كلنا يعلم أن أولى المسائل الأربع التي يجب علينا تعلمهاهي :
العلم : وهو معرفة الله , ومعرفة نبيه , ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.
وسنبسط الحديث هنا عن : معرفة الله.
(معرفة الله )
لايكفي في هذه المسألة مجرد المعرفة فإن إبليس يعرف ربه , ولذا فإنه يحلف بالله! وقد حكى الله ذلك عنه فقال : ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) .
وقال عليه الصلاة والسلام : إن الشيطان قال : وعزتك يا رب لا أبرح أغـوي عبادك ما دامـت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني . رواه الحاكم وغيره وهو حديث صحيح .
فالشاهد أن إبليس يعرف ربّه ، ولكنها معرفة غير كافية .
**********************************
كذلك فرعون كان يعرف ربّه ، وإن ادّعى الألوهية ، وإن قال : ما علمت لكم من إله غيري ، إلا أنه كان يعرف ذلك في قرارة نفسه ولذا قال الله – عز وجل – عن آل فرعون :
(فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) .
ولذا لما حق الحق وتبيّن لفرعون ضعفه وأيقن بالهلاك صاح :(آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ )
ولكن هذا إيمان لا ينفع صاحبه شيئا ، ولا يُغني عنه من الله شيئا .
*************************************
وكذلك كان أهل الجاهلية الأولى فإنهم كانوا يعرفون ربهم بل ويعبدونه فيطوفون بالبيت بل كانوا يَحُجّون البيت ، ولكن تلك المعرفة ناقصة ، فهم ما قدروا الله حق قدره ، ولذا قال الله – عز وجل – : (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ )
وقال – جل جلاله – :
(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .وقال : ( وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ) الآية .
فهؤلاء جميعا يعرفون ربهم معرفة إقرار ، ولذا انتُقِد مذهب الكرامية الذين قالوا : الإيمان هو المعرفة ، ولزمهم من قولهم هذا الشهادة لإبليس وفرعون ومشركي الجاهلية الأولى بالإيمان !
فلا بُـدّ من المعرفة التي تورث الخشية ، وتستلزم قبول شرعه سبحانه وتعالى ، والإذعان والانقياد التام لله .
ولذا فإن أعلى مراتب العبودية : أن تعبد الله كأنك تراه ، وهذه منزلة الإحسان .
وسوف نتحدث عن معرفة الله المعرفة التي تورث الخشية , وتستلزم قبول شرعه سبحانه وتعالى , والإذعان والإنقياد التام لله في مقال قادم بإذن الله .
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
كتبته لكن من شرح الشيخ : عبد الرحمن السحيم ـ حفظه الله ـ الأصول الثلاثة .
يتبع .
الروابط المفضلة