تابع (11) :
بعد أن بين الله لعباده في الآيات السابقة من سورة الحجرات، توجيهاته وآدابه من أجل قيام حياة نموذجية بقيمها ومبادئها، انتقل إلى الحديث عن حقيقة الإيمان وما يفرق به عن الإسلام، في خمس آيات ختم بها سورة الحجرات داعيا إياهم إلى الالتزام والتطبيق.
فالإسلام هو عمل الجوارح وتطبيق الشعائر الإسلامية-من صلاة وزكاة وحج وصوم وغيرها-هي التي تساعد على دخول الإيمان في القلب، وتعمل على انتقاله من طور إلى طور إذا واظب الإنسان عليها ، وعمل على الاستزادة منها ، حتى يصل به الأمر إلى مرتبة الإيمان الكامل والحقيقي.ولهذا قال تعالى: "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم" الآية (الحجرات :14) .
فالطريق إلى الإيمان القلبي إذن هو عمل الجوارح. أما الإيمان الحقيقي فهو التصديق بالله وبرسوله دون شك أو ارتياب مع تهيئة النفس للجهاد بالغالي والثمين في سبيل الله . وهل هناك أغلى من النفس وأثمن من المال ؟ ! ومن هنا كان قوله تعالى : " إنما المؤمنون الذين آمنوا ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون" ( الحجرات : 15 ) .
ثم يؤكد تعالى على رقابته العليا لكل شيئ"قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السمـوات والأرض" الآية (الحجرات : 16).
ولذلك كان من المهم أن يكون للمؤمن أدب مع نفسه ،يحاول فيه إرغامها على طاعة الله واجتناب نواهيه وتطبيق شعائر الدين ، حتى يصل به الأمر إلى مراتب الإيمان الصادقة .
ولذلك فإنه يحسن بالؤمن أدبا أن لايمتن على خالقه وعلى رسوله بدخوله في هذا الدين إذ لولا هداية الله له ، لظل يتخبط في جهل وضلال.فالحياة وما فيها من زخرف ومتاع يهبها الله تعالى لكل أنسان سواء كان كافرا أو مؤمنا ، أما الإيمان فهو هبة من الله لمن أراد له السعادة في الآخرة " يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين "( الحجرات : 17).
ثم يؤكد تعالى على شمولية علمه في الآية الثامنة عشرة من سورة الحجرات فيستزيد من إحساس المؤمنين بمراقبة الله،لدفعهم إلى التأدب مع الله ومع الرسول وإلى الالتزام. (يتبع)

<FONT COLOR="#800080" SIZE="2" FACE="Simplified Arabic,Verdana">تم تحرير الموضوع بواسطة nashaat بتاريخ 20-01-2001 الساعة 12:13 PM</font>

<FONT COLOR="#800080" SIZE="2" FACE="Simplified Arabic,Verdana">تم تحرير الموضوع بواسطة nashaat بتاريخ 20-01-2001 الساعة 12:15 PM</font>