هذه هي الآفة الثالثة أسأل الله أن يجيرنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن0000
المعنى الإصطلاحي:
إرادة تغيير الواقع الذي يحياه المسلمون اليوم في لمحة أو في أقل من طرفة عين دون نظر في العواقب ودون فهم للظروف والملابسات المحيطة بهذا الواقع ودون اعداد جيد للمقدمات أو الأساليب والوسائل 0000
نظرة الإسلام للإستعجال:
ولما كانت العجلة والاستعجال من طبيعة الانسان بشهادة خالقه، وصانعه،ومدبر أمره قال تعالى( ويدعُ الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا) وقال أيضاً ( خلق الإنسان من عجل) فإن الإسلام ينظر إلى الإستعجال نظرة عدالة وانصاف فلا يحمده بالمرة ولا يذمه بالمرة وإنما يحمد بعضه ويذم بعضه
فالمحمود: ما كان ناشئاً عن تقدير دقيق للعواقب وعن إدراك تام للظروف والملابسات وعن حسن اعداد وجودة ترتيب ولعل هذا النوع هو المعنيّ في قوله تعالى حكاية عن موسى _ عليه السلام_ ( وما أعجلك عن قومك يا موسى * قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى)
والمذموم: ما كان مجرد فورة نفسية خالية من تقدير العاقبة ومن الإحاطة بالظروف ومن أخذ الأهبة والاستعداد0
أسباب الاستعجال:
1_ الدافع النفسي: ذلك أن الاستعجال كما قلنا طبيعة مركوزة في فطرة الانسان وإذا لم يعمل الداعية على ضبط نفسه وإلجامها بلجام العقل فإنها تدفعه لا محالة للإستعجال0
2_الحماس أو الحرارة الإيمانية: ذلك أن الإيمان إذا قوي وتمكن من النفس ولّد طاقة ضخمة تندفع ما لم يتم السيطرة عليها وتوجيهها بالتوجيهات الشرعية إلى أعمال تؤذي أكثر مما تفيد وتضر أكثر مما تنفع ولعل هذا هو السر في أن الله سبحانه وتعالى تولى توجيه النبي صلى الله عليه وسلم في المرحلة المكية إلى الصبر والجلد والتحمل فقال عز من قائل( واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً)
3_ طبيعة العصر: ذلك أننا نعيش في عصر يمضي بسرعة ويتحرك فيه كل شيء بسرعة فالإنسان يكون هنا وبعد ساعات في أقصى أطراف الأرض بسبب التقدم وقس على ذلك أشياء كثيرة في حياة الإنسان فلعل ذلك مما يحمل بعض العاملين على الاستعجال لمواكبة ظروف العصروالتمشي معها0
4_ واقع الأعداء: ذلك أنه ما يمر يوم الآن إلا والأعداء يحكمون القبضة ويمسكون بزمام العالم الإسلامي ويلاحقونه في كل مكان لإسكات كل صوت حر نزيه
05_ الجهل بأساليب الأعداء: والسبب السابق ( واقع الأعداء محمود الاستعجال فيه مالم يرتبط به السبب الذي نذكره الآن وذلك لأن أعداء الله لهم أساليبهم الخبيثة والمتنوعة وجهل المسلمين بهذه الأساليب وعدم تقديرهم للأمور يوقعهم في الإستعجال المذموم شرعاً0
6_ شيوع المنكرات مع الجهل بأسلوب تغييرها: ذلك أن الإنسان لا يتحرك حركة إلا وقد أحاطت به المنكرات ولفته من كل جانب وواجب المسلم حين يرى ذلك أن يعمل على تغيير المنكر وإزالته كل حسب استطاعته وما يتطلبه الموقف منه بل إن المسلم حين يسكت عن المنكر خوفاً من أن يؤدي إلى منكر أكبر مع الرفض القلبي والمقاطعة ومع البحث عن الأفضل للتغيير ومع العزم الصادق على أنه حين تتاح الفرصة لن يكون هناك توان ولا تباطؤ لا يكون بذلك آثماً فإذا نسي العامل أو الداعية فقه أسلوب تغيير المنكر وإزالته وقع لامحالة في الاستعجال 0
