(10 )المسلمة والليل
إن المرأة المسلمة تشغل ليلها بطاعة ربها تجعل من ظلامه وقتاً للتذلل بين يدي ربها ، ومن سكونه ساعة لمناجاة خالقها ، إذا نام الناس قامت ، وإذا غفلوا تذكرت ، وإذا سهروا يعصون الله ، تبيت قانتة آناء الليل قائمة وساجدة ترجو رحمة الله وتخشى عذابه.
هذه الحولاء أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرت فرأتها عائشة رضي الله عنها فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها لا تنام الليل.
فقال عليه الصلاة والسلام ( خذوا من العمل ما تطيقون فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا )رواه مسلم
إن قيام الليل يعجز عنه كثير من الرجال، ولكن المسلمة المؤمنة بالله واليوم الأخر جعلت من الليل وقتاً لمناجاة الخالق سبحانه ودعائه والسجود بين يديه.
روى ابن الجوزي عن فاطمة بنت محمد بن المنكدر أنها كانت تصوم النهار وإذا جنَّ عليها الليل أحيته بالدعاء والصلاة وتسأل ربها العتق من النار.
وهذه حبية العدوية إذا صلت العشاء قامت على سطح لها فشدت عليها درعها وخمارها وقامت تصلي وتدعو وتقول: إلهي غارت النجوم ونامت العيون وغلقت الملوك أبوابها، وبابك مفتوح، وهذا مقامي بين يديك، فلا تزال تصلي حتى تصبح، فإذا كان السحر قالت: اللهم وهذا الليل قد أدبر وهذا النهار قد أسفر فليت شعري: هل قبلتَ مني ليلتي فأهنى أم رددتها عليّ فأعزى.
أما أم حيان السلمية يقول عنها أبو خلدة: ما رأيت رجلاً قط ولا امرأةً أقوى ولا أصبر على طول القيام من أم حيان السلمية إن كانت لتقوم كأنها النخلة.
روى ابن الجوزي عن أبي السيار عن عامر بن مليك البحراني عن أمه قالت: بت ذات ليلة عند منيفة ابنة أبي طارق، فما زادت على هذه الآية من أول الليل إلى أخره ترددها وتبكي ( وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم )
رحم الله المؤمنات العابدات القانتات الوجلات، اللاتي شغلن ليلهن بطاعة رب الأرض والسماوات، ينزل الله في كل ليلة في الثلث الأخير من الليل وهن صافات أقدامهن متلفعات بمرطهن باكيات ذليلات راجيات خائفات هكذا ليلهن، هكذا حياتهن يعملن لظلمة القبور يتذكرن يوم النشور.
هذه منيرة السدوسية كانت تقوم الليل وتقول: قد جاء الهول، قد جاءت الظلمة قد جاء الخوف، ما أشبه هذا بيوم القيامة. ثم تقوم فلا تزال تصلي حتى تصبح.
أما نساء اليوم فكثير منهن جعلن الليل سهر على المسلسلات، وتنقل بين القنوات، أو سهر على الشواطىء وفي المنتزهات، جعلن الليل محاربة لله ، وتضييعا لصلاة الفجر فضلاً عن قيام الليل، إذا صلت إحداهن الفجر في غير وقته زكّت نفسها ومدحت فعلها وذمت غيرها لتبرر صنيعها.
ألا ترى المسلمة اليوم سلفها من المسلمات ألسن نساءً مثلهن؟ ألسن قادرات على محاكاتهن والاحتذاء بهن؟ فأين المسلمة العاقلة التي تعلم أن الذين يدعونها لترك دينها أنهم إنما حسدوها على عزتها. وأرادوا إذلالها وإخراجها من منعتها وحصنها. فلتتنبه المرأة المسلمة ولتحتذي بمن سلف فإن في الاقتداء بهن الخير والصلاح بإذن الله تعالى.
والسلام عليكم.
الروابط المفضلة