بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين





* * *381- سأل صالح أباه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن حديث ابن عباس: «إياكم والغُلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغُلو» فقال الإمام أحمد: "لا تغلو في شيء حتى الحب والبغض" [مسائل صالح 304/1].
* * *
382- رأى سعيد بن المسيب رجلاً يُصلي في وقت النهي ركعات كثيرة فنهاه، فقال: يا أبا محمد يُعذبني الله على الصلاة؟ قال: لا ولكن يُعذبك على خلاف السُّنَّة.
* * *
383- ما أقرب النَّجاح لكثير من أبنائنا وبناتنا ولكن الكثير من الآباء والأمهات والمُعلِّمين والمُعلِّمات يبخلون بكلمة تشجيع وتوجيه ولمسة حنان قد يتوقف عليها فتح الأبواب وارتقاء درجات الفلاح، ولا يزال كثير من المُتميزين يذكر كلمات والده أو مُعلمه أو جاره، وكيف كانت سببًا لنجاحه، ودافعًا لارتقائه.
* * *
384- ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ قال المُفسِّرون: صلاح الآباء ينفع الأبناء، وتقوى الأصول تنفع الفروع، قال محمد بن المُنكدر: إن الله يحفظ بصلاح العبد، ولده، وولد ولده، وعترته، وعشيرته، وأهل دُوَيْرات حوله، فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم.
* * *
38- تحدَّث فأفاض وأسهب في الثناء على أستاذه ومُعلمه، ثم عرج على زوجته التي أعانته ووفرت له سُبُل الرَّاحة، ثمَّ أثنى على من راجع رسالته وصححها وخصهم بالأسماء فردًا فردًا؛ يُناقش أعلى الدرجات العلمية، ثم هو يخفق في البرِّ بوالديه وذكر فضلهما وإحسانهما.
* * *
386- أفسدت القنوات ما يسمى بالحبِّ .. وصوَّروا حياة الأزواج كلها همسة وهمسة!! نسوا أن المرأة تلد وتمرض وتكبر وتبكي!! أعظم أنواع الحبِّ هو ما كان في بيوت الأخيار .. يا زوجي: ما قمت البارحة تصلي ركعتين .. أنسيت اليوم وردك، جعلكَ ربي زوجي في الجنة .. أولئك أهل الحياة الطيبة!
* * *
387- أصبح طلب الرِّضا احترافًا يمتهنه الباعة وصولاً لكسب المُشتري وتسويق البضاعة، فكيف إذا كان طلب الرِّضا إخباتًا وعبادة، وشُكرًا لمن أغدق النِّعم ودَفْع النِّقم؟!
* * *
388- قال تعالى: ﴿وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ إفضاء الزوج إلى زوجته وإن كان الإفضاء الجسدي هو أحد معانيه إلا أن الأمر أوسع، إفضاء للمشاعر وللروح وللنفس وللهموم.
* * *
389- النَّمل من أحرص الحيوان ويُضرب بحرصه المثل، ويُذكر أن سُليمان صلوات الله وسلامه عليه لمَّا رأى حرص النَّملة وشدة ادِّخارها للغذاء استحضر نملة وسألها: كم تأكل النملة من الطعام كل سَنَة؟ قالت: ثلاث حبَّات من الحنطة فأمر بإلقائها في قارورة وبسد فم القارورة وجعل معها ثلاث حبَّات حنطة وتركها سَنَة بعدما قالت، ثم أمر بفتح القارورة عند فراغ السَّنَة فوجد حبَّة ونصف حبَّة فقال: أين زعمك؟ أنت زعمت أن قُوتك كل سَنَة ثلاث حبَّات، فقالت: نَعم ولكن لمَّا رأيتك مشغولاً بمصالح أبناء جنسك حسبت الذي بقي من عمري فوجدته أكثر من المُدَّة المضروبة، فاقتصرت على نصف القوت واستبقيت نصفه استبقاء لنفسي. فعجب سليمان من شدَّة حرصها.
