بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله أن الله ربي ..
لأنه لو ترك حسابنا على الغير لضعنا ..
بهذه البساطة عبرت ما في نفسي .. فمن غير الله يقبلنا ؟
من غير الله يتجاوز عنا ؟ من غير الله يرحمنا ؟
تأملت في مجتمع الصحابة وكم عشقت ذلك المجتمع وما زلت متعلقا به أهفو اليه ..
أكان صافيا لم تشبه معصية ؟
كــلا .. بل ان من تمام كماله انه كان مجتمعا بشريا لا يخلو من بعض الزلات والهفوات
وذلك ليس انتقاص لذلك المجتمع المثالي .. بل هذا مزيد رفعة في حقهم .. فلو كانوا معصومين
لقلنا ومن يفعل فعلهم وقد عصمهم الله .. ولكنهم كانوا بشرا وهذا يجعلنا نقف عاجزين أمام شموخهم وعظمتهم.
تأملت في ( ماعز رضي الله عنه ).. شاب يزني ويقام عليه الحد ويقتل .. انتهت القصة عند هذا الحد لكنها عندي
كانت البداية .. ترى هل زنى ماعز رضي الله عنه فجأة وبدون مقدمات ؟ كلا بالتأكيد .. تخيلت ماعزا وقد استقام وهدي الى الاسلام..
ثم تأملت حاجته للانثى .. وتخيلت تلك المرأة التي كانت تمر من أمامه رضي الله عنه فيفتن بها ..
وفكرت فيها وهي المحصنة وهو المحصن ..أي كانت زوجته عنده وبالرغم من ذلك
فكر في المعصية تفكيرا قويا لدرجة أخرجته عن نفسه فوقع ما وقع ..أتلاحظون ما يحدث .. بشر حقيقي ..
ثم ماذا يحدث بعد ذلك ؟تؤنبه نفسه .. يلتاع قلبه .. يحس بعظمة ما حدث .. يا الله زنى بمحصنة وهو محصن ..
في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فتضيق به الارض .. وتضيق به نفسه .. ويفر الى الله ويسلم نفسه .. يرجو الموت ليحيا ..ليطهر من ذنبه العظيم ..
ويشفق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فيبتعد عنه ويصر على الموت ليطهر وتطهر نفسه..
ثم يُرجم رضي الله عنه وجمعنا به في الفردوس..
تخيلتم ما حدث .. لم تنته القصة بعد .. تخيلته وهو يُرجم ..
احجار تسقط فوقه ..تؤلمه ..الدماء تتفجر ..يا الله ارحم ضعفنا ..
وهنا يأتيه وسام النبوة ..
( لقد تاب توبة لو قسمت بين امة لوسعتهم ) ..
في المدينة ابوبكر الذي يزن الامة .. وفيها عمر الذي يزن الامة .. وفيها كبار الصحابة ..
ثم تكون توبة الرجل الذي عصى الله كافية لاولئك الجبال ...
ارأيتم الرحمة .. تخيلتم الصورة .. جثة ممزقة فيها عبرة لكل رجل ألا ينتهك أعراض المسلمين ..
اختلط الدم باللحم وتبعثرت هنا وهناك ..غطتها الاحجار..والصحابة يقفون وفيهم خير الامة ..فيهم من علم الامة
فيهم من قاد الفتوح فيهم الحفاظ والعلماء فيهم اهل الصدقة والصوم والجهاد ومعهم خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام
ثم يخبر صلى الله عليه وسلم ان توبة هذا الرجل تكفي كل اولئك العمالقة...
=======
وتأمل ( ابي محجن رضي الله عنه )..شاب قوي يُفتن بالخمر ..فيشربها ..ويقام عليه الحد ..ثم يشربها ثم يجلد ..
في صورة متكررة يمل منها الصالح .. ويتعب معه سعد بن ابي وقاص فيقرر ألا يضيع وقته مع هذا الرجل
فكانت المصيبة ..أن يُسجن ويُمنع من المشاركة في الجهاد ..
كانت القادسية .. وكان السجن وكان العذاب .. يفوق من سكره ليسمع الخيل والسيف ..
يريد النهوض فيمنعه القيد .. يسمع الاصوات فيعجز عن المشاركة .. ترى اي عقوبة هي تلك العقوبة ..
رأى فيها ألما أكثر من ألم السياط .. تمزقت نفسه .. تعذب قلبه .. آه للالم فيصرخ مسمعا الدنيا ..
كفى حزنا ان تلتقي الخيل بالقنا ::: واُترك مشدودا علي وثاقيا
اذا قمت عناني الحديد واغلقت ::: مصارع دوني قد تصم المناديا
أترون ما ارى .. اتشعرون بما اشعر به .. من الذي يتألم ؟ انه السكير .. من الذي يصرخ ؟ انه العاصي
من الذي يجود بدمعه ودمه ؟ انه مرتكب الكبيرة .. لم تمنعه معصيته من الحب لهذا الدين والمشاركة ..
ثم بصفقة حزينة وروح منكسرة يعقد صفقة مع زوجة سعد .. يا سلمى يا زوجة سعد أعطني
فرس سعد البلقاء فوالله الذي لا اله غيره لأن مت استرحتم مني .. وان حييت عدت اليكم ..
أتبكون لما يحدث..لأن مت استرحتم مني..نحن اذا ذكرناه ذكرنا البطولة لانه في عصر غير عصرنا
لكنه كان يرى نفسه حملا وعبئا ..هنيئا لكم يا أصحاب الارواح المنكسرة ..
ألهذه الدرجة موتك ايها الفارس راحة لقلوب.
ويشارك ويعود في قيده .. ويعلم سعد رضي الله عنه ويغير سياسته فيوقف الحد عنه ..
ويُصعق البطل ثانية ..
( ووالله لا اشربها ابدا .. كنت اشربها حينما كان يطهرني الحد .. أما الآن فلا )
=======
ما أريد قوله اننا بين هذين النموذجين نرحل ..
نحمل على الاول حرقة على خطيئة ..
ونحمل من الثاني ولاء وعملا لهذا الدين ..
لا ادري على اي شيء ابكي .. وعند اي صورة اقف ..ومع اي روح ارحل ..
كل الذي اقوله : الحمد لله اننا كلنا عبيـد له ..
يـــا عائدا الى الطريق .. يا غائبا عن المسير .. يا حاملا للمعاصي ..
ارأيت لخير المجتمعات ماذا حوى ؟
حوى ذنبا وعودة .. معصية وتوبة .. وهذا ربنا ورب كل شيء .. يرحم ويغفر ويعطي ويرفع ..
لا يمنعك ذنبك .. ولا تردك خطيئتك ..
فقـــط أقـبــل عليه .. وارحـــل اليه ..
مقال في احد الصحف(مع تصرف بسيط) ..اسأل الله ان يجزي كاتبه خيرا ..
الروابط المفضلة