السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:،
كيف لانحبه ؟!
كيف لا نحبه وهو أجود الناس " أجود الناس " هكذا عبّر ابن عبّاس رضي الله عنه عن شخصيّة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، لتكون كلماته تلك شاهدةً على مدى كرمه – عليه الصلاة والسلام - وجوده ، ولا عجب في ذلك ، فقد كانت تلك الخصلة خُلقاً أصيلاً جُبِل عليه ، ثم ازداد رسوخاً من خلال البيئة العربية التي نشأ فيها وتربّى في أحضانها ، والشهيرة بألوان الجود والعطاء .
وتبيّن لنا أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها تحلّيه –صلى الله عليه وسلم - بهذه الخصلة قبل بعثته بقولها الشهير : "إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف"( رواه البخاري ) ، وكلها صفات تحمل في طيّاتها معاني الكرم والجود .
وعندما نستنطق ذاكرة الأيام ستحكي لنا عن جوانب العظمة في كرم النبي صلى الله عليه وسلم ، يستوي في ذلك عنده حالة الفقر والغنى ، وهذا البذل والعطاء كان يتضاعف في مواسم الخير والأزمنة الفاضلة كشهر رمضان ، فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس ، وأجود ما يكون في رمضان ... فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة" متفق عليه .
ولقد نال النبي صلى الله عليه وسلم أعظم المنازل وأشرفها في صفوف أهل الكرم والجود ؛ فلم يكن يردّ سائلاً أو محتاجاً ، وكان يُعطي بسخاءٍ قلّ أن يُوجد مثله ، وقد عبّر أحد الأعراب عن ذلك حينما ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرأى قطيعاً من الأغنام ملأت وادياً بأكمله ، فطمع في كرم النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه كلّ ما في الوادي ، فأعطاه إياه ، فعاد الرجل مستبشراً إلى قومه ، وقال : "يا قوم ! أسلموا ؛ فوالله إن محمدا ليعطي عطاء من لا يخاف الفقر" رواه مسلم .
وقال جابر رضي الله عنه ما سئل شيئاَ قط فقال لا ( صحيح البخاري )
ومن المواقف الدالة على كرمه – صلى الله عليه وسلم – حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : " أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمال من البحرين ، فقال : ( انثروه في المسجد ) ، وكان أكثر مال أتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة ولم يلتفت إليه ، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه ، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه ، وما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثمّ منها درهم " (رواه البخاري )
وقد ألقت سحائب جود النبي صلى الله عليه وسلم بظلالها على كلّ من حوله ، حتى شملت أعداءه ، فحينما مات رأس المنافقين عبدالله بن أبيّ بن سلول ، جاء ولده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "يا رسول الله أعطني قميصك أكفّنه فيه ، وصلّ عليه واستغفر له" ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه ، رواه البخاري .
لقد كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ أولى الناس بقول القائل:
تراه إذا ما جئته متهللاً **** كأنك تعطيه الذى أنت سائله
تعود بسط الكف حتى لو أنه **** أراد انقباضاً لم تطعه أنامله
ولو لم يكن فى كفه غير نفسه **** لجاد بها فليتق الله سائله
كيف لا نحبه وهو الشجاع ، والشجاعة خلق فاضل، ووصف كريم، وخلة شريفة، لا سيما إذا كانت في العقل كما هي في القلوب، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- أشجع الناس على الإطلاق
حضر المواقف الصعبة ، وفر عنه الكماة والأبطال غير مرة وهو ثابت لا يبرح ، ومقبل لا يدبر ، ولا يتزحزح ، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة ، وحفظت عن جولة ، سواه .
شهادة الشجعان الأبطال له بذلك، فقد قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-، وكان من أبطال الرجال وشجعانهم، قال: "كنا إذا حمي البأس واحمرت الحدق نتقي برسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه". رواه أحمد في مسنده
وقال أنس رضي الله عنه : فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لابي طلحة عري وفي عنقه السيف وهو يقول لم تراعوا ، لم تراعوا ( صحيح مسلم والبخاري ) .
ولما أصاب الصحابة يوم حنين من الأذى والهزيمة ما أصابهم، فر بعضهم من أرض المعركة، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفر، فلقد كان على بغلته و أبو سفيان بن الحارث آخذ بلجامها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول بصوت عالٍ: ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) رواه البخاري و مسلم .
وفي يوم أحد، يوم أن خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيطر المشركون على زمام المعركة، لم يتزحزح النبي صلى الله عليه وسلم من موقفه، بل وقف موقف القائد القوي الشجاع، والصحابة من حوله يتساقطون، وحوصر صلى الله عليه وسلم من قبل المشركين، ولم يكن حوله إلا القلة من الصحابة يدافعون عنه، وبرز منهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، حينما دعاه رسول الله فناوله النبال وقال له: ( ارم يا سعد، فداك أبي وأمي ) رواه البخاري .
ثم إن قوة النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، لم تكن في غير محلها، فهذه عائشة رضي الله عنها تقول: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل) رواه مسلم .
أختكم فى الله
*زهرة السلام*
الروابط المفضلة