كلمات من محب فهل من حبيب يسمع؟!!!
الحمد الله وكفى ، والصلاة والسلام على المصطفى ، وعلى آله وصحبه ومن لسنته وبسنته اقتفى واكتفى .
أما بعد .
فتتنوع الأمثال في القرآن ، وتضرب ترهيباً وترغيباً وإخباراً عما كان وما سيكون ، ولاتفقهها حق الفقه سوى القلوب التي أراد الله لها الخير ، فتعيها و تطبقها في نفسها ثم تولي إلى قومها منذرة ومرهبة ، كما في سورة الأحقاف لما أخبر تعالى عن الجن ، قال تعالى ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ) .
يرغبك الله في طاعته ، ويرهبك من مخالفة أوامره ومعصيته ، وهو الغني وأنت الفقير له ، ومع هذا كله يعجز الإنسان ويكسل ، ويعشو عن ذكر ربه ويتجبر ، و يظلم نفسه ويمعن ، والله تعالى يمهل ولا يهمل ، ويمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، فقد قال تعالى ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ) وقال صلى الله عليه وسلم (إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته). قال : ثم قرأ : (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) وقال صلى الله عليه وسلم ( إذا رأيتم الرجل يعطيه الله ما يحب وهو مقيم على معصيته فاعلموا أن ذلك استدراج , ثم قرأ قوله تعالى : { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء } [الأنعام : 44] . .
تقرأ في السور الكثيرة إخباره جل في علاه عن الأمم السابقة ، حضارات ، ومدن ، وقرى ، جيوش ، وجبابرة ، أنعم الله عليهم ، أجزل عليهم عطائه جل وعلا ، فمنهم من آمن وشكر ، ومنهم من تكبر وكفر ، ومنهم من انسلخ مما أنعم الله عليه ..
لتعتبر وتتعظ وتعمل لآخرتك ..
وكل هذا في الدنيا ، في دار العمل ، وأما في الآخرة ، في دار الجزاء ، قطع الله آمالهم وقضى بعدله وكرمه أمراً لا قبل لهم بمخالفته ، فقد قال تعالى عن يوم القيامة ( وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ ) وقال تعالى ( هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ، وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) وإنما تكون جلودهم وأيديهم وجوارحهم عليهم شهود ، قال تعالى ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ..
فهي الشهود الصادقة .
والتي تشهد على صاحبها وتشهد لصاحبها بما كان يفعل بأمر الله .
فقد قال تعالى حاكياً كلام أهل الثبور لجلودهم : (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا) ترى لما ..؟ أليست بشهادتها هذه ستتعذب ..؟ لا محيص لها ولا مفر من هذه الشهادة ، وتخبر أصحابها فتقول ( قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) الله أكبر .
وقال صلى الله عليه وسلم ، ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال "هل تدرون مما أضحك؟" قال قلنا : الله ورسوله أعلم. قال "من مخاطبة العبد ربه. يقول : يا رب! ألم تجرني من الظلم؟ قال يقول : بلى. قال فيقول : فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني. قال فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا. وبالكرام الكاتبين شهودا. قال فيختم على فيه. فيقال لأركانه : انطقي. قال فتنطق بأعماله. قال ثم يخلى بينه وبين الكلام. قال فيقول : بعدا لكن وسحقا. فعنكن كنت أناضل".) .
فالمراد والبُغية وأصل المسألة ..
إيقاظ القلوب من غفلتها .
وتذكير النفوس بحقيقة خلقها .
فنسأل الله السلامة والنجاة .
منقول
الروابط المفضلة