أيها المسلمون اتقوا الله واخشوا نقمته وعقابه وحاذروا سخطه وعذابه؛ فهو الحفيظ العليم الشهيد الرقيب القائم على كل نفس بما كسبت.. يعلم ما يعمل العاملون من خير وشر.. لا يغالبه غالب ولا يفوته هارب: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} [الــرعد: 6].

أيها المسلمون من أعرض؛ فقد اغتر أكبر الغِرة، وأعوز أشد العوز، ومن عصا الله وخالف أمره وشرعه؛ سلَّط الله عليه من مصائب الدنيا وأسقامها وآفاتها وشدتها جزاء وفاق بما كسبت يداه.. ولا يظلم ربك أحدًا، قال بعض السلف: "كل ما أحدثتم ذنبًا أحدث الله لكم من سلطانه عقوبة".

والله من تمام عدله وقسطه في حكمه لا يغيِّر من نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الأنفال-53، وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41]،


أي: بان النقص في الأموال والأنفس والزروع والثمرات بسبب المعاصي ابتلاء من الله واختبارًا ومجازاةً على ما أحدث الناس من المنكرات لعلهم يتعظون، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعــراف: 130].

فابتلاهم الله بالجدب سنة بعد سنة، وحبس عنهم المطر، فنقصت ثمارهم، وغلت أسعارهم لعلهم يذكرون..

وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى: 30].

وقال تعالى: {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79].


الشيخ صلاح البدير حفظه الله (بتصرف)

يتبــع>>>