يعتقد البعض أن الحرامية هم أولئك الذين يسطون على أموال الناس ويسرقونها وهذا حق .. ولكن الواقع أن هناك أنواعا أخرى من الحرامية.. هى أخطر منََ حرامية الأموالََ خذ مثلا: - الشاب الذي يجلس طوال يومه إلى جانب التليفون .. ينمق الكلمات ويختار الألفاظ حتى يستطيع أن يدخل بها على فتاة الأحلام يرسم لها ا مستقبلا ورديا في بيت الزوجية ..حيث ينشئون أسرة صغيرة يلفها الحب والترابط، وتتجاوب معه فتاة ا لأحلا م . . ويكون اللقاء.. جولة في السيارة.. مواعيد مختلفة .. وتعتقد الفتاة أن حياتها ستكون أسعد حياة عرفها الوجود .. ولكن .. بعد أن يأخذ الشاب من فتاته ما يريد .. يتركها كالزجاج المحطم .. فلا كلمات جميلة ولا مكالمات هاتفية تمتد إلى ساعات ... و حين تستمع إلى صوته .. يأتيها عبر الأسلاك مترددًا .. متهربا يقول لها مشغول .. عندي مواعيد وارتباطات كثيرة في العمل ..ثم ماذا ، ما هو مصيرها أ تسأله بالله أن يفي وعدا واحدا من وعوده السابقة.. و حين تراه متبخترا في سيارته وبجانبه فتاة أخرى.. تعرف أنها لم تكن سوى الضحية الأولى. . مثال هذا الشابََ حرامى .ز لأنه سرق حياة تلك الفتاة .. وهي أيضا َحرامية لأنها فرطت بحياتها .. وكلاهما أخطر منََ حرامية ا لأموا . . مثال آخر .. الموظف الذي لا يعرف من مكان عمله سوى توقيع الحضور والانصراف ، إذا جلس في مكتبه .. رفع شعاره الدائم راجعنا بعد أسبوعََ وبعد أسبوع لا يكون فى مكتبه .. فهو مشغول بأعماله الخاصة .. ولا يريد أن يضيع الفرص فى الصفقات التجارية وتتراكم المعاملات أمامه .. .. ويتضجر الناس من سوء معاملته .. ولكنه قبل ذلك وبعده لا يهتم لأنهََ مسنودََ . واذا أنجز معاملة فذ`لك لغاية في نفسه لأنه يحتاج إلى صاحب المعاملة، وهكذا تضيع حقوق الناس بيد هذا الموظف ، أما هو .. إذا تأخر راتبه يومأ عن موعده .. ثار وزمجر .. والصق ابشع التهم بالآخرين لأنهم حرموه حقه .. أما حقوق الآخرين فلا قيمة لها. مثل هذا الموظف حرامي لانه يسرق حقوق الآخرين وأوقاتهم ومصا بهم . مثال آخر : الأب الذي يجلس ابنته إلى جانبه تعد الأيام والسنين ، فقد انتهت من الدراسة وجاءها من يطلبها، لكن أباها يردهم واحدا تلو الآخر، لا لعيب في دينه ولا خلقه . ولكن لعيب في جيبه ، فهو مازال موظفا صغيرا، راتبهَ على قد حاله والأب يريد أن يزوج ابنته لبنك لا لموظف ،أو يرده لأنه ليس من وخيذتناء وليس من قبيلتنا .. أو لأن جده التاسع عشر ..كان صيادا ولم يكن نوخذه " وهكذا لا يعدم الأب أسباب الرفض ويتوسط الأقارب والأهل حتى يفك الأب هذا الحصار الاجتماعي .. والأب يرفض . ويردد قولته المشهورةََ تريدون أن أضيع بنتيََ . تمر الأيام لترسم آثارها على وجه تلك الفتاة تجاعيداً وتغيرا ، والبنت تردد في نفسها: جرمك الله طعم الجنة .. كما حرمتني من حقي الشرعي .ز. مثل هذا الأب حرامي لأنه يسرق عمر ابنته ..فهو يقدم أعرافا وتقاليد رفضها الإسلام قبل أن يتجاوزها الزمن . حين جعل المفاضلة للتقوى وليس للحسب ولا للمال .. ولكن هذا الأب يأبى إلا أن يكون "حرامي" لا للمال ولكن لما هو أعز من المال .. إنها حياة ابنته . مثال آخر .. ذلك الإنسان الذي يقضي نهاره قى العمل يجد ويتعب ليوفر حاجته من المال ، فإذا دخل الليل كان أول القادمين إلى الليالي الحمراء، يعب الكأس تلو الآخر، ويطفئ السيجارة تلو الأخرى، يترنح على أنغام الموسيقى الصاخبة فإذ ا سئم من ذ لك هام على وجهه يبحث عن جبة مخدرة أو حقنة مورفين أو أي شيء يكسر به رتابة حياته بحثا عن المتعة .. تراه يتجول في الحواري والطرقات الضيقة يبحث عن تحار السموم ..وهم بانتظاره على كل زاوية يعطونه ما يريد ويأخذون منه كده وتعبه ، وقوت عياله ، فإذا حصل على ما يريد .. سكنت حالته بعد أن كان كالثور الهائج . يرجع إلى بيته مع أذان الفجر ليجد زوجته تحتضن أطفالها، وكأنها تخشى عليهم من الوقوع فيما وقع فيه أبوهم ، وجين تجده تهب لاستقباله فلا تسمع منه إلا كلمات الشتم والسباب فتسكت على الهوان ، لأنها لا تريد أن تهدم بيتها. مثل هذا الإنسان حرامى لأنه يسرق عمره .. وعمر زوجته وأبنائه بل حرامي لأنه يسرق قوته ورزقه ورزق أولاده الذي رزقهم الله به .. ليعطيه لأولئكََ الحرامية الكبار الذين يتاجرون بحياة الناس وصحتهم . أر أيتم معي.. أنََ حرامية الأموال ، ربما كانوا أقل ضررا من هذه النماذج التي تتكاثر في مجتمعنا كالبكتريا أو الطفيليات . وهناك نماذج أخرى لهولاء الحرامية لو تلفت الإنسان يمنة ويسرة لوجدهم حوله .. اللهم ارحمنا منََ حراميةََ الحياة .. و حرامية الأموال أيضا.
د. سعيد حارب المهيري
الروابط المفضلة