* * *
390- ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ يُؤخذ من هذا ونحوه، قاعدة سدِّ الوسائل، وأن الأمر إذا كان مباحًا ولكنه يُفضي إلى مُحرَّم، أو يخاف من وقوعه، فإنه يُمنع منه، فالضرب بالرجل في الأرض الأصل أنه مُباح، ولكن لمَّا كان وسيلة لعلم الزينة مُنع منه!
* * *
391- ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً﴾ قال أبو حيان: وجعل الخلق من ضعف لكثرة ضعف الإنسان، أول نشأته وطفولته، ثم حال الشيخوخة والهرم، والترداد في هذه الهيئات شاهد بقدرة الصانع وعلمه.
* * *
392- سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: ما حكم صلاة النساء جماعة في المدارس والكليات؟
فأجاب: أرى أنه سُنَّة، وهذا هو نص عبارة الروض: "وتسن لنساء مُنفرِدات عن رجال"، ولأن النبي r أمر أم ورقة تؤم أهل بيتها.
* * *
393- المُتفرجون في هذه الدنيا كُثُر، منهم من أفنى عمره في الملاعب والآخر مُتسمرًّا أمام الشاشة، وقليل منهم من بذل بعض وقته في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ وخدمة دينه! واستقرئ واقع من حولك تعلم أين تذهب الأوقات وكيف تُقضى الأعمار.
394- ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ﴾. قال الشيخ السعدي رحمه الله: "فإذا كان هذا الوعيد لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بمن هو أعظم من ذلك، من إظهاره ونقله".
* * *
395- ما من عامل يعمل إلَّا وله نصيب من النَّجاح قلَّ أو كَثُر، هو يحتاج منَّا الكثير، فلنجاهد أنفسنا لدفعه إلى الأمام بكلمة طيبة أو إشارة عابرة، وما أقلُّ من يفعل. ومن استقرأ تاريخ البارزين وجد أن الأبواب فُتِحَت لهم بكلمة تشجيع ومُؤازَرة.
* * *
396- قيل إن العين إذا بكت من السرور فالدمع بارد، وإذا بكت من الحزن فالدمع يكون حارًا؛ فمِن هذا قيل: أقر الله عينه، وأسخن الله عينه, وممن قرَّت عينهم: مريم ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا﴾.
* * *
397- أن تكون رُدود الفعل هي المحُرِّك لعلاقاتنا وأعمالنا ودقائق حياتنا. معنى ذلك أننا نسير بلا هدى ولا جادة واضحة ولا نفسية مُتوازنة، الكثير يخسر أقاربه ومعارفه وأصدقاءه نتيجة رُدود فعل غير مُنضبطة، بل وهناك من خسر حياته كاملة؛ لأن رَدَّة فعله كانت قوية فسيق إلى القصاص نتيجة لذلك؛ وحديث: «لا تغضب» نبراس لرَدِّ فعل هادئ ومُتَّزن.
398- رحل في طلب العلم وهو شاب لم يتجاوز العشرين من عمره .. وطالت رحلته لأكثر من خمسة وأربعين عامًا .. وعندما عاد وقد اعتلى الشيب مفرقه وقد ناهز الخامسة والستين تزوج ورزق الأولاد وحدَّث الناس وعلمهم . إنه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده!
* * *
399- طُبِع غالب الناس على عدم الاعتذار عن الخطأ وظنُّوا أن ذلك يقدح في شخصياتهم وينال من كرامتهم، ولذلك فهم يتأوَّلون ويُبرِّرون ويرفعون الأصوات! وتكفي كلمة اعتذار لو أرادوا الحق! يرون أن الاعتذار منقصة ومَذمَّة! كيف وعمر رضي الله عنه اعتذر وهو على المنبر أمام الملأ .. ولأنها كلمة صادقة بقيت خالدة!
* * *
400- يَبْحُر المجدفون في رحلة الحياة، ولا بد من بلوغ الشاطئ بعمل صالح، فإن تسارعت المجاديف ويسَّر الله الريح يرسو القارب على شاطئ الأمان، وإلا فغيرك قد يسبق ويفوز .. ولا تزال تجدف .. وفي كل خير! ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.
كتاب أطايب الجني
د. عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن القاسم