بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
قال الشيخ/ زيد بن محمد بن هادي المدخلي في"رسالة فقه الدعوة إلى الله ونعوت الداعية"ص(27 ) : إن الداعية إلى الله يعتبر طبيبًا متخصصًا في علاج ثلاثة أمراض معنوية مشهورة وخطيرة:
مرض الجهل الذي حذَّر الله منه خاتم رسله محمدًا صلى الله عليه وسلم وأمته تبع له في ذلك، حيث قال : فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ [الأنعام: من الآية35]. وذمَّ الله أهله، وضرب لهم أخطر المثل في عدد من الآيات المحكمات، منها قوله تعالى: وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً [الإسراء:72]. وقوله تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ [الرعد:19].
ففي هاتين الآيتين بيان واضح أن الجهل مرض خطير، وسبب في شقاء أهله في الدنيا والآخرة، ولقد جاء فِي الأثر: "اغد عالِمًا، أو متعلمًا، أو مستمعًّا، أو مُحبًّا، ولا تكن الخامس فتهلك"(1 ). فقد دل على أن النفرة من العلم وعدم محبة أهله، واختيار الجهل عليه، هلاك أيُّما هلاك.
وطبيب هذا المرض: هو الداعية إلى الله الذي فضله الله بِميراث الرسل والأنبياء، ألا وهو العلم النافع الذي يثمر العمل الصالح.
وثانيها: مرض الشبهة.



وثالثها: مرض الشهوة.
فالأول: يعالج بالتعليم والبيان حتى يحل اليقين محل الشكوك والشبه.
والثاني: يعالج بالصبر الشرعي؛ إذ الصبر هو الدافع للشهوات والإرادات الفاسدة.
وطبيب هذين المرضين أيضًا: هو الداعية إلى الله على بصيرة، وهذا الطبيب الذي أعطاه الله الحكمة في علاج ما سبق تدوينه من أنواع الأمراض، هو أيضًا في نفس الوقت فارس مقدام في ميدان الجهاد بِما تحمل كلمة الجهاد من معنى، فهو يجاهد خمسة أصناف من الأعداء هم:
• النفس الأمارة بالسوء.
• الشيطان عدو الإنسان.
• المنافقون.
• الكفار الصرحاء.
• الظالمون من أهل البدع والكبائر.
وتراه قد أعد لكل صنف عدته بحسب ما أتاه الله من حجة علمية، وحكمة دعوية، موزونة بميزان الدعوة النبوية، ومقيدة بقيود صحيحة شرعية، وضوابط مستقاة من القواعد الفقهية.
ــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــ
(1 ) أورده الهيثمي في المجمع (1/47) وقال رجاله موثقون. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة برقم (2836