بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
تذكرت وأنا أتجرع غصص قراءتي لخبر (فتاة الباندا) - والذي بلغ حد التواتر!!- أن دُبَّ (الباندا) شارف على الانقراض ، وابتسمت وقتذاك وقلت : شر البلية ما يضحك !! ، ولا غرو أن تنقرض الفضيلة في بعض النفوس لتُقْدِمَ على أمثال هذه الجرائم .
إن ما أخشاه أن يكون ما خرج هو رأس جبل الجليد .. وأن هناك فتيان وفتيات للباندا منهم من قضى في الغي والضلال نحبه ومنهم من ينتظر سائراً في الدرب . نعوذ بالله من الخذلان .
لن أوغل في تصوير بشاعة ما سمعته ، وأفادني العلم بوقوعه .. لن أفيض في السباب والشتائم ؛ لأننا بحاجة إلى أن نزن الأمور بموازينها وأن نستفيد من التجارب مهما كانت مرارتها {لا تحسبوه شراً لكم} ، كما يجب علينا أن نتبصر في واقعنا وأنفسنا ونستشرف الخلاص من تيه جماعة الباندا ، وما أدراك ما جماعة الباندا ؟!!
لقد جالت في خاطري سورة النور بآياتها وأحكامها وآدابها .. ومنها حاولت الإطلال على واقعنا مستضيئاً بنور النور .. وها أنا أمر الخاطر سريعاً متأملاً ورافعاً (للحدث) ومزيلاً (للخبث) .. الخبث الذي غزا مجتمعنا وبيوتنا وأولادنا . والله تعالى أسأل أن يتم لي القصد في التأمل أكثر وأكثر ..
وذي إطلالة سريعة ..
إن أول ما يجب علينا أن نعيه : الحذر من إطلاق اللسان في القيل والقال ..
ففي الصحيحين ((وكره لكم قيل وقال)) ، وعند الترمذي في حديث معاذ المشهور ((أمسك عليك هذا..)) ، وفي الصحيحين من حديث سمرة t في رؤيا النبي r: ((والذي رأيته يشرشر شدقه إلى قفاه وعينه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه : فالرجل يغدو من بيته يكذب الكذبة تبلغ الآفاق)) ..
نعم .. يعمد بعضنا إلى لوحة المفاتيح خالياً خلياً إلا من شيطان ينفخ في رأسه ، ويضرب عليها ناسياً بأن ضغة زر (الإدخال) ستبث ما يكتبه إلى الأصقاع ، فهل سأل نفسه : هل يسرني ما كتبت ؟
وثمت أمر جلل تجرأ عليه بعضنا متناسبين خطورته وعظيم أثمه .. ألا وهو الولوغ في الأعراض ، وكأن آيات سورة النور لم تطرق أسماعهم ، فجالت أقلامهم في التشهير والفضيحة فتعدوا الجاني إلى البريء .. دعواهم (مصداقية الخبر) و (فضح أهل المعاصي) ونسوا القسط والعدل وأن لا يجرمنهم شنآن قوم على أن لا يعدلوا .. وأنه بتعرضهم ومبالغتهم في فضح هذا الميت بمعصيته قد آذوا أحياء من أهل بيته ممن لهم سابقة وفضل ..
ثم إن الحماس حمل كثيرين إلى إطلاق الأحكام الشرعية حداً أو تعزيراً ... فالله الله أخواني .. إياكم والجرأة على الشرع واقتحام باب وقف عنده الجهابذة والكبار ..
ثانياً- إنه ما وقع بلاء إلا بذنب ولا رفع إلى بتوبة ... وما منا إلا وله تقصير وذنوب ، فلنتق الله في أنفسنا ولنرجع إلى ربنا تبارك وتعالى ..
نعم .. إن مسؤولية الدولة في الأخذ على أيدي السفهاء من الرعاية التي ستسأل عنها .. كما أن بقية الرعاة ينالهم نصيبهم من الكتاب : الأب ، والأم ، والمعلم والمعلمة والمربي والمربية ، والقرين والصاحب .. .. ، كل بحسبه .. ولن تنفك عنا هذه المناكد إلا بعودة صادقة إلى ربنا تبارك وتعالى مدركين أثر البعد عن الله في إهلاك الحرث والنسل وتشويه الخلق والأخلاق . متذكرين سبب الخيرية {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} .
ثالثاً- أحفاد ابن أبي سلول من عباد الشهوات ومروحي الفاحشة يسرهم أن يرونا غارقين في وحل الرذيلة {ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً} .. ، وقائدهم الأعلى كادَ وكادَ وخطط ؛ {ليبدي لهما ما وري عنهما من سوءاتهما..} .
نعم .. يقرأ أحدهم خبراً أو تضعه يداه عن امرأة قادت سيارة ، وأخرى حصلت على رخصة طيران وثالثة هتكت الحجاب مغنية وسافرة ومزاحمة للرجال بالأكعب والأعناق .. فيطير بها ويرفعها ويدندن عليها .. رويبضة تافه يجعل الحق باطلاً والباطل حقاً ، قد اخترق قلبه فعشق الظلمة والسواد وامتلأ قلبه من كيد اللعين وأعوانه فبه يسمع ويبصر ويتحرك حاله كحال من قال :
وكنتُ امرءاً من جند إبليس فارتقى......بي الحال حتى صار إبليس من جندي
حتى إذا ما سمع خبر ما زرعته يداه ويد أعوانه الآثمة .. وضع أصابعه في أذنيه واستغشي ثوبه وأصر واستكبر استكباراً ، بل كأن الأمر لا يعنيه .. فإن التفت قال كمال سيقول إبليس -كما حكى الله عنه- : {فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} ..
إن هؤلاء الحمقى والمغفلين عما قليل ليصبحن نادمين .. وإنها دعوة لهم وهم في دار الإمهال أن يعودوا فباب التوبة مفتوح .. وما بقي في أعماركم متسع وقد شاخ منكم من شاخ وجاءه النذير ..
ألا هلم واخرجوا من التيه . من تيه الظلمات إلى النور ..
{الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم} .
الروابط المفضلة