة: بلغني أنك لا تنامين بالليل، فبكت ثم قالت: ربما اشتهيت أنْ أنام فلا أقدر عليه وكيف ينام أو كيف يقدر على النوم من لا ينام حافظاه ليلاً ولا نهاراً؟ قال: فأبكتني والله.
وهذه امرأة تزوجها رياح القيسي فلما كان الليل نام ليختبرها فقامت ربع الليل ثم نادته: قم يا رياح فقال: أقوم فلم يقم.
فقامت الربع الآخر ثم نادته: قم يا رياح. فقال: أقوم فلم يقم.
فقامت الربع الآخر وقالت: قم يا رياح فقال أقوم فلم يقم.
فقالت: مضى الليل وعسكر المحسنون وأنت نائم! ليت شعري من غرني بك يا رياح.
قال: وقامت الربع الباقي.
أين نحن من مثل هؤلاء العابدات؟ أين نحن من مثل هؤلاء القانتات؟ أين نساء اليوم اللاتي اشغلن من حولهن باللهو والنزهات والرحلات؟، أين أولئك الصالحات من نساء اليوم اللاتي يقضين أوقاتهن بالسّاعات أمام المسلسلات ؟ أو بالخروج إلى الأسواق والطرقات؟ إن الفرق شاسع بين ألئك الزاهدات وبين المسلمة التي انتمت للإسلام وأهله وتحجبت وسترت محاسنها واكتفت من الدين بهذا ونسيت النوافل والعبادات ولم تعتنِ بقيام الليل وصيام النهارولكن الخير في هذه الأمة إلى قيام الساعة :
هذه فتاة قبل عامين من الآن عمرها 22 سنة أصيبت بسرطان الدم وهي من الصالحات ، فوافتها المنية يوم الإثنين قبل أذان المغرب وكانت صائمة ومتوضأة ومستقبلة القبلة تنتظر الأذان وفي يدها تمرة فماتت قبل تمام صيامها وهي ضاحكة متبسمة ، أسأل الله تعالى أن يسكنها الفردوس الأعلى .
نعم هكذا الحياة الطيبة تعيش المسلمة كريمة وتموت كريمة طائعة لربها ، فالبدار أخواتي لفعل الصالحات وترك المنكرات .
لكِ في زمن الغربة (10)
10 )المسلمة والليل
إن المرأة المسلمة تشغل ليلها بطاعة ربها تجعل من ظلامه وقتاً للتذلل بين يدي ربها ، ومن سكونه ساعة لمناجاة خالقها ، إذا نام الناس قامت ، وإذا غفلوا تذكرت ، وإذا سهروا يعصون الله ، تبيت قانتة آناء الليل قائمة وساجدة ترجو رحمة الله وتخشى عذابه.
هذه الحولاء أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرت فرأتها عائشة رضي الله عنها فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها لا تنام الليل.
فقال عليه الصلاة والسلام ( خذوا من العمل ما تطيقون فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا )رواه مسلم
إن قيام الليل يعجز عنه كثير من الرجال، ولكن المسلمة المؤمنة بالله واليوم الأخر جعلت من الليل وقتاً لمناجاة الخالق سبحانه ودعائه والسجود بين يديه.
روى ابن الجوزي عن فاطمة بنت محمد بن المنكدر أنها كانت تصوم النهار وإذا جنَّ عليها الليل أحيته بالدعاء والصلاة وتسأل ربها العتق من النار.
وهذه حبية العدوية إذا صلت العشاء قامت على سطح لها فشدت عليها درعها وخمارها وقامت تصلي وتدعو وتقول: إلهي غارت النجوم ونامت العيون وغلقت الملوك أبوابها، وبابك مفتوح، وهذا مقامي بين يديك، فلا تزال تصلي حتى تصبح، فإذا كان السحر قالت: اللهم وهذا الليل قد أدبر وهذا النهار قد أسفر فليت شعري: هل قبلتَ مني ليلتي فأهنى أم رددتها عليّ فأعزى.
أما أم حيان السلمية يقول عنها أبو خلدة: ما رأيت رجلاً قط ولا امرأةً أقوى ولا أصبر على طول القيام من أم حيان السلمية إن كانت لتقوم كأنها النخلة.
روى ابن الجوزي عن أبي السيار عن عامر بن مليك البحراني عن أمه قالت: بت ذات ليلة عند منيفة ابنة أبي طارق، فما زادت على هذه الآية من أول الليل إلى أخره ترددها وتبكي ( وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم )
رحم الله المؤمنات العابدات القانتات الوجلات، اللاتي شغلن ليلهن بطاعة رب الأرض والسماوات، ينزل الله في كل ليلة في الثلث الأخير من الليل وهن صافات أقدامهن متلفعات بمرطهن باكيات ذليلات راجيات خائفات هكذا ليلهن، هكذا حياتهن يعملن لظلمة القبور يتذكرن يوم النشور.
هذه منيرة السدوسية كانت تقوم الليل وتقول: قد جاء الهول، قد جاءت الظلمة قد جاء الخوف، ما أشبه هذا بيوم القيامة. ثم تقوم فلا تزال تصلي حتى تصبح.
أما نساء اليوم فكثير منهن جعلن الليل سهر على المسلسلات، وتنقل بين القنوات، أو سهر على الشواطىء وفي المنتزهات، جعلن الليل محاربة لله ، وتضييعا لصلاة الفجر فضلاً عن قيام الليل، إذا صلت إحداهن الفجر في غير وقته زكّت نفسها ومدحت فعلها وذمت غيرها لتبرر صنيعها.
ألا ترى المسلمة اليوم سلفها من المسلمات ألسن نساءً مثلهن؟ ألسن قادرات على محاكاتهن والاحتذاء بهن؟ فأين المسلمة العاقلة التي تعلم أن الذين يدعونها لترك دينها أنهم إنما حسدوها على عزتها. وأرادوا إذلالها وإخراجها من منعتها وحصنها. فلتتنبه المرأة المسلمة ولتحتذي بمن سلف فإن في الاقتداء بهن الخير والصلاح بإذن الله تعالى.
يتبـــــع..
الروابط المفضلة