21- المسلمة والموت
عندما حضر الموتُ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها دخل عليها ابن عباس فقال: أبشري فما بينك وبين أن تلقي محمداً صلى الله عليه وسلم والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، كنتِ أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن يحب إلا طيباً، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبح الناس ليس معهم ماء فأنزل الله ( فتيموا صعيداً طيباً ) فكان هذا من سببك، ولقد أنزل الله براء تك من فوق سبع سماوات جاء به الروح الأمين فأصبح ليس مسجد من مساجد الله عز وجل يذكر فيه الله إلا تتلى فيه آناء الليل والنهار.
فقالت: دعني منك يا ابن عباس فوالذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً منسيّاً.
إن المسلم والمسلمة لا يغيب عنهما ذكر الموت لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أكثروا من ذكر هادم اللذات ـ الموت ـ )
هذه عجردة العمية كانت تقوم الليل كله ولا تنام، فقال لها أهلها: لو نمتِ من الليل شيئاً فبكت وقالت: ذكر الموت لا يدعني أنام .
وهذه بردة الصريمية لا تنسى ذكر الموت فإذا أصبحت وقيل لها كيف أصبحت؟ تقول: أصبحنا أضيافاً منتجعين بأرض غربة ننتظر إجابة الداعي.
أما منيبة البصرية يحضرها الموت فتقول أمها لأبيها: احفر لها قبراً وجهز لها كفناً ، فتبكي منيبة فيقال ما يبكيك فتقول: اليوم يحثـى عليّ التراب، اليوم يحثى على شبابي ولم أشبع من طاعة ربي، والله لو كانوا يجهزونني إلى مكة لطال بكائي فكيف وأنا أجهز إلى ظلمة القبور ووحشتها وبيت الظلمة والدود.
إن ذكر الموت يقض مضجع الصالحات، ينسيهن الدنيا والملذات، كيف لا وقد نزل الموت بمن قبلهن ، كيف لا وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن أكثر أهل النار من النساء .
فماذا أعدت المسلمة لذلك اليوم، عندما يسرع أهلها بتجهيز كفنها عندما تصلى عليها آخر صلاة وتحمل إلى قبرها عندئذ يحثو عليها التراب أحب أهلها إليها ثم يتولون مدبرين، فتبقى في بيت الظلمة والدود ليس لها أنيس ولا جليس إلا عملها الصالح فلتتجهز كل مسلمة لذلك اليوم العظيم بامتثال أمر الله وإتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين والحجاب والستر ولزوم ذكر الله وعبادته فإن الحياة قصيرة والموت قادم لا محالة .
خاتمة
أخـتــي الـمـسـلـمـة مــا ذكـرته فـي هــذه الـسلسلة المختصــرة هــو شــيء مـــن قصــص الصـالحــات وكتــب السيــر مليئــة بمـا هــو أعظــم مـن ذلـك، ولكــن هـدفنـا هــو تـوجيــه نـظــر المسلمــة إلـى سلفها الصـالح للإقتداء بهن ولمحاكاتهن ولتعلم أن لها قدوات تحذو حذوهن.
أما ما يفعله بعض الكتاب اليوم من توجيه أنظار المسلمات إلى العاهرات والفنانات والمغنيات فإنه دعوة إلى السفور والبعد عن رحمة الله. إنها دعوة إلى تقليد من رضت بالدنيا واطمأنت بها، دعوة إلى نبذ الشريعة وان صدروا دعواتهم بأنهم يدعون إلى التطور بما يوافق شرع الله فإنها دعوى زائفة ينقضها واقعها. كيف تكون موافقة لشرع الله وقد دعت المرأة إلى الخروج لميادين عمل تخالط فيها الرجال وتنزع حجابها وحياءها وترتدي لباس الفتنة لتسخط الرحمن وترضي به الشيطان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأخيراً أدعوا كل مسلمة ومسلم إلي الدعوة إلي الله بالعمل الصالح والقدوة الحسنة فان العالم اليوم بحاجة إلي من يرشدهم إلى مكارم الأخلاق وإلى محاسن الأعمال فإن المجتمعات المادية تشكو من الفراغ الروحي والفشل الاجتماعي.
فهلا كنا نحن الداعين وهلا كنا نحن الذين ننقذ البشرية من أوحال الرذائل إلي حدائق الفضيلة وسمو تعاليم شرع الله تبارك وتعالى .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( انتهت السلسلة .. ولم تنته محبتنا للصالحين )
رد مع الاستدلال
الروابط المفضلة