بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
241- نبني منازل ونُشَيِّد القصور! لكن كيف نحن بداخلها!!
السعادة الزوجية أشبه بقُرص من العسل تبنيه نحلتان، وكلما زاد الجُهد فيه زادت حلاوة الشهد فيه!
* * *
242- تسمى سورة (الإنسان) لأن الله ذكر فيها الإنسان في أربع أحوال:
- قبل الخلق ﴿لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا.
- عند الخلق ﴿مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ.
- في الدنيا ﴿هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا.
- في الآخرة ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا * إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا.
قال السعدي: ذكر الله منها أول حالة الإنسان ومبتدأها، ومتوسطها ومنتهاها.
* * *
243- في إخفاء الدُّعاء فوائد: أنه أعظم إيمانًا لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع دعاءه الخفي، وأعظم في الأدب والتعظيم، ولهذا لا تخاطب الملوك ولا تسأل برفع الأصوات، أنه أبلغ في الإخلاص، أنه أبلغ في جمعية القلب على الله في الدُّعاء، وأنه دال على قرب صاحبه من الله، وأنه لاقترابه منه وشدة حضوره يسأله مسألة أقرب شيء إليه, فيسأله مسألةَ مناجاة القريب للقريب ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً [الأعراف: 55].
* * *
244- الحياة الزوجية رحلة طويلة .. ومن مُتَطلبات الرَّحلات الطويلة: الصبر والإناة والتحمل، وحسن المعشر ولطف الحديث.
زوجتك في رحلة أعظم : تنجب لك الأبناء، وتحفظ بيتك، وتُداوي جرحك, تتفقد طعامك وشرابك وملبسك , يد حنون تمتد إليك وبسمة عذبة تحنو عليك .. إنها أجمل رحلة في الدنيا، وإنْ أتَّم ربك الخير فهي زوجتك في الجنة .. وهناك رحلة أخرى لا مُنتهى لها.
* * *
245- "إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ودوام عهده فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وكثرة بكائه على ما مضى من زمانه" [المستطرف 291].
* * *
246- قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عمل عندك؟ قال: كنت في صُبُوَّتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبى، فجاءتني امرأة، فقالت: يا أبا عثمان! أسألك بالله أن تتزوجني، فأحضرت أباها – وكان فقيرًا – فزوجني منها، وفرح بذلك؛ فلمَّا دخلَتْ إليَّ رأيتها عوراء عرجاء مشوهة!! قال: وكانت لمحبتها تمنعني من الخروج، فأقعد حفظًا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئًا، وإني على جمر الغضى من بغضها، قال: فبقيت هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتت، فما من عملي شيءٌ هو أرجى عندي من حفظي لقلبها.
* * *
247- (كيف أخدم الإسلام؟) كلمة رنَّانة لها في القلب وَقْع وفي النَّفس أثر. الدعوة إلى الله باب مفتوح لكل مسلم ومسلمة والناس بين مُقِلٍّ ومُسْتكثر، قال ابن القيم رحمه الله عن الدعوة: إنها أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها، وهي وظيفة المُرسلين وأتباعهم.
* * *
248- بعض النساء تتخذ من طيبة زوجها مطية لتنفيره عن والديه وأشقَّائه, فكل يوم تلقي كلمة في أذنه (فعلوا) (تركوا) حتى تتحول مع الأيام إلى حاجز بينه وبين أهله!
أيتها المسلمة: إيَّاك وأحبابه .. عفي لسانك عنهم أبًا وأمًّا أخا وأختًا ولا تُفسدي قلبه عليهم وتُكبري الأمور وتُوقدي النار، فإن أوَّل من يسقط فيها أنت .. وإن طال بك الزمن.
* * *
249- التفاؤل وعدم اليأس من عقيدة المسلم، فهو يتفاءل ولا ييأس من روح الله، وغالب الظُّلم الذي يُصيب المُسلم نتيجة للإحباط واليأس فليطردها بنور التفاؤل وحسن الظَّن بالله عَزَّ وجَلَّ، فكم فرج عن كربة، ويسر من عسير سبحانه.
* * *