7_العجز عن تحمل مشاق الطريق: ذلك أن بعضاً من العاملين يملك جرأة وشجاعة وحماساً لعمل وقتي ولو أدى به إلى الموت لكنه لايملك القدرة على تحمل مشاق ومتاعب الطريق لزمن طويل مع أن الجرأة والشجاعة الحقيقية هي التي يكون معها صبر وجلد وتحمل وثابرة وجد واجتهاد حتى تنتهي الحياة0
8_ الظفر ببعض المقدمات أو ببعض الوسائل مع عدم تقدير العواقب: مثل العدد البشري والأدوات مع عدم تقدير العواقب مع زيادة تسلط أعداء الدين ولعل هذا هو السر في أمر الإسلام بالصبر على جور الأئمة مالم يصل الأمر إلى الكفر الصريح والخروج السافر عن الاسلام0
9_ عدم وجود برنامج أو منهاج يمتص الطاقات ويخفف من حدتها وغلوها: ذلك أن نفس الإنسان التي بين جنبيه إن لم يشغلها بالطاعة شغلته بالمعصية ولعل ذلك هو السر في أن الإسلام غمر المسلم ببرنامج عمل اليوم والليلة وفي الأسبوع وفي الشهر وفي السنة وفي العمر كله بحيث إذا حافظ عليه كانت خطواته دقيقة وكانت جهوده مثمرة0
10_ العمل بعيداً عن ذوي الخبرة والتجربة: ذلك أن الإنسان يولد ولا علم له بشيء في هذه الحياة ثم يبدأ عن طريق ما وهبه الله من السمع والبصر والفؤاد التعلم ، والتعلم لا يكون من الكتب وحدها بل يتم بواسطة التجربة والممارسة والانتفاع بتجارب الآخرين0
11_ الغفلة عن سنن الله في الكون وفي النفس وفي التشريع: ذلك أن سنن الله في الكون أنه سبحانه خلق السموات والأرض في ستة أيام وخلق الانسان والحيوان والنبات على مراحل مع أنه قادر على خلق ذلك كله وغيره بكلمة ( كن) ومن سنن الله في النفس : أنها لا تضحي ولا تبذل ولا تعطي إلا إذا عولجت من داخلها وأدركت قيمة وفائدة التضحية والبذل والعطاء وذلك لايتم بسهولة ويسر بل لابد له من وقت وجهد وتكاليف0 ومن سنن الله في التشريع: أن الله حرم الخمر والربا على مراحل وإذا نسي العامل أو الداعية هذه السنن كانت السرعة والعجلة
12_ نسيان الغاية التي يسعى إليها المسلم: ذلك أن المسلم يسعى أساساً لتحقيق مرضات الله وهذا لا يتحقق إلا بالتزام منهجه وعدم التفريط فيه مع الإخلاص
13_ صحبة نفر من ذوي العجلة وعدم التأني: ذلك لأن الطبع يعدي والمرء على دين خليله 0
[
COLOR=purple]علاج الاستعجال:[/COLOR]
1_ إمعان النظر في العواقب التي تترتب على الاستعجال0
2_ دوام النظر في كتاب الله عز وجل قال تعالى ( سأريكم آياتي فلا تستعجلون)
3_ دوام مطالعة السنة والسيرة النبوية ومعرفة ما لاقاه نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم من الأذى مع صبره وتحمله وعدم استعجاله
4_ العمل في أحضان ذوي الخبرة والتجربة ممن سبقوا على الطريق0
5_ العمل من خلال منهاج أو برنامج واضح الأركان محدد المعالم يستوعب الحياة كلها 0
6_ الفهم الدقيق لأساليب ومخططات الأعداء 0
7_ عدم الرهبة أو الخوف من تسلط الأعداء لأن ذلك يمكن أن يزول في لحظات وما هو على الله بعزيز0
8_ مجاهدة النفس على التريث وتدريبها على ذلك
9_ الانتباه للغاية أو الهدف الذي من أجله يحيا المسلم 0
10_ الانتباه إلى موقف المسلم من المنكرات وأسلوب تغييرها فإن ذلك يبصر بمعالم الطريق 0
هذا والله أعلم ومن أراد الاستزادة فعليه بكتاب آفات على الطريق للدكتور السيد محمد نوح 000
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا000
الروابط المفضلة