250- الفوز والنجاح ليسا بمقدار الأعمال المُنْجَزة فحسب، بل بحسب نفعها وتأثيرها على الآخرين، وعلى هذا الأساس فالمسلم يحدد هدفًا نفعه عظيم وتأثيره رغبة في عظم الأجر وجزيل الثواب.
251- قال ابن تيمية رحمه الله: ولو حصل للعبد لذات أو سرور بغير الله فلا يدوم ذلك، بل ينتقل من نوع إلى نوع، ومن شخص إلى شخص، ويتنعم بهذا في وقت وفي بعض الأحوال، وتارة أخرى يكون ذلك الذي يتنعم به والْتَذ، غير مُنعم له ولا مُلتذ له، بل قد يؤذيه اتصاله به ووجده عنده، ويضره ذلك. [مجموع الفتاوى 1/24].
* * *
252- سورة النصر سورة مدينة؛ فيها البشارة أن دين الله عزيز منصور على مَرِّ الأزمان والعصور، وامتن الله عزَّ وجلَّ فيها على نبينا محمد ومن معه من الصحابة بنصر عظيم، ألا وهو فتح مكة وإزالة الأصنام والأوثان، ودخول القبائل بعد ذلك في دين الله أفواجًا، وبهذا الفتح المُبِين ارتفعت راية الإسلام، واضمحلت ملة الأصنام، وكان الإخبار بفتح مكة قبل وقوعه، من أظهر الدَّلائل على صدق نُبَوَّته عليه أفضل الصلاة والسلام.
* * *
253- المسلمون هم أمة الوسط ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143] والمسلم معتدل في أكله ومعيشته، وفرحه وحزنه، ومنعه وعطائه، وحبه وبغضه، وفي الحديث: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».
* * *
254- كن أمينًا لسرِّ نفسك، فإن ضاقت نفسك عن احتمال السرِّ، وأردت إفشاءه لغيرك، فاعلم أنك على عتبة إذاعته بين الناس، فإن مَن ضاق صدره عن حفظ سره كان صدر غيره عن ذلك أضيق. فلا تَلُمْ غيرك إن أذاع سرَّك.
* * *
255- لربما ازدحمت أذهاننا بمشاغلنا، لكن تبقى (لك) في القلب مساحة تخُصُّك .. ودعوة صادقة كدعوة موسى لأخيه: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأعراف: 151].
* * *
256- قال حكيم: بعد خمسين عامًا من الآن لن يكون مُهِمًّا نوعية السيارة التي تركبها، ولا فخامة المنزل الذي تسكنه، ولكنْ المُهم والأهمُّ هو نوعية تربيتك لأطفالك. وفي الحديث: «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسئول عن رعيته».
* * *
257- سُئِل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: ما حكم الصور الموجودة في الحقائب المدرسية وغيرها هل تلحق تلك الحقائب بالملبوس أم لا؟
فأجاب: هي ليس من الملبوس ولا من المُمتهنة، بل هي في الحقيقة مثل الأواني بين بين، ولهذا أرى من الاحتياط أن نترك هذه، أو أن يُخاط على الرَّأس، أو يكون بلون آخر حتى لا يتضح.
* * *
258- ليس المؤمن بالذي يؤدي فرائض العبادات صورة ويتجنب المحظورات فحسب، إنما المؤمن هو الكامل، لا يختلج في قلبه اعتراض، ولا يُساكن نفسه فيما يجري وسوسة، وكلما اشتد البلاء عليه زاد إيمانه وقوي تسليمه، وقد يدعو فلا يرى للإجابة أثرًا، وسره لا يتغير لأنه يعلم أنه مملوك ولا مالك يتصرف بمقتضى إرادته، فإن اختلج في قلبه اعتراض خرج من مقام العبودية إلى مقام المُناظرة، كما جرى لإبليس، والإيمان القوي يبين أثره عند قوة البلاء [صيد الخاطر 360].
* * *
259- قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله عن مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (37) مجلدًا:
"ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (لابن قاسم) هو غُرَّة في جبين الدهر، زينة لأهل الإسلام، لسان صدق للعلماء، عمدة للباحثين، نفع الله به أقوامًا بعد آخرين، وقد انتشر في العالمين انتشار العافية، وكتب له من القبول والانتشار ما يعز نظيره في جهود المتأخرين فالحمد لله رب العالمين".
وقد أمضى الجد الشيخ عبد الرحمن القاسم رحمه الله أكثر من أربعين عامًا طاف الشرق والغرب لجَمعه.
* * *

كتاب أطايب الجني
د. عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن القاسم


* * *

* * *